الناشرون الجدد.. هل يسحب أمازون البساط من الناشرين التقليديين أم يطور الصناعة؟
الثلاثاء، 06 نوفمبر 2018 03:00 م
في الوقت الذي يخشى كثير من الناشرين دخول شركة أمازون العملاق مجال صناعة النشر، ويظنون أنه سيهدد وجودهم، بسبب إمكانياته الاقتصادية العملاقة، بإتاحة الكتب بنظام النشر الورقي حسب الطلب، تظهر منصات عديدة على الانترنت تسهل نشر الكتب، وتطور مهنة صناعة النشر، وتمنح لأول مرة القارئ فرصة تخطي دوائر الرقابة والمنع في معارض الكتب، وفي المنافذ وعبر الحدود، والتواصل مباشرة مع الناشر، وطبع الكتاب، أي أن القارئ الذي يرغب في شراء كتاب من كتب أمازون التي يتولى نشرها، وليست الكتب الأخرى التي يعرضها للبيع بنظام السوق الأونلاين، سوف يختار الكتاب ويطلب شرائه ورقيا، أو إليكترونيا.
أمازون
هذا النظام الجديد، مر على انطلاقه سنوات، ولكن بعدما أتيحت مشاريع النشر الرقمي، أو الديجتال، وSelf publishing، أصبح لأمازون حضورا كبيرا في مجال نشر الكتب، بعدما كان مجرد بائعا إليكترونيا، فضلا عن إمكانية طباعة الكتب بناء على الطلب، أو قراءتها على جهاز كيندل.
تعرفت على نظام نشر الكتاب الورقي حسب الطلب لأول مرة عام 2017، حينما التقيت المترجم العراقي جواد الساعدي المقيم في سويسرا، الذي ينشر كتبه المترجمة عبر الناشر "إي كتب" وهو ناشر إنجليزي، غير تقليدي، مسجلة كشركة في إنجلترا وتعمل منذ العام 2010، وأصدرت مئات الكتب، منذ ذلك الوقت حتى العام 2014، ومن ثم طورت من أسلوب عملها، وبدأت تطبع الكتب على حسب طلب القارئ.
إي كتب
تعرف "إي كتب" نفسها على موقعها بأنها دار نشر لا تشارك المؤلف في عائدات كتبه، ولا تقتطع أي نسب من تلك العائدات، وتتحمل بمفردها مع ذلك كل تكاليف طباعة ونشر وتوزيع إصداراتها وإدارتها وحدها هي التي تملك الحق باختيار تلك الإصدارات، وإنها تعوض ما تتحمله من تكاليف من عائدات أعمالها الأخرى.
كما تعرف "إي كتب" نفسها أيضا بأنها لا تتعامل مع مكتبات محلية، ولا تخضع أعمال مؤلفيها لأية رقابة حكومية، والمؤلف الذي يتعامل معها يملك كل الحقوق في الكتاب، ويتلقى عائداته، كما تجري الدار الترويج للكتب وللمؤلفين.
تبدو هذه السطور ضربا من الخيال في عالم النشر، في العالم، أو في مصر والوطن العربي، حيث من المعروف أن بعض الناشرين في مصر يتقاضون مبالغ من المؤلفين لنشر الكتب، والبعض الآخر يدفع للمؤلف نسبة 10% من عائدات كتبه، والبعض الثالث لا يأخذ من المؤلف أية أموال، ولا يدفع له أية أموال، إنما يمنحه نسبته في شكل عدد من النسخ.
ولولا معرفتي بالمترجم العراقي جواد الساعدي الذي نشر كتابين مع دار "إي كتب" لظننت أن ما تروجه الدار لنفسها على موقعها ضربا من الخيال، والأحلام، وبالطبع ما تذكره الدار عن نفسها بأنها "ناشر معرفة، وليس تاجر كتب" يجعلها تتفوق على العديد من الناشرين، ويحقق طموحها أن تكون أكبر دار نشر مستقلة في الوطن العربي.
وتجربة "إي كتب" مثيرة للإعجاب، وتقضي على العديد من مشكلات التعامل مع الناشرين، الذين يخشون من مصادرة كتبهم بالمعارض العربية، أو مما يعرف باسم "الفسح"، فهذه الدار بإمكانها الوصول لأي قارئ، في أي بقعة من بقاع الأرض حسبما تقول عن نفسها، حيث تشير على منصتها إلى أنها تنشر كتبا مطبوعة على الورق وإليكترونيا في آن معا، وأن مكتبتها ومنشوراتها محفوظة في مكانين آمنين مستقلين على موقع الدار، تحاشيا للتعرض لأي اعتداء أو أعطال وأنهم يطبعون ويشحنون الكتب، لهذا تصبح هذه الدار قادرة على أن تصل لكل قارئ في بيته، دون المرور بدوائر المصادرة والمنع.
في مصر انطلقت تجربة مشابهة لتجربة "إي كتب"، حيث أطلق الكاتب محمد جمال دار نشر "كتبنا" لتكون أول منصة إليكترونية لنشر الكتب، أو self publishing بدأها جمال عام 2014، بعدما عجز عن نشر مجموعته القصصية الأولى، فصمم هذه المنصة، لنشر الكتب، إليكترونيا أولا، ثم الطباعة حسب الطلب.
محمد جمال صاحب منصة كتبنا
يقول محمد جمال في لقاء تلفزيوني له عن "كتبنا": استطعنا أن ننشر لأكثر من 500 كاتب ومؤلف جدد، ونراعي التدقيق اللغوي، وتصميم الأغلفة، والتنسيق الداخلي للكتب، والتسويق فيما بعد النشر، سواء عن طريق الإعلانات على الفيسبوك، أو حفلات القراءة والتوقيع.
تبدو منصة كتبنا واعدة، واليوم بعد مرور أربع سنوات عليها، صار من الممكن أن يراسل أي مؤلف موقع "كتبنا"، وليس بالضرورة أن يذهب إلى مقر محمد جمال، ويشترط صاحب كتبنا أن يكون النصوص المرسلة أصلية، وليست مقتبسة من كتب أخرى، بما يراعي حقوق الملكية الفكرية، وألا يتضمن الكتاب أي شيء يضع "كتبنا" تحت طائلة القانون، ويمنح جمال الفرصة للمؤلفين أن ينشروا كتبهم، ويصلوا بها مباشرة إلى القراء، يقول جمال: أي عمل أتلقاه بانشره دون المرور على لجان القراءة، وهو ما يميزني عن دور النشر، ومن عام أطلقنا الطباعة حسب الطلب، أي نشر الكتاب ورقيا إذا رغب القارئ، ونقوم بشحنه له في أي مكان في مصر.
اقرأ أيضا
هل تفسد الدعاية غير التقليدية للكتب صناعة النشر؟ أو تسيء للمنتج الأدبي؟ أم أنها ضرورة " فيديو "