أكبر تجمع ديني من 73 دولة يبحث صياغة جديدة للفتوى.. ماذا قالوا عن الفتاوى العشوائية؟ "صور"

الجمعة، 19 أكتوبر 2018 02:00 م
أكبر تجمع ديني من 73 دولة يبحث صياغة جديدة للفتوى.. ماذا قالوا عن الفتاوى العشوائية؟ "صور"
مؤتمر التجديد فى الفتوى بين التطبيق والنظرية
سيد محفوظ

تسببت الفتاوى العشوائية خلال الفترة الماضية وتحديدا الحقبة الزمنية التي أعقبت ما يسمى بالربيع العربي، في إشعال فتيل مجموعة من الأزمات بين المؤسسات وعلماء من ناحية، والمواطنين والعلماء وحكومات تلك الدول من ناحية أخرى.

الفتاوى العشوائية خرجت من دور الإفتاء إلى المنابر، والمساجد بل إنها دخلت المنازل من خلال برامج تليفزيونية أقل ما توصف به «عشوائية» حتى أن كثيرا من المشاكل اندلعت بين الأسر وبعضها.

الانتشار العشوائي غير المفهوم للفتاوى العشوائية تسبب أيضا في إحداث مشاكل سياسية ودبلوماسية بين دول تدين بالإسلام وأخرى لا تدين به، كما أنها تسببت في إحراج كبير للدول الاسلامية خاصة بعد تنفيذ عمليات ارهابية في دول غربية باسم الدين فكانت جملة «بسم الله أو الله أكبر» قبل ارتكاب أي جريمة إرهابية سببا في لصق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين، بل إنها امتدت إلى وصف دجول إسلامية بعينها بالإرهابية.

وفي هذا الشأن، وضع الأزهر الشريف على عاتقه حمل تصحيح المفهوم عن الإسلام، وإظهار صورته السمحه التي ترفض كل أشكال العنف والإرهاب، كما وضعت أيضا مؤسسة الأزهر على عاتقها تقنين عملية الإفتاء ووضع شروط له، ولهذا الغرض يحاول علماء دين من حوالى 73 دولة عربية وإسلامية، بناء صياغة جديدة للفتوى، التي تسبب في تشويه صورة الاسلام، من خلال  مؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والمنعقد تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح، والمنعقد تحت عنوان: «التجديد في الفتوى بين التطبيق والنظرية.

علماء ومفتون من عديد من الدول الاسلامية أجمعوا على ضرورة إطلاق ميثاق عالمي للإفتاء، مشددين على ضرورة ترشيد عملية الفتوى لتكوين صف واحد لمواجهة فوضى الفتاوى.

IMG_2005

 

العلماء والمفتون اتفقوا أيضا على أن الإفتاء منصب شريف عظيم، جليل؛ شرَّفه المولى سبحانه وتعالى، حيث تولى هذا المنصب الشريف في حياة النبي (ص)، بعد وفاته أصحابه ثم تولاه أهل العلم، واعتبروا أن الإفتاء فرض من فروض الكفاية، فإذا وقع من بعضهم سقط الحرج عن الجميع، ومتى لم يقع فالكل آثمون، والمفتى قائم بمنصب الإفتاء نيابة عن الأمة التي يجب عليها تحقيق هذا المقصود المهم وإلا لحقها الإثم.

واتفق العلماء المشاركون على أن الفتاوى العشوائية خطر كبير على الإسلام والمسلمين، محذرين من الفتوى بغير علم لأنها تتضمن الكذب على الرسول، كما أن التساهل فى الافتاء وترك التقيد بآراء العلماء وطريقهم يؤدى الى التطرف والارهاب والبدعة والضلالة. فعلى المفتى أن يحقق المسألة كما حقق السلف الصالح قبل الافتاء والكتابة، كما حذروا من اعتماد المفتين على مذهب الشدة التي تؤدي بدورها إلى اتباع المنهج العنيف المتطرف.

وقال الداعية الحبيب بن على الجفرى إن الحكومات المسلمة تتعرض لضغوطات متعددة منذ الاعتداء الأمريكى على أفغانستان والعراق تضاعفت وتيرتها في مرحلة الثورات سنة 2011، وما ترتب عليها من دمار واشتعال للصراع الإقليمي، ما جعل قدرتها على مقاومة الضغوط المتعلقة بالمعاهدات تفتقد قدرًا غير قليل من صلابتها، وكذلك فقدت الشعوب الكثير من حماستها تجاه القضايا الدينية بسبب استغلال الجماعات الإسلامية للشريعة المطهرة في صراعاتها وتنافساتها على السلطة، وساورت الشكوك شرائح متسعة من الشباب تجاه الخطاب الدينى لهول ما ظهر من الجرائم التي ارتكبتها التنظيمات المسلحة باسم الدين.

وأكد أن المؤسسات الدينية الأصيلة فقدت قدرًا غير قليل من تأثيرها ومرجعيتها على إثر التشكيك المتراكم الذي مارسته الجماعات الإسلامية في مصداقية هذه المؤسسات. فيما دعا الدكتور أحمد عطية، وزير الأوقاف والإرشاد اليمني بتفعيل الاجتهاد الجماعي في دراسة القضايا وأهمها قضايا حقوق الإنسان لأنه أنجح وأدعى لمراعاة المصلحة العامة.

كما دعا إلى تفعيل الفتوى الشرعية من خلال نظام مؤسسي يتصدر فيها الكفاءات الشرعية، وتمتين علاقتها بالتقنين للقوانين الدستورية، وهي تمثل الهوية الدينية، وتوجيه المزيد من الجهود حول الدراسات البحثية للمستجدات التي تتعلق فيها حقوق الإنسان في السلم والحرب، أو الأزمات السياسية البينية.

وقال الشيخ محمد أحمد حسين، المفتى العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى خطيب المسجد الأقصى المبارك، إن قضايا مستجدة لم تكن معروفة سابقا طرأت على الناس في هذا العصر، كان ظهورها نتيجة التطور العلمي الذي أحدثته البشرية، وتطورت هذه الحياة بأشكالها جميعها تطورًا سريعًا مذهلًا.

 

IMG_1976

وأوضح الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر الشريف، إن الظروف التى نعيشها  تسيطر عليها ضيق الأفق والتعصب، لافتا إلى أن أحداث 11 سبتمبر أصابت الإسلام بسهام النقد من الغرب، حيث اتهم الإسلام والمسلمون بالإرهاب بالإضافة إلى تصريحات الرئيس الأسبق بوش ضد الإسلام وهو ما نستطيع أن نسميه ضمن صراع الحضارات، مضيفا أن الحرب العالمية الثالثة بدأت بغزو العراق ثم ما يسمى بثورات الربيع العربى وما يحدث فى سوريا وليبيا.

ونبه مستشار شيخ الأزهر الشريف، إلى خطورة الفتوى حيث أنه لا ينبغى أن يتصدر للفتوى إلا من كان أهل لها فالفتوى قد تشعل حروبا بين دول. وأشار الدكتور محمد كمال الدين إمام، أستاذ بكلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، إلى إن للفتوى 3 عناصر هي المستفتى وهو صاحب السؤال الذى يحتاج إلى حكم واقعي متحرك، والمفتي وهو صاحب الإجابة بما له من أهلية معرفية وشرعية، ومرجعية الإفتاء وهي أساس مشروعيته ومصدر حجية إجاباته.

وبين أن العلاقة بين الإفتائى والسياسى لم تكن جدلاً عقيمًا ينتهى بالضرورة إلى صراع مكتوم، ولكنها بالمعنى الوظيفي تواصل إيجابي، يتحرك في 3 دوائر هي دائرة المشروعية: وتشمل البناء المؤسسى كله، ومنها مؤسسة الإفتاء الثانية: دائرة تنظيم المجتمع: وهي الأرض المشتركة التي تستوعب وظيفيًا دور كل مؤسسة وعلاقتها التشريعية بالمؤسسات الأخرى، ويصبح الإفتاء «بنك معلومات» لا يستغنى عنه الحاكم، ولا يستطيع إغفاله المحكوم، الثالثة: تجديد الخطاب الديني: أى عصرنته وتزمينه، ولم يعُد عنصر الزمان عاملاً من عوامل تجديد الخطاب الدينى، ولكنه القاعدة الأساسية التي يرتفع من خلالها بناء التجديد فى انسجام مع حاضره.

وأوضح الشيخ أبوبكر أحمد، الأمين العام لجمعية علماء أهل السنة والجماعة بعموم الهند، أن الافتاء عظيم الخطر كبير الموقع كثير الفضل لأن المفتي وارث الأنبياء، لكنه معرض للخطأ. وحذر من الفتوى بغير علم لأنها تتضمن الكذب على الرسول، محذرا أيضا من خطورة التساهل في الإفتاء وترك التقيد بآراء العلماء وطريقهم يؤدى الى التطرف والارهاب والبدعة والضلالة. فعلى المفتى أن يحقق المسألة كما حقق السلف الصالح قبل الافتاء والكتابة.

وشدد على المفتى بألا يذهب بالمستفتين مذهب الشدة، ولا يميل بهم إلى طرف الانحلال، والدليل على صحة هذا أنه الصراط المستقيم الذى جاءت به الشريعة بلا إفراط ولا تفريط، فإذا خرج عن ذلك فى المستفتين خرج عن قصد الشارع، ولذلك كان ما خرج عن المذهب الوسط مذموما عند العلماء الراسخين.

وقال الدكتور الفقيه والمفكر السعودى عبد الله فدعق، أن حياتنا أصبحت مسرحا مستوعبا للغث والسمين ممن يتصدى للفتوى، وأن السيولة الكبيرة في الاستفتاء والإفتاء زادت كثيرا من انفلات عيار الفتوى، فالفتوى فى هذا الزمان كالزمان المنفلت في كل مجالاته وميادينه، وهي ليست بريئة من الانفلات.

IMG_2195
 

وأضاف أن مفهوم الصناعة ليس متداولاً في مجال الفتوى وميدان إصدار الأحكام الشرعية، ولا أجد أي بأس من القول بأن الفتوى منتج صناعي ناتج عن عناصر عدة؛ منها الدليل، والعلاقة بينه - بأطيافه المختلفة، وبين الواقع بكل تعقيداته.

وتابع: «علينا في الفتوى أن ننظر في المادة التي تُستمد من مصادر التشريع المعروفة، والتي يمكن أن نسميها (المولدات)، آخذين في الاعتبار أن كل شيء يوجد فى القرآن بالجملة لا بالتفصيل، وأن السنة تنشئ الأحكام، ولولاها لأمكن للرجل أن ينكح شقيقة زوجته أو عمتها أو خالتها وهو مقترن بها، وبعد ذلك علينا أن نتصور تركيبها، والمفتى الذى سيتولى أمرها، والغاية منها».

وأوضح أن القلب والعقل يعانى من الفتاوى التي لم تزد المؤهلين للعنف إلا تفجيرا وتقتيلا، وباسم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحاشاه، وهو القائل: «إن الله لم يبعثني معنتا، ولا متعنتا، ولكن بعثتي معلما ميسرا».. حفظ الله لنا أهل العقول الواعية.

واعتبر الدكتور محمد أحمد لوح، رئيس لجنة الإفتاء فى اتحاد علماء إفريقيا، عميد الكلية الإفريقية للدراسات الإسلامية في السنغال، البحث العلمي المتين، والإفتاء الشرعى الرصين قرنان لا يفترقان، فكلما كان البحث فى القضايا المعاصرة جارياً وفق المعايير العلمية الدقيقة كان أكثر نفعا وأينع ثمرا، وكان صالحا لبناء إفتاء رشيد.

IMG_1967

وتحتضن مصر المؤتمر العالمى للمرة الرابعة على التوالى، انطلاقًا من مسئوليتها الفكرية والمكانة العلمية، التى تحتلها عبر التاريخ والحضارة الممتدة آلاف السنين، وكذلك لموقع الريادة الفكرية والعلمية الذى تحظى به فى نظر كل دول العالم، التى تؤكد جميعًا على الدور المحورى والهام الذى تلعبه مصر فى مكافحة الإرهاب، واستنادًا إلى الخبرات الكبيرة والمتراكمة التى كونتها فى مجال محاربة التطرف والإرهاب، مضيفًا أن هذا المؤتمر محاولة جادة لتطوير مجال الإفتاء ونقله نقلة نوعية من مجال سلبى يقتصر على حل المشكلات، إلى مجال أكثر إيجابية ينتقل إلى عمل التدابير الوقائية من المشكلات ليشارك فى البناء والتعمير.

وتخوض مصر بكافة أجهزتها حربا شرسة ضد الفتاوى العشوائية والتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها جماعة الإخوان، وهي حرب لا تختلف عن تلك الحرب التى تخوضها عدديد من الدول ضد تلك التنظيمات.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق