«فى حَضرة المحبوب».. كيف يتم اختيار المغردين فى حب رسول الله و آل بيته؟

التغريد فى حب رسول الله وآل بيته وأصحابه فى رحاب سيدى عبد الرحيم القنائى، هو الملكوت الثانى الذى يعيش فيه مريدوه والمغردين فيه ومنشديه وعازفيه، ففى مسجد سيدنا عبد الرحيم الثنائى، يجتمع العازفين والمنشدين، ليغردوا بأعذب الكلمات فى حب النبى، حيث تربطهم بذلك المسجد ذكريات من التجلى فى رحاب الله، فإن صادفك الحظ وقررت حضور إحدى تلك الحلقات بالمسجد، فستجد كلمات المدح تصدح فى كل جنبات المسجد تفوح أذكارهم ومديحهم الذى لا ينقطع

فمنذ عدة سنوات يحرص هؤلاء المغردون فى حب رسول الله، على قيادة حلقات الذكر والحَضرات، والتى تُقام يومى الجمعة والاثنين فقط، وفى المناسبات الدينية بشكل دائم لا يمنعهم من الحضور غير المرض أو حدوث عارض، وينتظر المحبين والمتعلقين بتلك الحلقات هذين اليومين بفارغ الصبر، ليسبحوا فى ملكوت الله.

تتولى الطريقة «الحامدية» مسئولية تزيين المسجد، باعتبارهم الأكثر حرصاً على التواجد يوم الجمعة، فيأخذون موقع فى أخر المسجد بالقرب من ضريح سيدى القنائى، ويستهل «الخليفة» _المداح الذى يقود الطريقة_ الحَضرة بقراءة أخر ثلاث سور من المصحف، حيث يتم تعيين «الخليفة» من قبل أقطاب الطريقة ليقود حلقات الذكر والمديح فى المناسبات والحَضرات، والتى تُنظم فى المنازل أو المساجد.

ليس هناك سن أو عمر ثابت للمداحين أو خلفاء الطرق الصوفية فهم مكلفون بقيادة الطريقة، وتوجيه المريدين على ترديد أذكار معينة وقصائد ومديح فى حب النبى وآل بيته، أما بعد انتهاء الحَضرة، يختتم المنشدون والمداحون ومعهم الخليفة بزيارة مقام «القنائى» نوع من التبرك لأحد الأشخاص الذى ينتهى نسبه إلى "آل البيت"، فصاحبه أحد الأولياء الصالحين وأحد أهم أقطاب الصوفية، جاء من المغرب ومكث بمدينة «فوه» ثم رحل إلى محافظة قنا.

أما يومى الجمعة والخميس، فيتحول المكان إلى مزار دينى للمريدين والمحبين، حيث يظهر تنافس كبير بين الحلقات التى يقودها المداحين لقراءة القرآن الكريم، وأخرى تتبارى فى مديح المصطفى صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه طمعاً فى كرم شفاعته يوم القيامة، وحلقات أخرى تتداول سيرة صاحب المسجد والمقام، وترديد ورد الطريقة التى يجب أن يكون أسبوعياً ، وأغلبهم يحددون يوم الجمعة لما فيه من نفحات ليكون ملتقى المريدين من أرباب ألطريقة.

ويبدأ «الخلفاء» حلقات الذكر الصوفية ببعض أبيات الشعر التى تتغنى فى حب "آل البيت"، وهذا ما تتميز به الطريقة الخليلية، والتى يقرؤون ورد به بعض العبارات منها الدعاء لصحاب الطريقة وهو الشيخ صالح أبو خليل قائلين "هو صالح فأصلح به أحوالنا واهدِ القلوب إليه حتى تهتدى، صلاة حبلى بكم لا تقطعوه فنحن بحبكم مستمسكون".

ويعتبر المداحون الشيخ صالح أبو خليل أحد القامات الصوفية الكبيرة، ويقسمون حلقاتهم إلى حضرتين الأولى والثانية من كل شهر بجوار مقام «القنائى»، والجمعة الثالثة والرابعة من كل شهر يجلسون بجوار المنبر، وهم يعتبرون التنوع فى تغير الأماكن لأخذ البركة كاملة، ثم تستمر الحلقة باستخدام الأناشيد والمدائح والتغنى فى حب "آل البيت".

أما عن الشيخ محمد إبراهيم، خليفة الطريقة الصوفية الشاذلية بقنا، يأتى إلى حلقة الذكر حاملاً صندوق خشبى، يخترق به التجمع ليتجاوز أكثر من 70 شخص، ويبدأ فى توزيع كتيبات قصائد الإنشاد الدينى للإمام البوصيرى على الحاضرين، لتبدأ "الحضرة" بإنشاد دينى وقراءة الفاتحة ثلاث مرات والصلاة على النبى محمد 10 مرات، ثم يبدأ "الخليفة" فى  ترديد قصائد الإنشاد الدينى، وخلفه المريدين للطريقة.

كما أن هناك أشخاص يحرصون على جذب انتباه الزائرين فى مسجد القنائى، مثل عازف الناى، يأتى يوم الجمعة حاملاً آلة موسيقية معروفة باسم "الغاب"، وهى آلة موسيقية مصنوعة يدوياً، يجلس هذا الرجل مادحاً النبى وأولياء الله الصالحين بطريقة جميلة ثم يختم بزيارة المقام بعض أن يقوم بتأدية بعض المقطوعات بإستخدام "الغاب" يطرب بها الحاضرين  أمام المقام.