طبيعة أوامر المنع من السفر الصادرة من النائب العام وكيفية الطعن عليها
الجمعة، 21 سبتمبر 2018 10:00 م
قرارات أوامر المنع من السفر الصادرة من مكتب النائب العام لها طبيعة خاصة وطريقة للطعن عليها والمحكمة المختصة بنظر الطعن طبقا لقضاء النقض الذى قضت في حكم صادر لها أن الدستور نص على اختصاص القاضي المختص والنيابة العامة فقط بإصدار قرارات المنع من التنقل والسفر داخل البلاد وخارجها علي اعتبار أن النيابة العامة هي الأمينة على الدعوى الجنائية وشعبة من القضاء العادي تتولى أعمالاً قضائية أهمها وظيفتا التحقيق والاتهام وبالتالي ينعقد اختصاصها بإصدار قرار إدراج متهم على قوائم الممنوعين من السفر بمناسبة تحقيقاتها في واقعة جنائية طبقا للدستور.
وقد اختلف الدستوريون والقانونيون في الرأي حول ماهية الجهة المختصة بإلغاء ورفع قرارات المنع من السفر والوضع على قوائم الترقب والوصول، وذلك ما بين القضاء العادي والإداري وكيفية طرق باب القضاء حيال الطعن في تلك القرارات.
فى ذلك الشأن، يقول ياسر فاروق الأمير، أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض، أن الدائرة المدنية بمحكمة النقض سبق لها وأن قضت بعدم مشروعية قرارات النائب العام بالمنع من السفر ولو علي خلفية إتهام الشخص الممنوع بجريمة، وذلك لخلو قانون الإجراءات الجنائية من نص في هذا الشأن والقاعدة أنه:«لا إجراء جنائي مقيد الحرية إلا بنص» طبقا لمبدأ الشرعية الإجرائية القائم علي احتكار المشرع تنظيم الإجراءات الماسة بالحقوق والحريات العامة.
ولقد اتبعت المحكمة الإدارية العليا-بحسب «الأمير» فى تصريح لـ«صوت الأمة»- ذات النهج ومن بعدهما المحكمة الدستورية العليا إذ اتفق الجميع علي أنه في ظل غياب قانون ينظم المنع من السفر لا يجوز لأي سلطة ولو كانت قضائية منع أي شخص من السفر باعتبار أن هذا المنع إجراء معدوم وليس من شأن إضفاء الصفة القضائية علي الإجراء المعدوم تحوله إلي عمل مشروع.
اقرأ أيضا: روشتة تحويشة العمر.. أهم إجراءات شراء الشقة والنصائح القانونية عند توقيع العقد
أما مسألة إنجاز مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية، ذلك الإدراج لا يكون إلا نفاذاً لقرار النائب العام وأن قرار وزير الداخلية رقم 2214 بشأن تنظيم قوائم الممنوعين من السفر لا يغير من اختصاصها ومن ثم فإن إقامة المطعون ضده دعوى ابتداءً طبقاً لقانون المرافعات لطلب إلغاء قرار النائب العام بإدراجه على قوائم الممنوعين من السفر يكون صحيحا، وقضت تطبيقا لذلك بأنه: «لما كان البين من الاطلاع على الأوراق أن النائب العام أصدر قراراً بإدراج اسم «...» على قوائم الممنوعين من السفر وذلك بمناسبة التحقيقات التي تجريها نيابة الأموال العامة في القضيتين رقمي «...» ، «...» لسنة «...» حصر أموال عامة عليا، فطعن المذكور على هذا القرار بطريق الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بطلب الحكم بإلغاء القرار، والمحكمة المذكورة قضت برفض الدعوى، فطعن المطعون ضده على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا والمحكمة المذكورة قضت بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها لمحكمة استئناف «...» لنظرها، وإذ أحيلت الدعوى لنظرها أمام محكمة جنايات «...» وقضت بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وعلى النيابة العامة اللجوء للمحكمة الدستورية العليا لتحديد الجهة المختصة-وفقا لـ«الأمير»-.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض، لما كان ذلك، وكانت الأحكام الصادرة نهائية في مسائل الاختصاص التي يجوز الطعن فيها استقلالاً بطريق النقض هي تلك التي يتعلق الاختصاص فيها بولاية المحكمة أو تلك التي تصدر بعدم الاختصاص بنظر الدعوى حيث يكون الحكم في هذه الحالة مانعاً من السير في الدعوى، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يجوز الطعن فيه بطريق النقض، لما كان ذلك، وكانت إجراءات التقاضي والقواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية من النظام العام والشارع أقام تقريره لها على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة، وكان قانون المرافعات يُعتبر قانوناً عاماً بالنسبة لقانون الإجراءات الجنائية ويتعيَّن الرجوع إليه لسد ما يوجد في القانون الأخير من نقص أو للإعانة على تنفيذ القواعد المنصوص عليها فيه وكان قانون الإجراءات الجنائية قد جاء خلواً من إيراد قاعدة تُحدد طرق الطعن في إلغاء قرار النائب العام بإدراج أحد المتهمين على قوائم الممنوعين من السفر، فإنه يتعيَّن للرجوع في هذا الخصوص إلى القواعد العامة الواردة بقانون المرافعات الخاصة برفع الدعوى وقيدها والقول بغير ذلك يؤدي إلى تحصين قرار النائب العام من الطعن عليه باعتبار أن القانون لم يرسم طريقاً لذلك وهو ما يتأبى على العدالة، إلا أن ذلك لا يحول دون أن يتولى المشرع بتشريع أصلى تنظيم حرية التنقل والسفر داخل البلاد أو خارجها موازناً في ذلك بين حرية التنقل بما تتضمنه من الحق في مغادرة الوطن والعودة إليه وبين حقوق الدولة وأفراد المجتمع، دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية وما تقضي به المادة الثانية من الدستور من أن مبادئ الشريعة الإسلامية القطعية الثبوت والدلالة هي المصدر الرئيسي للتشريع، لما كان ذلك، وكان المشرع الدستوري جعل الحرية الشخصية حقاً طبيعياً يصونه بنصوصه ويحميه بمبادئه-هكذا يقول «الأمير»-.
اقرأ أيضا: هل للحكم بالإعدام ضمانات؟.. 9 حقوق للمتهم أثناء المحاكمة وفقا للقانون
فنص في المادة (41) من الدستور على أن: «الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون»، وكان من المقرر أن حق المواطن في الانتقال يعكس رافداً من روافد حريته الشخصية التي حفل بها الدستور، دالاً بذلك على أن حرية الانتقال تنخرط في مصاف الحريات العامة وأن تقييدها دون مقتض مشروع، إنما يجرد الحرية الشخصية من بعض خصائصها ويقوض صحيح بنيانها وقد عهد الدستور بهذا النص إلى السلطة التشريعية دون غيرها بتقدير هذا المقتضى، ولازم ذلك أن يكون الأصل الحرية في الانتقال والاستثناء هو المنع وأن المنع من التنقل لا يملكه إلا قاضي أو عضو نيابة عامة يعهد إليه القانون بذلك دون تدخل من السلطة التنفيذية.
وقد حفل الدستور-الكلام لـ«الأمير»- بالحقوق المتصلة بالحق في التنقل فنص في المادة 50 منه على حظر إلزام المواطن بالإقامة في مكان معيَّن أو منعه من الإقامة في جهة معيَّنة إلا في الأحوال التي يبينها القانون، وتبعتها المادة 51 لتمنع إبعاد المواطن عن البلاد أو حرمانه من العودة إليها، وجاءت المادة 52 لتؤكد حق المواطن في الهجرة ومغادرة البلاد، ومقتضى هذا أن الدستور لم يعقد للسلطة التنفيذية اختصاصاً ما بتنظيم شيء مما يمس الحقوق التي كفلها الدستور فيما تقدم وأن هذا التنظيم يتعيَّن أن تتولاه السلطة التشريعية بما تصدره من قوانين .
وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا جرى على أنه إذا ما أسند الدستور تنظيم حق من الحقوق إلى السلطة التشريعية فلا يجوز لها أن تتنصل من اختصاصها وتحيل الأمر برمته إلى السلطة التنفيذية دون أن تقيدها في ذلك بضوابط عامة وأسس تلتزم بالعمل في إطارها فإذا ما خرج المشرع على ذلك وناط بالسلطة التنفيذية تنظيم الحق من أساسه كان متخلياً عن اختصاصه الأصيل المقرر بالمادة 86 من الدستور ساقطاً بالتالي في هوة مخالفة القانون، لما كان ذلك، وكان المشرع قد ارتقى بحرية التنقل والسفر داخل البلاد أو خارجها إلى مصاف الحريات العامة والحقوق الدستورية وقرر المشرع لذلك ضمانة شكلية تتمثل في النص على سبيل الحصر على جهتين فقط، أناط بهما الاختصاص بإصدار قرارات المنع من التنقل والسفر وهما القاضي المختص والنيابة العامة إذا استلزمت ذلك ضرورة التحقيق وأمن المجتمع، وإذ كانت النيابة العامة هي الأمينة على الدعوى الجنائية وهي شعبة من القضاء العادي تتولى أعمالاً قضائية أهمها وظيفة التحقيق ووظيفة الاتهام، وهي إذ تصدر من تلقاء نفسها قراراً بإدراج أحد المتهمين على قوائم الممنوعين من السفر بمناسبة تحقيقات تجريها في واقعة جنائية مُعيَّنة، فإن ذلك يكون بموجب سلطتها الولائية بما لها من هيمنة على سير التحقيق مُستهدفة بها حسن إدارته مستمدة حقها في سلطة إصدار هذا الإدراج من الدستور، وأن قيام مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بإنجاز ذلك الإدراج لا يكون إلا نفاذاً لقرار النائب العام، يؤيد هذا النظر أن قرار وزارة الداخلية رقم 2214/1994 قد صدر بشأن « تنظيم قوائم الممنوعين من السفر»، بناء على طلب جهات عددها منها النائب العام والمحاكم في أحكامها وأوامرها واجبة النفاذ، وليس من شأن قرار وزير الداخلية هذا أن يسلب حقاً منح لهاتين الجهتين من عماده، ولا يغير من ذلك ما ورد بنص المادة السابعة من القرار سالف الذكر التي بيَّنت من له الحق في التظلم من ذلك الإدراج وكيفيته.
ذلك أن المطعون ضده إذ أقام دعواه ابتداء ما كان إلا بطلب إلغاء قرار إدراجه من على قوائم الممنوعين من السفر الصادر ضده وليس التظلم منه، ومن ثم فإن المنازعة الموضوعية في ذلك القرار تكون خارجة عن نطاق رقابة المشروعية التي يختص القضاء الإداري بمباشرتها على القرارات الإدارية، وداخلة في اختصاص جهة القضاء العادي تتولاها محاكمها طبقاً للقواعد المنظمة لاختصاصها، وإذ كان المطعون ضده قد أقام دعواه أمام القضاء الإداري بطريق إيداع الصحيفة والإعلان طبقاً لقانون المرافعات القانون العام الذي يحكم نظم التقاضي فقضت المحكمة الإدارية العليا بعدم الاختصاص الولائي، وأحيلت الدعوى إلى محكمة استئناف ..... حيث نظرتها محكمة الجنايات كدعوى مطروحة أمامها وقضت فيها بعدم الاختصاص الولائي، فإن ما قضت به محكمة الجنايات هو حكم صادرٌ عنها قابلاً للطعن عليه أمام النقض ويكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر خطأ أن قرار النائب العام بإدراج المطعون ضده على قوائم الممنوعين من السفر قراراً إدارياً لا تختص المحاكم العادية بنظر إلغائه يكون قد جانبه الصواب، وإذ كان الخطأ الذي استند إليه الحكم قد حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى بالنسبة إليه، فإنه يتعيَّن أن يكون النقض مقروناً بالإعادة.
(الطعن رقم 48117 لسنة 74 جلسة 2010/06/14 س 61 ص 442 ق 58)
اقرأ أيضا: هل تعلم أن الجريمة حتى تقع يجب أن يكون أحد طرفيها متزوج؟.. جريمة الزنا من الشريعة للقانون
11 جهة لها حق المنع من السفر
وفى الحقيقة أن قرار الوضع على قوائم الممنوعين من السفر والترقب والوصول من الأسباب الاحترازية التى كفلها القانون رقم 54 لسنة 2013، والمعدل بالقرار رقم 2214 لسنة 1994، بشان تنظيم قواعد الممنوعين من السفر ويشمل أيضا المدرجين على قوائم الوصول فى المطارات المصرية، والتى تلجاء إليها عدد من الجهات الرسمية، لتحقيق العدالة وتطبيق القانون .
وحدد قانون المنع-وفقا لـ«خالد رجب»، المحامى والخبير القانونى- من السفر 11 جهة رسمية يحق لها إرسال طلب بمنع أشخاص من السفر، وأبرز هذه الجهات "النائب العام، وقاضى التحقيقات، والكسب غير المشروع، والمخابرات الحربية والعامة، ومساعدى وزير الدخلية للأمن الوطنى، وفيما نص قانون المنع من السفر:
وبحسب «رجب» فى تصريح لـ«صوت الأمة» بعد الاطلاع على القانون رقم 97 لسنة 1959 بشأن جوازات السفر وتعديلاته، وعلى القانون رقم 89 لسنة 1960 بشأن دخول وإقامة الأجانب بأراضى جمهورية مصر العربية والخروج منها وتعديلاته، وعلى قرار وزير الداخلية رقم 2214 لسنة 1994 بتنظيم قواعد الممنوعين، والمعدل بالقرار الوزارى رقم 933 لسنة 2012، قرر:
(المادة الأولى) يستبدل بنص المادة الأولى من القرار الوزارى رقم 2214 لسنة 1994 المشار إليه.
المادة الأولى: «يكون الإدراج على قوائم الممنوعين من السفر بالنسبة للأشخاص الطبيعيين وبناءً على طلب الجهات الآتية دون غيرها: المحاكم فى أحكامها وأوامرها واجبة النفاذ، والنائب العام، وقاضى التحقيق، ومساعد وزير العدل للكسب غير المشروع، ورئيس المخابرات العامة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، ومدير إدارة المخابرات الحربية، ومدير إدارة الشئون الشخصية والخدمة الاجتماعية للقوات المسلحة، والمدعى العام الاشتراكى ومساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن الوطنى، ومساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة الأمن العام، ويجب أن يكون الإدراج فى غير حالات طلب المحاكم صادرًا من رئاسة الجهات المشار إليها دون فروعها.
أبرز أسباب المنع من السفر:
قرار من النائب العام
أن يكون صادر قرارا من المكتب الفنى للنائب العام بالمنع من السفر؛ وذلك على خلفية التورط فى قضايا جنائية تستلزم المنع، و تتمثل في أن يكون الشخص الممنوع من السفر متهما فى جناية أو جنحة يعاقب عليها، بعقوبة مقيدة للحرية وأن هذه الجريمة من ضمن الجرائم التي تمس أمن وسلامة البلاد، وأن يكون صادرا ضدهم أحكام نهائية واجبة النفاذ فى قضايا تتعلق بالمصلحة العامة للدولة.
أدوية مخدرة
اصطحاب المسافر أدوية علاجية مدرجة فى جدول المخدرات، إلا فى حالة اصطحاب تقارير طبية وروشتة صرف العلاج، ضماناً لعدم استيقافه سواء بالمطار داخل مصر أو خارجها.
الخدمة العسكرية
عدم تأدية الخدمة العسكرية والحصول على شهادة تؤكد ذلك، أو الحصول على إذن بالسفر من المنطقة العسكرية للشباب ممن هم فى سن التجنيد ولم يتم تحديد موقفهما بشكل نهائى.
المبالغ المالية
حيازة مبالغ مالية تتخطى 10 آلاف دولار أو ما يعادلها من باقى العملات.
الإجراءات القانونية المتبعة
وعن الإجراءات القانونية المتبعة، يقول «رجب» إن صدور قرار المنع من السفر يكون على أساس تحقيقات من الجهات القضائية، بناءً على شكوى أو بلاغ من المواطنين أو تقارير رقابية، في تلك الحالة يصدر ضده قرار منع من السفر وعليه أن يلجأ إلى القضاء لإلغاء هذا الأمر سواء أمام قاضى الأمور الوقتية أو المحكمة، حيث أنه يتم بحث أسباب ومشروعية القرار الصادر بمنعه الفرد من السفر وملاءمته لأحكام القانون، ومن ثم تصدر قرارها لإلغاء القرار الصادر بمنعه من السفر أو تأييده، وتعتبر جميع المواثيق الدولية والمعاهدات والقوانين اشتركت فى أن يكون المنع من السفر مؤقتا وليس دائما.