أحمد شوقي.. حفيد العائلة الكردية أمير الشعراء الذي لم نعد نعرفه
الثلاثاء، 16 أكتوبر 2018 05:00 م
بالتزامن مع إقرار مؤتمر وزراء الثقافة العرب، في القاهرة، أمس الاثنين، الاتفاق على استضافة الاحتفال الرسمي باليوم العربي للشعر، ودعوة الدول العربية للاحتفال بهذا اليوم وبالشاعر المحتفى به طيلة السنة، حيث كان اليوم العربي للشعر في 2 أبريل الماضي، مخصص للاحتفال بالشاعر المصري الراحل فاروق شوشة، وسيخصص اليوم العربي للشعر العام المقبل للشاعر السعودي الراحل، غازي القصيبي، تحل اليوم الثلاثاء، 16 أكتوبر، ذكرى ميلاد الشاعر المصري الكبير الراحل أحمد شوقي، في العام 1868، والذي تُوج أميرا للشعراء في احتفالية حضرها وفود الشعراء العرب، وقال فيه حافظ إبراهيم:
أمير القوافي قد أتيت مبايعا وهذه وفود الشرق قد بايعت معي.
ولعل هذه أشهر الأبيات التي حفظتها ذاكرتنا عن بيعة حافظ إبراهيم لأحمد شوقي أميرا للشعراء، بعدما أطلق عليه داوود بركات الذي كان رئيس تحرير الأهرام هذا اللقب عليه عام 1898.
أحمد شوقي أمير الشعراء
ولكن لماذا لم تظهر معجزة شعرية جديدة مثل شوقي..؟
ظهر أحمد شوقي في زمن الملوك الذين يقربون الشعراء منهم، ويحفظون لهم فضلهم في إثراء عصورهم، بقصائدهم، ومدحهم لهم، ولعل ما أشيع عن أحمد شوقي بأنه شاعر الأمير، يأتي ضمن حلقة من حلقات الشعراء الذين عاشوا في بلاط الملوك والأمراء، وكان شوقي آخرهم، إلا أن شوقي أيضا صار علامة للشعر المصنوع، وإن كان موهوبا في نظمه مع ذلك، وحقق معجزة، بنظم كل هذه القصائد، وترك هذا الأثر الكبير المهم في المكتبة العربية، الذي كان شاهدا على زمنه، وعلى دراما كبيرة في حياته.
وللإجابة على السؤال السابق، يلزم الإطلاع على تجارب أجيال مختلفة، خلفت أعمالا لا يمكن تجاهلها، ومن بين هذه الأسماء التي وضعت بصماتها على طريق الشعر، ورحلت، صلاح عبد الصبور، وعلى محمود طه، وبدر شاكر السياب، وجبران خليل جبران، وعبد الوهاب البياتي، وأمل دنقل، ومحمد عفيفي مطر.
انقطع الاتصال بين زمننا وزمان شوقي، وباتت قصيدة الشعر العمودية مرذولة، رغم الروائع الجميلة التي حفل بها ديوان شوقي، وطغت ألوان قصائد التفعيلة، بجمالياتها عليها، ولعل الصراع الذي دار في الستينات بين جيل شعراء التفعيلة، وعباس العقاد الذي رفض نشر هذه القصيدة دلالة على انتهاء عصر القصيدة العروضية التقليدية، وهو نفس الصراع الذي تجدد بين شعراء قصيدة النثر، وأقطاب قصيدة التفعيلة.
وزخرت حياة أحمد شوقي بالعديد من الأحداث الدرامية، بدءا من ميلاده من نسل عائلة كردية، إذ كان جده أحمد شوقي من الأكراد، وجاء إلى مصر شابا، بتوصية أحد الولاة الأتراك إلى محمد علي، الذي ألحقه بقصره، أما علي شوقي، والد أحمد شوقي، فقد بدد ثروته فكفلته جدته لأمه التي أدخلته مدرسة الشيخ صالح الابتدائية، وهو في الخامسة من عمره، ثم أكمل دراسته الثانوية بالمدرسة الخديوية بالقاهرة.
في العام 1883 التحق أحمد شوقي بمدرسة الحقوق، بواسطة القصر الذي كانت تعمل فيه جدته وصيفة، وقضي فيها عامين، ثم التحق بقسم الترجمة، وتخرج فيه سنة 1887.
في كنف الخديو توفيق، تربى أحمد شوقي، وساقه حظه الكبير إلى أن يكون ضمن أعضاء البعثة التي أرسلها إلى فرنسا سنة 1887، لدراسة الآداب الفرنسية والحقوق، فقضى عامين في مونبليه، وعامين في باريس، زار خلال هذه الفترة كثيرا من الأقاليم الفرنسية وإنجلترا والجزائر.
الدراما الحياتية التي عاشها شوقي، ونقلته من منزلة شاعر الأمير، إلى أمير الشعراء، وقعت حينما نُفي شوقي إلى إسبانيا عام 1915، في أعقاب اندلاع الحرب العالمية الأولى، ولانحياز شوقي للخديو عباس، الذي تم عزله، تم نفى شوقي إلى بلد يختاره، على أن يكون بلدا غير متورطا في الحرب المشتلة، فاختار إسبانيا، لصعوبة السفر إلى سويسرا، أو البلاد الواقعة في أقصى شمال أوروبا، ورافقته في رحلة النفي زوجته وولداه، على وحسين، وابنته أمينة، وحفيدته.
بقى شوقي في برشلونة حتى انتهت الحرب العالمية الأولى عام 1918، وسمح له الملك فؤاد بالعودة إلى مصر.
قم للمعلم وفه التبجيلا..كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي يبني وينشيء أنفسا وعقولا
عاش شعر أحمد شوقي أكثر منه، وكُتب له الخلود، ويظل ديوانه إحدى أيقونات المكتبة العربية، وإن يظل شوقي في النظرة الثقافية الحداثية، شاعرا عتيق الطراز، في منزلة شاعر الألمانية "جوته" فلا تحتفي الأجيال الجديدة اليوم بأشعار جوته في ألمانيا، بل ينظرون إليه على أنه أيقونة متحفية في الثقافة الألمانية، وإن ظلت أكبر المراكز الثقافية الألمانية التي تحمل اسمه، تخدم الثقافة الألمانية وتروج لها، باسمه، ولم تسر الثقافة المصرية على نفس المنوال، من إطلاق اسم شوقي على مركز ثقافي يحمل اسمه، وإن ظل متحفه الذي كان مقر سكنه "كرمة بن هانئ" موجودة على ضفاف النيل مفتوحا للراغبين في زيارته.
منزل أحمد شوقي كرمة بن هانئ بالجيزة