حكايات البحث عن الله.. رحلة التصوف بين متى المسكين وابن عربي

الإثنين، 01 أكتوبر 2018 05:00 م
حكايات البحث عن الله.. رحلة التصوف بين متى المسكين وابن عربي
ابن عربى والاب متى المسكين
عنتر عبداللطيف

"كل من يرتفع فى باب الاجتهاد ويتلامس مع الروح، سوف يتلامس معى بلا شك، ولكن  حين ننزل على الأصول فقط ، سيكون لك بيت ولى ، بيت ، لا تزورنى ولا أزورك" ..بهذه الكلمات  للأب متى المسكين بدأ الباحث الغامض مقدمة بحثه ليهدى كلمات القمص المتنيح إليه ، وهو أسلوب جديد فى الأهداء تفرد به كاتب بحث " التصوف العربى بين متى المسكين وابن عربى".

 لم نستطع الوصول إلى كاتب البحث الذى لم يذكر أسمه عليه، وهو البحث الغير متواجد حتى على شبكة الانترنت ، حيث يقول الباحث فى وصفه للقمص الراحل :"ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ،ﺍﻷﺏ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻲ ، ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﻲ ،ﻋﻼﻣﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻴﻞ ، ﺃﻭﺭﻳﺠﺎﻧﻮﺱ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ،ﺃﺛﺎﻧﺴﻴﻮﺱ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ , ﺍﻟﻤُﻔﻜﺮ ﺍﻷﺭﺛﻮﺫﻛﺴﻲ ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﻭﺍﻷلقاب ﻣﺎ ﻫﻲ ﺟﻤﻌﻴﻬﺎ إلا القاب افاض بها مفكرين أحرار ﻣﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻣﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺗﻌﺮﻓﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﻩ ﺍﻟﺤﺮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻴﺮ ﻓﺄﺣﺒﻮﻩ ﻭﺇﻥ اﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﻣﻌﻪ ﺗﺎﺭﺓ ﻭﺍﺗﻔﻘﻮﺍ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺍﻷﺏ  ﻣﺘﻰ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ" ؟

 

 808

 

ﻫﻞ ﻫﻮ ﻛﺎﺗﺐ ﻣﺎﻫﺮ ؟! ﺣﻘﺎً ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﺗﺒﺎً ﻣﺎﻫﺮﺍً ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻛﻘﻠﻢ ﻛﺎﺗﺐ ﻣﺎﻫﺮ ﻓﻤﻦ ﻓﻀﻠﺔ ﻗﻠﺒﻪ ﺗﻜﻠﻢ ﻭﻛﺘﺐ ،ﻋﻠﻢ ﻭﻋﻤﻞ ؛ ﺣﺘﻰ ﺍﻧﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ " ﻓﺎﺽ ﻗﻠﺒﻲ ﺑﻜﻼﻡ ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺘﻜﻠﻢ ﺃﻧﺎ ﺑﺈﻧﺸﺎﺋﻲ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻟﺴﺎﻧﻲ ﻗﻠﻢ ﻛﺎﺗﺐ ﻣﺎﻫﺮ " ﻣﺰﻣﻮﺭ"1:45"

 

ﻫﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﻭﺍﻟﺒﺸﺎﺭﺓ ؟! ﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺷﺒﺎﺏ ﺟﻴﻠﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﻧﺴﻜﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺭﻭﺡ ﷲ ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﺃﻯ " ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﺍﺡ " ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1926 ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺪﺃ ﻳﺘﺴﺎﺋﻞ : ﻫﻞ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎً ﻋﻦ ﺑﻘﻴﺔ ﺇﺧﻮﺗﻪ ؟ ﻫﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﺊ ﻣﺎ ﻣﻄﻠﻮﺏ ﻣﻨﻪ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺨﺼﻮﺹ ؟ 1 ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺷﺨﺼﺎً ﺻﺎﺩﻗﺎً ﻣﻊ ﷲ ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪود

 

وقبل  ﺭﻭﺡ ﷲ ﺍﻟﻤﻨﺴﻜﺒﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻓﻴﺾ ﻏﻨﻰ الله فهو واحد من هؤلاء الذين انطبق عليهم ﺍﻟﻮﻋﺪ ﺍﻹﻟﻬﻲ " ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺃﻧﻲ ﺍﺳﻜﺐ ﻣﻦ ﺭﻭﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺑﺸﺮ ﻓﻴﺘﻨﺒﺄ ﺑﻨﻮﻛﻢ ﻭﺑﻨﺎﺗﻜﻢ ﻭﻳﺮﻯ ﺷﺒﺎﺑﻜﻢ ﺭﺅﻯ ﻭ ﻳﺤﻠﻢ ﺷﻴﻮﺧﻜﻢ ﺃﺣﻼﻣﺎ " "ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻞ (17:2"،ﻫﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ ﻓﺎﺗﺢ ﺑﺎﺏ ﺍﻹﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ؟!

 

فكما كان الشيخ محمد عبده فاتح باب الاجتهاد فى النص القرآنى كما اشاد بذلك الأب متى المسكين نفسه ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﺏ ﻣﺘﻰ ﻫﻮ ﻓﺎﺗﺢ ﺑﺎﺏ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﺑﻌﺪ ﻃﻴﻠﺔ ﺯﻣﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺩ ﻭﺍﻟﺘﺤﺠﺮ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ ﺧﺮﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻣﺘﻰ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ﻟﻢ ﻳﺨﺮﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﺇﻃﻼﻗﺎً ﺑﻞ ﺃﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﻳﻌﺪ ﻋﺪﻡ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ المسيحى ولا ينطبق على النص القرآنى واذا كان متى المسكين قد أخذ على المسلمين غلق باب الاجتهاد بعد محمد عبده والافغانى فإن روح التعصب الدينى فى الأوساط المسيحية قد ﺃﻃﺒﻘﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺎﺱ ﺃﺑﻮﻧﺎ ﻣﺘﻰ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﻨﻌﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﻟﻜﻦ ﺣﻘﺎً ﻛﺎﻥ ﺻﻤﻮﺩ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺻﻤﻮﺩ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺵ ﺑﻬﺎ ﻭﺗﻌﺒﺪ ﻣﻐﺎﻳﺮﻫﺎ .

 acc35a8129ab1e1d7f54c5f7f61c8dc6

 
 

 

ﻫﻞ ﻫﻮ ﺟﺮﺍﺡ ﺣﻜﻴﻢ ؟! ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻓﻤﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﻗﺒﻞ ﺍﻟﺮﻫﺒﻨﺔ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ – ﺇﻧﺴﺎﻧﺎً ﻭﻣﺠﺘﻤﻌﺎً ﻭﻭﻃﻨﺎً - ﺑﻤﺸﺮﻁ ﺍﻟﺠﺮﺍﺡ ﺣﺘﻰ ﻭﺿﻊ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺪﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﻋﻤﻮﻣﺎً ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﺧﺼﻮﺻﺎً ﺃﻻ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺘﻌﺼﺐ  ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻔﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎﺭﺛﺔ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻭﺷﻌﺒﻴﺔ ﻣﻌﺎً , ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻭﺿﻊ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺪﺍﺀ ﻓﺈﻧﻪ ﺃﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻔﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻳُﺨﺮﺝ ﺧﺪﺍﻡ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﻗﺎﺩﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺫﻭﺍﺗﻬﻢ ﻭﻳﻨﻴﺮ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺃﻣﺎﻣﻬﻢ – ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻧﻔﺴﻪ هل هو صاحب النهضة الروحية والعمرانية فى الصحراء فلقد كان الرجل بالفعل ﻣﺠﺪﺩ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻭﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻴﺔ ﻭﺗﻌﻤﻴﺮ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﻭﺧﻴﺮ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺩﻳﺮﻩ ﺍﻟﺨﺎﺹ – ﺩﻳﺮ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﺃﺑﻮ ﻣﻘﺎﺭ  ﻓﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺷﺎﻫﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﻭﺍﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﺩﻫﺎ ﺃﺑﻮﻧﺎ ﻣﺘﻰ  ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﺮ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ , والجميل فى هذه النهضة العمرانية أنها لم تكن معزولة عن الحياة الرهبانية ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ فى الدير بل على العكس من ذلك فقد أكد الأب متى نفسه على أهمية العمل فى التربية الرهبانية حيث يقول " ولقد أدخلت العمل كعنصر اساسى فى التربية الرهبيانية لإيمانى أنه الوسيلة المثلى لكشف عيوب النفس ثم بواسطة المراجعة والغرشاد يصير العمل نفسه واسطة لشفاء هذه العيوب بل تأكد لدى بلا أدنى شك أن العمل اليدوى الشاق هو أفضل وسيلة لشفاء هذه النفس المريضة بمرض نفسانى.

 

وتحت عنوان "ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺭﻭﺣﻴﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ" يقول الباحث أن " ﺍﻟﺘﺼﻮّﻑ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺳﻴﻂ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺮﺏ ﻳﺴﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻭ يؤمن ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮ"

 20160829113327

 
 

ﻟﻢ ﻳﻨﻜﺮ ﺍﻷﺏ ﻣﺘﻰ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﺼﻮﻓﺎً ﻣﺴﻴﺤﻴﺎً ﺑﻞ ﺃﻓﺎﺽ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻣﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻓﺄﻛﺪ ﺃﻥ " ﺍﻟﺘﺼﻮُّﻑ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﻬﻴﺮﺍﺕ ﻭ ﺍﻟﺠﻬﺪ ؛ﻫﻮ ﻣﺠﺮﺩ ﺩَﻓْﻊ ﻣﻦ ﺃﺳﻔﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ . ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﺼﻮُّﻑ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻓﻼ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ  النفسيةوحدها با يعتمد بالدرجة الاولى على الوسيط وهو الرب يسوع الذى يمسك بالنفس ويؤمن لها المسير والمسيح يهب قداسة النفس فهى لا تختاج على تطهيرات بصورة عامة أو اساسية فالجذب هنا هو من أعلى قبل أن يكون دفعا من أسفل "ﻭﺃﻧﺎ ﺇﻥ ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﻋﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﺃﺟﺬﺏ ﺇﻟﻲَّ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ« )ﻳﻮﺣﻨﺎ :12 (32 . ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻫﻢ ﻭﺃﺧﻄﺮ ﻣﺎ ﻳُﻔﺮِّﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺼﻮُّﻑ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻱ ﺗﺼﻮُّﻑ ﺁﺧﺮ

 

ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺼﻮُّﻑ المسيحى ارتواء وعطش متبادل فى طريق ضيق ﻻ ﺗﻴﻪ ﻓﻴﻪ ، ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺣﻘﺎً ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ، ﻷﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ . ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻛﺎﺋﻦٌ ﻣﻨﺬ ﺃﻭﻝ ﺧﻄﻮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺻﻌﺪ ، ﺩﺧﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻗﺪﺍﺱ ﺍﻟﻌُﻠﻴﺎ ﻛﺴﺎﺑﻖ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻨﺎ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻳﺄﺗﻲ ﻟﻴﺄﺧﺬﻧﺎ ﻣﺘﻰ ﺷﺌﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﺒﻌﻪ ﻭﻧﺴﻴﺮ ﻣﻌﻪ ﻭﻧﺴﻴﺮ ﺑﻪ ، ﻧﺘﺤﺪ ﻣﻌﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻧﺘﺤﺪ بالله ﺍﻵﺏ . ﻫﻨﺎ ﺍﻟﻮﺳﻴﻂ ﻳﻀﻤﻦ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ . ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﺘﺼﻮُّﻑ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ يعتمد اعتمادا كليا واساسيا على الإيمان بالمسيح أولا بمعنى بلوغ الاتحاد بالإيمان وبالسر وبالحب ثم الاشتياق إلى المسيح كحبيب هو عتبة التصوف المسيحى ولكن التصوف المسيحى طريق ضيق جدا بمعنى أن تأديباته وعقوباته حاضرة فيه عند عند كل تجاوز مقصود بل قد يأتى التأديب لصياغة النفس صياغة أنسب للدخول من الباب الضيق وضمان عدم الرجوع فالتصوف المسيحى جملته رحلة ماساوية تنتهى بفرح أبدى.

 

ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﺮﺡ نفسه الآن على الأذهان هل يمكن أن نتقبل هكذا وبكل بساطة إجابة أبونا متى المسكين ﻋﻠﻰ ﺩﻛﺘﻮﺭ ﻧﺼﺮ ﺣﺎﻣﺪ ﺃﺑﻮ ﺯﻳﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺄﻟﻪ ﺍﻷﺧﻴﺮ : ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻹﻟﻬﺎﻡ ، ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ ؟ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺇﺟﺎﺑﺔ ﺍﻷﺏ ﻣﺘﻰ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ : ﻻ ، ﻟﺴﺖ ﺻﻮﻓﻴﺎً ؟! ﻭﺍﻷﻣﺮ ﺣﻘﺎً ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻋﻼﻣﺔ ﺗﻌﺠﺐ ﻭﺍﺳﺘﻔﻬﺎﻡ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺼﺪﻗﻪ ﻓﻲ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺻﻮﻓﻴﺎً ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﺸﻜﻚ ﻓﻲ ﻣﺼﺪﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﻬﺪ ﻟﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺎﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍ ﻷﻣﺎﻧﺔ ! ﻭﻣﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﺗﻌﻘﻴﺪ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻷﺏ ﻣﺘﻰ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﺎﺭﻛﻨﺎ ﺑﺎﺧﺘﺒﺎﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻴﻘﻮﻝ " ﺍﺯﺩﺍﺩ ﺗﻌﻤﻘﻲ ﺟﺪﺍً ﻭﺃﺩﺭﻛﺖ ﻋﻼﻗﺔ ﷲ ﺑﺎﻟﻜﻮﻥ، ﻭﺃﺣﺴﺴﺖ ﺑﺎﻷﺑﺪﻳﺔ – ﺍﻟﻼﺯﻣﻦ – ﻭﺍﺳﺘﻨﺸﻘﺖ ﺭﻭﺡ ﷲ , ﻭﺫُﻗﺖ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﺍﻟﻤﻔﺮﻁ ،ﻭﻓﻬﻤﺖ ﻣﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﷲ ﻭﺍﺣﺪ ، ﻭﺃﻧﻪ ﺑﺴﻴﻂ ، ﻭﺃﻧﻪ ﻛﻠﻲ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﻛﻠﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ، ﻭﺃﻧﻪ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺑﺬﺍﺗﻪ ، ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮﺓ ﺃﻧﻬﺎ ﻋﻮﺍﺋﺺ ﺍﻟﻼﻫﻮﺕ ،ﻋﺸﺘُﻬﺎ ﻭﺃﺣﺴﺴﺘُﻬﺎ ﻭﻭﺛﻘﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻭﺛﻮﻗﻲ ﺑﺬﺍﺗﻲ ﻭﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ، ﻷﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔ  ﷲ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺰﺃﺓ ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻧﻜﺸﻔﺖ ﺃﻱ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ  ﷲ – ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ – ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻖ ﻛﺨﺒﺮﺓ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻧﻔﺘﺎﺡ ﺑﺼﻴﺮﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻹﺩﺭﺍﻙ  ﷲ فى ذاته ﺫﺍﺗﻪ  ﻗﻠﻴﻼ ،ﻗﻠﻴﻼ ﻭﻟﻴﺲ ﺟﺰﺋﻴﺎً ... " .

 

ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺑﺄﻧﻪ ﺗﺄﻣُّﻞ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﺎﻟﺤﺪﺱ intuition ، ﻭﻗﺪ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﺍﻟﻤﻔﺮﻁ ecstasy ، ﺛﻢ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ، ﻭﻫﻮ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ.

 

يدلل الباحث على أن التصوف تجربة مشتركة ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ؛ ﻓﺎﻟﺘﺼﻮﻑ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺭﻭﺣﻴﺔ ﻭﺟﺪﺍﻧﻴﺔ ﻓﺮﻳﺪﺓ ﻓﻲ ﻧﻮﻋﻬﺎ ﻓﺄﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﺧﺘﻼﻑ ﺃﺩﻳﺎﻧﻬﻢ ﻭﻣﺬﺍﻫﺒﻬﻢ ﻭﺃﺯﻣﺎﻧﻬﻢ ﻳﻠﺘﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺮﻭﺡ ؛ ﺗﻔﺼﻞ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻗﺮﻭﻥ ﻭﻋﺼﻮﺭ  ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ  ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻟﻐﺔ  ﻭﺍﺣﺪﺓ  ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ  ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ  ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﻗﺪﺭ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮﺍﺕ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺣﻴﺔ ﻣﻊ ﷲ ، ﻓﺄﻱ ﻓﺎﺻﻞ ﺯﻣﻨﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ﻭﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻳﻴﻦ , ﺇﻧﻬﻢ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻗﺮﻭﻥ ﻭﺑﻀﻌﺔ ﺃﻋﻮﺍﻡ ﺗﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﻓﻜﺮ ﺇﺛﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺎﻟﻘﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻓﻲ ﻓﻜﺮﻧﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ  ﺃﻗﺼﺪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻴﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ ﻭﺍﻷﺏ ﻣﺘﻰ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ، ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﻨﺪﻱ ﺩﻟﻴﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﺏ ﻣﺘﻰ – ﺑﺼﻔﺘﻪ ﺍﻷﺣﺪﺙ ﺯﻣﺎﻧﻴﺎً – ﻋﺮﻑ ﻛﺘﺐ ﺇﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ ﺃﻭ ﻗﺮﺃ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺇﻻ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻨﻌﻪ ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﺫﻟﻚ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺬﻛﺮ ﻓﻀﻞ ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﻋﻦ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻭﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ , ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﻗﺮﺃ ﺇﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ ﺃﻭ ﺳﻤﻊ ﻋﻨﻪ ﻟﻜﺎﻥ ﻗﺎﻝ ﻟﻨﺎ ﺫﻟﻚ .. ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻗﺪﺭ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﻮﺍﺻﻠﻴﺔ ﺭﻭﺣﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ  ﻓﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ  ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ  ﻓﻲ  ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﻨﻊ ﺑﺎﻟﻌﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻑ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ، ﻭﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺮﺩ الوفاء بمتطلبات الشريعة والوقوف عند حدودها ورسومها ، يطمح الصوفى إلى تجاوز حدود " الإيمان" للدخول فى تخوم الإنسان

 

ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ ﻳﺴﻌﻰ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ – ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ – ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ " ﻣﺼﺪﺭ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ " ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺸﻐﺎﻝ ﺑﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺰﻗﺖ ﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺬﻫﺒﻴﺔ ﺩﻻﻟﺘﻬﺎ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﺱ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺏ ﻣﺘﻰ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻴﻲ  ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﻟﻜﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻘﺘﺮﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﺼﺪر ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻭﻫﻮ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻣﺒﺘﻌﺪﻳﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺬﻫﺒﻴﺔ ﻟﻸﺩﻳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻌﻴﻖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ  ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ -:

 

"ﻟﻘﺪ ﺻﺎﺭ ﻗﻠﺒﻲ ﻗﺎﺑﻼ ﻛﻞ ﺻﻮﺭﺓ ،ﻓﻤﺮﻋﻰ ﻟﻐﺰﻻﻥ ،ﻭﺩﻳﺮ ﻟﺮﻫﺒﺎﻥ، ﻭﺑﻴﺖ ﻷﻭﺛﺎﻥ ﻭﻛﻌﺒﺔ ﻃﺎئف ﻭﺃﻟﻮﺍﺡ  ﺗﻮﺭﺍﺓ ﻭﻣﺼﺤﻒ ﻭﻗﺮﺁﻥ..ﺃﺩﻳﻦ ﺑﺪﻳﻦ ﺍﻟﺤﺐ ﺃﻧﻲ ﺗﻮﺟﻬﺖ ﺭﻛﺎﺋﺒﻪ ﻓﺎﻟﺤﺐ ﺩﻳﻨﻲ ﻭﺇﻳﻤﺎﻧﻲ"

 2kz2v4pds5c0kggoc4

 
 

فهذا المشروع الذى صاغه ابن عربى صياغة شعرية باسم"دين الحب" يجمع فيه بين " الدير"و" الكعبة" و" بيت الأوثان" و" مرعى الغزلان" فقلب العارف يتسع لكل هذه الصور من العبادات والشعائر ويؤمن بكل هذه المعتقدات لأنه يعرف يعرف الأصل الوجودى الذى تستند إليه كل الأديان والمعتقدات هو أصل العلاقة "الحق" الخالق و"الخلق" المخلوق وهى علاقة "الحب" فى البدء كان الحب هكذا يتصور إبن عربى "الحقيقة"، كان الله ولاشىء معه كان كنزا ﻣﺨﻔﻴﺎً ﻓﺄﺣﺐ ﺃﻥ ﻳُﻌﺮﻑ ﻓﺨﻠﻖ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻴﻌﺮﻓﻪ . ﻫﻜﺬﺍ ﺗﺘﺤﺪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺇﺳﺘﻨﺎﺩﺍً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺸﺮﻭﺣﺎً ﺷﺮﺣﺎً ﻋﺮﻓﺎﻧﻴﺎً ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ – ﺩﻳﻦ ﺍﻟﺤﺐ – ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺎﻏﻪ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻣﻌﺒﺮﺓ ﻋﻦ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﺤﻖ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻷﺏ ﻣﺘﻰ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ – ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﻼﻣﺲ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﻭﺡ – ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﺻﺎﻍ ﻣﺸﺮﻭﻋﻪ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺻﺎﻍ ﻣﺸﺮﻭﻋﻪ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﻋﺮﻓﺎﻧﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎً ﺣﻴﺚ ﺗﺤﺪﺙ ﻋﻦ " ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ " ﻭ " ﺍﻟﺘﻼ ﻣﺲ ﻣﻊ  ﺍﻟﺮﻭﺡ  ﻗﺎﺋﻼ : " ﺣﻴﻦ  ﻳﺮﺗﻔﻊ  ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ  ﻓﻲ  ﺑﺎﺏ  ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ  ﻭﻳﺘﻼﻣﺲ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﻭﺡ , ﺳﻮﻑ ﻳﺘﻼﻣﺲ ﻣﻌﻲ ﺑﻼ ﺷﻚ , ﻭﻟﻜﻦ ﺣﻴﻦ ﻧﻨﺰﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻓﻘﻂ ,ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻟﻚ ﺑﻴﺖ ﻭﻟﻲ ﺑﻴﺖ , ﻻ ﺗﺰﻭﺭﻧﻲ ﻭﻻ ﺃﺯﻭﺭك" ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ , ﻭﺍﻟﺘﻌﺼﺐ ﺍﻷﻋﻤﻰ ؛ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ " ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻟﻢ ﻳُﺼﻠﺐ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻲ ﺃﻧﺎ ﻭﺣﺪﻱ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ ﻭﺍﻷﺣﺒﺎﺀ ﻓﻘﻂ " ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺇﺫ ﻛﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﺿﻌﻔﺎﺀ ﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻤﻌﻴﻦ ﻷﺟﻞ ﺍﻟﻔﺠﺎﺭ , ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺎﻟﺠﻬﺪ ﻳﻤﻮﺕ ﺃﺣﺪ ﻷﺟﻞ ﺑﺎﺭ , ﺭﺑﻤﺎ ﻷﺟﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻳﺠﺴﺮ ﺃﺣﺪ ﺃﻳﻀﺎً ﺃﻥ ﻳﻤﻮﺕ ﻭﻟﻜﻦ ﷲ ﺑﻴﻦ ﻣﺤﺒﺘﻪ ﻟﻨﺎ ﻷﻧﻪ ﻭﻧﺤﻦ ﺑﻌﺪ ﺧﻄﺎﺓ ﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻷﺟﻠﻨﺎ " " ﺭﻭﻣﻴﺔ 5 : 8-6" ﻓﺎﻟﺼﻠﻴﺐ ﺇﺫﻥ ﻟﻴﺲ ﻟﻲ ﺃﻧﺎ ﻭﺣﺪﻱ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻭﻟﻜﻞ ﺍﻟﺨﻄﺎﺓ ﻭﻷﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺻُﻠﺐ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﻘﺪﻡ ﺻﻠﻴﺒﻪ ﻟﻜﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﺓ ، ﻻ ﻳﻘﺮﻫﺎ ، ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻬﺎ ، ﺃﻧﻪ ﻳﺘﺨﻄﺎﻫﺎ ﺑﻤﻮﺗﻪ.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق