بغداد تبحث عن وزير بين المواطنين.. هل يبتعد العراق عن النخبة السياسية المحروقة؟
الأربعاء، 10 أكتوبر 2018 01:00 م
«هل من الممكن أن تتغير الوجوه والوشوش السياسية المألوفة في العراق؟»، سؤال بات مطروحًا بشكل كبير في الساحة العراقية، في ظل التغيير الذي شهدته مراكز السلطة في البلاد، بعد تكليف عادل عبد المهدي رئيسًا للوزراء وانتخاب برهم صالح رئيسًا ، واختيار البرلمان العراقي محمد الحلبوسي رئيسًا جديدًا للمجلس، وهو ما عزز من فرص التغيير الشامل لشكل النظام السياسي في البلاد.
رئيس وزراء العراق المكلف عادل عبد المهدي
وفي وقت طرح هذا السؤال، لا يمكن تجاهل اقتراح رئيس الوزراء العراقي المكلف عادل عبد الهادي على المواطنين العراقيين الراغبين في تولي منصب في الحكومة إرسال معلومات عن أنفسهم بشكل إلكتروني، الأمر الذي يرجع بالضرورة لعدد من الأسباب، فبالإضافة إلى مطالب كثيرون في المشهد تشكيل حكومة تكنوقراطية تعتمد في المقام الأول على الكفاءة وليس المحسوبية والمحاصصة، يبدو أن رئيس الوزراء العراقي الجديد يرغب في إحداث حالة سريعة من التأييد الشعبي له ولقراراته، لاسيما بعد فترة شهدت فيها أغلب المحافظات العراقية سخط واسع من قبل المواطنين في ظل نقص الخدمات وارتفاع الأسعار ونقص في الكهرباء والمياه.
مطالب الكتل بحكومة تعتمد على الكفاءة
لا يخفي على أحد أن رئيس الحكومة العراقية المكلف عادل عبد الهادي جاء بعد توافق كافة الكتل السياسية بالعراق، فالمعروف أن البلاد يسيطر عليها كتلتان متنافستان إحداهما يرأسها رجل الدين مقتدى الصدر ورئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، والأخرى يرأسها هادي العامري، وهو زعيم فصيل تدعمه إيران، ولكن التوافق لن يقف عند حد تحديد شخصية رئيس الوزراء الجديد، ليستكمل إلى ما هو أبعد من ذلك، وهو توافق الكتلتان حول ضرورة أن يتم اختيار حكومة تكنوقراطية بعيدة عن المحاصصة والتحزب، تعتمد على الكفاءة، ومن هنا جاء رئيس الوزراء العراقي بقراره الذي طلب فيه أن يقدم المواطنين أنفسهم للترشح للحكومة أو اختيار شخصية أخرى يشهد لها الكفاءة.
مقتدى الصدر
ولم يكن رئيسي الكتلتان هما الوحيدان اللذان أعلنا عن اقتراحهما لإنشاء حكومة تكنوقراطية تنقذ البلاد من السقوط في الهاوية الاقتصادية، لكن التأييد جاء من أغلب الساسة العراقيون، الذين رأوا ضرورة تشكيل حكومة تكون قادرة على قيادة العراق في تلك الفترة الحرجة ليس لها انتماءات سوى للعراق ومصلحتها الخاصة.
محاولة لاكتساب ثقة الشعب
يأتي تكليف رئيس الوزراء العراقي في وقت حساس للغاية، لاسيما وأنه يحمل ميراث يشمل الكثير من التحديات، فنقص المياه، وضعف المرتبات الحكومية، وقلة توفر الطاقة، فضلًا عن استمرار معركة محاربة الإرهاب وإعادة بناء البنية التحتية في المناطق المحررة، مازالت كلها مهام تقع على عاتق رئيس الوزراء الجديد وحكومته المنتظر تشكيلها، لذا يحتاج عبد المهدي استمالة الشعب العراقي نحوه، وكسب تأييده في المرحلة المقبلة، وبالأحرى إحداث نوع من الثقة لمحاولة امتصاص غضب الشارع، الذي ما زال ينتظر ماذا ستفعل التغييرات الجديدة (في الحكومة والرئاسة والبرلمان) في المشهد السياسي؟، لذا جاء طلب رئيس الوزراء من المواطنين ترشيح وزراء جدد في الحكومة، لنيل هذه الثقة، والترويج لفكرة أن كل شخص في العراق يرى نفسه قادر على تحمل المسئولية يقدم نفسه على الساحة.
اقرأ أيضًا: برهم صالح «الكردي عاشق مصر».. تعرف على رئيس العراق الجديد الفائز بالتزكية
ابتعاد عن النخبة المحروقة
البحث عن أشكال جديدة تتصدر المشهد أصبح الهم الشاغل لرئيس الحكومة العراقية المكلف، لاسيما وأن قرارات من كانوا في السلطة بالفترة الماضية والاعتماد على النخبة السياسية المحروقة للشعب العراقي، جاءت بنتائج سلبية ما انعكس على وجود حالة من السخط الشعبي تجاه الحكومة بأكملها في فترة حرجة تمر بها البلاد في الرمق الأخير بمعركته مع تنظيم داعش الإرهابي، وهو ما استدعى الحكومة بتوافق مع الأحزاب السياسية إلى البحث عن أشكال جديدة لتصدر المشهد لإعادة الثقة بين المواطنين والسلطة العراقية، لاسيما وأن الأخيرة تحتاج إلى هذه الثقة التي قد تعيد قدرتها على السيطرة على مفاصل الدولة والاستقرار في الشارع العراقي.
اقرأ أيضًا: هل ينجح رئيس الوزراء العراقي في تنفيذ توصيات «الصدر»؟.. حكومة تكنوقراط مطلب «سائرون»
ولا يمكن ابتعاد استشراء الفساد في العراق وخاصة بالمؤسسات الحكومية من هذا المشهد، الساعي رئيس الوزراء الجديد في تغييره، فقبل استلام عبد المهدي الحكومة بنحو شهر قال رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي إن المعركة ضد الفساد في العراق أخطر من معركة الإرهاب، مشيرًا إلى الأرقام والإحصائيات التي تكشف حجم الفساد في البلاد والتي حل بموجبها العراق في المركز 169 بين 180 دولة على مؤشر الفساد الذي تنشره منظمة الشفافية الدولية.
الاحتجاجات العراقية الأخيرة
ويمكن أن يحلل من هذا المشهد أن العراق يبتعد أكثر عن بعض الساسة الذين تلوثت أيديهم بالفساد أو الغير قادرين على نقل البلاد إلى مرحلة جديدة، لكبح صوت الاحتجاج المرتفع خلال الفترة الأخيرة، والذي يعاني من نقص حاد في جميع الخدمات، في بلد ترتفع فيه نسبة البطالة لتصل إلى أرقام مخيفة حيث تأتي في مقدمة دول الشرق الأوسط التي تعاني من البطالة، بنسبة تقدر بـ(59%) .