قانون الجنسية يفضح تركيا وقطر.. سر المفارقة الكاشفة لغيرة تميم وأردوغان من مصر

الخميس، 20 سبتمبر 2018 08:00 م
قانون الجنسية يفضح تركيا وقطر.. سر المفارقة الكاشفة لغيرة تميم وأردوغان من مصر
الجلسة العامة لمجلس النواب - أرشيفية
تحليل مصطفى النجار

«العين ما تكرهش غير اللي أحسن منها».. مثل شعبي يبدو بسيطا لكنه يكشف ويلخص كثيرا من الممارسات والمواقف التي يتورط فيها بشر كثيرون، مدفوعين بمشاعر الحقد والحسد، وهو ما ينطبق على موقف تركيا وقطر من مصر.
 
المواقف التي ينتهجها نظاما الحكم في أنقرة والدوحة تشير إلى حالة عداء جذرية مباشرة تجاه الدولة المصرية، بدءا من احتضان جماعة الإخوان الإرهابية وقياداتها عقب ثورة الشعب عليهم في (30 يونيو 2013)، حتى رعاية عشرات النوافذ والقنوات الإعلامية وماكينات إنتاج الشائعات المعادية لمصر، بل واستهجان بعض التشريعات والقوانين التي يصدرها مجلس النواب، حتى لو شعر البلدان بإيجابية هذه القوانين وأعادوا إنتاجها.
 
ربما تبدو الأرقام الاقتصادية الظاهرية مرجحة لكفة البلدين، إذا نظر إليها الناس دون تعمّق وبمعزل عن السياقات، لكن في التحليل الاقتصادي المعمّق يبدو الموقف المصري أكثر قوة، فبعد (7 سنوات) على ثورة (25 يناير)، انقضت منها (4 سنوات) في توترات وفوضى وعنف وحروب على الإرهاب، وخسرت مصر كثيرا من التدفقات السياحية والاستثمارات الأجنبية، تقف الدولة المصرية اليوم محاطة بعدد ضخم من المشروعات القومية والخطط التنموية، وبمعدل نمو يتجاوز (4%)، واحتياطي تاريخي من النقد الأجنبي. بينما يواجه الاقتصاد التركي أزمة هيكلية وانهيارا في العملة، ويتواصل نزيف قطر الاقتصادي الذي كان آخره خسارة شركة الطيران الوطنية عشرات الملايين من الدولارات.
 
في ضوء هذا المشهد المعقد، وانحياز تركيا وقطر للإخوان ضد الدولة المصرية، هاجمت الدولتان تعديلات مشروع قانون منح الجنسية التي أقرها مجلس النواب قبل أسابيع، وفي الوقت ذاته استنسختا هذه التعديلات تقريبا في إطار محاولات الخروج من الأزمة، ليؤكد النظامان في أنقرة والدوحة حقيقة أن "العين ما تكرهش غير اللي أحسن منها".

هجوم مجاني وعداء مصنوع
في 15 يوليو الماضي.. شن الإعلام الأخواني، الممول من أجهزة المخابرات التركية والقطرية، هجوما حادا على الدولة المصرية، محاولا النيل من مؤسسات الدولة، وإجهاض كل محاولة من أجل تحقيق التنمية الحقيقية التي تستطيع مصر عبرها الاستغناء عن الآخرين.
 
ففي ذلك اليوم- والذي يوافق يوم الأحد- وافق مجلس النواب برئاسة الدكتور علي عبد العال وبالأغلبية البرلمانية، على تعديل مقدم من الحكومة على بعض أحكام القرار بقانون رقم (89) لسنة (1960) بشأن دخول وإقامة الأجانب في الأراضي المصرية، والخروج منها، كذلك تعديل القانون رقم (62) لسنة (1975) بشأن الجنسية المصرية، في مجموع مواده، وبعد ذلك في جلسة لاحقه تم أخذ الرأي النهائي عليه.
 
ويهدف القانون بعد تعديله لتيسير إجراءات منح الجنسية المصرية للأجانب والمستثمرين، في مقابل إيداع مبلغا ماليا قيمته لا تقل عن (7) ملايين جنيه في أحد البنوك الوطنية كوديعة بالعملة الصعبة لمدة (5) سنوات على أن تؤول قيمة الوديعة للخزانة العامة للدولة، في حالة قبول طلب التجنس، ذلك قبل تقديم طلب التجنس، وأعطى لوزير الداخلية الحق في منح أي أجنبي أقام في مصر وتنطبق عليه الشروط، متى كان بالغاً سن الرشد.
 
ونصّ مشروع القانون على أن يُستبدل بنص المادة (17) من قانون دخول وإقامة الأجانب بأراضي جمهورية مصر العربية، والخروج منها، النص الآتي "يُقسم الأجانب من حيث الإقامة إلى أربع فئات: «أجانب ذوي إقامة خاصة، وأجانب ذوي إقامة عادية، وأجانب ذوي إقامة مؤقتة، وأجانب ذوي إقامة بوديعة».
 
كما تم الموافقة على أن تضاف مادة جديدة برقم (20 مكررا) لقانون دخول وإقامة الأجانب، تنص على: «أن الأجانب ذوي الإقامة بوديعة هم الأجانب القادمون للاستثمار في مصر، والذين يقومون بإيداع وديعة نقدية لا تقل عن (7) ملايين جنيه مصري، أو ما يعادلها بالعملة الأجنبية»، على أن يصدر قرار من وزير الداخلية بتحديد المرخص لهم بالإقامة، ومدتها، وتنظيم إيداعها، واستردادها، والبنوك التي يتم الإيداع بها، ذلك بعد موافقة مجلس الوزراء.
 
أيضًا نص على أن تضاف مادة جديدة برقم (4 مكرر) لقانون الجنسية المصرية، الصادر بالقانون رقم (26) لسنة (1975)، نصها كالآتي: «يجوز بقرار من وزير الداخلية، منح الجنسية المصرية لكل أجنبي أقام في مصر إقامة بوديعة مدة خمس سنوات متتالية على الأقل، سابقة على تقديم طلب التجنس متى كان بالغاً سن الرشد، وتوفرت فيه الشروط المبينة في البند رابعاً من المادة الرابعة من القانون».
 
وقد هاجمت وسائل الإعلام التركية والقطرية مشروع القانون بحجة أنه لم يكن مدرجًا وقتها على جدول أعمال البرلمان، وأنه تم تمريره في غيبه من النواب- على حد ذكرهم وقتها- رغم اعترافهم بأن التشريع يحتاج أغلبية ثلثي عدد الأعضاء ليتم إقراره، كما تحججوا بأنه تم تأجيله لمدة (14) شهرًا من موعد الموافقة عليه، وأنه لاقي هجومًا شديدًا عند طرحه أول مرة.
 
وبعد موافقة النواب على تعديل القانونين الخاصين بمنح الجنسية وشروط الإقامة، قال الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب: «الجنسية المصرية عزيزة، لا تُباع أو تُشترى، لكن كل العالم يأخذ بمبدأ الإقامة الطويلة المستقرة، دون ارتكاب أي فعل من شأنه أن يخل بأمن الدولة، أو يعرض نظامها العام للخطر، ومصر دولة جاذبة للاستثمار، ومستقلة، وصاحبة سيادة، وعملية الدمج تقوم بها الكثير من الدول شريطة جدية الطلب.. وهذا النظام اختبر خلال الفترة الماضية في أعتى دول العالم دون تدخل من هنا أو هناك»، حسب تعبيره، مستطردا: «هناك طلبات كثيرة لاكتساب الجنسية المصرية تعود إلى (30) أو (40) عاما، وهي لعائلات يعيش أبناؤها وأحفادها على أرض مصر».
 
من الجانب الحكومي،  قال المستشار عمر مروان وزير شئون مجلس النواب: «إن التعديل التشريعي على القانون القائم قلص المدة من عشر سنوات إلى خمس سنوات للأجنبي المقيم في مصر، مع منعه من ممارسة حقوقه السياسية قبل انتهاء مدة الخمس سنوات، وأن القانون الحالي نص في الفقرة الخامسة منه على إمكانية تجنس الأجنبي بعد (10) سنوات، وبالتالي فمشروع القانون لم يأت بجديد، حسب زعمه».
 
وبعد قرابة شهرين من إقرار مجلس النواب للقانون وتصديق رئيس الجمهورية عليه، وعلى النقيض تمامًا، وبالمخالفة للآية رقم (44) من سورة البقرة التي تقول: «أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ». قامت تركيا (الأربعاء)، بتحديد قيمة الاستثمار والإيداع، وعدد العمال الأتراك، كشروط سابقة لمنح الجنسية لمن يشتري عقارًا أو يؤسس منشأة أو يودع أموالاً بالمصارف التركية.
 
وبحسب نص القانون الجديد الذي نشرته الجريدة الرسمية، على التعديلات التي تم إدخالها على قانون «منح الجنسية التركية للأجانب»، الذي يقر بمنح الجنسية لمن يقوم بشراء عقار ثابت في تركيا بقيمة لا تقل عن (250) ألف دولار بدلا من مليون دولار مع عدم بيعه خلال (3) سنوات.
 
ولم تكتفي حكومة رجب طيب أردوغان رئيس تركيا الإخواني، عند هذا الحد، بل قامت عدلت القانون لتنخفض فيه قيمة شرط الإيداع في البنوك التركية من (3) ملايين دولار إلى (500) ألف دولار، وتشغيل (50) مواطنا تركيا على الأقل عوضا عن (100) مواطن تركي في مشاريعه، ذلك لجذب مستثمرين في دول الخليج العربي، مؤكدة أن القانون الجديد سيزيد من حركة البيع والاستثمارات العقارية في تركيا، والتي بدأت تعاني من بعض جمود وتراجع بالأسعار خلال الشهر الأخير.
 
ويرجع التحرك التركي لقيام «أردوغان» عبر حكومته، ولأول مرة في شهر مايو الماضي، بالتمهيد للتعديل من خلال إدخال شراء العقارات ضمن بنود منح الجنسيات الاستثنائية، إذ أتاحت الفرصة للمستثمرين الأجانب بطلب الحصول على الجنسية، إذا ما قام الشخص بشراء عقار بقيمة مليون دولار على الأقل، مشترطة عدم بيعه لثلاث سنوات، قبل أن يتم التعديل اليوم وتخفّض قيمة العقار.
 
إلا أن التحركات التركية معروف أسباب توقيتها وهى لتدراك الأزمة المالية والاقتصادية بعد فرض الولايات المتحدة وعدد من دول العالم عقوبات اقتصادية عليها بعد انتهاكها لحقوق الإنسان واحتجازها قس أمريكي بدون وجه حق، ويظن أردوغان انه بتعديل قانون الجنسية سيتغلب على المأزق الاقتصادي الذي أوقع فيه بلاد «حريم السلطان» إلا أن القانون الذي سبق وهاجمه في مصر لن يقدر على استنساخه لإنقاذ مشروعه الإرهابي الذي يسعى من خلاله للسيطرة على الدول العربية.
 
وكما فعل الأستاذ أردوغان اتبعه التلميذ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، إذ أدعت حكومته أنها في سبيل توسعها وانفتاحها، فقامت بتعديل قانون الإقامة الدائمة في قطر الذي صدر منذ أيام قليلة، أملة في التغلب على مقاطعة الرباعي المحارب للإرهاب القطري التركي مصر والسعودية والإمارات والبحرية عبر جذب مستثمرين أجانب ومنحهم الجنسية القطرية لتحويل ما أسمته بـ«المحنة» إلى «منحة». 
 
ويوم (الثلاثاء) قبل الماضي، كان أمير قطر، أصدر قوانين بشأن الإقامة الدائمة وتنظيم خروج الوافدين والسجل التجاري، معتبرًا إياها بأنها عوامل مساعدة لجذب المزيد من رؤوس الأموال وتنشيط القطاعات التجارية والخدمية المختلفة، وتدعيم لسوق العقارات والسياحة، وأنها ستكون خطوة مهمة في ترسيخ الأمان الوظيفي واستقرار العمالة بما يعزز أوجه التنمية في مختلف الأنشطة.
 
ويتيح القانون القطري الجديد لحامل «بطاقة الإقامة الدائمة»، أن يستثمر في أنشطة قطاعات الاقتصاد التي يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء، دون شريك قطري، كما كان متبعًا في السابق، بشرط أن يكون تأسيس الشركة، وفقًا لأحكام القانون المنظم للشركات التجارية، وتُميز البطاقة حاملها: «حق التملك العقاري للسكن، والاستثمار في المناطق، وفقاً للشروط والضوابط الحكومية»، كما يمنح قانون: «دخول وخروج الوافدين وإقامتهم الجديدة، للعامل الوافد الخاضع لقانون (العمل)»، الحق في الخروج المؤقت أو المغادرة النهائية خلال سريان عقد العمل، دون إذن خروج، وهو تعديل جديد لم تشهده القوانين القطرية من قبل.
 
وهذه التعديلات ليست الأولى لإعطاء الأجانب امتيازات بلا حدود في دويلة قطر، إذ أن قانون تنظيم رأس المال الأجنبي، أعطي للمستثمرين غير القطريين حق الاستثمار في جميع القطاعات الاقتصادية بنسبة (100%) من رأس مال المشرع على أن يتملك المستثمر نسبة من المشروع لا تزيد على (49%) من رأس مال الشركات المساهمة القطرية المدرجة في بورصة قطر، ذلك بعد الحصول على موافقة وزارة الاقتصاد والتجارة، على النسبة المقترحة في عقد تأسيس الشركة ونظامها الأساسي.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق