تباع بالقطعة وتدخل في صناعة المخدرات.. ما هي عقوبة سرقة جثامين الموتى؟
السبت، 20 أكتوبر 2018 08:00 م
الواقع يؤكد أنه في الآونة الأخيرة انتشرت جريمة «نبش المقابر» المُحرمة فى جميع الأديان السماوية، فى الوقت الذى تظل فيه حرمة جثمان الإنسان محفوظة حيا وميتا، إلا أن هذه الأيام تُمتهن حرمة الجثامين وتُجمع العظام والرفات بعد سنة أو سنتان من الدفن وربما بعد عدة أشهر.
بالأمس القريب، أحالت نيابة السيدة زينب، عددا من المتهمين بـ«نبش المقابر وبيع الجثامين» إلى المحاكمة الجنائية العاجلة، وحددت غداَ الأحد الموافق 21 أكتوبر كأولى جلسات محاكمتهما أمام محكمة الجنح.
نبش المقابر..وطلبة كلية الطب
التحقيقات كشفت، أن المتهمة الرئيسية فى القضية تعمل على «نبش المقابر» وبيع الجثامين و الأعضاء لطلبة كلية الطب بمقابل مادي كبير، وذلك من خلال دخول المتهمة إلى القبر عقب دفن المتوفى، وتقطيع جثته إلى أجزاء أحياناَ، ثم تبيعها إلى طلاب الطب بمعاونة شقيقها، بينما فى أحيان أخرى يقوما ببيع الجثة كاملة، عن طريق وضع تسعيرة بأعضاء المتوفيين، فتكون الساق والذراع بـ3 آلاف جنيه، والجمجمة بخمسة آلاف جنيه، والجثة كاملة يبلغ ثمنها إلى 20 ألف جنيه.
تلك الواقعة التى أثارت الرأي العام المصري جعلتنا نتطرق إلى أزمة «نبش القبور وبيع الجثامين وأعضائها» عن طريق مافيا «بيع الجثث» المنتشرة فى كل أرجاء المعمورة دون مراعاة لحرمة الدين واحترام الجثمان الذي كرمه الله، إلا أن واقعة السيدة زينب تُذكرنا بواقعة «مقابر سيدي بشر» بالأسكندرية التي وقعت منذ عام تقريباَ، وتم خلالها نبش 26 مقبرة وسرقة ما فيها من جثامين عقب تغيير ملامحها.
وعلى ما يبدو أن الإنسان تزداد قيمته بعد وفاته، وذلك بعدما أصبح سلعة رخيصة فى حياته تُباع وتُشترى، فمن بيع أعضاءه البشرية حياَ إلى بيع الجثة بالكامل ميتاَ، ما يدفعنا للتساؤل عن ما يجرى للجسد عقب صعود الروح إلى بارئها، ودفنه فى القبر وهو ما يُطلق عليه بـ«المثوى الأخير» بعد مفارقته الأهل والخلان، ومن هنا تبدأ مسيرة إرتفاع سعره في «سوق الجثامين».
اقرأ أيضا: «الحضانة» في القانون.. من الحق والشروط والأحكام إلى كيفية نقلها للأب
بمجرد نزول المتوفى إلى مثواه الأخير يرتفع ويزداد سعره بإعتباره جثة «لسه طازه» لم يمر عليها ساعات على دفنها حيث يلجأ «تجار نبش القبور» إلى بيع المتوفى سواء قطع أو أعضاء أو يُباع الجسد كاملاَ فيما يقوم السماسرة بوضع التسعيرة المناسبة حسب متطلبات السوق، فيعملون على تحديد سعر كل عضو على حده سواء الجمجمة أو العظام أو الهيكل بأكلمه.
نبش المقابر..للإتجار بالمخدرات
والحق أن لكل جسد منا رحلة بعد وفاته، والله تعالى يُقدر لها طريقها الذى كُتب لها، فإما أن تظل محفوظة فى لحدها أو تقع فى أيدى من يتاجرون بها، بداية تلك الرحلة تكون من المقابر التى أصبح بعضها بمثابة «الوكر» الذي تدور الشبهات من حوله بسبب تواجد السماسرة المتاجرون فى الأجساد والجماجم البشرية والرفات إما للتخلص من الجثة وبيع المقبرة إلى مرحوم آخر «أغنى»، أو لبيعها لطلبة كلية الطب بغرض التطبيق العملي لدراساتهم عليها، أو إلى تجار المخدرات لطحنها وبيعها لـ«المساطيل».
عقوبة..نبش المقابر
وعن مسألة النبش فى القبور والدافع من وراءها، يُجيب أشرف فرحات، الخبير القانونى والمحامى بالنقض، أنه قبل الحديث عن دوافع تلك الجريمة النكراء، لابد من الحديث عن مسألة تغليظ العقوبة فى المقام الأول حيث أن عقوبة «نبش القبور» تضمنتها المادة 160 من قانون العقوبات المصرى بالحبس وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تزيد على 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كالتالى.
أولًا: كل من شوش على إقامة شعائر ملة أو احتفال ديني خاص بها أو عطلها بالعنف أو التهديد.
ثانيًا: كل من خرب أو كسر أو أتلف أو دنس مباني معدة لإقامة شعائر دين أو رموزًا أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء ملة أو فريق من الناس.
ثالثا: كل من انتهك حرمة القبور أو الجبانات أو دنسها، وتكون العقوبة السجن الذى لا تزيد مدته على 5 سنوات إذا ارتكبت أى من الجرائم المنصوص عليها فى المادة 160 تنفيذًا لغرض إرهابى.
اقرأ أيضا: بعد تعدد وقائع البلطجة.. متى تصل عقوبة تربية الكلب لـ «الإعدام»؟
أزمة حراس المقابر
ويُضيف «فرحات» فى تصريح لـ«صوت الأمة» أن أركان الجريمة منها الركن المادى، وهو كل فعل مادى من شأنه الإخلال باحترام الموتى، وأن يكون الفعل معبرا عن إرادة الجانى ورغبته، وأن يكون من شأن الفعل امتهان حرمة القبور أو تدنيسها، كإخراج الجثث من المقبرة فى غير الأحوال المصرح بها قانونا، والقصد الجنائى أن يرتكب الجانى بإرادته الفعل المؤثم، ولا عبرة بالباعث.
المحافظة -بحسب «فرحات»- التابعة لها المقابر فى المقام الأول هى المسئولة عنها، وعن تأمينها وحمايتها من خلال حرّاس المقابر، فمن المعلوم أن هناك إجراءات وخطوات وشروط قانونية لتعيين حارس المدفن، يجب الإلتزام بها ثم يكونون مسئولون أمام المحافظة عن أى تجاوزات تحدث منهم، إلا أن الأزمة فى الوقت الراهن ليست فى حراس المقابر بينما تكون فى مساعدى حراس المقابر الذين يستعينون بهم للقيام بأعمال الحراسة والرعاية، حيث أن منهم غير الأمناء على المقابر.
نبش المقابر..والسحر
فيما، كشف ياسر سيد أحمد، الخبير القانونى والمحامى بالنقض، عن بعض الأمور والأسرار الخاصة بـ«نبش المقابر» من خلال الوثائق وأوراق القضايا حيث أكد أنه تطلع إلى كثير من قضايا «نبش المقابر» التى تورط فيها حراس مقابر ومساعديهم الذى يعملون على دفن الأعمال والسحر فى المقابر بغرض الانتقام أو الإنجاب أو جلب الحبيب مقابل أموال باهظة، وذلك رغم تحريم الدين لمثل هذه الأعمال.
اقرأ أيضا: من المسئول عن استخراج تصاريح بتحويل حدائق «القطامية 2» لـ«فيلات»؟
وضمن هذه القضايا-وفقا لـ«أحمد» فى تصريح خاص- قيام مساعدى حُرّاس المقابر بنبشها ليلاَ لإستجراج الجثامين وفصل أعضاءها أو أجزاءها من بعضها البعض لبيع العظام والجماجم من المقابر وفى العادةً يقومون ببيعها لتجار المخدرات، من خلال قيام البعض بطحنها ومزجها ببعض المواد من أجل بيعها بأسعار مرتفعة، فى الوقت الذى يقوم فيه بعض الترابية بغلى عظام الجثامين أو الهياكل لإزالة الأنسجة والشحوم والتخلص من الرائحة الكريهة، ويتم بيعها لبعض الطلاب بأسعار متفاوت على حسب الزبون ومقدرته المالية، وهذا ما ورد فى العديد من قضايا «نبش المقابر».
200 ألف مقبرة فى القاهرة
بحسب «أحمد»-المقابر هى المتهم الأول والرئيس فى كارثة «نبش المقابر» حيث أن محافظة القاهرة بمفردها تحتوى على ما يزيد عن 200 ألف مقبرة تقع فى إيدى حراس آمنيين يعملون على حمايتها ليلاَ نهاراَ وحماية حرمة الموتى من النبش والانتهاك، بينما البعض الآخر يتسم بالنزاهة والأمانة ويراعى ضميره فى كل شى يفعله، بينما آخرون منهم يلهثون وراء جشعهم المادى ورغباتهم لكسب بضع جنيهات مقابل بيع ضمائرهم والتفريط فى الأمانة التى فى أعناقهم.
مفاجأة..الجثث المجهولة
فيما، فجّر محمد محمود، المحامى والخبير القانونى، مفاجأة من العيار الثقيل تحدث داخل المشرحة وتكون من أهم الأسباب التى تدفع إلى سهولة «نبش المقابر» وهى أن هناك عدد من جثث الموتى مجهولى الهوية يتم إحضارهم إلى المشرحة، البعض منها يكون فى حالة تشوه تام ما يصعب معه عملية التعرف عليهم، تكون الإجراءات القانونية هى وضعها فى ثلاجة المشرحة ومعهم بطاقة ورقية يتم وضعها داخل زجاجة لحمايتها وتأمينها من التآكل وتكون بها بيانات المتوفى من: «رقم محضر، تاريخ وصوله للثلاجة، هويته إذا كان ذكراً أم أنثى».
مصير كل جثة -وفقا لـ«محمود»- داخل المشرحة تحدده من الناحية القانونية والطبية مصلحة الطب الشرعى، فإما يتم دفنها فى مقابر الصدقة أو يتم تسليمها لمشرحة مستشفيات كليات الطب لكى يتدرب عليها الطلاب، ومن هنا تبدأ حلقات مسلسل «نبش المقابر»، ويتم وضع الجثث فى ثلاجة المشرحة لفترة تتراوح ما بين 3 و6 أشهر.
ويُضيف «محمود» أنه خلال هذه الفترة إذا لم يتم الاستدلال على أهل المتوفى أو فى حال عدم استفسارهم عنه، فيتم دفنه فى مقابر الصدقة بعد قرار من النيابة العامة، وأحياناً تقوم المصلحة بمخاطبة المحامى العام فى حال وجود تكدس فى الثلاجات لإصدار تصريح الجثمان بعد أخذ البصمة الجنائية من الجثة، بحيث إذا حضر أحد أقاربه يتم مطابقة بصماته ببصمات الجثة للتأكد من وجود علاقة به وبين أهله، وبعدها يتم إبلاغهم بمكان الجثة فى حال دفنها، أو إذا كانت لم تدفن يتم تسليمها إليهم لدفنها بمعرفتهم، الأمر الذى يساهم معه مسألة الجثث المجهولة فى نبش قبرها بعد ذلك.