بذرة واحدة قد تمنحك عالما نظيفا.. هل نتغلب على تلوث البيئة بـ"البامبو"؟

يوما بعد يوم تتطور الحياة وينمو الاقتصاد، وتتعقد تفاصيل الحياة مع هذا النمو، وضمن هذا التعقيد تأتي مشكلة التلوث، والبحث المتواصل عن حلول عملية فعالة لها، رغم التكلفة الباهظة لهذه الحلول.

 

 

من مدينة «منف»، أول مدينة في التاريخ، وأقدم حضارة بشرية، ومن أمام مدخل آثار سقارة وكوبرى القنطرة وبجوار قرية العزيزية مركز البدرشين، انطلقت مبادرة ازرع شجرة لدول حوض النيل، فى اشارة إلى الترابط الأزلى بين مصر ودول الحوض، وليتم غرز أول 200 شجرة «بامبو» على جسر ترعة المريوطية، وبدعم من وزير الرى محمد عبدالعاطى، والشيخ صالح سفير رواندا بالقاهرة. 

 

جاءت المبادرة لتتحول من فكرة للمهندس جمعة طوغان، المهندس الزراعى بالإدارة العامة للموارد المائية والرى بالجيزة، إلى حقيقة تم تجسيدها فى مشروع «زراعة أشجار البامبو»، وصاحب أول كتاب باللغة العربية عن البامبو (بامبو مصر) نظرا لأهميته الكبرى فى معالجة تلوث البيئة.

 

أشجار البامبو

 

يروى طوغان أهمية ذلك المشروع، مؤكدا أن الهدف من تنمية «البامبو» كمنتج زراعى وصناعى وبيئى يعود لعدة أسباب، أبرزها كونها معالجا رئيسيا وطبيعيا لتلوث البيئة، حيث أنه يمتص ثانى أكسيد الكربون من الجو بنسبة 40% أكثر من النبات العادى ويطلق كمية من الأكسجين 35٪ أكثر من الأشجار الأخرى، علاوة على قدرته على امتصاص الملوثات المختلفة من المياه وتثبيت التربة، كما يعد «بالونة كربونية» فكل فدان من البامبو كامل النمو يمتص 28 طن ثانى أكسيد الكربون سنويا، فى حين أن نباتات البامبو المزروعة حديثا تمتص 7 أطنان.

 

كما يعد البامبو مصدرا هاما من مصادر إنتاج الأخشاب والورق والفحم، وكإحدى دعائم الصناعات الصغيرة والعمارة الخضراء والأثاث والأعمال الفنية ومنتجات متنوعة مثل سواك الأسنان، بالإضافة إلى أنه وسيلة فعالة لرفع مستوى معيشة المواطنين وتحسين الاقتصاد المصرى.

 

ويضيف طوغان أن أهمية المشروع ترجع أيضا إلى أن شجر البامبو سيتم زراعته على جانبى الترع والمصارف التى يبلغ طولها 17000 كم بمضاعفة الرقم لنصل إلى 34000 كم. وبزراعة شجرة بامبو كل متر نكون قد زرعنا 3 ملايين و400 ألف شجرة بامبو، حيث أن متوسط عدد «أشجار البامبو» التى يمكن زراعتها فى فدان واحد من 1000 إلى 2500 شجرة بامبو، بالإضافة إلى أن أشجار البامبو تساعد على تثبيت جسور الترع والمصارف وتقوم بتنقية المياه وتحسين الجو (أكسجين أكثر، كربون أقل)، كما يمكن زراعة البامبو فى الصحراء كأصناف مثل Otatea mexicana كالتى يتم زراعتها بصحراء الأريزونا. 

 

 

ويمكن تخصيص مليون فدان فى الصحراء لزراعة البامبو وهو يمثل تقريبا مربع طول ضلعه 64 كم ويمكن تحديد هذه المنطقة فى المنطقة الصحراوية قرب مصرف الريان، وتقسيم تلك المساحة إلى مزارع صغيرة كل مزرعة مساحتها 100 فدان بإجمالى 10000 مزرعة.

 

وبحسابات امتصاص الانبعاث، فكل فدان قادر على امتصاص 28 طنا من الكربون فى السنة عند اكتمال نمو البامبو، فإن هذه المساحة الكبيرة قادرة على امتصاص 28 مليون طن من الكربون سنويا بما يمثل قيمة سوقية فى بورصة تجارة الانبعاث الكربونى تقدر بـ 168 مليون جنيه، علما بأن الانبعاث الكربونى السنوى فى مصر يبلغ 227 ألف طن، وبما يعنى تنظيف الجو من كل ملوثات السنين الماضية والمساهمة فى تنقية هواء العالم.

 

وقد بدأت شركات صينية فى شراء كميات الكربون التى تخزنها مزارع البامبو، وذلك بفضل طريقة محاسبية جديدة يمكن أن تحدد كمية الكربون المخزنة فى هذه النظم الإيديولوجية الفريدة التى تتوسع بسرعة.