عن غرائب البلاد والعباد وفتنة السفر.. أدب الرحلات يعود في كتاب لـ أحمد الليثي

الأحد، 28 أكتوبر 2018 02:00 ص
عن غرائب البلاد والعباد وفتنة السفر.. أدب الرحلات يعود في كتاب لـ أحمد الليثي
غلاف كتاب مشاوير في بلاد كتير لأحمد الليثي ناصف
وجدي الكومي

 

يستعيد أحمد الليثي ناصف فضيلة كتابة أدب الرحلات، في كتابه الأحدث «مشاوير في بلاد كتيرة» الصادر عن دار الشروق حديثا، وعلى الرغم من أن مؤلف الكتاب، ليس كاتبا، متعدد الإصدارات، إلا أنه في كتابه الأول هذا، دخل بقدميه في لون أدبي محبب لدى الجماهير، وهو أدب الرحلة، والكتابة عن بلدان زارها، أو سافر إليها بشكل مؤقت، أو أقام فيها فترات طويلة.

يتكون كتاب أحمد ناصف من ثمانية فصول، أو من ثمانية رحلات، إلى اليمن، وليبيا، والجزائر، وإيران، وتونس والعراق، وأوزبكستان، وكازاخستان، وهولندا.

قارئ الكتاب سيتعرف بسرعة على أن مؤلفه، هو أحد الذين فرضت عليهم طبيعة العمل، السفر الكثير والترحال، وذلك بمجرد مطالعة النبذة القصيرة التي يحملها الغلاف الخلفي للكتاب، أما في الاستهلال، فيقول المؤلف بنفسه: على مدار السنين والظروف والمهمات تطورت خبرتي في الأسواق الصعبة وأساليب العمل غير التقليدية في إدارة استراتيجيات التعامل مع هذه الأسواق، أصبحت كبرى الشركات الدولية تستخدم العبد الله للدخول إلى وتطوير وإدارة هذه الأسواق، وبالذات في منطقتنا، فقررت أن أوثق خبرتي الحياتية وليست الحرفية.

ويتابع: فالتجربة الحياتية على مدار رحلة الثلاثة عقود، أغلبها هزلي، أو لأكون أكثر دقة، تتعدى مرحلة الهزل في أحيان كثيرة لتصل إلى مقام المسخرة الرفيعة، شرفت بالعمل في الأسواق النامية في فترات يمكن أن تكون مفصلية في تاريخها مثل العراق في زمن برنامج الأمم المتحدة للنفط مقابل الغذاء، ليبيا تحت الحظر الجوي، إيران تحت الحصار الاقتصادي، دول اتحاد الجمهوريات المستقلة مباشرة بعد انفصالها عن الاتحاد السوفيتي.

المهم والملفت في نوعية هذه الكتب، ليس فقط في المشاهدات التي يعرضها صاحبها، بل في العين التي ترى ووجهة نظر صاحبها، إذ أن وجهة نظر المهندس لبلد ما، ستتوجه بالتأكيد إلى عمارتها، وآثارها، وقد يمر مرور الكرام على الثقافة، أو المجتمع، أما وجهة نظر المثقف، فلن تبرح الكتب، والكُتاب، والمثقفين، وأهل الثقافة في البلد، وربما يفرد صفحات لمثقفي البلد الكبار ويكتفي بالحديث عنهم، دون التطرق إلى أوضاع البلد الاجتماعية، أو الطبيعية، وفي هذا الكتاب الذي يكتبه رجل جل اهتمامه طبيعة المجتمع الذي ينوي فيه فتح سوقا لأعمال شركته، سوف تتعدد الرؤى المتعلقة بأحوال الناس، والعادات الاجتماعية وغيرها.

يحكي أحمد ناصف في الرحلة الأولى عن اليمن الذي نعرفه، ونسمع عنه، مثل عادات تخزين القات، والأسواق والمطاعم، وعقيقة المندي، وقهوة الجشر التقليدية، التي تتكون من قشور حبوب البن المغلي مع الهيل، أو الحبهان، مشروب الضيافي التقليدي للترحيب بالزوار في بداية كل زيارة في اليمن.

كما يحكي مؤلف الكتاب عن مشاهدته للمواطنين اليمنيين الذين يحملون الأسلحة في الشوارع، والأسلحة متنوعة بحسب مؤلف الكتاب، منها الخناجر والأسلحة البيضاء، ومنها المدافع الكلاشنكوف.

المثير للفضول هنا بينما نمر على الصفحات الأولى للكتاب، أننا لا نعرف بالضبط متى ذهب المؤلف إلى اليمن، وبالتأكيد ذهب في فترة ما قبل الربيع العربي، حيث يقول في فقرة من الفقرات: استيقظت في الصباح على أصوات إطلاق رصاص واعتقدت بين النوم واليقظة أنني تركت التلفزيون وذهبت في النوم، لكنني اكتشفت أن أصوات الطلقات حقيقية، فقد كانت حكومة اليمن الموحد الشمالية سابقا، قد قررت زيادة أسعار المحروقات، وأن سكان عدن عاصمة اليمن الجنوبي لم يعجبهم هذا القرار.

وبعد قليل يكتشف القارئ أن مؤلف الكتاب سافر إلى اليمن في فترة ما قبل ظهور جوجل، وأن زيارته ومشاهداته القصيرة والمقتضبة كانت في زمن بعيد عن اندلاع أحداث الربيع العربي، وما يشهده اليمن حاليا. وفي الفصل الثاني الذي يتناول فيه الكاتب رحلته إلى ليبيا، يحكي عن واقعة بدت غريبة لقارئها، وهي إلغاء القذافي للتقويم الهجري، وأحل محله التقويم بعام وفاة الرسول، وهو ما تسبب في ارتباك التعاملات بينه – بين المؤلف- وبين شركاء ليبيين كان ينوي دعوتهم إلى الإمارات.

يحكي مؤلف الكتاب عن واقعة إلغاء التقويم الهجري في ليبيا: رأى القذافي أن التقويم الشرعي الصحيح يجب أن يكون أساسه وفاة الرسول التي كانت سنة 632 ميلادية، باعتبارها الحدث الأهم الذي انقطع فيه الاتصال والتخاطب بين السماء والأرض، أو انقطاع الوحي كما يقصد المؤلف.

وقائع غريبة مثل هذه وغيرها سيجدها القارئ في فصول الكتاب التالية، سواء تلك التي يتحدث فيها عن الجزائر، أو عن القيروان، وهو ما يجعل للكتاب رحيق مختلف، رحيق عادي، ومتميز مع ذلك لأنها ليست كتابة نخبوية تستهدف التركيز على الموضوعات التي ركزت عليها الكتابات السابقة عليها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق