90 سنة على مولد الإمام ووالد الشعرا.. فؤاد حداد: "أيوه أنا الوالد وياما ولاد"

الأربعاء، 31 أكتوبر 2018 05:00 م
 90 سنة على مولد الإمام ووالد الشعرا.. فؤاد حداد: "أيوه أنا الوالد وياما ولاد"
الشعراء فؤاد حداد وجمال بخيت وفؤاد قاعود وعبدالرحمن الأبنودي وسيد حجاب
حازم حسين

سنوات طويلة مضت وما زال حاضرًا، حتى في أذهان من لا يعرفونه بشكل مباشر، ومن لا يتردّد اسمه على ألسنتهم. ما زالت كثير من كلماته تُطلق صداها في أرجاء الأرض، وفي وعي الناس جيلاً بعد جيل.

الأُسطى والمُعلّم والأب المؤسِّس، فؤاد حدّاد، أحد أنبغ شعراء العامية المصرية وأكثرهم حرفيّة وصدقًا وحبًّا لمصر وإخلاصًا لها. احتفل مُحبّوه أمس بعيد ميلاده الحادي والتسعين، وبعضهم احتفل بالعيد التسعين قبل ثلاثة أيام - بسبب تواتر تاريخين مُحتملين لميلاده - وفي كل الأحوال يحقّ لـ"حداد" أن يكون هو نفسه عيدًا قائمًا ومُمتدًّا ومُتجدِّدًا طوال الوقت. بفضل ما أسَّس له في تاريخ الشعر ومسيرة القصيدة المكتوبة باللهجة المصرية، والمنتمية لوعي الناس وتطلعاتهم، والمُخلصة للمزيج العبقري في روح هذا البلد. 

فؤاد حداد (2)
الشاعر فؤاد حداد


مدخل لشيطان الشعر الطيب

الشعر هو تلك القبضة المُغلقة على العالم والمفتوحة على لا شيء، عصفور النار الذي لا يستكين لغصن ولا يدع الرائين على استكانتهم أيضًا، والشاعر ابن هذه التقابلات: الأَسْر والانعتاق، الامتلاك والفاقة، الكشف والتيه، والعبودية والألوهية، نافورة الله الطالعة من حنجرة العبد، ووسوسة الشيطان النازفة موسيقى واندياحات لغوية لا سَمِيّ لها ولا تَعمية، فإن أحسن الشاعر عبوديّته وأسره، وأحصن انعتاقه وألوهته، فقد وقع على مادّة وظيفته الخام، وعلى جوهر صنعته المنذور لها، أو - لنقتضب الوصف والتفاسير؛ عطفًا على التبيان وعصفًا باللجاجة - فقد اقترب من حِمَى وملكوت "فؤاد حداد".

فؤاد حداد، جولة من حواريّات اللغة مع مادة العالم، وجلسات فضّ التنازع بين السماء والأرض، بين الشياطين والآلهة، لن تخرج من عتبته المُقدّسة مثلما كنت في ولوجها، كثيرة هي المسالك والدروب، وكلُّها من صنعته، فإن انحزت للماء فقد عجنك واعترك روحك بالعطش، وإن انحزت للنار فقد أقام الحُجّة على برودة قلبك وجفاء روحك، لا مناص من دَوس الشَّرَك ولا مفرّ منه إلا إليه، ولا مُستقرّ على أعرافه وحواشيه الرماديّة، فإما أن تقتنص فردوسًا من فراديسه أو تحترق بجمرة من جحيمه، ففي هذا العالم لست مُصيَّرًا ولا مُخيَّرًا، لست عبدًا ولا ربًّا، لست مُرسلًا ولا مُستقبِلًا، في هذا العالم أنت مادة للفعل وشريك فيه وحصّاد من حاصديه، وقدر طاقتك سيضمّ كفُّك، ويقضم منجلُك، وتمتلئ صوامعك، قدر طاقتك وحُسن ذهابك وإيابك، فما عند فؤاد حداد لا ينفد ولا يخفت صوته السرمديّ دائم التجدّد.


فؤاد حداد.. صناعة على عين الله والناس

لدور وسَمْتٍ استثنائيين، كان طبيعيًّا أن يكون الاصطناع استثنائيًّا، وأن يُصنَع الوالد والإمام على عين التقلُّب بين أكثر من مجمرة، ووفق أكثر من إيقاع، بتنوّع ثقافي وإنساني وحضاري يفي بحاجة القدر ودراما الحياة من بطلهما المنتظر، هكذا تفتّحت نوّارة "فؤاد سليم حداد" على أغصان القاهرة، من ماء لبناني وعبر رحم شجرة سوريّة، تفتّح في حي الظاهر ذي الطابع المعماري الإسلامي، لأسرة مسيحية الديانة – في هذا روايتان: 28 أكتوبر 1928، و30 أكتوبر 1927 - فكانت الآية الأولى لموسم ليس كالمواسم، وفاكهة غير ما اعتاد الزُرّاع والتجّار والأكّالون.

فؤاد حداد

الشاعر الراحل فؤاد حداد

الوالد سليم حداد، طَرحُ العام 1885 على أشجار "عبية" اللبنانية، رزقته تصاريف الحياة وقسمتها لأسرة بروتستانتية بسيطة الحال، فأحسنت صياغة إنسانيته وفق رفاهية روحية وعقلية لا يُبعثر تفاصيلها الرواج والوفرة، إلى جانب إحسان تعليمه حتى تخرّج في الجامعة الأمريكية بالعاصمة بيروت، مُتخصِّصًا في الحسابات والرياضيات المالية والاقتصادية، وهو ما أهّله لولوج فضاء القاهرة - قبيل اشتعال مواقد الحرب العالمية الأولى - مُدرِّسًا في كلية التجارة بجامعة فؤاد الأول "جامعة القاهرة حاليا"، ولذكاء وتمكّن واقتدار حاز سليم حداد منزلة مرموقة على المستويات الاجتماعية والعلمية، فمنحه الملك لقب "البكوية"، وكان صاحب العضوية الأولى في نقابة التجاريين عند تدشينها، إلى جانب اشتهاره ولمعان اسمه في مجال المحاسبة والرياضيات المالية بعدد وافر من الكتب والجداول والدراسات (ما زالت تُدرس وتُطبع حاملة اسمه وشاهدة على جهده وإضافته). بينما الأم تصغر الأب باثنتين وعشرين سنة، ورغم أصولها السورية الكاثوليكية إلا أنها مصرية المنشأ والهوية والمَحتد، فجدّاها أتيا إلى القاهرة في شبابهما، مُستقرّين بنشاطهما وحياتهما، فكان أبواها مصريَّي المعنى والمبنى، وهكذا كانت.

فؤاد حداد في منزله (2)
فؤاد حداد في منزله

على هذه الخلفية المعرفية والثقافية التي توفّرت للأب، سعى إلى توفير مستوى مميّز من التعليم والتثقيف الذي يحفظ لأبنائه ما اعتاده وتربّى عليه، وأمام ثقافة الأب فرنسيّة الطابع - الأب القادم من جغرافيا يسيطر عليها الفرنسيون وتنتشر فيها ثقافتهم ولغتهم - كان طبيعيًّا أن يدرس الطفل "فؤاد" في مدرستي "الفرير" و"الليسيه" الفرنسيتين، فتوفّر على معرفة ووعي عميقين باللغة والثقافة والتاريخ الأدبي الفرنسي، وهو ما أهّله في مرحلة لاحقة لترجمة كثير من المنجز الإبداعي لأدباء فرنسا - ولكثيرين من أدباء البلدان والثقافات الأخرى - عن هذه اللغة التي أحبّها واقترب منها بتفانٍ، كحاله مع كل التفاصيل و"التيمات" والمفاتيح التي اقترب منها، وإلى جانب هذه التربية وفعلها المُتجذِّر العميق في روح وعقل الإمام "كوزموبوليتاني" الماء والبناء والتشكيل والوعي، كانت تجربة الانخراط في النشاط السياسي والنضالي والثوري، بجانب تجربة الائتناس بجدران وزنازين المعتقلات، ضوءًا لامعًا ومصباحًا منيرًا أكمل ديكور المسرح "الحَدَّادي" بما كان في احتياج إليه، فإلى جانب الثقافة والمعرفة والاطّلاع والتعليم الجيد والنشاط السياسي والأفكار والممارسات اليسارية، كان الوعي الأكثر عمقًا وإيلامًا بالحرية والقضبان، وبالانطلاق التخييلي والإبداعي، وإن أُغلِقت الدوائر واستكان المُحلّقون في الجوار لمحدودية الفضاءات وعادية ومكروريّة الخيارات.


تكبيرة الإمام.. "أنا والد الشعرا فؤاد حدّاد"

كما يليق بحَمَلَة الرسالات وسَادَة التحوّلات الجذرية والمصيرية، أخذ فؤاد حداد يُرتِّب بيانه وتبيانه، عملًا على اقتناص اليقين والإيمان بالحُجّة والبصمة المُتعيّنة، ولكن اليقين سلعة لا يبيعها سوى الموقنين، ووفق هذه الرؤية كوّن حدّاد قناعته التي ستتّكئ عليها رسالته الإبداعية، محبّة في الشعر لا في الذات، وانتصارًا للدهشة لا للصدمة: "أنا والد الشعرا فؤاد حداد/ أيوة أنا الوالد وياما ولاد/ قَبْلِسّه ربّيتهم بكل وداد/ بَعْدِسّه تلميذ أوَّلِي وإعداد".

ربما تشتبك الآراء وتتصارع المدارس والتفضيلات حول مَركَزة ومَوضعة التجربة الحدّادية في بنيان الشعرية المصرية الحديثة، وفي معمار وهندسة قصيدتها العامية، ولكن الاقتراب والمعاينة - وعدم الاكتفاء بالخبر والسماع - سيؤكّدان لكل ذي قلب بصير وروح مُبدعة آبقة وحافظة لقداسة التمرُّد والخلق، أن فؤاد حداد والد حقيقي للشعر والشعراء، والد لتحوُّل جذريّ عميق، ولنهر هادر وبالغ الثراء والعطاء والفيضان على خارطة الشعرية المصرية الحديثة، الوالد الذي اتّصل بجينات الأجداد اتّصال الإجلال؛ فاستبطن بهجة أرواحهم ونقاء وفطريّة أفكارهم، واتّصل بكيمياء العالم فأحسن الإخصاب، وأنتج سلالة من الأصحّاء العابرين على أمراض العائلة المُتوارَثَة، فكانت قصيدته مَعبرًا صُلبًا ورحب المدى لإعادة تشكيل القصيدة العامية وفق بناء ملحمي وإنساني وفلسفي بالغ التنوّع والثراء، يشتبك مع موجودات العالم وتفاصيله، انطلاقًا من الذات الشاعرة وعودة إليها، لا يُقيم على الغنائية إلا بقَدَر ووفق غاية، ولا يُفارقها إلا إلى سؤال أو كشف أو إضاءة كاشفة لمصابيحه في ظلام الفكرة والهمّ الجمعيين، لذا ستجد قصائد فؤاد حداد تتنفّس وتتحرّك وترقص وتُغنّي وتأكل الطعام وتمشي في الأسواق، هي قصائد حيّة تُجيد ارتياد الآفاق والتبدّل على خرائط البلاد والعباد والساكن والدوّار والمُفارق والمعتاد، تتّكئ على موروث ثقافي ولغوي وجمالي أكثر عُمقًا واتّساعًا من الظهير الحياتي والمدى الزمني المحدودين للعامية المصرية، وأكثر سلاسة وتجاوزًا وانعتاقًا من الأُطر الفولاذية الجامدة للظهير الفصيح وميراثه العتيد عميق الغور في الصدور والأرواح، وهكذا شكّل "حداد" معمار مشروعه الشاهق، وكرّس استثنائيته وأُبوّته بآيات بيّنات لا تقبل النسخ إلا بتكريس مُناظِرٍ، ومعمار مُطاولٍ، وفعل إبداعي لا يستكين لساكن ولا يقرّ لقار، ولا يرتاح إلى ورود النهر مرّتين، وغناء ما سلف من الألحان والأغنيات.فؤاد حداد في أمسية شعرية
فؤاد حداد في إحدى الأمسيات الشعرية


فؤاد.. وأنا صنعتي مسحّراتي في البلد جوّال

منذ عتبته الإبداعية الأولى "أحرار وراء القضبان" الذي نشره في العام 1956، بعد تغيير عنوانه الأصلي "أفرجوا عن المعتقلين السياسيين". بدأ فؤاد حداد تشكيل معالم مشروعه وترتيب خطواته وتعبيد سُبله وسبل تلاميذه وتابعيه بإحسان وإبداع، فعبر رحلته الحياتية التي امتدّت لسبع وثمانين سنة بين الميلاد والارتقاء، أنتج 33 ديوانًا لم ير منها غير 17 ديوانًا مطبوعًا في حياته، بينما ترك البقية مخطوطات ومُسوّدات، كما كتب العشرات من الأغنيات والحلقات الإذاعية، لعلّ أشهرها حلقات "المسحراتي" التي كتب منها 111 حلقة بدءًا من العام 1964، ولحّنها وغنّاها الموسيقار سيد مكاوي في المواسم الرمضانية ابتداء من العام نفسه، وكذلك كتب حلقات البرنامج الإذاعي الشهير "من نور الخيال وصنع الأجيال" في 1969، التي لحّنها "مكاوي" أيضًا، وقدّمتها الإذاعة ضمن الاحتفالات المصرية الرسمية بمرور ألف عام على تأسيس وتدشين مدينة القاهرة.

الشاعر الراحل فؤاد حداد

الشاعر الراحل فؤاد حداد

كان فؤاد حداد مُثقفًا عضويًّا وفق تعريف المفكر الإيطالي "جرامشي"، فكان تفصيلة أصيلة وراسخة، وحجر زاوية فاعلًا وأساسيًّا، في قضايا عصره ووطنه، وفي عقول وأرواح أصدقائه وتلاميذه ومُحبّيه، وعبر بابه الشهير "قال الشاعر" في مجلة صباح الخير قدّم عشرات الشعراء، وردّ عليهم وحاورهم، اقترب من الشعر إلى أقصى ما تسمح به الحياة الاجتماعية للشعراء، فترك بصمة لامعة على مشاوير ودروب عديدة لأصوات شعرية وإبداعية مختلفة ومتنوّعة، ممّن رافقوا مشواره أو لحقوا به، فكان عينًا ويدًا ونورًا كاشفًا لصلاح جاهين ومشروعه الإبداعي والشعري بغنائيته وذاتيته المفرطة والمُحبّبة، وكان أستاذًا وهاديًا ونبراسًا للأبنودي وسيد حجاب وفؤاد قاعود وجمال بخيت وماجد يوسف ورجب الصاوى وأمين حداد وغيرهم، ويمكنك أن تقرأه حتى الآن في قصائد عشرات الشعراء من مختلف الأجيال، ممّن يرتدون عباءته بالمحبّة أو بالافتتان والعجز عن الوقوع على أصواتهم الخاصة، المهم أن نهر فؤاد حداد في رياض وبساتين الشعرية المصرية نهر جارف وعميق الفعل والتأثير، وأثمر وأينع، ومنح فوق ما اشتهى الجوعى فاكهة مختلفة ألوانها وأُخَر متشابهات.

صلاح جاهين وفؤاد حداد

الشاعران صلاح جاهين وفؤاد حداد

وشعري مفرود الرقبة.. زيّ الألِف ورقم واحد

هكذا قالها فؤاد حداد: "أنا الأديب وأبو الأُدَبَا/ اسمي بإذن الله خالد/ وشِعري مفرود الرقبة/ زيّ الألف ورقم واحد". ويندر أن تجد شاعرًا أو مُهتمًّا بالشعر لا يحفظ اسم حدّاد وحصة من شعره، ولا تنتصب هامته على إيقاع ترديد الاسم أو الشعر، فكما رأى - أو اشتهى وتمنّى - نجح "حداد" في أن يكون خالد الاسم مفرود الرقبة والشعر.

الشاعر فؤاد حداد

الشاعر فؤاد حداد
 

بدواوينه العديدة: أحرار وراء القضبان، حنبني السدّ، كلمة مصر، المسحّراتي، من نور الخيال وصنع الأجيال، الحضرة الزكية، استشهاد جمال عبد الناصر، الشاطر حسن، كليم الشيخة أُمّ الآه، النقش باللاسلكي، ريّان يا فجل، الحمل الفلسطيني، وغيرها من الدواوين والأعمال المجمّعة والمطبوعة، داس فؤاد حداد طينة هذا الوطن وخربش فضاءه بالحرف والنظرة، وخلّف شيئًا من روحه وروح الله والإبداع في مفردات الناس ومُهملات ألسنتهم، بلغة رائقة مُدهشة تقف على أعراف الفصيحة والدارجة، ببناء مجازي ولغوي ورُؤيوي مختلف وبالغ النفاذ واللمعان، حاملًا حصّة من الفلسفة وحصّة من التشخيص والغوص في أوجاع الناس والأرض، بنَفَس ملحمي يحتفي بالمفردات الرومانسية وبالبلاغة المشهدية وبشيء من اليقينية اللاذعة أحيانًا، فكأنك - وأنت في حضرته - أمام نصّ مُقدّس، يؤسِّس مركزيته رغبة في اجتذابك من ركن قَصيّ تقبع فيه، لا رغبة في تدشين سلطة ووصاية للنصّ على وعيك أو روحك، نصّ يُثير الأسئلة المشحونة بالإجابات والعاطلة عنها والفقيرة إليها في الآن نفسه، ففضاء فؤاد حداد الإبداعي مُنفتح على لا نهاية، لا تملؤه إجابة واحدة ولا تطعم أفواه أسئلته وألسنة نارها المُستعرة رؤية فردية، أو يقين يتوكّأ على مسكوكات لغوية، وموروثات لم تسدّ ثغرات عصرها بما يكفي لأن تعبر - على صهوة الارتكان والخمول الفكري في عقول وأرواح الراهن وناسه - مُبشِّرة بسدّ ثغرات وفراغات الواقع عميق التشابك والتعقيد، هكذا ستلج نهر فؤاد حداد مُترامي الأطراف - كبحر فقد شاطئه وزاغ بصره - لتغتسل أو تحمل أوزارًا فوق أوزارك، المهم أنك ستخرج من عتبته المُقدّسة كيفما اختار وعيك وارتضت روحك وكيفما يليق بك.. فهذه الرسالة لا تمنح نفسها إلا للمتوفّرين على طاقة وقدرة جيدتين لاقتناص الدهشة وإعادة إنتاجها، ثنائية التلقّي والإنتاج، وإلا فإنك لن تستطيع الصلاة خلف الإمام، وربما لن يُفضي سعيك إلى قِبْلة ترضاها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق