لماذا توجه السيسي نحو روسيا؟.. هكذا قرأ الرئيس تغير المشهد الإقليمى بعد 30 يونيو
الأربعاء، 17 أكتوبر 2018 06:00 م
تأتى زيارة الرئيس السيسي، إلى روسيا امتداد للسياسة التى تبنتها مصر منذ نجاح الشعب فى ثورته على حكم الجماعة الإرهابية فى 30 يونيو، حيث كان التوجه نحو الشرق، وخاصة روسيا والصين، هو النهج الدبلوماسى الذى تبنته القاهرة، دون التخلى عن علاقتها بحلفائها الآخرين، وأصبح ذلك من أبرز ما يميز علاقات مصر الخاجية بعد ثورة 30 يونيو، خاصة بعدما دارت مصر فى الفلك الأمريكى لعقود طويلة، وقد يكون ذلك بسبب هيمنة أمريكا على المشهد العالمى، أو بسبب تضاؤل الدور الذى تلعبه كافة القوى الدولية والإقليمية مقارنة بالدور الأمريكى.
ثورة 30 يونيو
وفيما يبدو أن ثورة 30 يونيو كانت كاشفة، ليس فقط لتوجهات الداخل بالشارع المصرى، بل كانت تداعياتها الدولية سببا فى تغيير وجهة مصر الدبلوماسية، وهو ما يرجع فى جزء منه إلى الموقف المشبوه الذى تبنته أمريكا وبعض حلفائها بأوروبا تجاه إرادة المصريين ضد حكم الجماعة الإرهابية، ما استدعى إيجاد بدائل يمكن الاعتماد عليها دون السماح بالتدخل الأجنبى فى شئون مصر الداخلية.
التوجه المصرى الجديد نحو الشرق لم يأت فقط ردا على مواقف القوى الدولية من أحداث 2013، بل تمثل انعكاسا صريحا لقراءة متأنية لمستقبل وخريطة القوى الدولية سواء بالشرق الأوسط أو بمناطق أخرى، خاصة وأن بقاء هيمنة أمريكا ارتبط بنجاح مخطط الربيع العربى، والذى حدثت تداعياته وفقا لرؤية الرئيس الأمريكى السابق، باراك أوباما، والتى كانت تضمن تمكين التيارات الإسلامية لتنفيذ بنود الأجندة الأمريكية بالمنطقة.
جاءت ثورة 30 يونيو، ونجحت بفضل مساندة الجيش للمصريين فى تحقيق إرادتهم بإزاحة الإرهاب عن السلطة، بل امتد نجاحها إلى تقويض دعائم الأنظمة الأخرى التى حاولت دعم الفوضى، وربما كان سقوط الإخوان بمصر بمثابة نقطة انطلاق انهيار الهيمنة الأمريكية بالشرق الأوسط، لتعود روسيا من جديد بعد عقود، ليس فقط لأداء دور سياسى خطابى لرفض النهج الأحادى الأمريكى، وبكن لاستعراض قوتها العسكرية، لتقهقر أمامها القوة الأمريكية، وتعلن انتهاء حقبة داعش فى سوريا، وتفرض موسكو قبضتها على مقاليد الأمور بسوريا، باعتبارها القوى الفاعلة فى الأزمة التى استمرت لسنوات دون أى دور واضح للغرب الأمريكى أو الأوروبى.
تأكدت عبقرية الرؤية المصرية، وتمكنت من قراءة التغيير فى المشهد الإقليمى بفضل ثورة 30 يونيو، فلم يكن حرص الرئيس السيسى على التحالف مع روسيا مقترنا بالوصول للرئاسة، بل استبق ذلك بزيارته لموسكو إبان وجوده بمنصب وزير الدفاع فى أعقاب ثورة يناير، حيث التقى بالرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، ليعلن ميلاد التحالف المصرى الروسى الجديد، ولكن دون الإخلال بالعلاقات المصرية مع باقى القوى الدولية، لتتحول الدبلوماسية المصرية نحو نهج أكثر مرونة يسمح باستقلالية القرار المصرى دون تبعية.
أكثر ما يلفت الانتباه فى النهج المصرى الجديد، أنه كان ملهما لحد كبير للعديد من القوى الدولية، حيث توجه العديد من حلفاء أمريكا إلى التحالف مع روسيا مؤخرا، خاصة بعد قرار إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، بفرض تعريفات جمركية على الواردات القادمة من تلك الدول، كما أن التوجه الأوروبى نحو روسيا ربما لمسته أمريكا، خاصة بعد تصريحات ترامب، والتى انتقد خلالها التعاون الاقتصادى بين ألمانيا وروسيا، خاصة بمجال الطاقة، محذرا من انزلاق برلين نحو التبعية لروسيا.