كاتب ألماني يستمع لهن.. حكايات المختطفات على يد تنظيم بوكو حرام الإرهابي
الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018 08:00 م
الكتب التي تتناول حكايات الضحايا الذين يسوقهم حظهم العاثر لأن يكونوا في موضع من المواضع وقت وقوع كارثة، أو ظهور تنظيم إرهابي، دائما ما تكون وثيقة على زمن الانهيار، أو الإرهاب، ومن هذه الكتب، كتاب " صلاة تشرنوبيل" للكاتبة الأوراسية سفيتلانا أليكسيفتش" الحائزة على جائزة نوبل عام 2015، وكذلك كتاب الكاتب الألماني فولفجانج باور، الصادر ترجمته حديثا في القاهرة بعنوان "المختطفات" عن دار العربي للنشر، من ترجمة علا عادل.
ظهر تنظيم بوكو حرام في نيجيريا، في غرب أفريقيا، وهي جماعة إسلامية نيجيرية سلفية جهادية مسلحة، تتنبى تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع نيجيريا، وفي 12 مارس 2015، قدمت بيعتها لتنظيم داعش الإرهابي، وتأسست الجماعة منذ أكثر من عقد، عام 2002ـ، على يد محمد يوسف، الذي أسس أولا جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد، أم اسم بوكو حرام، فيتألف من كلمتين، الأولى بوكو، وتعني باللغة الهوسية دجل، أو ضلال، والمقصود بها التعليم الغربي، وحرام كلمة عربية ويعني المقطعان معا "منع التعليم الغربي".
رفضت الجماعة التي تضم متطرفين من تشاد، يتحدثون فقط اللغة العربية، التعليم الغربي، والثقافة الغربية، وفي عام 2009 بدأت الشرطة النيجيرية في التحري عنهم، وقبضت على عدد من قادتها، مما أدى إلى اشتعال اشتباكات مميتة، وفي عام 2014 اختطف التنظيم 276فتاة من مدرسة ثانوية في ولاية برنو، وفي 8 مارس بايعوا تنظيم الدولة الإسلامية.
يقول فولفجانج باور في استهلال كتابه: يظن كثير من أهل نيجيريا، أن من يطأها لن يجد طريقه للخروج منها أبدا، فهم يقولون إن هناك لعنة من العصور القديمة قد حلت عليها، فغابة سامبيسا، الواقعة في شمال شرقي نيجيريا، تحوي الكثير من الحيوانات المتوحشة، إلا أن الإنسان هو أخطر قاطنيها، وتحديدا الرجال.
يصف فولفجانج باور الطريق إلى هذه الغابة، التي اتخذها تنظيم بوكو حرام مخبأ له، ثم يبدأ فصول كتابه مع حكاية سعدية البالغة من العمر 38 عاما، التي كانت تعمل بائعة في السوق، ولديها خمسة أطفال، يحكي الكاتب الألماني كيف ظلت محتجزة لدى بوكو حرام في غابات سامبيسا لمدة تسعة أشهر، أجبرت خلالها على الزواج، وكانت تنتظر طفلا، وقتما ألتقاها فولفجانج باور.
سعدية هي أيضا أم تالاتو، التي سيقت مع أمها إلى غابة "سامبيسا" ومستنقعاتها، هناك حيث تكافح جماعة بوكو حرام من أجل تأسيس خلافة في نيجيريا، ويتعاونون مع تنظيم القاعدة في مالي والجزائر، يقول فولفجانج في كتابه: لم يلحظ الغرب مأساة نيجيريا، التي وقعت خمس أراضيها في قبضة تنظيم بوكو حرام، حتى اختطف التنظيم 276 تلميذة من مدرسة داخلية بمدينة شيبوك الصغيرة، وأجبروهن على الصعود إلى شاحنات، واقتادوهن إلى الغابة، حيث لم يتمكنّ من الهروب منها، صارت وحشية بوكو حرام عنوانا رئيسيا في الصحف، خاصة بعدما أطلقت ميشيل أوباما نداءها " أعيدوا فتياتنا".
يتعرف قارئ الكتاب على محاولات كاتب ألماني، جاء من أقصى الشمال، ليوثق شهادات الناجيات من غابة سامبيسا، ومن تنظيم بوكو حرام، عن أفعال وجرائم هذا التنظيم الأفريقي الإرهابي، الذي ظهر كورم خبيث في ضلع القارة، شهادات الناجيات في الكتاب، يمنح صورة ونظرة عامة عن فكر هذا التنظيم المرعب، وعجز العالم عن مواجهته، ومحاربته.
يقول مؤلف الكتاب: في أوروبا وأمريكا، تلك القارتين اللتين تبدوان بعيدتين، لم تطلنا كارثة بوكو حرام حتى الآن، وقد اتفق معظم المراقين على أن هذه الطائفة ستقوم بهجمات في الغرب ذات يوم، لذا ينبغي علينا في الغرب ألا نتجاهل بوكو حرام، إذا ما واصلنا غض الطرف عن دماء الآخرين، سرعان ما سنرى دماءنا نحن.
يعني الكاتب الألماني فولفجانج باور، مسؤولية أوروبا وأمريكا عن التقاعس وقتما تريد عن التدخل لإنقاذ من تريد إنقاذه، إذا كانت مصالحها على المحك، وإهمال وتجاهل الكوارث التي يعاني منها أقوام في مواضع أخرى من العالم، إذا لم تكن هناك مصالح ومكاسب مؤكدة وعليه هو يرسل رسالة عتاب إلى الحكومات الأوروبية التي ربما تكون ساهمت في تأجيج مشهد التطرف والاقتتال والاحتراب الداخلي في أفريقيا.
قصص الناجيات من تنظيم بوكو حرام مؤثرة، ومروية بنفس أسلوب السرد الذي اعتمدته من قبل سفيتلانا ألكسيفتيش وهي تدون حكايات المتضررين والناجين من كارثة تشيرنوبيل وربما هذا النوع من التحقيقات الصحفية سيكرس أدبا جديدا يضاف إلى الآداب المكتوبة، وهو أدب التحقيقات الصحفية، الذي يتناول سرد إنساني عن بشر مكلومين ساقهم حظهم العاثر إلى أن يكونوا ضحايا.
غلاف كتاب المختطفات