جريمة رشوة الموظف العام.. من الطلب لـ«القبول» للعقوبة
الأربعاء، 31 أكتوبر 2018 02:00 ص
فى الواقع أن جريمة «الرشوة» تُعد من الجرائم الأكثر ضرراَ بالمجتمعات، وذلك لأنها من الجرائم التى تمس نزاهة وظائف قيادية وعامة، ومن أكثر الجرائم المخلّة بالشرف والأمانة، خاصة بعد أن نجحت أجهزة الدولة المختصة وعلى رأسها الرقابة الإدارية فى الحد من هذه الظاهرة داخل مؤسسات الدولة، للقضاء على الأضرار الفادحة التى تنعكس على أداء الأجهزة الإدارية بالدولة والمجتمع أيضا.
فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصدت الرشوة فى القانون المصرى من حيث تعريف خاص بها وأركان والفائدة من موضوع الرشوة، وسبب الرشوة، والقصد الجنائى، والعقوبة-بحسب الخبير القانونى والمحامى تامر جمعه.
«الرشوة»..تعني الاتجار بالوظيفة العامة من جانب الموظف العام أو من فى حكمه من القائمين بخدمة عامة بأعمال الوظيفة أو الخدمة العامة-وفقا لـ«جمعه».
أركان جريمة الرشوة :
الركن المفترض :
وهذا الركن يتألف من عنصرين أولهما أن يقع الفعل من موظف عام أو من فى حكمه، وثانيهما أن يكون مختصاً بالعمل محل الارتشاء وقد سبق القول أن المادة 111 من قانون العقوبات قد حددت فئات الموظفين العموميين ومن فى حكمهم الخاضعين لأحكام مواد الرشوة وهم :
1-المستخدمون فى المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة لتحقيق رقابتها .
2-أعضاء المجالس النيابية أو العامة أو المحلية سواء كانوا منتخبين أو معينين .
3-المحكمون أو الخبراء ووكلاء النيابة والمصفون والحراس القضائيون .
4-كل شخص مكلف بخدمة عمومية .
5-أعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدمو المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة .
ويُضيف «جمعه» أنه يتلاحظ أن الراشى أو الوسيط أو المستفيد من الرشوة لم يستلزم القانون فيهم صفة خاصة، لأن صفة الموظف العام اشترطها المشرع بالنسبة للمرتشى الذى يجب أن يكون أيضاً مختصاً بالعمل محل الرشوة، لأن الرشوة اتجار بالوظيفة ولا يتحقق معنى الاتجار إلا فى حالة ما إذا كان الموظف مختصاً بالعمل، وهذا الاختصاص يحدده القانون أو لائحة أو امر مكتوب أو شفوى من الرئيس للمرؤوس، ولا يشترط أن يكون الموظف مختصاً بكل العمل بل يكفى أنه يباشر جزءاً منه أو يساهم فيه بنصيب حتى ولو كان عمله استشارى.
اقرأ أيضا: كيف يواجه القانون «حيتان الرشوة»؟.. طريقة تصدي المتورطين له بالثغرات
ولذلك قض باعتبار العمدة مرتشياً إذا قبل عطية أو هبة من مرشح لمشيخة البلد نظير أن يبدى رأياً لصالحه رغم أن تعيين مشايخ البلاد ليس من شأنه، فإذا ثبت الاختصاص على الوجه المتقدم فلا عبرة بما إذا كان نشاط الموظف عملاً أو امتناع عن عمل سواء كان العمل مشروعاً أو غير مشروع، عادلاً أو ظالماً، فلو قدمت رشوة لموظف يقوم بتحليل عينات ألبان لإثبات أنها خالية من الغش ولم يكن بها غش من حيث الواقع فإن جريمة الرشوة تكون قائمة، وكذلك إذا حصل الموظف على مقابل لعدم تحرير محضر ولم يكن هناك موجب أصلاً لتحريره قامت جريمة الرشوة .
الركن المادى :
يتمثل الركن المادى فى جريمة الرشوة فى المقابل الذى يسعى الموظف للحصول عليه، وذلك فى صورة الأخذ أو القبول أو الطلب .
والأخذ: هو أن يتسلم الموظف المرتشى المقابل أو الجعل المقدم إليه من الراش أو الوسيط بغض النظر عما إذا كان هناك سابق اتفاق بينهما من عدمه وسواء كان المقابل لنفسه أو لغيره وهذه هى صورة الرشوة المعجلة .
والقبول: معناه الموافقة على الإيجاب الصادر إليه من الراشى أو الوسيط سواء كان قبولاً صريحاً أو ضمنياً شريطة أن يكون قبولاً جدياً لعرض ظاهر النية أيضاً فإذا وعد شخص موظفاً بإعطائه كل ما يملك فى نظير قيامه بعمل ما فهذا أشبه بالهزل منه إلى الجد .
والطلب: تصرف يتم بالإرادة المنفردة للموظف سواء كان فى صورة صريحة بأن يطلب مقابلاً لأداء العمل أو الامتناع عنه أو كان ضمنياً بأن يعبر عن إرادته فى الربط بين أداء العمل أو الامتناع وبين المقابل وبمجرد الطلب تقع جريمة الرشوة رغم أنها فى هذه الحالة مجرد شروع لم يصل للجريمة التامة إلا أن المشرع سوى بين الشروع والجريمة التامة فى الرشوة، والمقابل الذى يأخذه الموظف أو يطلبه أو تم وعده به هو كل فائدة يحصل عليها الموظف أو الشخص الذى عينه لذلك، وهذه الفائدة قد تكون مادية كنقود أو منقولات وقد تكون معنوية كترقية أحد الأقارب، وقد تكون الفائدة ظاهرة وقد تكون مستترة كأن يشترى الموظف سلعة من الراشى بأقل من ثمنها، كما يدخل فى صورة الفائدة المواقعة الجنسية .
الركن المعنوى :
الرشوة جريمة عمدية فلابد لقيامها من توافر القصد الجائى وهذا القصد الجنائى لابد من توافره لدى كل أطراف جريمة الرشوة سواء المرتشى أو الراشى أو الوسيط، وهذا القصد يتكون من العلم والإرادة، فبالنسبة للمرتشى فإنه يجب أن يعلم بان العمل أو الامتناع داخل فى اختصاصه وأن الفائدة التى قدمت إليه أو وعد بها هى مقابل لهذا العمل أو الامتناع عنه فإذا انتفى هذا العلم فلا تقوم الجريمة . وكذلك لابد من اتجاه إرادته إلى الاستيلاء على الفائدة، كما لابد من توافر العلم والإرادة بالنسبة للراشى والوسيط بمعنى أن يعلم كل منهما بأنه يقدم الفائدة نظير عمل يقدمه الموظف أو يمتنع عن القيام به فإن كانا يجهلا صفة الموظف أو انتفت الإرادة لديهما بأن يعتقد أن المقابل هو وفاء لدين مستحق عليهما للموظف أو اعترافاً بجميل عن عمل أسداه إليهما لا يتعلق بالوظيفة كما لو أنقذ الموظف ابن أحدهما من الغرق .
اقرأ أيضا: رغم خطورة القضايا.. لماذا لا يسمح القانون بالاستئناف على أحكام الجنايات؟
فإذا توافرت هذه الأركان قامت جريمة الرشوة ووجبت العقوبة.
العقوبة:
السجن المؤبد مع الغرامة فضلاً عن العقوبة التكميلية وهى المصادرة وعقوبات أخرى تبعية قررتها المادة 25 من قانون العقوبات، وتتشدد العقوبة فى بعض صور الرشوة مثل نص المادة 104، وهى حالة الرشوة للامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباتها، وحالة المادة 108 وهى حالة ما إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من العقوبة المقررة للرشوة فيعاقب الراشى والمرتشى والوسيط بالعقوبة المقررة لذلك الفعل والغرامة المقررة للرشوة .