ما بعد ميركل.. إدارة ترامب تزداد توحشا تجاه الاتحاد الأوروبي
الأربعاء، 31 أكتوبر 2018 09:00 ص
حمل قرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بعدم الترشح لانتخابات رئاسة الحزب الديمقراطي المسيحي، الكثير من التداعيات، على المستويين الداخلي والخارجي، خاصة وأن ميركل أبرز الشخصيات السياسية فى القارة العجوز.
وحملت ميركل على عاتقها لواء حماية المبادئ الغربية، التى قامت على احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان، بالإضافة حرية التجارة وغيرها، وهو الأمر الذى سيثير تساؤلات حول المستقبل ليس فقط فى ألمانيا، ولكن فى أوروبا، فى حقبة ما بعد ميركل.
أول التداعيات كان انخفاض قيمة العملة الأوروبية الموحدة «اليورو»، وهو ما يحمل إشارة واضحة تعكس أن ارتباط ميركل بأوروبا ربما يفوق ارتباطها بألمانيا، التي تتولى رئاستها منذ عام 2005، وهو الأمر الذى ساهم فى تأهيلها لقيادة الاتحاد الأوروبي لسنوات بلغت ذروتها بالتزامن مع وجود الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
ويعد ابتعاد ميركل عن قيادة حزبها في المرحلة الراهنة بمثابة صفعة كبيرة للتيار الليبرالي ليس فقط فى برلين، وإنما فى أوروبا بأسرها، خاصة وأن قرارها يتزامن مع الصعود الكبير الذى تشهده تيارات اليمين المتطرف فى أنحاء القارة العجوز، ووصولهم إلى سدة السلطة فى العديد من دولها، وعلى رأسهم إيطاليا وهولندا.
كذلك وجود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على رأس البيت الأبيض، كأحد أكبر المناوئيين لفكرة الاتحاد الأوروبي، والتى تعتنقها ميركل وسعت لدعمها منذ بزوغ نجمها على الساحة السياسية فى ألمانيا.
مراقبون قالوا إن صعود ترامب للرئاسة قبل عامين كان بمثابة بداية انصهار المرأة الحديدية في ألمانيا، وصفعة كبيرة لمسيرتها السياسية، حيث كان السبب الرئيسي في تجريدها من حليفها الأمريكي، بعدما كانت حليفا قويا في عهد أوباما، والذي سعى لتوظيف برلين فى دور حليف رئيسي في أوروبا، على حساب الحلفاء التقليديين فى القارة العجوز وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا.
البعض اعتبر قرار المستشارة الألمانية انتصارا دبلوماسيا جديدا للرئيس ترامب، والذي بدا منذ بداية حقبته غير راضيا عن سياسات ميركل، المتعلقة بدعم الاتحاد الأوروبي و قبول المهاجرين، فى ظل توقعات يدور معظمها حول صعود أسهم اليمينيين فى برلين لوراثة عرشها فى المرحلة المقبلة، وهو ما يمثل ضربة مزدوجة لصالح الإدارة الأمريكية، على اعتبار الفوز بحليف جديد فى أوروبا معروف بمناوئته للاتحاد الأوروبي من جانب، بالإضافة إلى زيادة حالة الانقسام داخل الكيان الأوروبي الموحد من جانب آخر.
ولم تتوقف تحركات ترامب على مجرد دعم اليمينيين، وإنما سعى إلى تهميش دور ألمانيا عبر دبلوماسية تراوحت بين استحداث حلفاء جدد من الدول التى شهدت صعود التيارات اليمينية فيها إلى السلطة، وعلى رأسها إيطاليا، وإحياء تحالفات قديمة، خاصة مع بريطانيا، والتى قررت التمرد على الاتحاد الأوروبي أو فرنسا.
وربما كانت العلاقة القوية بين أوباما وميركل السبب الرئيسي الذى دفع قطاع كبير من الساسة حول العالم للنظر إلى المستشارة الألمانية باعتبارها «قائدة العالم الحر» بعد خروج أوباما من البيت الأبيض، وفشل هيلاري كلينتون فى خلافته، بسبب خسارتها فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية التى عقدت قبل عامين.
ويمثل قرار ميركل يمثل فرصة للإدارة الأمريكية الحالية، حتى تتمكن من إسراع سياساتها الهادفة إلى تقويض إرث أوباما على المستوى الدولي، وهو الأمر الذى بدأته بالفعل فى العديد من القرارات، أهمها الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، واتفاقية باريس المناخي، وغيرها.