نهر النيل هو شريان الحياة لمصر والمصريين، وتجرى بين ضِفّتيه حوالى 95% من إجمالى مواردنا المائية، فحصتنا من مياه النيل تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنوياً،يُضاف إليها حالياً 4.5 مليار متر مكعب من المياه الجوفية والأمطار،علاوة على إعادة تدوير 20 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعى وتحلية المياه، ليصبح إجمالى الموارد المائية 80 مليار متر مكعب سنوياً،ونظراً لقيمة وأهمية النيل فى حياتنا،فقد أحاطه المُشرع،منذ قديم الزمان بعدد من القوانين،التى تُجرّم الاعتداء عليه وعلى حُرمته،بل تجاوز الأمر نهر النيل ،ووصل إلى تجريم التعديات على روافده من الترع والمصارف،والتى نسميها المجارى المائية.
النيل وفروعه وشبكة الرى
تشبه شبكة الرى في مصر إلى حد كبير ــ وحسب دراسات وأبحاث الرى والمياه ــ اليد والأصابع أو الشجرة والجزع،فشبكة الرى هى الشجرة،ويمثل نهر النيل جذعها ، الذى تتفرغ منه الترع الرئيسية والفرعية ، وتشغل هذه الشجرة أو الشبكة ما يقرب من 13% من مساحة الأراضى الزراعية ، ويبلغ إجمالى أطوال الترع حوالى 33.2 ألف كيلو متراً ، وأطوال المصارف المكشوفة حوالى 22.7 ألف كيلو متراً ، وأطوال المصارف المغطاة حوالى 561 ألف كيلو متراً ، وتبلغ مساحة الأراضى المستفيدة من نظام الصرف المغطى أيضا 5 ألف و 613 فداناً،هذه الأطوال والمساحات لشبكة الرى،تؤكد على أهميتها وقيمتها ووجوب الحفاظ عليها من التعديات والتلوث بأنواعه المختلفة.
تلوث النيل وأنواعه
تشير التقارير والأبحاث والدراسات التى ترصد تلوث النيل،إلى أن جزءً كبيراً منها مسئولية الحكومة نتيجة لغياب شبكات الصرف الصحى عن 88% من قرى مصر، وصرف 8 مصانع ــ تتبع وزارة التموين ــ معادن ثقيلة ومواد عضوية وغير عضوية، علاوة على مياه التبريد المخالفة لـ 14 محطة كهرباء ، وأشار أحد التقرير إلى أن هناك 72 مصرفاً زراعياً ،يلقى بمياهه فى النيل مباشرة بكميات تقدر بحوالى 13.7 مليار م3 سنويا ، من المياه المحمَّلة بالمبيدات والكيمياويات،لتختلط مع الصرف الصحى الخاص بالقرى المحرومة من الخدمة،وتابع التقرير أن 872 مليون م3 سنويا ،من مياه الصرف الصحى غير المعالجة ،أو التى تعرضت لمعالجة ابتدائية فقط، تلقيها محطات المعالجة بالوجه القبلى و4 مصارف بفرعى دمياط ورشيد، هى الرهاوى وسبل وتلا وعمر بك فى النيل.
وأشار التقرير إلى أن هناك 14 محطة كهرباء، تلقى بحوالى 4.2 مليار م3 من مياه التبريد فى النهر، وأن هذه المياه مطابقة كيميائيا ومخالفة فقط فى ارتفاع درجات الحرارة عن الحدود المسموح بها قانونا، كما تحدَّث التقريرعن صرف المنشآت الصناعية بوصفه الأكثر تأثيرا على نوعية المياه، لاحتوائه على العديد من المركبات العضوية وغير العضوية، إضافة إلى المعادن الثقيلة، وأن النهر يستقبل 150 مليون م3 من مياه الصرف الصناعى سنويا من 8 منشآت صناعية تتبع وزارة التموين 6 لصناعة السكر و2 لصناعة الورق،وأشار التقرير إلى أن مصرف الرهاوى ،هو أكثر المصارف تأثيراً على نوعية المياه، لما يستقبله من كميات كبيرة من مخلفات الصرف الصحى مع محدودية تصرف المياه بفرع رشيد،ورصد التقرير أيضا المخلفات الصلبة وهى القمامة ومخلفات الكتل السكنية، وأن ما يزيد من خطورتها أنها تلقى بكميات كبيرة، وبشكل يومى، وهى ناتجة عن ممارسات حياتية، وهو ما يعوق جهود وزارة الرى لإزالتها.
عقوبة تلوث النيل
فى يناير عام 2017، قضت محكمة أسوان بالحبس عاماً وغرامة 50 ألف جنيهاً كعقوبة ضد من قام بتلويث نهر النيل ، كما اعتبر القضاء الإدارى أيضا أن تلويث نهر النيل يُعد شروعا فى قتل ،وذلك تشديداً فى حق من يقترف هذه الجريمة.