عفوا أيها المتحرشون!!
الخميس، 30 أغسطس 2018 05:42 م
هل التحرش يرتدى زى الرجل؟ أم أنه "من الرذائل" التى قد يتصف بها الإنسان بصفة عامة؟.. هذا الذى إنسلخ عن أخلاقه الإنسانية أو الدينية أيا كانت مرجعيته الفكرية.
هل الذكر لا يتساوى مع الأنثى بصفة عامة كإنسان خلقه الله يختلف فقط فى نوعية الحقوق والواجبات؟، فالذكورية التى تجتاح المجتمع المصرى تبدو وكأنها تعود به سريعا للجاهلية الأولى، أو لعصور ما قبل التاريخ التى كانت فيها ينحصر دور المرأة إما أن تكون عورة أو شهوة، وفى الحالتين هى خطيئة يجب التحرش بها أو إخفائها.. فى تطرفين كريهين يصران فيه على وأد عقل وروح المرأة صانعة الأمة، تلك الحرة التى تنضبط معايير حريتها السلوكية بالأخلاق الإنسانية.
فى هذه النقاط الأربع التالية ستكون من تدبرى فى القرآن الكريم إجابة عن سؤال هل الذكر متحرش بطبيعة خلقه، وبالتالى قد ينجرف إلى ذلك إذا ما إرتدت المرأة زيا كاشفا، أم أن التحرش صفة رذيلة ذكرا كان أم أنثى؟، وبما أن المسألة جدلية فلرندها لخالق الإنسانية، فإلى النقاط والتى هى اجتهاد منى واللهم آجرنى:
النقطة الأولى، حكاية التحرش الوحيدة فى القرآن الكريم كانت بطلتها إمرأة، وهى إمرأة العزيز التى فتنها جمال سيدنا يوسف عليه السلام فحدثنا القرآن الكريم عنها بقوله تعالى " وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَم".
إذن هى بالمصطلح الدراج الآن "تحرشت به"، فلماذا تحرشت به؟.. هل يمكن أن تكون المرأة أيضا متحرشة؟.. هل يمكن أن تغلبها شهوتها ولا تضبطها بميزان الأخلاق فتنجرف نحو المعاكسات والتحرش؟.. فى بحثى عن معنى كلمة تحرش فى المعجم اللغوى وجدت أنها "تقديم مفاتحات جنسية مهينة وغير مرغوبة ومنحطة".
تابت امرأة العزيز واستغفرت ربها على عِظَم خطيئتها، هى خطيئة إنسانية إذن وليست ذكوري.
النقطة الثانية أنه منذ نعومة أظافري حدثتنى أمى بضرورة حفظ سورة النور التى هى سورة مدنية تهتم بالآداب الاجتماعية عامة وآداب البيوت خاصة، وتوجه المجتمع بصفة عامة إلى أسس الحياة الفاضلة، ورد فيها قول الله تعالى " قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ"، و"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ".
لماذا أمر الله المؤمنة أن تغض بصرها بدلا من تلك السكرين شوت المصحوبة بجملة "إيه الواد الموووز ده"..ما الفرق سيدتى بينك وبين ذكر فعل نفس الشيء وذيّل صورة امرأة ب " إيه البت المووزة ديه )!! ".. حسب سورة النور وكلام الله تتساووا .
النقطة الثالثة هى عقاب الزنا واحد ذكرا وأنثى ، ويقول الله تعالى "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ".. وبما أن عقاب الزنا واحد فى الذكر والأنثى، إذن فعل الزنى واحد والشهوة واحدة تتفاوت بين بنى البشر التفاوت المنطقى الذى جبلنا عليه الله جميعا .
عزيزى الرجل لا تدعى زورا أن الشرع قد حلل لك أربعة نساء لأن امرأة واحدة لا تكفى، كذبت أنت وصدق الله الواحد "العادل"، ولنفترض أن كلامك صحيحا، ألا يستتبع "مع مطلق عدل الله" أن يعاقب الله المرأة الزانية بعقاب أكبر من عقابك لأنها الأقل شهوة ؟.
النقطة الرابعة، بالتأكيد الملابس الساترة للعورات أساس لحفظ الشهوات ذكر وأنثى كلا حسب عَوَراته، ولو كانت فقط أنثى لكان الشيطان عندما نزع لباس آدم وحواء فنزلوا للأرض نزع لباس حواء فقط تأكيدا على أنها بداية كل الرذيلة، لكن اللفظ القرآنى العظيم "ساوى" بين الاثنين فى النداء " يا بنى آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما".
لحظة نزع الملابس كانت لحظة الهبوط من الجنة والنزول للأرض، لحظة الإصغاء للشيطان، لحظة تحول كل تاريخ البشرية، لم يخصها الله بالأنثى وخلعها لملابسها بل ببنى آدم ذكرا كان أم انثى ..
تفّكر !!
***
كل الإنسان إذن ذكرا كان أم أنثى عليه ضبط نفسه على ميزان الأخلاق الدينية والإنسانية وبوصلة ضميره الحر، ومن لا يفعل فالقانون أولى به، فالشارع له حُرمة ضابطها تطبيق القانون.. والتحرش جريمة وعقوبتها كما ينص قانون العقوبات المادة رقم 306 مكرر: " يعاقب المتهم الذى تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما فى ذلك وسائل الإتصالات السلكية واللاسلكية بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة بمبلغ لا يقل عن ثلاثة آلاف جنيه "
بدون تطبيق القانون فلننتظر مزيدا من التخبط وحالة اللاعشوائية المجتمعية .
***
أما بوصلة الضمير الفردية فلا سبيل للوصول لها سوى بالارتقاء (الحر ) قلبا وعقلا نحو الأخلاق الإنسانية فى التعليم والإعلام، ومن أجل بناء مجتمع إنسانى حر تنضبط بوصلة ضميره الحر على المعايير الأخلاقية.
***
عفوا أيها المتحرشون، فالتحرش جريمة يعاقب عليها القانون .