دبلوماسية رجل الأعمال تقود أمريكا إلى الهاوية.. لماذا تخلى ترامب عن فلسطين؟

الأحد، 07 أكتوبر 2018 01:00 م
دبلوماسية رجل الأعمال تقود أمريكا إلى الهاوية.. لماذا تخلى ترامب عن فلسطين؟
ترامب والرئيس الفلسطيني محمود عباس
محمود علي

لا يمكن فصل ما تشهده الدبلوماسية الأمريكية خلال العامين الماضيين من خطوات وتحركات تثير الجدل على الساحة العالمية، بالتغيير الذي شهدته في رأس  الحكم في البلاد عندما انتخب رجل الأعمال الأمريكي دونالد ترامب ليكون رئيسًا للبلاد، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية يسيطر عليها حكم اللا مركزية الذي يعتبر واحداً من أهم مبادئ حكم الأكثرية، ما جعل مراكز أبحاث الرأي لها دور في صنع القرار، ولكن بدا واضحًا على النظام الأمريكي منذ فترة التخبط خاصة في الأمور المتعلقة بالسياسة الخارجية.

كان آخر ما أخذ على الدبلوماسية الأمريكية، هو انسحابها من أغلب الاتفاقيات الدولية التي تم توقيعها منذ فترة، وفقًا لتعامل الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، بمبدأ رجال الأعمال في تحديد صفقاتهم وقياس الربح والخسارة العائدة منها، فبعد انسحاب واشنطن من اتفاقية الصداقة مع إيران والتي تم توقيعها قبل 63 عامًا، اتخذت الولايات المتحدة قرارًا آخر قبل أيام بانسحابها من اتفاقية فيينا بشأن حل النزاعات، فضلًا عن انسحابها خلال العامين الماضيين من عدة اتفاقيات كالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ والاتفاق النووي مع إيران ، ومنظمة اليونسكو وإلغاء اتفاق أمريكا مع كوبا والكثير والكثير من الاتفاقيات، وفي خلفية هذه الانسحابات أسباب مختلفة ولكن اجتمعت أغلبها فى سببًا واحد وهو عدم تقييد الدبلوماسية الترامبية بأي قيود قد تحد من ممارساته الجنونية في علاقاته مع الخارج.   

بعد الانسحاب الأمريكي وخطوات فلسطين
«الإدارة الأمريكية بهذا الموقف تسببت لنفسها في العزلة الدولية مع المجتمع الدولي وذلك بعدم تحملها المسؤولية الدولية والأخلاقية والإنسانية واحترام إرادة المجتمع الدولي اتجاه الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني والحقوق التي أقرتها الشرعية الدولية يؤكد للعالم كله عدم رغبتها في رعاية أي مفاوضات مقبلة بين الاحتلال الإسرائيلي وفلسطين»، هكذا وصف د.عبدالكريم شبير رئيس التجمع الفلسطيني والخبير في القانون الدولي الخطوة الأمريكية بالانسحاب من اتفاقية فيينا بشأن حل المنازعات، مؤكدًا على ضرورة أن تتخذ القيادة الفلسطينية كافة التحركات التي تحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية والقرارات الأممية.

اقرأ أيضًا: «فلسطين في القلب».. السيسي يؤكد: يد العرب لازالت ممدودة بالسلام

وأثنى شبير في تصريحاته لصوت الأمة على طرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن فكرة المؤتمر الدولي الذي يحمل المجتمع الدولي مسؤوليته عن الأمن والسلم الدوليين وحل القضية الفلسطينية حلا عادلًا، مشيرًا إلى كلمة أبو مازن أثناء مشاركته بالأمم المتحدة والتي حمل فيها الإدارة الأمريكية والاحتلال  المسؤولية عن كل الانتهاكات والجرائم التي تسببتا بها للشعب الفلسطيني.

 

كلمة محمود عباس في الأمم المتحدة
كلمة محمود عباس في الأمم المتحدة

 

دوافع واشنطن من الانسحاب

القرار الأخير بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية فيينا لحل النزاعات استهدف بالخصوص علاقات واشنطن بالقضية الفلسطينية، وبالتحديد فيما يخص التحرك الجنوني بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، فبعد رفع السلطة الفلسطينية دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية ضد واشنطن بخصوص نقل سفارتها، مستشهدة باتفاقية فيينا لعام 1961، رأت أمريكا أن الرد الطبيعي على هذه الدعوى هو الانسحاب من الاتفاقية المذكورة، والانسحاب من أي اتفاقية قد تمثل عائقًا أمام استمرار الدبلوماسية الترامبية في تطبيق سياستها المعتمدة على فكر ونظرية رجال الأعمال، وهذا ما أكده مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون الأربعاء بأن أمريكا ستراجع كافة الاتفاقيات الدولية التي تعتقد أنها تعمل ضد الدولة.

 

مستشار الأمن الأمريكي جون بولتون
مستشار الأمن الأمريكي جون بولتون

 

اقرأ أيضًا: كيف تحمي الرؤية المصرية فلسطين بعد قرار وقف المساعدات الأمريكية؟.. خبير قانوني يجيب

«ردة فعل أمريكا العنيفة بخطوة الانسحاب من فيينا، جاء على خلفية إقدام دولة فلسطين على خطوة شجاعة ولم يسبق لها مثيل بمقاضاة الولايات المتحدة والتي يمثلها ترامب أمام محكمة العدل الدولية للحصول على فتوى قانونية بعدم مشروعية قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس »، هذا ما رآه عبد الكريم الشبير في تعليقه على الدوافع الأمريكية مشيرًا إلى أن مخالفة واشنطن في قرارها الخاص بنقل السفارة الأمريكية لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي دفع ترامب إلى الانسحاب من اتفاقية فيينا، مستشهدًا بالتصريحات التي جاءت على لسان المستشار الأمني جون بولتون والتي أكد فيها أن «شعور الإدارة الأمريكية بالعزلة عن الأسرة الدولية جعلها تقدم على جملة مواقف مشابهة بالانسحاب من عدة اتفاقيات وعدة منظمات أممية.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

الانسحاب من الاتفاقيات المقيدة

ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تتخذ تجاه أي اتفاقية مقيدة لسياسيتها الخارجية الجديدة موقف مشابه بالخروج من أقصر الأبواب وهو الانسحاب لعل ذلك قد يبعدها عن المسائلات القانونية والدولية، وهو ما أكده الخبير الفلسطيني والمتخصص في القانون الدولي، لاسيما وأن واشنطن تستخدم لغة الترهيب والهجوم الحاد في تعاملها مع كافة المؤسسات الدولية وهو ما حدث في تجاوز المستشار الأمريكي جون بولتون في حق المحكمة الجنائية الدولية والمدعية العام في الأسابيع الماضية، حيث قام بتهديد كل من يحقق أو يلاحق أي شخص أمريكي أو أي شخص من دول الحلفاء للولايات المتحدة الأمريكية بفرض عقوبات على كل من يعمل بالمحكمة الجنائية الدولية سواء بتقييد حركتهم أو الحجز على أموالهم أو خلافه من العقوبات التي يمكن فرضها.

 

الخبير الفلسطيني عبد الكريم شبير
الخبير الفلسطيني عبد الكريم شبير

 

وبشكل مشابه لما حدث في اتفاقية فيينا ، فأن قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من اتفاقية الصداقة مع إيران جاء هو الآخر على خلفية، نظر محكمة العدل الدولية، في دعوى قضائية أقامتها إيران من أجل رفع العقوبات التي فرضها ترامب على طهران، حيث قالت الدعوى إن العقوبات تمثل خرقاً لاتفاقية الصداقة التي وقعت عام 1955، ولتجنب واشنطن أي حكم ضدها انسحبت من الاتفاقية الموقعة مع طهران منذ 63 عامًا، في الوقت ذاته جاءت الخطوات الأمريكية الأخرى بالانسلاخ عن الاتفاقيات الدولية على نحو مشابه وعلى خلفية الأسباب ذاتها المتعلقة برفض الالتزام بنصوصها السابقة.

اقرأ أيضًا: التهدئة والمصالحة.. ثنائية مطلوبة فى فلسطين

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق