يروج كذباً لقدرته على قيادة العالم الإسلامي وحماية المظلومين.. هل يصدق أردوغان نفسه؟
الأربعاء، 17 أكتوبر 2018 03:00 م
تصريحات وأخبار ومقالات حول أزمة اختفاء الإعلامي السعودي جمال خاشقجي خلال الآونة الأخيرة، لعب فيها الإعلام التركي دورًا كبيراً إلى جانب حليفه القطري والإيراني والداعم بشكل عام لتوجهات جماعة الإخوان الإرهابية، حيث كانت المعلومات المنشورة لديهم جميعها واحدة ومتشابهة في مضمونها دون أي سند وقبيل الانتهاء من التحقيق الرسمي.
فيما جاءت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإثنين بحسب وسائل الإعلام الرسمية التركية، بأن تركيا هي الدولة الوحيدة القادرة علي ريادة العالم الإسلامي بأسره، زاعمًا أن إرثها التاريخي وموقعها الجغرافي وثرائها الثقافي يؤهل تركيا لذلك.
وتابع اليوم في تصريحات جديدة، تم نشرها عبر حسابه الرسمي على موقع التدوينات القصيرة «تويتر» باللغة العربية: «نحن سنظل صوتًا ونفسًا لكافة المظلومين والمضطهدين.. إن بوادر التغيير العالمي والإقليمي أصبحت جلية بحيث لا يمكن تجاهلها حتى من قبل الآذان الصماء والضمائر القاسية».
ويبدو أن الرئيس التركي يحاول استغلال يدعي ويروج لما لا يؤمن به، ولا يصدقه أبداً، فالرئيس المتحدث عن استقلال قراراه وقدرته على قيادة العالم الإسلام بالأمس فقط خضع أمام الإملاءات الأمريكية وأفرج عن القس الأمريكي المحتجز في سجون بلاده ما يزيد عن العامين، قضية «خاشقجي» التي تم تدويلها وبثّ الشائعات حولها عبر منابره الإعلامية الموالية كـ«صباح» و«يني شفق» وغيرهما، للترويج إلى حلمه وحلفائه (قطر وإيران) بالخلافة الإسلامية والسيطرة على المنطقة.
وتتزامن تلك التصريحات مع مقال لمستشار «أردوغان»، ياسين أقطاي تم نشره الأثنين من خلال «يني شفق» بعنوان «هل يتحرك ترامب كذلك من أجل رعاياه في السجون المصرية؟»، والتي تعكس تدخلًا تركيًا في الشؤون المصرية، إلى جانب اتهامات باطلة ومحاولة إثارة الوقيعة بين الجانبين المصري والأمريكي.
«أقطاي» مستشارًا أمينًا للرئيس التركي يتبعه في جميع التوجهات والسياسات وداعم رئيسي للإخوان، إضافة إلى علاقات قوية وداعمة للنظام الإيراني بحسب تصريحات سابقة للمعارضة التركية لـ«صوت الأمة»، وما تم تداوله من صور له أثناء مساندته لعناصر جماعة الإخوان في ميدان التحرير خلال أحداث ثورة يناير 2015.
اقرأ أيضًا: قطر وتركيا على طريقة «غبي منه فيه».. اختفاء جمال خاشقجي يُسقط الأقنعة
ياسين أقطاي في ميدان التحرير
في هذا الإطار يرى المحلل السياسي السعودي والباحث في العلاقات الدولية، سامي بشير المرشد أن هناك هجمة إعلامية منسقة على مصر كما هو الحال مع السعودية، قائلًا: «هم يهاجمون هاتين الدولتين الكبيرتين لأنهما صمام الأمان للأمة العربية والتي لا مستقبل لها بدونهما، وخاصة بعد فشلهم في الإبقاء على حكم الإخوان في مصر، كما فشلوا في إثارة القلاقل في السعودية»، مضيفًا أن «التحسن في الأوضاع المصرية والتطور السعودي في إطار رؤيتها الطموحة إلى جانب ما بين الدولتين من علاقات وتنسيق أمر يغيظهم كثيرًا، لأنهم لا يريدون للأمة العربية أن تستقر أوضاعها، ولكن متأكد أن محاولاتهم ستفشل في النهاية ومصر والسعودية لن يسمحا لأحد أن يعبث بأمن المنطقة العربية؛ فالأمن القومي العربي كل لا يتجزأ».
سامي بشير المرشد
وعن أحاديث «أردوغان» حول قدرة تركيا على ريادة العالم الإسلامي، قال «المرشد» في تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»: «العالم الإسلامي حوالي 56 دولة ومنظمة التعاون الإسلامي موجودة في جدة، والسعودية هي التي اقترحت تشكيلها من الأساس..الدول الإسلامية كلها مهمة وبها دول كبيرة سواء عربية أو غير عربية فلا تستطيع تركيا أو غيرها أن تدعي أنها رائدة العالم الإسلامي الذي يعمل بطريقة جماعية ومنظمة في ظل منظمة سياسية تمثل هذه الدول؛ لها ميثاق وتتخذ قرارات لها جوانب مختلفة سياسية واقتصادية وإعلامية إلى آخره».
وأضاف أن «هذا الكلام من الرئيس التركي ليس مطلوبًا في هذا الوقت، وخاصة بعد إثارة هذه الزوبعة حول اختفاء مواطن سعودي في تركيا، وفي الواقع من العجيب اختفاء العديد من الصحفيين في تركيا وبعضهم نعلم أنه في السجون؛ وعدم سماعنا أي شئ حول ذلك، وأيضًا قتل آلاف السوريين على الحدود السورية، وأمور كثيرة في الحقيقة، ولا أريد أن أعيد وأكرر ما قلته في عدة مناسبات حول هذه الزوبعة، التي من الواضح أنها حملة كان يقصد بها تشويه سمعة المملكة والضغط عليها، والتخريب على العلاقات الدولية والإقليمية».
وأوضح أن محاولة «أردوغان» الحديث عن الإمبراطورية العثمانية ليس في صالحه، لأن التاريخ التركي في المنطقة العربية سئ جدًا، مشيرًا إلى عدم رغبة السعودية في أن تسوء العلاقات بين الأتراك والعرب، قائلًا: «الدولة العثمانية التي يفتخر بها أردوغان والتي ثار العرب ضدها لم يكن تاريخها مشرفًا؛ هم لم يبنوا ولم يعمروا في المنطقة العربية، بل علقت المشانق واعتقل الكثير من العرب، ولم تنهض المنطقة خلال الحكم العثماني».
وتابع «المرشد» بأن مثل تلك التصريحات والهجمة الإعلامية تثير علامات استفهام كثيرة من حيث توقيتها، مؤكدًا على أن السعودية حريصة كل الحرص على علاقاتها مع كل الدول وترفض رفضًا قاطعًا أن تتدخل تركيا أو غيرها في شؤونها أو الدول العربية بشكل عام، وتسائل ماذا تريد تركيا من مصر التي اختار شعبها حكومتها وتشهد أوضاعها تحسنًا؟!، وقال: «أرى أن موقف الحكومة التركية من النظام المصري مريبًا».
كما لفت إلى أن إرسال قوات تركية إلى قطر في ظل أزمتها مع محيطها الخليجي والعربي والحديث عن حماية الدوحة يُعد وجهًأ آخر للتدخل في الشؤون العربية من قبل تركيا، مضيفًا أن «هذا أمر مرفوض رفضًا قاطعًا من السعودية ومصر وكل الدول العربية، ونتمنى أن تعود تركيا عن مثل هذه السياسات وأن تستمر العلاقات مع تركيا كدولة إسلامية، واحترام بعضنا البعض، والعمل على تنمية المصالح بين الدول العربية وتركيا».