عن الشروع فى الجريمة..هل فرق القانون بين العدول الاختياري والتوبة الإيجابية؟
الجمعة، 05 أكتوبر 2018 01:00 م
مسألة اقدام الشخص على تنفيذ إرتكاب جريمة تُعد من الأمور التى ناقشها المشرع من خلال قانون العقوبات فيما يطلق عليه بـ«الشروع فى الجريمة» وهو كما عرفته المادة 45 من قانون العقوبات المصري هــــــو «البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها».
«صوت الأمة» فى التقرير التالى رصدت «الشروع فى الجريمة» من حيث الماهية والمراحل والأركان، والإجابة على هل يفرق القانون بين العدول الاختياري والتوبة الإيجابية أثناء الشروع فى الجريمة؟ ومن يحاكم المتهم بـ«الشروع» أمام الجنح أم الجنايات؟-بحسب الخبير القانونى والمحامى أيمن محفوظ.
اقرأ أيضا: هل للمجرم الخايب عقوبة؟..تعرف على الشروع فى الجريمة من العزم إلى التنفيذ
- ما المقصود بالشروع؟
هــــــو «البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها»-وفقا لـ«محفوظ».
الشروع كما عرفته - ما هي مراحل الجريمة؟
تمر الجريمة التامة بأربع مراحل هي على النحو التالي:
المرحلة الأولى: مرحلة التفكير في الجريمة والتصميم على ارتكابها
المرحلة الثانية: مرحلة الأعمال التحضيرية
المرحلة الثالثة: مرحلة الشروع في الجريمة أي البدء في التنفيذ
المرحلة الرابعة: مرحلة تمام الجريمة أي بتحقق النتيجة الإجرامية
- ما هي أركان جريمة الشروع؟
جريمة الشروع لها ركنان ركن مادي وركن معنوي:
الركن المادي في جريمة الشروع "الجريمة الناقصة"
يتكون من عنصرين: 1- البدء في التنفيذ ، 2- عدم تمام الجريمة لسبب غير اختياري
أولا: البدء في التنفيذ
لم يعرف قانون العقوبات المقصود بالبدء في التنفيذ، وإنما أشار إلى أن الأعمال التحضيرية لا تعتبر من قبيل الشروع، اجتهد الفقه في محاولات للوصول إلى معيار يحدد البدء في التنفيذ وظهرت عدة مذاهب نركز منها علي المذهبين الموضوعي والشخصي-طبقا لـ«محفوظ».
- المذهب الموضوعي في تحديد معيار البدء في التنفيذ:
يرى هذا الاتجاه أن البدء في التنفيذ يتوافر عندما يبدأ الفاعل بارتكاب فعل يدخل في الأعمال المكونة للجريمة التامة مثال من يدخل منزلا، ويحمل منقولا بنية سرقته إذا لم يتمكن من تمام السرقة.
اقرأ أيضا: افهم بالقانون.. مدى مشروعية الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها؟
- المذهب الشخصي في تحديد معيار البدء في التنفيذ:
يهتم هذا المذهب بشخص الجاني وليس بفعله فقط. وبناء على ذلك لا يلزم للشروع في القتل أن يقوم الفاعل بإطلاق الرصاص حتى يعتبر شارعا، بل يكفى أن ينتظر المجنى عليه حاملا السلاح إذا تم القبض عليه قبل أن يحضر المجني عليه.
يعرف الفقيه «جارو» الشروع بأنه: «كل فعل يؤدي حالا ومباشرة إلى وقوع الجريمة»، ومن خلال هذا التعريف يمكنا أن نميز بين الأعمال التحضيرية والبدء في التنفيذ، فالأعمال التحضيرية كشراء سلاح مثلا لا تؤدي حالا ومباشرة إلى وقوع الجريمة فيمكن أن يعدل الفاعل عن إرتكاب جريمته.
- مذهب القضاء المصري
تبنى القضاء المصري المذهب الشخصي في تحديد معيار البدء في التنفيذ وعلى هذا جاءت أحكام محكمة النقض المصرية بقولها: «لا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المادية المكونة للركن المادي للجريمة، بل يكفى لاعتبار أنه شرع في ارتكاب جريمة أن يبدأ بتنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي ومؤد إليه حتما».
ثانيا: عدم تمام الجريمة لسبب غير إرادي
الشروع جريمة ناقصة وبالتالي تتحقق عندما لا تتم الجريمة وقدم يرجع عدم تمامها إلى التالي:
العدول الاختياري
يقصد بالعدول الاختياري رجوع الجاني عن إتمام الجريمة ويحدث ذلك بعد أن قام بالبدء في التنفيذ وقبل تمام الجريمة، قدم الطعام المسموم إلى المجني عليه ثم أعطاه الترياق فلم تحدث الوفاه أو دخل المنزل ليسرق وندم على ما فعل وخرج بدون سرقة فعلا يقع الشروع.
وبناء على ذلك فإن العدول حتى يكون اختياريا يلزم أن يكون معبرا عن إرادة خاصة من الجاني بالرجوع عن تمام الجريمة.
الفرق بين العدول الاختياري والتوبة الإيجابية:
العدول الاختياري يختلف عن التوبة الإيجابية في لحظة حدوث كل منهما فبينما يكون العدول الاختياري قبل تمام الجريمة، فإن التوبة الإيجابية تحدث بعد تمام الجريمة، من التطبيقات علي التوبة الإيجابية أن يقوم الفاعل برد المسروقات بعد سرقتها فهذه التوبة لا تنفى الشروع.
الأثر المترتب على العدول الاختياري:
يترتب علي العدول الاختياري أثران هما :
1- عدم وقوع الشروع وبالتالي انتفاء المسؤلية الجنائية.
2- مساءلة الفاعل عن النشاط لو كان يقع تحت طائلة التجريم بمقتضى نص خاص.مثال من دخل منزل ليسرق ثم عدل عن السرقة فإنه لا يسأل عن الشروع في سرقة ولكنه يسأل عن جريمة دخول مسكن بدون رضاء صاحبه.
اقرأ أيضا: القبض على فتاة سيارة صلاح سالم يطرح السؤال.. هل على السكران "حرج قانوني"؟
صــــــور الشــروع
الجريمة الموقوفة:
هي الجريمة التي بدأ الفاعل فيها في التنفيذ ولكنه لم يتمكن من القيام بالنشاط لسبب لا دخل لإرادته فيه. مثال ذلك من يتربص لاخر بقصد قتله في مكان معين وهو مسلح ولكن الشرطة قامت بالقبض عليه، فإن فعله يشكل شروع في قتل.
الجريمة الخائبة:
هي الجريمة التي قام فيها الجاني بالنشاط بأكمله ولكنه لم يتمكن من إحداث النتيجة التى يقصد إلى حدوثها، مثال ذلك من يطلق الرصاص على المجنى عليه ولكنه أخطأه، فإنه يعد شارعا.
الجريمة المستحيلة:
هي من صور الشروع ويرجع فيها عدم تمام الجريمة إلى استحالة تحققها أصلا. ويعرفها الفقه بأنها الجريمة التي يستنفد فيها الجاني نشاطه ولكن النتيجة لم تتحقق لأنها مستحيلة الوقوع.
صور الاستحالة :-
- الاستحالة المادية والاستحالة القانونية:
ترجع الاستحالة الماديةإلى عدم تحقق النتيجة لأسباب مادية تعود إما إلى الوسيلة المستخدمة أو إلى محل الجريمة. ما يتعلق بالوسيلة المستخدمة فقد يستعين الجاني بمادة غير سامة لارتكاب جريمة القتل. أما الاستحالة الراجعة إلى محل الجريمة فمنها أن تنفجر القنبلة ولم يكن المجني عليه متوجدا في نفس المكان أو يضع الجانبي يده في جيب المجني عليه ولا يعثر على ما يسرقه-بحسب «محفوظ».
أما الاستحالة القانونية فترجع إلى عدم توافر شرط من الشروط التي يتطلبها القانون لوقوع الجريمة، مثال ذلك أن يقع القتل على إنسان ميت حيث يشترط القانون أن تقع جريمة القتل على إنسان حي، أيضا من يحاول إجهاض مرأة ليس حامل.
- الاستحالة المطلقة والاستحالة النسبية:
الاستحالة المطلقة عدم إمكانية حدوث النتيجة لسبب جوهري يستبعد كل احتمال لحدوثها. مثال ذلك استعمال الجاني لمادة غير سامة بقصد القتل أو يستعمل بندقية غير صالحة لإطلاق المقذوف.
الاستحالة النسبية تعنى عدم إمكانية حدوث النتيجة لوجود سبب ثانوي لو تغير في ظروف الواقعة لأمكن حدوث تلك النتيجة. مثال ذلك من يستعمل مادة سامة ليقتل آخر ولكن بكمية قليلة أو من يطلق النار على المجني عليه ولكنه غير موجود في نفس المكان الذي تم إطلاق النار عليه فيه.
أولاً: العقاب على الشروع في الجنايات
يعاقب على الشروع في الجنايات دون حاجة إلى نص خاص. فتنص المادة 46 من قانون العقوبات على أنه: «يعاقب على الشروع في الجناية بالعقوبات التالية إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك...»، وتنظم المادة السابقة عقوبة الشروع وفقا لجسامة العقوبة المقررة للجريمة التامة كما يلي:
- إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة التامة هي الإعدام، فإن عقوبة الشروع تصبح السجن المؤبد.
- وإذا كانت العقوبة المقررة للجريمة التامة هي السجن المؤبد تصبح عقوبة الشروع هي السجن المشدد.
- وإذا كانت العقوبة المقررة للجريمة التامة هي السجن المشدد تصبح عقوبة الشروع هي السجن المشدد مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى للجريمة أو تصبح العقوبة هي السجن.
- وإذا كانت العقوبة المقررة للجريمة التامة هي السجن تصبح عقوبة الشروع السجن مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى أو تصبح العقوبة هي الحبس.
ثانياً: العقوبة المقررة للشروع في الجنح
الأصل أنه لا عقاب على الشروع في الجنحة إلا إذا وجد نص بتلك الجنحة، عندئذ يحدد ذلك النص العقوبة المقررة للشروع.