يبدو أن شبح اللهيب يواجه مخازن الإدارات المحلية بمحافظة الجيزة، حتى هذه اللحظة لم يتضح السبب، لكن هناك شبهات عدة، فالبعض لا يصدق أنها بفعل الطبيعة أو ماس كهربائي أو أي أمر خارج، ويعتقد أن هناك «شبهة»، وأن حريق «حي الهرم» بداية أسلوب جديد لإخلاء المخزن من الإشغالات المتراكمة داخله.
مع بداية سبتمبر الماضي، استيقظ أهالي فيصل على رائحة الدخان المنبعثة جراء اشتعال النيران في محتويات مخزن حي الهرم، ماتسبب في القضاء على كافة الاشغالات الموجودة داخله وتفحم معالمه دون وقوع خسائر بشرية، بشكل عرقل الوصول إلى سبب فعلي لالتهام النيران لموارد الحي، وصرح وقتها المسؤولين بالهرم أن «عقب سيجارة» وراء اشتعال النيران بهذا الحجم.
ولم تكن تلك الحادثة هي الأولى في عام 2018 التي يقف وارئها «عقب سيجارة»، فهناك عددا من وقائع اشتعال النيران في مؤسسات ومدارس حكومية، أتُهمت السجائر بالمسؤولية الأولى عنها، ومنها حريق مدرسة الأهرام الإعدادية بشارع المأمون في الجيزة، ولجنة امتحانات مدرسة المنيرة الثانوية بنات، أثناء سير امتحانات شهادة الثانوية العامة، وغيرها من الوقائع التي انتقل فيها السبب من «الأشباح والجن» إلى أعقاب السجائر.
اقرأ أيضا: بدايتها "عٌقب" سيجارة مشتعل.. الحرائق صداع فى رأس المحافظين والدفاع المدنى
وتعرض للمرة الثانية في أقل من شهرين، نفس المخزن، التابع لحي الهرم، للاشتعال وتدمير محتوياته، بعد امتداد ألسنة اللهب إلى كمية من الأخشاب والمخلفات المتراكمة داخله، وتم الدفع بنحو 12 سيارة إطفاء تابعة لإدارة الحماية المدنية للسيطرة على الحريق ومنع امتداده للعقارات المجاورة، كونه يقع في قلب واحدة من المناطق السكنية بالحي.
وعلى جانب أخر ترددت أنباء بمحافظة الجيزة، عن وجود شبهة فساد تحوم حول تكرار الحرائق بمخازن إشغالات حي الهرم، والموجودة أسفل دائري المريوطية بمنطقة فيصل، لاسيما وأنها تكررت للمرة الثانية في مدة لاتتجاوز الشهرين، وقبل تنفيذ الجرد الدوري لإجراء المزاد المتبع للتخلص شرعا من تلك الإشغالات وتحقيق عوائد مادية من وراءها تستخدم في خدمات ومشروعات الحي.
وطبيعة العمل بالأحياء، وتعاملها مع الإشغالات التي يتركها أصحابها، ولايدفعون الغرامات المقررة عليها، أو التي لايسمح باستردادها مرة أخرى، هو أن يتم تجيمعها داخل المخازن المخصصة لذلك، وإجراء مزاد كل فترة عليها، بعد جرد المحتويات بداخلها، والتي تضم معدات مقاهي وبناء، وخلاطات أسمنت، وحديد صلب، وثلاجات عرض، واستاندات ملابس، وغيرها من المخالفات التي تحتل الأرصفة والطرقات، وتحديد مبلغ مالي مبدئي لها ليتم طرحها على المشاركين في المزاد وبدء المزايدة عليها.
وبعد أن يتقدم الراغبين في تحصيل تلك الغنيمة لصالحهم، يتم الموافقة على الأعلى سعرا، وتسليمه محتويات الحي بالكامل، وإيداع المقابل المادي والذي يتجاوز مئات الآلاف من الجنيهات خزينة الحي بإيصالات رسمية، للاستفادة منه في المشروعات الخدمية التي تنفذها الوحدات المحلية بمحيط لحي التابعة لها، والذي تم بيع إشغالاته فقط.
مصدر مسؤول بديوان عام محافظة الجيزة -رفض ذكر اسمه- أكد أن عملية الجرد لمخزن حي الهرم تمت بالفعل، ولكن عقب واقعة اشتعال النيران الأولى في سبتمبر الماضي، وهو الأمر الذي يزيد الطين بله، فتلك الحادثة لم تبقي على أيا من محتويات الحي والتهمت ألسنة النيران كامل الإشغالات الموجوده بداخله وهو مايعني أن المحافظة لم تستفيد ماديا من أعمال إشغالات استمرت لشهور طويلة، وتزيد من احتمالات وجود شبهة فساد وراءها.
تدمير محتويات الحي بالكامل، والذي بطبيعة الحال لايتماشى مع تعليق مسؤول الجيزة أعلاه، أكده فرج عبد العاطي، القائم بأعمال رئيس حي الهرم، أن وجود عدد من اسطوانات الغاز المجمعة من إشغالات المطاعم والمحال التجارية، زاد انفجارها من حدة الاشتعال وتفحم الإشغالات بالكامل، الأمر الذي استدعى الدفع بنحو 15 سيارة للسيطرة على النيران، فعلى أي محتويات تم الجرد، وأي مزاد أقيم عليها؟
يذكر أيضا أن نفس المخزن تعرض للنهب والسرقة بالكامل فترة الإنفلات الأمني أعقاب ثورة 25 يناير 2011، وهو مايشير إلى ضرورة إعادة النظر في مكانه وسط الكتلة السكنية، وأسفل الكوبري دون وجود وسائل حماية فعلية، تحافظ على مابداخله أولا، ثم المواطنين المحيطين به ثانيا، ودراسة نقل مخازن الأحياء في مناطق أكثر أمانا وبعيده عن وجود الأهالي.
وبعد ضياع وإهدار محتويات حي الهرم للمرة الثالثة في تاريخه، قرر اللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة، اليوم الجمعة، إحالة مدير الإشغالات، ومدير المخزن للتحقيق بالشئون القانونية، لمعرفة الأسباب الحقيقية لتعمد النيران التهام إشغالات الهرم، كما تابع برفقة اللواء مصطفى شحاته، مدير أمن الجيزة، عملية إخماد النيران وتبريد الخسائر، تمهيدا لحصرها واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة.