كارثة في البحيرة على طريقة إيران.. دمنهور تتحدى الدولة والقانون وتُكرّم قادة الإرهاب
الخميس، 11 أكتوبر 2018 05:00 م
خرج ملايين المصريين في 30 يونيو 2013، ونزف مئات الضباط والجنود والمدنيين دماءهم، واحتشدت جموع الشعب خلف الدولة ومؤسساتها. الجميع أخذوا موقفًا جادًّا من جماعة الإخوان وإرهابها، ولم يكونوا يعلمون أن مدينة دمنهور، عاصمة محافظة البحيرة، ترفض موقفهم هذا، أو تنحاز لجماعة الإخوان، أو ترى أن الإرهاب الذي تتساقط أوراقه في ربوع مصر يُمكن أن يعيش ويزدهر في شوارعها وعلى ألسنة مسؤوليها ومواطنيها.
بالمصادفة البحتة اكتشفنا الكارثة. كنّا نتحدث مع أحد المصادر عن أمر في محافظة البحيرة، ففاجأنا خلال الحديث بالإشارة إلى علاقة الأمر الذي نسأل عنه بشخص يقطن في شارع حسن البنا. استوقفتنا المعلومة العابرة في محاولة للتأكد، لعلّها زلّة لسان من المُتحدث، لكنه للأسف أكّد الأمر وزاده فداحة بالإشارة إلى شارع آخر على مقربة منه يحمل اسم سيد قطب. هنا بدت الكارثة أكثر وضوحا وفداحة، وتحوّل اهتمامنا من الموضوع الذي كُنّا نبحث عنه، إلى احتفاء عاصمة البحيرة باثنين من أبرز رموز الإرهاب وقياداته التاريخية. إذ يبدو أن في صفوفنا من ينحاز للعدو، أو يُسفّه همومنا وقضايانا الوطنية، أو يصنع أبطالا على طريقته الخاصة، أو يُهمل القانون ويُقصّر في الانحياز للدولة في وجه أعدائها.. تتعدّد الاحتمالات والتفسيرات، وتظل الجريمة قائمة ومفتوحة في شوارع دمنهور.
حسن البنا مؤسس الإخوان مع بعض أعضاء الجماعة
الإخوان يخترقون المحليات
المعلومة التي وضعتها المصادفة في طريقنا كانت تُخبّئ خلفها ما هو أفدح. فقد بدأت دمنهور مسيرة الاحتفاء برموز جماعة الإخوان في وقت مبكّر للغاية. كانت ضربة البداية في العام 1996 بإطلاق اسم سيد قطب على أحد شوارع حي شبرا بالمدينة العريقة. بعض من تحدثنا معهم من أهالي المدينة أشاروا إلى أن هذا الاحتفاء كان أثرا مباشرا لحالة التقارب و"شهر العسل" الذي عاشته الجماعة الإرهابية مع نظام مبارك. لكن الغريب أن الأمر تزامن مع موجة حادة من إرهاب التيارات الإسلامية، بدأت باغتيال السادات في 1981 واستمرت حتى محاولة اغتيال وزير الداخلية حسن أبو باشا وحادث الأقصر في 1997. وفي الوقت الذي تنظر فيه الجماعات المتطرفة بكاملها لـ"قطب" باعتباره المرجعية الفكرية والفقهية، والأب المباشر لتحركاتها العنيفة تجاه المجتمع، لم تر دمنهور ومسؤولوها غضاضة في الاحتفاء به وإطلاق اسمه على أحد أكبر شوارعها.
سيد قطب المرجعية الفكرية للتطرف الإخواني
في المرحلة الزمنية نفسها فاز حسن البنا بشارع آخر من شوارع دمنهور الكُبرى. أحد مسؤولي المحليات السابقين (رفض التصريح بهويته) برّر الأمر بأنه ربما يرتبط بولادة حسن البنا في البحيرة، وبأنه قُتل قبل قرابة 70 سنة ولم يكن مُدانًا في قضايا جنائية أو متورّطًا في حوادث إرهابية. بعيدًا عن خطأ هذه النظرة من وجوه عدّة، أبرزها أن "البنا" من مواليد المحمودية لا دمنهور، وأنه قُتل على خلفية صراع داخلي بالجماعة، كما كان العقل المدبر والمخطط الحقيقي لحوادث إرهابية عديدة ارتكبها الإخوان، أبرزها اغتيال النقراشي والخازندار وأحمد ماهر، وإحراق دور السينما وحي الموسكي وتفجير حارة اليهود، فإن التبريرات المذكورة في حالته لا تنطبق على حالة سيد قطب، المولود في قرية "موشا" التابعة لمركز أسيوط بصعيد مصر، والمُدان في قضية تنظيم 1964 مع زينب الغزالي ومهدي عاكف ومحمد بديع وآخرين، على خلفية تخطيطهم لاغتيال الرئيس جمال عبد الناصر وتفجير القناطر الخيرية لإغراق محافظات الدلتا، والأهم أنه أُعدم بحكم قضائي رسمي على خلفية إدانته في هذه الجرائم. هكذا يبدو أن البحث عن تبريرات الموطن أو نظافة صحيفة الحالة الجنائية أمرًا عبثيًّا ولا وجاهة له.
التبرير الوحيد الذي يصمد أمام الأسئلة العديدة المتتبعة للأمر، والفاحصة لتفاصيله، أن الاحتفاء باثنين من رموز التطرف والإرهاب والمرجعيات الفقهية العنيفة للإخوان وطابور طويل من الجماعات الأصولية، يرتبط بتوافقات توصلت إليها الجماعة مع أجنحة ما في نظام مبارك، أو بمسؤولين تنفيذيين ينحازون للإخوان أو يتبنّون أفكارهم ويُجلّون البنا وقطب، لا سيما وأن الشارع الذي يحمل اسم الأول يُسبغ عليه صفة "الشهيد". هذه الفرضية تُعني أن الإخوان اخترقوا المحليات، لكن المزعج أن يكون الاختراق مُستمرًّا حتى الآن، بدليل استمرار الاحتفاء والتكريم حتى الآن. هذا الأمر يُعني أن طابورا خامسا أو حزمة من الخلايا النائمة تترعرع في أروقة المحليات، وأن على الوزارة الالتفات الجاد والعاجل للأمر.
مبنى محافظة البحيرة
تجاهل القانون والقرارات الجمهورية
في ضوء التطورات التي شهدتها مصر عقب ثورة 30 يونيو، واعتصام الإخوان في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، وما مارسوه من عنف تجاه الدولة والمواطنين، أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور في 17 أغسطس قرارا جمهوريا برقم 397 لسنة 2013، يقضي بوضع جماعة الإخوان على لائحة المنظمات الإرهابية، ومصادرة أموالها ومقراتها وممتلكاتها، ومحاكمة كل من يثبت انتماؤه لها عسكريا، على أن يُعمل به من اليوم نفسه. ورغم وضوح القرار واستعجال تطبيقه ظلت البحيرة نائمة أكثر من 14 شهرا، حتى أصدر محافظها اللواء مصطفى هدهود قرارا في 21 أكتوبر 2014، بعد مخاطبة وزير التنمية المحلية اللواء عادل لبيب، بتغيير اسمي شارعي حسن البنا وسيد قطب إلى المستشار عدلي منصور والمشير محمد عبد الحليم أبو غزالة.
رغم القرار الجمهوري وقرار محافظ البحيرة، ظل الأمر على حاله ولم يتغير اسما الشارعين إلا على الورق فقط. والأفدح أن حالة الاحتفاء غير المبررة ظلت قائمة حتى بعد تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب، ونشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 17 أغسطس 2015. وهو القانون الذي ينص في المادة الأولى على أن الجماعة الإرهابية هي "كل جماعة أو جمعية أو هيئة أو جهة أو منظمة أو عصابة مؤلفة من ثلاثة أشخاص على الأقل أو غيرها أو كيان تثبت له هذه الصفة" و"تهدف إلى ارتكاب واحدة أو أكثر من جرائم الإرهاب أو كان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها لتحقيق أو تنفيذ أغراضها الإجرامية" وأن الإرهابي هو " كل شخص طبيعي يرتكب أو يشرع في ارتكاب أو يحرض أو يهدد أو يخطط في الداخل أو الخارج لجريمة إرهابية بأية وسيلة كانت ولو بشكل منفرد أو يساهم في هذه الجريمة في إطار مشروع إجرامي مشترك أو تولى قيادة أو زعامة أو إدارة أو إنشاء أو تأسيس أو اشترك في عضوية أي من الكيانات الإرهابية" وهو ما ينطبق على جماعة الإخوان وحسن البنا وسيد قطب، بالممارسة العملية، وبموجب القرار الجمهوري الصادر عن المستشار عدلي منصور.
المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت عقب ثورة 30 يونيو
في السياقات الطبيعية يلوذ المسؤولون التنفيذيون بالقانون والقرارات الجمهورية لإصلاح الأوضاع وضبط الاختلالات. أي أن الطبيعي أن يكون موظفو المحليات في البحيرة في انتظار فتوى أو تبرير قانوني، لو افترضنا أنهم كانوا مُجبرين على تكريم حسن البنا وسيد قطب والاحتفاء بهما بهذه الطريقة، ومن ثمّ فإن توفر أي مسوّغ قانوني سيكون بمثابة طوق النجاة لهم لإنهاء هذه الحالة من الوقاحة الفجة في الاحتفاء بالإرهاب والإرهابيين. لكن ما حدث عمليًّا كان على العكس تمامًا من هذا. صدر قرار جمهوري من الرئيس عدلي منصور، ثمّ قرار من المحافظ مصطفى هدهود، ثم قرار جمهوري بإصدار القانون 94 لسنة 2015، ثم إقرار مجلس النواب للقانون مع بدء انعقاده في مطلع 2016. وكل هذه القرارات والقوانين ذات الطبيعة السيادية لم تردع مسؤولي المحليات في دمنهور، ولم تدفعهم خطوة واحدة للأمام على طريقة إنهاء حالة الإهانة المفتوحة للدولة ومؤسساتها وقوانينها ودماء شهدائها، في شوارع عاصمة البحيرة وبرعاية مسؤوليها جميعا.
لافتة شارع سيد قطب بالبحيرة - أرشيفية
براءة على الورق فقط
مسؤول المحليات السابق أشار إلى قرار المحافظ الأسبق مصطفى هدهود. لكن بتتبع الأمر اتّضح أن القرار لم يدخل حيز التنفيذ بشكل فعلي. بعض من تحدّثنا مهم من أهالي دمنهور قالوا إن الشارعين لا اسم لهما إلا حسن البنا وسيد قطب. لا لافتات تحمل أسماء جديدة، ولا علم للسكان بتغيير الاسمين من الأساس.
المفارقة أن المصادر نفسها أشارت إلى استمرار المراسلات الشخصية والعناوين البريدية للمواطنين والمؤسسات الرسمية والخاصة باسمي حسن البنا وسيد قطب. بحثنا عن الأمر عبر مواقع البنوك العاملة في مصر، ففوجئنا بموقع بنك أبو ظبي الإسلامي يُعلن عن فرعه باسم شارع حسن البنا، بينما يُعلن بنك مصر عن فرع دمنهور للمعاملات الإسلامية في شارع الشهيد حسن البنا. أما في شارع سيد قطب قال شهود عيان إن هناك صيدلية تحمل الاسم نفسه، وإن بطاقات الرقم القومي للمواطنين تُشير في خانة العنوان إلى (ش سيد قطب - شبر - دمنهور - البحيرة).
عنوان فرع بنك مصر في دمنهور من الموقع الرسمي للبنك
الواضح من السياق الراهن أن محافظ البحيرة الأسبق، اللواء مصطفى هدهود، أخذ قرارا بتغيير اسمي الشارعين في أكتوبر 2014، وتركه في عهدة المسؤولين بديوان عام المحافظة ومجلس مدينة دمنهور لتطبيقه، لكنهم اكتفوا بصدوره فقط إعمالا لمنطق "إنما الأعمال بالنيات". فلم يُخاطب مسؤولو المحليات الجهات الرسمية والأهلية لتعديل اسمي الشارعين، ولم يهتموا أصلا بوضع لافتات بالاسمين الجديدين. ظل الحال على ما هو عليه، البنوك والمحال والسكان يستقبلون المراسلات باسمي حسن البنا وسيد قطب، البطاقات الشخصية تحمل الاسمين، والألسنة جميعا تلهج صباح مساء بذكر قطبين من أقطاب الإرهاب ومرجعيتين مؤثرتين من المراجع التي تستند إليها الإخوان والقاعدة وداعش وكل الفصائل الإرهابية حتى الآن. براءة مسؤولي البحيرة على الورق فقط، والجناية ما زالت ماثلة في شوارع دمنهور.
العرب ينتفضون والبحيرة نائمة
في السنوات التي عاشت فيها الإخوان علاقة هادئة مع نظام مبارك، نجحت فروع الجماعة في عدد من الدول العربية والإسلامية في اختراق الدوائر السياسية والتنفيذية، وتسويق نفسها في أوساط المسؤولين السياسيين والتنفيذيين، وهو ما ساعد عناصر الإخوان على فرض قادة الجماعة ومرجعياتها التاريخية على السياقات الثقافية والاجتماعية في هذه البلدان، والاحتفاء بها علنًا في عدد من أهم أحيائها وشوارعها.
شارع سيد قطب في الخرج جنوب شرقي الرياض
حدث هذا الأمر في الكويت والسعودية وبلدان أخرى. لكن مع استعادة المصريين لوعيهم في ثورة 30 يونيو، وكشف حقيقة الإخوان أمام العالم، بدأت مواطنو هذه الدول وسياسيوها انتفاضة واضحة للتخلص من الوجوه الإخوانية المفروضة على واقعهم ومجتمعاتهم. فقدم النائب الكويتي نبيل الفضل اقتراحا بمجلس الأمة في مارس 2013 طالب فيه بإزالة اسم حسن البنا من الشارع الذي يحتله في منطقة الرميثية وإطلاق اسم الشهيد الكويتي أحمد قبازرد بدلا منه، الموقف نفسه حدث من نواب آخرين مع شارع يحمل اسم سيد قطب، وتجدد الأمر بموجات احتجاجات شعبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي في 2015 و2016، وفي 2017 طالب مغردون كويتيون بإطلاق اسم الممثل الكوميدي الشيعي عبد الحسين عبد الرضا بدلا منه. وهذا بالضبط ما حدث في المملكة العربية السعودية، إذ طالب نشطاء في مارس 2016 بتغيير اسم شارع سيد قطب بحي الفيصلية في مدينة الخرج جنوب شرقي العاصمة الرياض، سبقها في مارس 2014 قرار مسؤولي جدة بتغيير اسم شارع سيد قطب في المدينة إلى شارع صاعد الرازي.
عنوان فرع بنك أبو ظبي الإسلامي في دمنهور من الموقع الرسمي للبنك
على الجانب المصري لم نسمع عن موقف من أحد رموز البحيرة، أو نوابها الـ34 في البرلمان، خاصة: سناء برغش، وعلي عبد الواحد قطب، ومعتز النجار وعصام الفقي، الذين يُمثلون دائرة مركز ومدينة دمنهور. لم يُنظم أبناء البحيرة حملات على مواقع التواصل الاجتماعي لرفض الأمر، ولم نشهد تحرّكًا عمليًّا من الأحزاب والقيادات السياسية أو الإعلاميين والشخصيات العامة. كما لم يتحرّك المسؤولون التنفيذيون لإنهاء تجاوز ممتد يُعادي الدولة المصرية ومؤسساتها وتشريعاتها، ويتوفر بشأنه قرار من المحافظ الأسبق اللواء مصطفى هدهود، يدعمه قانون وقرار جمهوري صدرا قبل سنوات. الجميع اكتفوا بالمشاهدة وكأن الأمر لا يعنيهم، بينما ما زالت البنوك والمحال والمراسلات الخاصة بالسكان تحمل اسمي حسن البنا وسيد قطب، وما زال المواطنون يردّدون الاسمين صباح مساء، في إهانة مفتوحة وممتدة لكل منطق وقانون ودم أُريق على أيدي الجماعة الإرهابية وعناصرها.
شارع خالد الإسلامبولي في العاصمة الإيرانية طهران
دمنهور على خُطى إيران
منذ اندلاع الثورة الإيرانية على نظام الشاه في العام 1979، وامتطاء الخميني ورجاله من ذوي العمائم وأصحاب الحوزات والمراجع الدينية لها. اعتمدت طهران نمطًا للعلاقات مع الدول العربية والإسلامية يقوم على المُكايدة. بدأ الأمر بإطلاق اسم خالد الإسلامبولي، قاتل الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، على أحد أهم شوارع العاصمة، مع منحه لقب شهيد. وكرّرت الأمر مع حسن البنا وسيد قطب، ومع وجوه أخرى من دول عديدة. بل إنها ظلت تستقبل زوّارها من الأصدقاء المقربين بصور ضخمة في الميادين تضع حسن البنا وسيد قطب وأحمد ياسين وحسن نصر الله وأبا الحسن الندوي وأبا الأعلى المودودي بجانب الخُميني، كما فعلت في استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في زياراته العديدة، بين 2011 و2015 وحتى زيارته الأخيرة في سبتمبر الماضي.
لافتة ضخمة في أحد شوارع طهران تضع البنا وسيد قطب بجانب الخميني
رغم تجاوز إيران في الاحتفاء بقاتل مثل الإسلامبولي ومنحه لقب شهيد، إلا أن موقفها الساقط أخلاقيا وسياسيا يبدو مفهوما من باب المُكايدة، خاصة أن مصر أخذت موقفا من امتطاء الملالي للثورة الشعبية في 1979 وتغييرهم للوجه الحضاري لإيران، واستقبلت الشاه محمد رضا بهلوي بعد خلعه ورفض الولايات المتحدة استقباله. لكن من غير المفهوم أن يتكرر الموقف الإيراني على الأراضي المصرية، وأن يحدث في دمنهور ما يحدث في طهران، لنجد أسماء المتورطين في جرائم الساقط أخلاقيا وسياسيا يبدو مفهوما من باب المُكايدة، خاصة أن مصر أخذت موقفا من امتطاء الملالي للثورة الشعبية في 1979 وتغييرهم للوجه الحضاري لإيران، واستقبلت الشاه محمد رضا بهلوي بعد خلعه ورفض الولايات المتحدة استقباله. لكن من غير المفهوم أن يتكرر الموقف الإيراني على الأراضي المصرية، وأن يحدث في دمنهور ما يحدث في طهران، لنجد أسماء المتورطين في جرائم جنائية وأعمال إرهابية وإراقة دماء وتفجير منشآت تحتل شوارع رئيسية في عاصمة واحدة من أكبر المحافظات المصرية وأهمها. المنطق البسيط لا يحتمل أن تكون دمنهور تُكايد الدولة المصرية وتُمعن في استهداف مصالحها بالاحتفاء بمن قتلوا أبناءها. لكن رغم هذا يظل الأمر مُلغزًا وفي حاجة لتفسير مُقنع.
بطاقة الرقم القومي لأحد المواطنين من سكان شارع سيد قطب
هل تستهين دمنهور بالدستور والقانون والقرارات الجمهورية والتنفيذية؟ أم هل ترعرع الإهمال ووصل إلى مدى من التسيّب لا يسمح للمسؤولين والموظفين بمراجعة أمور أساسية تُمثّل انتقاصا واضحا من هيبة القانون والدولة ومن دماء الشهداء وإرادة ملايين المصريين؟ أم أننا إزاء خلايا إخوانية نائمة تملك من الجبروت والتعنّت واستغفال الجميع ما يكفي لإخراج ألسنتها لنا جميعًا والاحتفاء علنًا وبشكل دائم برموز التطرف والإرهاب؟! هذه الأسئلة وغيرها مما يُمكن استحضاره في هذا السياق، تُشير كلها إلى كارثة حقيقية في شوارع البحيرة. التي يبدو أن بعض المسؤولين عنها يتخيّلونها شوارع في طهران. أو أنهم مسؤولون في جمهورية الخُميني وخامنئي وملاليهم. فهل ننزع العمائم السوداء عن رؤوس رجال المحليات في البحيرة؟!
صيدلية في الشارع الذي يحمل اسم سيد قطب
طابعا بريد إيرانيان للاحتفاء بسيد قطب وخالد الإسلامبولي
لافتة تشير إلى شارع حسن البنا في العاصمة الإيرانية طهران
شارع خالد الإسلامبولي في العاصمة الإيرانية طهران