الجندي المصري ونصر أكتوبر العظيم
الجمعة، 05 أكتوبر 2018 03:09 م
مع حلول شهر أكتوبر من كل عام ينتابني مثل باقي المصريين شعور بالفخر والزهو والثقة بهذا الوطن الذي حارب في أصعب الظروف، وتغلب علي كل المعوقات وحقق معجزة يوم السادس من أكتوبر سنة ١٩٧٣.
شاء الله تعالي أن تكون مرحلة طفولتي المبكرة هي المرحلة التي عاشت فيها مصر أحداث جسام مازالت تؤثر فيها ومنطقة الشرق الأوسط إلي اليوم، مع طفولتي المبكرة حدثت هزيمة ٥ يونيو سنة ١٩٦٧، واحمد الله أنني لا أتذكر من هذا الحدث أي شئ، فقد كنت في الرابعة من العمر لكن تظل ذكريات حرب أكتوبر المجيدة مطبوعة في ذاكرتي يوما بيوم وكأنها حدثت بالأمس القريب.
إحداث معركة أكتوبر ٧٣، وحالة المصريين التي تعجز الكلمات أن تصفها، ونشوة الانتصار والاستعداد للتضحية بكل شئ في سبيل مصر، ونظرات التحدي في عيون كل المصريين، وطوابير الرجال والنساء إمام المستشفيات للتبرع بالدم، ومتابعة أخبار الحرب من الصغير قبل الكبير، والدموع التي تنهمر من عيني كل المحيطين بي مع كل بيان عسكري يصدر من القوات المسلحة بقيت محفورة في ذاكرتي حتى اليوم.
وبعد انتهاء أجواء الحرب وتوقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، بدأت اقرأ عن أبطال الحرب وقادتها وعن ظروف مصر والعرب، وعن الموقف الدولي خاصة القوي الكبري واستهوتني المذكرات المكتوبة عن هذه الفترة العظيمة من تاريخ مصر.
قرأت "البحث عن الذات" للرئيس محمد أنور السادات، وقرأت مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي، وقرأت "محاربون ومفاوضون" لمدير سلاح المدرعات أثناء الحرب اللواء كمال حسن علي، لكن ما توقفت عنده المذكرات التي كتبها ونشرها هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية ومهندس كل الاتفاقات والتفاهمات التي تمت أثناء وبعد الحرب وأخيرا مذكرات آرئيل شارون .
توقفت كثيرا عند وصف الجندي المصري في كل ما قرأت، الرئيس السادات كتب أن ما قام به المقاتل المصري في حرب أكتوبر من أعظم ملاحم الاداء البطولي علي مر التاريخ، وقال انه رفض أن يغادر أي جندي موقعه علي الضفة الشرقية للقناة حفاظا علي الروح المعنوية للمقاتل المصري.
وكتب الفريق سعد الدين الشاذلي والعقل المدبر للعبور كما سمته الصحف الانجليزية، أنه كان واثقاً من كفاءة الجندي المصري، وأن جندي ٧٣ كان مختلفا تماما عن سابقيه، وكان رأيه أن تصفية ثغرة الدفرسوار بسحب فرقة من الضفة الشرقية للقناة لن يؤثر علي الجندي المحارب الذي اكتسب ثقة بالنفس وأدي أداءً بطوليا، ولهذا اختلف مع رؤية الرئيس السادات ووزير الدفاع احمد إسماعيل لثقته في شجاعة المقاتل المصري.
وذكر اللواء كمال حسن علي، أن أداء المقاتل المصري خاصة في سلاح المدرعات كان معجزا، وأن المقاتل المصري استوعب المدرعات وقاتل قتالا عظيما داخل سيناء وحقق الردع القتالي والمعنوي للمدرعات الإسرائيلية علي طول خط القناة وفي عمق سيناء.
أما المفاجأة فكانت في شهادة كيسنجر الذي اعترف أن أداء المقاتل المصري كان عظيما جدا لدرجة لم يكن يتوقعها أي مراقب في العالم، وانه استغل هذه النقطة في إقناع قادة إسرائيل بأن وقف إطلاق النار هو الأفضل، لان المقاتل المصري لن يتنازل عن شبر واحد من الأراضي التي تمركز عليها.
وتبقي شهادة آرئيل شارون والتي اعترف بها في مقابلة علي الـBBC بأن المفاجأة المذهلة له ولقادة الحرب الإسرائيليين كانت براعة وشجاعة وتدريب وثقة وعظمة أداء المقاتل المصري علي طول الجبهة في سيناء.
بهذه المناسبة الأعظم في تاريخ مصر الحديث والمعاصر، أتقدم للجندي المصري باسمي آيات التبجيل والاحترام والتقدير، وللقوات المسلحة المصرية وكل أبطالها وقادتها البواسل كل التهنئة في يوم احتفالهم بيوم العزة والكرامة يوم السادس من أكتوبر، وكل عام ومصر بخير ورفعة واستقرار.