لماذا قضت محكمة النقض بالبراءة في جريمتي تعاطي مخدرات وقيادة تحت تأثير المخدر؟ (مستند)
الجمعة، 12 أكتوبر 2018 06:00 ص
قضت محكمة النقض، فى حكم لها، بالبراءة في جريمتي تعاطي مخدرات «ترامادول» والقيادة تحت تأثير المخدر، قالت فيه: «واقعة الدعوى حسبما حصلها الحكم لا يوجد فيها من دليل سوى ذلك الدليل المستمد من إجـراء أخــذ العينة وشهــادة من أجراه»
البداية أخذ عينة
المحكمة قالت فى حيثيات الطعن المُقيد برقم 30770 لسنة 83 جلسة 2017/02/15، أنه لما كان الحكم المطعون فيه عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ورد عليه فى قوله: «بمـــا هو مقرر بنص المادة 66 من القانون رقم 66 لسنــة 1973 بإصدار قانـــون المرور المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 2008 من أنه يحظر قيادة أي مركبة على من كان واقعاً تحت تأثير خمر أو مخدر وإلا سحبت رخصة قيادته إدارياً لمدة تسعين يوماً ولضباط وأمناء ومساعدي الشرطة والمرور عند الاشتباه فحص حالة قائد المركبة بالوسائل الفنية التي يحددها وزير الداخلية بالاتفاق مع وزير الصحة، لما كان ذلك، وكان ضابط الواقعة وهو رئيس مباحث مرور «.....» قد استوقف المتهم حال قيادته السيارة المشار إليها للتأكد من عدم مخالفته أحكام قانون المرور وقد اشتبه فى تعاطيه مواد مخدرة لعدم اتزانه وضعف إدراكه فتم أخذ عينة بمعرفة المختص بذلك الشاهد الثاني والتي أسفرت نتيجتها عن إيجابيتها لتعاطيه المواد المخدرة، ومن ثم يكون الاستيقاف والقبض وأخذ العينة قد تم وفق صحيح القانون ويكون ما تساند عليه الدفاع فى هذا الصدد غير سديد».
الإعلان العالمي لحقوق الانسان
لما كان ذلك-بحسب حيثيات «الطعن» وكان الإعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن هيئة الأمم المتحدة سنة 1948 قد نص فى مادته الثانية عشر على أن: «لا يعرض أحد لتدخل تعسفي فى حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته ولكل شخص الحق فى حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات»، كما نص الدستور المصري القائم فى صدر المادة 54 منه على أن: «الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق»، ومؤدى هذا النص أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان لا يجوز إجراؤه إلا فى حالة من حالات التلبس كما هو معرف قانوناً أو بإذن من السلطة المختصة.
اقرأ أيضا: تعرف على حيثيات حكم محكمة النقض بشأن التعويض عن حوادث السيارات (مستندات)
قانون المرور فى حالات السكر
المادة 66 من قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 2008 تنص على أنه: «تحظر قيادة أي مركبة على من كان واقعاً تحت تأثير خمر أو مخدر ولمأمور الضبط القضائي عند التلبس بمخالفة الفقرة الأولى من هذه المادة فى إحدى الحالات المنصوص عليها فى المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية أن يأمر بفحص حالة قائد المركبة بالوسائل الفنية التي يحددها وزير الداخلية بالاتفاق مع وزير الصحة ...»، وكان التلبس وصفاً يلازم الجريمة ذاتها بغض النظر عن شخص مرتكبها ويكفي لتوافرها أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو أدرك وقوعها بأي حاسة من حواسه – يستوي فى ذلك حاسة النظر أو السمع أو الشم وفقا لـ«الحيثيات».
وينبغي-بحسب «الحيثيات»- أن تتحرز المحاكم فلا تقر القبض أو التفتيش الذي يحصل على اعتبار أن المتهم فى حالة تلبس إلا إذا تحققت من أن الذي أجراه قد شهد الجريمة أو أحس بوقوعها بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً أو تأويلاً، ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأ عن طريق النقل من الغير شاهداً أم متهماً يقر على نفسه ما دام لم يشهدها أو يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها، وكان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمر موكولاً إلى محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط أن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبنى عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وكانت الوقائع - على ما جاء بالحكم المطعون فيه على النحو سالف البيان - تتحصل فى أن ضابط الواقعة قبض على الطاعن وأخذ عينة بول منه لتحليلها لمجرد اشتباه فى تعاطيه مخدر دون قيام حالة من حالات التلبس بالجريمة كما هو معرف قانوناً إعمالاً لنص المادة 66 من قانون المرور المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 2008 - المنطبق على واقعة الدعوى - أو صدور إذن من السلطة المختصة.
اقرأ أيضا: لا عقوبة على بعض المتهمين بالتنقيب عن الآثار.. السبب مفاجأة (مستند)
بطلان جميع الإجراءات
ومــن ثم-طبقا لـ«الطعن»- فإن جميـــع الإجراءات التي تمت فى هذا الشأن تكون باطلة؛ لأنها لم تتم بناء على إجراءات مشروعة وصحيحة ومتفقة وأحكام القانون بل مشوبة بالانحراف فى استعمال السلطة ووليدة عمل تعسفي مشوب بالبطلان، فلا يعتد به ولا بالأدلة المترتبة عليه تطبيقاً لقاعدة كل ما يترتب على الباطل فهو باطل، ويكون ما أسفر عنه هذا الإجراء وشهادة من أجراه قد وقعت باطلة لكونها مرتبة عليه ولا يصح التعويل على الدليل المستمد منه فى الإدانة، لما كان ذلك، وكان مــــا أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لاطراح دفع الطاعن لا يتفق وصحيح القانون ولا يؤدي إلى ما رتبه عليه، فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه، ولما كانت واقعة الدعوى حسبما حصلها الحكم لا يوجد فيها من دليل سوى ذلك الدليل المستمد من إجـراء أخــذ العينة وشهــادة من أجراه، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل.