زاهي حواس يطالب باستعادة مسلة فرعونية من لندن بعد 200 سنة.. شو إعلامي أم رد حقوق؟
الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018 06:00 م
أطلق الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، دعوة لاستعادة مسلة مصر الموجودة في ميدان تايمز بالعاصمة الإنجليزية لندن، في مقال له اليوم، مبررا دعوته تلك بأن المسلة محاطة بالأشجار، مشيرا في مقاله أنه حينما زار العاصمة الإنجليزية هذا الشهر، ذهب لزيارة المسلة، فاستاء من صعوبة رؤيته للمسلة، التي تغطيها الأشجار، ودعا لاستعادة المسلة معلنا في مقاله أنه سيتقدم بطلب لوزير الآثار خالد العناني لإعادتها للمسلة.
مسلة كليوباترا في لندن
الجيد في دعوة زاهي حواس لاستعادة مسلات مصر في الخارج، هي أنها ستكون إضافة للمتحف المصري الكبير، الذي يجري إنشائه منذ سنوات، وربما سيكون من الجيد أن تجاهد مصر لاستعادة آثارها المسلوبة، والمهداة منذ سنوات وقرون، ووضعها في المتحف المصري الكبير، ليكون لمصر حق انتفاع بهذه الآثار التي ظلت غريبة بعيدة عن أرض الوطن لسنوات.
المسلة
إلا أن دعوة وزير الآثار الأسبق ليست إيجابية، وفي السطور المقبلة دعوة لوزير الآثار الحالي خالد العناني ألا يستجيب لها، حيث أن المسلة المصرية المعروفة بمسلة كليوباترا، والموجودة في العاصمة الإنجليزية لندن، ظلت على مدى قرنين رسولة للحضارة المصرية القديمة، ولمصر، في قلب البريطانيين، وكل المارة بالمسلة، أو الذين يعبرون جسر وستنمنتستر الشهير، الواقعة المسلة بالقرب منه، سيمكنه رؤية المسلة بوضوح، تطل على نهر التايمز، فالمسلة ليست مخبئة بالأشجار كما يقول وزير الآثار الأسبق زاهي حواس، ولا نعرف لماذا يدعو لعودتها إلى مصر.
المسلة تقع في حي وستمنستر، على جسر فيكتوريا، بالقرب من جسور اليوبيل الذهبية، وتطل على نهر التايمز، وتشرق عليها آشعة الشمس فتنير المسلة، قبل أن تنير مدينة لندن، ويراها المسرعون من المارة الإنجليز تجاه أعمالهم وهم يدخلون محطة مترو إيمبانكيمنت، أو هؤلاء الذين يخرجون من المحطة.
ومن الواضح أن سائق التاكسي الذي استقله الدكتور زاهي حواس، قاده من طريق خلفي جعله لا يرى المسلة جيدا، من خلال الأشجار التي تحدث عنها، حيث أن المسلة واضحة جدا من الطريق المحاذي للنهر.
وأهدى محمد علي المسلة إلى إنجلترا في ذكرى انتصارات اللورد نيلسون في معركة النيل، والسير رالف في معركة الإسكندرية عام 1801، وذلك بعدما ساعد نلسون محمد على في هذه المعركة.
وحسبما يشير زاهي حواس في مقاله، فإن المسلة المصنوعة من الجرانيت، كانت موجودة داخل معبد إقامة الملك تحتمس الثالث، أعظم ملوك مصر المحاربين الملقب بنابليون العصر القديم، داخل معبد إله الشمس رع بمدينة هليوبوليس.
وكان أغلب ملوك مصر أقاموا بعض المعابد والمسلات داخل هذه المدينة، والتى خرج منها أول تفسير لنشأة الكون، بل تم عمل أول تقويم شمسى، وبها أول جامعة فى التاريخ، وهى جامعة «أون» وهذا هو الاسم القديم للمدينة، أما هليوبوليس فكان الاسم اليونانى بمعنى «مدينة الشمس». وداخل هذه الجامعة، تعلم سيدنا يوسف، وتزوج ابنة كاهن أون وأنجب منها أولادًا، بالإضافة إلى تعلم أرسطو وأفلاطون بها.
ونقلت هذه المسلة فى العصور القديمة إلى الإسكندرية. ووضعت داخل سيرابيوم. وعرفت باسم «إبرة كليوباترا». وقد وجد الإنجليز صعوبة فى إيجاد تمويل نقل المسلة إلى لندن. ولم يتم نقل المسلة إلا فى عام 1878. والمسلة من الجرانيت الأحمر وترتفع حوالى 21 مترًا وتزن 224 طنًا. وهو نفس طول المسلة الموجودة فى نيويورك، والتى تزن 200 طن، وتعود لعهد تحتمس الثالث ونقش بها اسم رمسيس الثانى.
والجانب المضيء في دعوة زاهي حواس مطالبته لعمدة لندن أن يرمم المسلة، وأن يجعلها بارزة للعين والعيان أكثر، وهو ما نتفق معه طبعا، لافتا إلى أنه سبق وأن طالب عمدة نيويورك أن يرمم مسلة مصر في نيويورك، أو تعود إلى مصر، وفعلاً تم عمل إعلان عام لترميم المسلة. وشارك المواطنون فى نيويورك. وجمعوا التمويل. ورُممت المسلة. وأزيلت العشوائيات من حولها عندما قامت عاصفة قوية أزالت الأشجار من حول المسلة. وأصبحت تُشاهد من كل مكان.
نتفق مع وزير الآثار الأسبق زاهي حواس في مطالبته لعمدة لندن بالمساهمة في ترميم المسلة إن كانت تحتاج إلى ترميم، أو قص الأشجار وتشذيبها إن كانت تحتاج إلى تشذيب، لكننا لا نتفق معه في أن وجود المسلة في لندن أفضل من وجودها في مصر، فهي رسولة للحضارة، ومحفز عظيم للسياحة الإنجليزية لتأتي إلى مصر، وبالتأكيد وجود مسلات مصر في لندن، أو نيويورك، هو مثل وجود رأس نفرتيتي في متحف برلين، فلماذا لم نطالب ألمانيا برد تمثال رأس نفرتيتي الموجود هنا في أحسن حالة حفظ وأحسن أجواء متحفية لم تصل إليها جودة متاحفنا.
والحقيقة أن العديد من الدراسات أثبتت أن ملوثات الهواء، وعوادم السيارات، تهدد الآثار كما تهدد البشر، فوجود المسلة في مكانها بالعاصمة الإنجليزية لندن هو أفضل من وجودها في القاهرة التي تعتبر أكثر المدن تلوثا حسب تقرير فوربس الصادر في أغسطس الماضي.
اقرأ أيضا
وثيقة "قنصوة الغوري" تعود لحضن مصر.. وصايا كي لا تلدغ "دار الكتب" من جحر مرتين