الإرهاب واختراق المواقع الإخبارية.. متى تصل عقوبة الهاكرز للإعدام؟
الأربعاء، 12 سبتمبر 2018 08:00 ص
تسعى العديد من الدول الداعمة للإرهاب مثل قطر وتركيا لاختراق المواقع الإخبارية والحسابات التابعة للمؤسسات على مواقع التواصل الإجتماعى «فيس بوك» و«تويتر» فى محاولات بائسة لداعم جماعة الإخوان الإرهابية داخل مصر التى سعت خلال الأيام الماضية لبث سمومها عن طريق بث ألاف الشائعات عبر السوشيال ميديا، وذلك بهدف إثارة الفوضى والبلبة والإحباط بين أبناء الشعب المصرى، والتشكيك في كل الإنجازات والخطوات التي تحققها الدولة.
الدول الداعمة للإرهاب مثل تركيا وقطر تستهدف الدولة المصرية بالشائعات عن طريق ما يُطلق عليه بـ«الجريمة الإلكترونية» التى تُعد الأداة الأكثر صعوبة فى عملية الإثبات من الناحية القانونية من حيث إشكاليات الإقرار بحجية الوسائل الالكترونية في الإثبات، ومشكلات التفتيش والضبط في الجريمة الالكترونية، ونطاق الإفشاء وصلاحيات الاستشهاد في الجرائم الالكترونية، والأدلة المعلوماتية في المواد الجنائية والاعتراف بها.
الإثبات في الجرائم الإلكترونية
الجريمة الإلكترونية-بحسب رجب السيد قاسم، المحاكم الدولى والخبير القانونى، ظهرت بسبب التطور الكبير والحديث في التقنيات المستحدثة ووسائل الاتصال ونادراَ ما يترك المجرم الالكتروني أية أثر لجريمته لأن الجريمة تحدث في عالم افتراضي غير مادي، ومن هنا تظهر صعوبة التوصل إلي اكتشاف الجرائم نتيجة عدم وجود «الدليل المادي» ففي الجريمة العادية عادة يترك القاتل أو السارق الآثار المادية التى يمكن من خلالها أن تستدل بها سلطات التحقيق من أجل إدانة المجرم أما في الجرائم الالكترونية فإكتشاف الأمر يصبح في غاية الصعوبة كون المجرم الالكتروني يتمتع بذكاء يتيح له التخلص من اثار جريمة .
الاثبات في الجريمة الالكترونية-طبقا لـ«قاسم»- فى تصريح لـ«صوت الأمة» يصادف صعوبة شديدة تنتج عن مدى الاطمئنان لسلامة الوسائل الالكترونية في التعاقد والإثبات، حيث اتفقت الأراء علي أنه حتي يمكن قبول تحقيق درجة قبول لوسائل الإثبات الالكترونية والتعاقد، فذلك يتطلب معه توفير برامج توعية كامل وشامل، للجهات القضائية والقانونية والمتعاملين ومؤسسات الأعمال ليس فقط لقبول وسائل التعاقد الالكتروني ولكن لإيجاد ثقافة عامة تمثل الأساس للتعاطي مع كافة إفرازات عصر المعلومات الآخذة في التطور السريع.
مشكلات الإقرار بحجية الوسائل الالكترونية في الإثبات
وهناك العديد من مشكلات الإقرار بحجية الوسائل الالكترونية في الإثبات، حيث أن هناك اتجاه دولى وعالمى نحو الاعتراف الاعتراف بحجية الملفات المخزنة ذات المدلول التقني البحت وبحجية المراسلات الالكترونية بمختلف أنواعها، والإقرار بصحة التوقيع الالكتروني وتساويه في الحجة مع التوقيع الفيزيائي والتخلي شيئا فشيئا عن أية قيود تحد من الإثبات في البيئة التقنية.
اقرأ أيضا: يهم كل صحفي وإعلامي.. حزمة التشريعات الصحفية والإعلامية خلال 40 يوما (مستند)
الأدلة المعلوماتية في المواد الجنائية والاعتراف بها
ومن المعروف أنه مع ازدياد الاعتماد على نظم الشبكات والكمبيوتر في الأعمال أُثيرت ولا زالت تُثار مشكلة كبيرة تتمثل فى أمن المعلومات وهو ما يعني بالضرورة حماية محتواها، والحماية الكاملة من هذه الاعتداءات مع اثبات قدرة النظام على التعامل الآمن مع البيانات يثير مشكلات إجرائية عديدة في معرض تفتيش نظم الحاسوب أو تقديم الدليل في الدعوى الجنائية-هكذا يقول «قاسم»-.
الدعاوى الجنائية القاعدة فيها جواز الإثبات بشتى طرق الإثبات القانونية، والقيد على هذه القاعدة أن الدليل يتعين أن يكون من الأدلة التي يقبلها القانون، وبالتالي تظهر أهمية اعتراف القانون بالأدلة ذات الطبيعة الالكترونية، خاصة مع احتمال ظهور أنشطة إجرامية عديدة فأنها ليست ماديات لتقبل بينة في الإثبات، ووسائط تخزينها - غير الورق كمخرجات - لا تحظى من حيث محتواها- بقبولها دليلا ماديا، من هنا كان البحث القانوني في العديد من الدول يتجه إلى الاعتراف بالحجية القانونية لملفات الكمبيوتر ومستخرجاته والرسائل الالكترونية ذات المحتوى المعلوماتي ليس بصورتها الموضوعة ضمن وعاء مادي ولكن بطبيعتها الالكترونية المحضة.
تكمن المشكلة في القواعد المخزنة، في صفحات الفضاء الالكتروني، وفي الوثيقة الالكترونية إذ ما تحتويه من بيانات قد يكون الدليل على حصول تحريف أو دخول غير مصرح به أو تلاعب فكيف يقبلها القضاء وهي ليست دليلا ماديا يضاف إلى الملف كالمستند الخطي او أقوال الشاهد أو تقرير الخبراء، ولتجاوز هذه المشكلة يلجا القضاء إلى انتداب الخبراء لإجراء عمليات الكشف والتثبت من محتوى الوثائق الالكترونية ومن ثم تقديم التقرير الذي يعد هو البينة والدليل وليس الوثائق الالكترونية، لكنه مسلك تأباه بعض النظم القانونية عوضا عن معارضته لأسس وأغراض إجراء الخبرة وطبيعتها كبينة تخضع للمناقشة والاعتراض والرفض والقبول-الكلام لـ«قاسم»-.
مشكلات التفتيش والضبط في الجريمة الالكترونية
أن تفتيش مسرح الجريمة وما يتصل به من أماكن وضبط المحرزات ذات العلاقة بالجرم أمور تنظمها القوانين، ويثور التساؤل حول مدى انطباق القواعد القائمة على حالة تفتيش نظم الكمبيوتر وقواعد البيانات كما يري الخبراء أن الخطأ في تفتيش وضبط الدليل قد يؤدي إلى فوات فرصة كشف الجريمة أو فوات فرصة الإدانة .
يشار إلى أن تفتيش نظم الحواسيب هو في ذاته تفتيش للفضاء الافتراضي وأوعية التخزين، وهو تفتيش للإجراءات التي يحفظها الجهاز أن كان مزودا بحافظات الكترونية للعمليات المنجزة من خلاله، وهو أمر يتعلق بالقدرة على تحديد المطلوب مسبقا لان التعامل وفق ذلك قد يكون له عواقب قانونية أهمها بطلان الإجراءات لأنها خارج نطاق أمر التفتيش والضبط أو قد تنطوي الإجراءات على كشف خصوصية البيانات المخزنة في النظام.
مراعاة الخصوصية وضمانات المجرم الالكتروني
تمثل مراعاة حقوق المجرم الالكتروني عقبه في سبيل اكتشاف الجريمة فالبيانات المخزنة داخل النظم ليس جميعا تتصل بجريمة الاعتداء على النظام فمنها بيانات خاصة وأخرى ذات قيمة لصاحبها لهذا اهتم خبراء القانون بمخاطر الاعتداء على الخصوصية أو الحياة الخاصة في معرض الكشف عن الدليل أو في معرض الإقرار باستخدام دليل ذي طبيعة الكترونية وقد يكون ثمة صعوبة في حماية الخصوصية ويكون ثمة احتمالات اكبر لإهدار الأدلة غير القانونية ونشوء نزاعات في هذا المجال.
اقرأ أيضا: الطريق القانونى للانسجام مع المجتمع.. كل ما تريد معرفته عن «رد الاعتبار»
ففي النظم القانونية المقارنة وفي الوقت الذي تحركت فيه نحو حماية المعلومات وإقرار حجية الأدلة ذات الطبيعة التقنية اتجهت أيضا من زاوية أخرى لإقرار ضمانات دستورية للمجرم الالكتروني وضمانات إجرائية لكفالة سلامة إجراءات الملاحقة الجزائية في الدعاوى المتصلة بالمعلومات ونظم الكمبيوتر.
أبرزها الحق بالخبرة المقابلة للخبرة التي تجري بمعرفة الادعاء العام والحق بعدم إجراء أية عمليات ضبط وتفتيش على نظم الكمبيوتر دون حضور المعني أو من يمثله قانونا .
نطاق الإفشاء وصلاحيات الاستشهاد في الجرائم الالكترونية
هناك أهمية كبيرة فيما يتعلق بالإفشاء بالمعلومات أو الجائز للشاهد في الجريمة الالكترونية - فالشاهد يشهد فيما شهد بذاته أو قال أو علم، لكن الأمر في الجرائم الالكترونية مختلف، إذ ثمة نظام معين للمنشأة وثمة أعمال لا تتصل بالشاهد بذاته بل ربما لا تتصل بشخص طبيعي وقد تكون متصلة بنظام الكتروني أو نحوه، كما أن الشاهد يعلم الكثير وجزء مما يعلم واقع ضمن إطار الخصوصية والسرية.
ومن هنا فالتنظيم القانوني للقواعد الإجرائية والإثبات في الدعاوى المعتمدة على أدلة الكترونية أو تتصل بعوالم التقنية والالكترونيات يري خبراء القانون إعادة توصيفها قانونا بل وتنظيمها بشكل لا يضع الشاهد موضع المساءلة ولا يحرم القضاء فرصة الإفادة من شهادة الشاهد في أن الحقيقة التي تتوقف في أحيان كثيرة على ما يعلمه الشاهد بالخبرة النظرية لا ما يعلمه بالواقع من حقائق رآها أو سمعها أو نقلت له.
موقف المشرع المصرى من جرائم تقنية المعلومات
مجلس النواب المصرى فى غضون 5 يونيو 2018 أقر مشروع قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات و الجرائم الإلكترونية، حيث تضمن مشروع القانون 45 مادة، تناولت كل ما يتعلق بالبيانات والمعلومات، والمعالجة الإلكترونية، وتقنية المعلومات، ومقدم الخدمة، والبرنامج المعلوماتي، والمحتوى، بيانات المرور، والدعامة الإلكترونية.
القانون تضمن حزمة من التزامات وواجبات مقدم الخدمة ومنها المحافظة على سرية البيانات التي تم حفظها وتخزينها، وعدم إفشائها أو الإفصاح عنها بغير أمر مسبب من إحدى الجهات القضائية المختصة، أو أية بيانات أو معلومات متعلقة بالمواقع والحسابات الخاصة التي يدخل عليها المستخدمون أو أشخاص والجهات، وتأمين البيانات والمعلومات بما يحافظ على سريتها وعدم اختراقها أو تلفها.
وشمل القانون التزامات مهمة منها مراعاة حرمة الحياة الخاصة، وأن يلتزم مقدمو خدمات تقنية المعلومات ووكلاؤهم وموزعوهم التابعون لهم المنوط بهم تسويق تلك الخدمات بالحصول على بيانات المستخدمين.
وتضمن القانون الإجراءات والقرارات الصادرة بشأن طلبات حجب المواقع، حيث نص على أن لجهة التحقيق المختصة متى توافرت لديها أدلة على قيام موقع يبث من داخل الدولة أو خارجها بوضع أية عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أية مواد دعائية أو ما في حكمها، تعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وتشكل تهديدا للأمن القومي أو تعرض أمن البلاد، أو اقتصادها القومي للخطر أن تأمر بحجب الموقع أو المواقع محل البث.
وحدد مشروع القانون الجرائم المرتبكة والعقوبات الموقعة، حيث نص فيما يتعلق بجريمة الانتفاع بدون حق بخدمات الاتصالات والمعلومات وتقنيتها، على عقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 50 ألف.
وتضمن القانون عقوبة الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من دخل على موقع أو حساب خاص أو نظام معلوماتي، مستخدماً حقاً مخولاً له فتعدى حدود هذا الحق من حيث الزمان أو مستوى الدخول.
اقرأ أيضا: حكم السمسرة شرعا وقانونا.. هل المال الذي يحصل عليه الوسيط قانوني وحلال؟
وعاقب مشروع القانون بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتي، أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير، لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه.
وتضمنت العقوبات أيضا الجرائم المتعلقة باصطناع المواقع والحسابات الخاصة والبريد الالكتروني ونسبه زورا إلى شخص طبيعي أو اعتباري، والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتي غير المشروع سواء بإرسال العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين بكثافة دون موافقته أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته.
واشتملت الجرائم المنصوص عليها في القانون أيضا القيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات لمعلومات أو أخبار أو صور وما في حكمها تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة.
العقوبات تصل للإعدام
المادة السادسة لجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية تصل فيها العقوبه إلى السجن 5 سنوات والغرامة تصل إلى 3 ملايين ريال.
وحاليا في مصر قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية يجرم الممارسات الإلكترونية بعقوبات مشددة تصل إلى حد الإعدام، وذلك في حال امتناع شركات خدمات الإنترنت عن تنفيذ قرارات محكمة الجنايات بحجب أحد المواقع أو الروابط وترتب عن هذا الإمتناع وفاة شخص أو أضرار بالأمن القومي بالإضافة للإعدام تفرض غرامة مالية ما بين 5-20 مليون جنيه.
أما في حال الإمتناع بدون التسبب بوفيات فإن العقوبة تصل إلى السجن لمدة لاتقل عن ثلاث سنوات وغرامة مالية تتراوح ما بين 1-2 مليون جنيه، ومن العقوبات المفروضة على مزودي خدمات الإنترنت أيضاً السجن لمدة لاتقل عن 3 سنوات وغرامة مالية لاتقل عن مليون جنيه في حال صرّح عن طلب الجهات الأمنية المصرية «وزارة الداخلية أو المخابرات العامة» البيانات الشخصية للمستخدمين أو معلومات عن المواقع التي يتصفحونها أو الأشخاص الذين يتواصلون معهم.
وهناك أيضا عقوبات تخص عمليات الإختراق والدخول غير المصرح به للمواقع أو الأنظمة أو إيقاف بث خدمات، بحيث تصل إلى السجن مدة لاتقل عن 3 سنوات وغرامة مالية لاتزيد عن 2 مليون جنيه لمن يسبب ضرر وإتلاف للمواقع أو البيانات.
وفي النهاية
ومشاكل إثبات الجرائم الالكترونية أنها لا تترك أثر وان تركت فأنه يصعب الاحتفاظ بالآثر لاعتمادها على التقنيات العالية حيث يصعب الاستدلال فيها و مع صعوبة إثباتها، إلا أن ما يزيد الوضع سوءا هو الاحجام على الابلاغ و نقص الخبرة وهو الأمر الذي يحتم محاولة تلافي ذلك لمكافحة الجريمة الالكترونية عالميا.