الجمسي في مذكراته (3): أطماع إسرائيل في سيناء منذ اشتراكها بالعدوان الثلاثي
السبت، 06 أكتوبر 2018 02:00 م
في الحلقة الثالثة التي نستعرض خلالها مذكرات الجنرال النحيف المخيف لإسرائيل، محمد عبد الغني الجمسي، يحلل رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة الأسبق، كيف تعرضت مصر لحرب نفسية في أعقاب حرب يونيو 1967، وكان خوض هذه الحرب، ومواجهتها، والانتصار فيها، من الضروريات التي تعين على قادة الحرب الالتفات إليها، قبل خوض المعركة العسكرية في السادس من أكتوبر عام 1973.
الجنرال النحيف المخيف محمد عبد الغني الجمسي
يقول القائد الجمسي في مذكراته: العبرة التي يجب أن نخرج بها من حرب يونيو عام 1967، و1973، أن قواتنا المسلحة حاربت نفس العدو الإسرائيلي، واختلفت النتيجة اختلافا واضحا بين الهزيمة والنصر، وأغلب الرجال الذين اشتركوا في حرب يونيو، هم الذين اشتركوا في حرب أكتوبر بفاصل زمني حوال ست سنوات، وهي فترة زمنية قصيرة لا يمكن أن يقال عنها إن جيلا حل محل جيل.
ويحلل الجمسي أن الموقف الاستراتيجي العسكري في أكتوبر 1973، كان أصعب منه في حرب يونيو، لكنه يلقي نظرة تمهيدية عما حدث في حرب يونيو وكيف حدث ولماذا حدث، بقوله: تسببت ثورة 23 يوليو بما حققته في سياستها الخارجية من تحقيق الاستقلال الوطني بإنهاء الاستعمار البريطاني عام 1954، وكسر احتكار السلاح في ثورة غضب الولايات المتحدة الأمريكية، ودول غرب أوروبا، كما كان تأييد ثورة الجزائر سياسيا وماديا، أثره في إثارة شعور فرنسا ضد مصر، وكذلك تأميم قناة السويس، وانتصار مصر السياسي في العدوان الثلاثي، وإعلان الوحدة مع سوريا عام 1958، كل ذلك كان سببا في أن تناصب الولايات المتحدة ودول غرب أوروبا مصر العداء، وتكن كراهية للرئيس جمال عبد الناصر، الذي أصبح زعيما وطنيا عربيا بلا منازع.
ويشير المشير الجمسي إلى محاولة أمريكا وإنجلترا ضم مصر إلى حلف عسكري غربي "حلف بغداد" وعمل الرئيس عبد الناصر لرفضه بإصرار، وعمله لمنع الدول العربية من الاشتراك فيه، مما كان سببا في التوتر بين مصر وأمريكا، كما يشير الجمسي إلى صفقة الأسلحة السوفيتية المصرية، التي كانت من أجل تسليح القوات المسلحة، للتصدي لاعتداءات إسرائيل المتكررة، مما تسبب في كسر سياسة احتكار السلاح لأول مرة، وانقلاب في هيكل الدفاع عن المنطقة في الشرق الأوسط.
ويلفت المشير الجمسي، إلى إعلان بن جوريون في الكنيست أن السيادة المصرية على سيناء، قد سقطت، خلال العدوان الثلاثي عام 1956، وأصبحت سيناء جزءا لا يتجزأ من إسرائيل، وهو ما سقط عندما اضطرت إسرائيل للانسحاب من سيناء وقطاع غزة، بعد انسحاب انجلترا وفرنسا من بورسعيد، ووضع الأمم المتحدة قوات طوارئ دولية في شرم الشيخ، وعلى حدودنا الشرقية، يقول المشير الجمسي: نجحت مصر سياسيا في مواجهة هذا العدوان، على المستوى الدولي، والإقليمي، لكن هذا النجاح غطى على كل قصور عسكري أمام الرأي العام في مصر، وكان من الضروري أن تتعمق القيادة السياسية والعسكرية في مصر في تحليل نتائج هذه الحرب، والخروج منها بالدروس المستفادة لتطوير قواتنا المسلحة، بما يجعلها قادرة على تحقيق وتنفيذ مهمها العسكرية بنجاح لتأمين الدولة من الشرق ضد عدو قائم على حدودنا وهو إسرائيل.
يمارس المشير الجمسي نقدا ذاتيا هادئا، للاستراتيجية العسكرية المصرية، التي تجاهلت سيناء بعد العدوان الثلاثي، بقوله: كان من الضرورى الارتفاع بمستوى القوات الجوية والدفاع الجوي إلى أعلى درجة من الكفاءة على ضوء خبرة العدوان، فيتم تأمين الدولة ضد هجمات العدو الجوية، ولا يتكرر تدميرها كما حدث في هذه الحرب، وبصفة عامة كان يجب عمل دراسة عميقة لوضع خبرة هذه الحرب، موضع التطبيق، في كل مجالات العمل العسكري، لكن هذه الدراسة لم تتم بالعناية اللازمة والأهمية الواجبة، وكان ذلك بداية سلسلة الأخطاء السياسية والعسكرية أدت في النهاية إلى هزيمة يونيو، على حد قول المشير الجمسي في كتابه.