في ذكرى مولد فؤاد الظاهري.. المصري الأرمني رائد الموسيقى الأفلام التصويرية
الإثنين، 15 أكتوبر 2018 09:00 م
لم تعرف السينما المصرية، فنانا مثله، صاغ موسيقاها التصويرية، وخلف إرثا كبيرا مثل الذي خلفه، أنه المصري من أصل أرمني فؤاد الظاهري، الذي وُلد في 15 أكتوبر عام 1916، ورحل عام 1988، وفيما بين التاريخين، خلف فؤاد الظاهري بصمات لا تٌمحى في فن الموسيقى التصويرية، إذ صاغ 230 مقطوعة موسيقية للأفلام السينمائية، منذ العام 1940، حيث قدم مقطوعته الموسيقية للمسلسل الإذاعي أدهم الشرقاوي، في الخمسينات، وموسيقى فيلم "كاس العذاب" لفاتن حمامة ومحسن سرحان عام 1952، ثم تتالت أعماله الموسيقي للأفلام التي بلغت 228 مقطوعة.
موسيقى أدهم الشرقاوي لفؤاد الضاهري
وُلد فؤاد كرابيت بانوسيان بحي الظاهر، عام 1916، وانتمى إلى الجيل الثاني من مؤلفي الموسيقى المصرية، على حد وصف الناقد الموسيقى الدكتور زين نصار، الذي كشف أن الظاهري، جاء في أعقاب الجيل الذي ضم يوسف جريش، وأبوبكر خيرت، وحسن رشيد، الذين صنعوا أول عمل أوركسترالي مصري، كتبه يوسف جريش عام 1932.
موسيقى الزوجة الثانية لفؤاد الظاهري
توفى سيد درويش عام 1923، وبعدها بعشرة أعوام بدأ جيل الرواد المصريين، أبناء الأثرياء، ممن درسوا الموسيقى بجانب الدراسة التقليدية، قدموا أعمالا مهمة، فقدم يوسف جريش النيل والوردة، وكتب أعمالا كثيرة للبيانو، أما فؤاد الظاهري، فظهر في فترة فيما بعد الحرب العالمية الأولى، التي لعب فيها الأجانب دورا مهما، بعدما عاشوا في مصر، ودرسوا فيها، وارتبط الأرمن بالسينما المصرية، مع ظهورها في مصر، وكان من المنطقي أن يتجه فؤاد الظاهري، الذي تسمى بهذا اللقب نسبة إلى حي الظاهر المولود فيه، واختار الكمان ليدرسه، في معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية، على يد جورج كوستاكي اليوناني.
يقول زين نصار: بيئته ونشأته في منزل بين أم أرمينية، وأب مصري، والأوبرا التي شكلت وعي المصريين في ذلك الوقت، ساهمت في تكوين فؤاد الظاهري، واشتراكه كعازف للكمان في الأوركسترا تحت قيادة المايسترو الإيطالي ميناتو ثم شارك في الكورال، وكانت الفرقة تقدم عروضها باللغة الفرنسية.
فؤاد الظاهري هو واضع موسيقى فيلم "الزوجة الثانية" وشفيقة ومتولي، وطائر الليل الحزين، والشيطان يعظ، وإسكندرية ليه، وصراع في الوادي والعديد من الأعمال المصرية التي تركت علامات في السينما المصرية، والموسيقى، يقول زين نصار عن الظاهري: درس علوم التأليف الموسيقية، وكون فرق، وبدأ يدخل عالم الموسيقى التصويرية، واستخدم في موسيقى الزوجة الثانية، التراث المصري، مستخدما لحن أيوب المصري، رمزا للصبر على ظلم العمدة الموجود في الفيلم.
ويتابع زين نصار عن الظاهري: له حوالي 15 مؤلفا في الإذاعة، منها "إيزيس وأوزيريس" والذي ساعد الظاهري في إنجاز هذه المؤلفات الأوركسترا، وجود أوركسترا الإذاعة المصرية، الذي أُنشئ عام 1951، وسجلت كل أعمال الفنانين المصريين.
وعن انتقال الظاهري ما بين الطابع الشرقي، وطابع الأوركسترا، يقول زين نصار: الظاهري استعان بالقانون والناي، والعود، والآلات العربية، مستخدما الأدوات التي تحت يده في اللغة الموسيقية، فهو يصيغ المعزوفة الموسيقية كما يرغب.
يذكر الناقد الموسيقى زين نصار، أن فؤاد الظاهري عمل في مختلف أنواع الأفلام الدرامية منها، أو الكوميدية، وتم إطلاق اسمه على قاعة بقصر السينما في جاردن سيتي، لأنه قدم أكبر منجز للموسيقى التصويرية في تاريخ السينما المصرية، واستخدم لغة مصرية في موسيقاه.
يقول زين نصار: أي حد بيعمل موسيقى لفيلم، لازم يقعد مع المخرج أولا، ويقرأ "سكريبت" الفيلم" ليستوعب روحه، ويتعمق فيه، والموسيقى جزء من كيان الفيلم، لهذا كان فؤاد الظاهري يفكر جيدا في مقطوعاته التي يعزفها خلال مشاهد هذه الأفلام.
مزج فؤاد الظاهري في موسيقاه لفيلم صراع في الوادي، الغناء الأوبرالي، مع الموسيقى، ليعبر عن الحزن البادي على الناس بعد غرق مزروعاتهم في مشهد الموسيقى التصويرية، يقول زين نصار: الغناء الجماعي، والعود، والأوركسترا يعبر عن حالة الحزن الجماعي الذي انتاب أهل البلد.
تمرس فؤاد الظاهري في الكتابة الموسيقية للإذاعة والتعامل مع الألحان، مما جعل أعماله في السينما أسهل، وينافس الظاهري في مجاله الموسيقيون الأجانب الذين وضعوا موسيقات تصويرية للأفلام، لكن الظاهري تميز عنهم بعمقه وفهمه للتراث المصري الأصيل، واللغة الموسيقية المصرية، وثقافته التي كونها من خلال دراسته على أيدي الموسيقيين اليونانيين، والبولنديين.
نال الظاهري جائزة عن موسيقى فيلم رد قلبي، من مؤسسة دعم السينما عام 1959، وجائزة عن موسيقى فيلم الزوجة الثانية، وجائزة عن موسيقى أميرة حبي أنا ، وجائزة رابعة عن موسيقى طائر الليل الحزين عام 1977، وخامس الجوائز التي نالها الظاهري، كانت عن موسيقى فيلم الرجل الذي فقد ذاكرته عام 1983.