جمّد قلبك وما تحرموش من الحياة.. "فوبيا الحب" مرض نفسي خطير وإليك طريقة العلاج

الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة، لا يتحقق ولا يكتمل إلا بمشاركته الآخرين في التفاصيل العملية أو الشخصية، من هنا تنبع أهمية العلاقات الإنسانية القريبة، خاصة الحب والشراكة العاطفية.

يمكن القول إن الغريزة الجنسية والحاجة الدائمة للأمان والاحتواء تدفع الإنسان للبحث عن الحب والمشاعر الإيجابية تجاه شريك من النوع الآخر. هذا هو المسار العاطفي والحياتي الطبيعي، لكن المشكلة قد تظهر بوضوح عندما يجد الفرد نفسه في حالة قلق أو هلع ورغبة في الابتعاد عن الحب والعلاقات العاطفية، هنا قد يكون الأمر إشارة إلى مشكلة نفسية واجتماعية تحتاج للعلاج.

يرى الأطباء النفسيون والمختصون في علم النفس أن المشاعر الإيجابية من الأمور التي تُعزز ثقة الشخص في نفسه وقدرته على التفاعل مع سياقه الاجتماعي بشكل إيجابي وفعال. لهذا يُعتبر الحب واحدًا من أبرز المحفزات والدوافع الإيجابية للإقبال على الحياة، والتخلص من الضغوط والمعاناة التي تخلقها الوحدة أو الإحساس بعدم القبول، ما يُعني أن إحجام أي شخص عن دخول تجربة عاطفية بمثابة حكم ذاتي على نفسه بالوحدة والمعاناة، مع ما ينتجه هذا من آثار نفسية سيئة وتقويض للحياة الطبيعية.

وبحسب موقع healthline المتخصص في موضوعات الصحة العضوية والنفسية، فإن هناك حالة شائعة بين كثيرين من الناس ترتبط بأزمة الخوف من الحب أو المشاعر العاطفية تجاه النوع الآخر. وبينما من الطبيعي أن يبحث الإنسان العادي عن نصفه الآخر طوال الوقت، فإن هذه الحالة تدفعه إلى الإحجام عن الأمر وتجنبه، وتعزز لديه مشاعر الخوف من المصارحة بالحب أو مبادلة الآخرين المشاعر. هذه المشكلة تُعرف بـ"الخوف من الحب"، وفي السطور التالية نتعرف عليها ونستعرض الخطوات العملية للهروب منها.

أعراض الخوف من الحب

1- أبرز أعراض هذه المشكلة هو الشعور بالخوف الشديد مع الشعور بالحب أو بمشاعر الآخرين تجاهك.

2- تنعكس أزمة الخوف من المشاعر على ممارسات الشخص، الذي يبدأ في تجنب النوع الآخر.

3- تزداد حالة التوتر مع الوجود في دوائر تضم النوع الآخر، ويبدو هذا واضحا في التلعثم والتعرق.

4- بضغط هذه الحالة الصعبة نفسيا يشعر الفرد بقدر من الإرهاق وتزداد ضربات القلب بمعدل متسارع.

5- يُعاني الشخص المريض بالخوف من الحب أو المشاعر من صعوبات في التنفس.

6- يشعر الشخص بتوتر في التمثيل الغذائي وميل للقيء والغثيان.

بحسب المؤشرات والمعلومات المتاحة عن هذه الحالة، فإن المريض الذي يُعاني من هذه الأزمة قد يكون واعيا بحالته وعلى دراية بأن موقفه الرافض للحب أمر غير عقلاني أو مبرر، لكنه يجد نفسه مدفوعا للمواصلة في هذا المسار، وعاجزا عن تحجيم هذه الرغبة الحادة في الابتعاد، أو السيطرة على قلقه المبالغ فيه من المشاعر والنوع الآخر، أو حتى السيطرة على الآثار الجانبية لهذا الأمر المتمثلة في القلق والتوتر والأرق واضطراب العلاقات والتواصل والعجز عن بناء حوار جيد وفعال مع الآخرين بشكل عام.

السبب المباشر وراء هذه الأزمة ربما يرتبط بالخبرات الشخصية السيئة، أو المرور بتجارب في السابق تركت أثرا غير جيد فيما يخص التواصل والتفاعل مع الآخرين والعوائد من العلاقات، ما يدفع الشخص لتجنب خوض التجربة مرة أخرى تجنبا لتكرار المشكلات والمعاناة التي شهدها من قبل. ويتصور ذهنيا أن الحب هو سبب هذه الأزمة، لهذا قد يكون عليه البعد عن الحب أو التصريح بمشاعره أو مبادلة الآخرين مشاعرهم.

خطورة الحالة وما تتركه من آثار سلبية على الحالة النفسية العامة للشخص، وعلى قدراته الاجتماعية ولياقته الذهنية وقدرته على التواصل مع الآخرين، تُوجب التوقف الجاد مع الأمر بحثا عن علاج للأزمة وسبل عملية لتجاوزها، تجنبا للمضاعفات والتطورات التي قد تترك الإنسان وحيدا وفي عزلة وعاجزا عن التفاعل الخلاق مع سياقه المحيط.

علاج هذه الأزمة بشكل فعال وجاد يعتمد في المقام الأول على تجاوز التصور السلبي عن الحب وتبادل المشاعر، وعبور عقبة الخبرات الشخصية السيئة، عبر التفاعل مع الناس في إطار خلاق، وضمن دائرة من الأصدقاء المقربين أو الأشخاص الذين لا يُثيرون الضيق أو يُغذون مشاعر الخوف، على أن يتطور الأمر لجلسات نقاش أو حلقات علاج مختلطة، بجانب بعض الأدوية المضادة للاكتئاب، والخضوع لجلسات علاج سلوكي معرفي (CBT) بغرض تغيير الأفكار الذهنية السلبية والتخلص من المعتقدات القديمة في هذا الشأن.