بعد انهيار الليرة التركية.. هل حان الوقت لتدفع قطر ثمن حمايتها لأردوغان؟
الأربعاء، 15 أغسطس 2018 08:00 ص
لم تمر ساعات بعد إعلان الولايات المتحدة إجراءاتها الجديدة ضد أنقرة، حتى سارع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان نحو هاتفه، للإتصال بأمير قطر تميم بن حمد، وهو الأمر الذى أثار التكهنات حول ما إذا كانت هناك خططا تركية للاستفادة من الدوحة فى المرحلة الراهنة بالتزامن مع تدهور العلاقات التركية مع الولايات المتحدة، من جانب، والتدهور الكبير فى الأوضاع الاقتصادية فى أنقرة جراء انهيار العملة التركية "الليرة" من جانب آخر.
يبدو أن اللجوء التركى لقطر يمثل انعكاسا للعلاقات القوية التى جمعت بينهما طيلة الأشهر الماضية، فى ظل الدعم السياسى والعسكرى الذى قدمته أنقرة للدوحة، بعد الإجراءات التى اتخذتها الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب بمقاطعة الإمارة الخليجية، فى ظل إقدام نظام أردوغان على الدفع بقوات عسكرية لحماية العرش الأميرى فى الدوحة، وهو ما يساهم بصورة كبيرة فى زيادة النفوذ التركى فى منطقة الشرق الأوسط، وفى القلب منها منطقة الخليج العربى، فى إطار حلم الديكتاتور العثمانى لاستعادة الخلافة.
قواسم مشتركة
ولعل القواسم المشتركة بين أنقرة والدوحة، كانت السبب الرئيسى للتقارب بين البلدين طيلة الأشهر الماضية، حيث سعى كلا منهما للمساهمة بدور بارز فى دعم ط "الفوضى الخلاقة" التى حاولت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما لتنفيذها فى منطقة الشرق الأوسط، من خلال دعم ما يسمى بـ"الربيع العربى"، وتقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية وتنظيم داعش، من أجل تمكينهما من السيطرة على مقاليد الأمور فى دول المنطقة.
ففى الوقت الذى فتحت فيه تركيا أراضيها للمتطرفين القادمين من كل دول العالم، ليتمكنوا من دخول سوريا والمشاركة فى العمليات القتالية فى سوريا والعراق ليكونوا بمثابة ذراع لتركيا يمكن من خلالها تحقيق طموحات الديكتاتور العثمانى، كانت قطر تقدم أموالا طائلة وأسلحة لدعم الميليشيات المتطرفة فى حروبها ضد النظام والاستقرار دعما للفوضى، وهو الأمر الذى يعكس تكامل الأدوار بين أنقرة والدوحة فى دعم الإرهاب.
اعتراف ضمنى
ومن هنا يمكننا القول بأن الدعم التركى لقطر، فى أزمتها من جيرانها العرب، لم يكن مجانيا، حيث كان المقابل هو أن تحصل أنقرة على اعتراف ضمنى من تنظيم "الحمدين" الحاكم بالدوحة بولايتها عليهم، بحيث يصبح أردوغان بمثابة الحاكم الفعلى للبلاد، وهو الأمر الذى بدا فى العديد من المواقف، لعل أبرزها الدور الكبير الذى لعبته تركيا فى إدارة الأزمة القطرية.
ولعل الأكاذيب التى نشرتها إحدى الصحف التركية فى ديسمبر الماضى، حول الدور الذى لعبه الجيش التركى، فى حماية عرش تميم من محاولة انقلاب، كانت دليلا دامغا على الكيفية التى يدير بها أردوغان الأزمة بين قطر وجيرانها، حيث كانت ذريعة الانقلاب جزءا من دبلوماسية القمع التى تبناها الداخل التركى للإطاحة بمعارضيه والزج بهم فى السجون، وهو الأمر الذى سعى إلى استخدامه مع قطر لحشد المجتمع الدولى نحو دعم قطر على حساب جيرانها العرب من جانب، ولتبرير الانتهاكات التى ارتكبها "الحمدين" تجاه قطاع كبير من مواطنى الإمارة الذين أعربوا عن امتعاضهم جراء سياسات الارتماء فى أحضان القوى غير العربية على حساب أشقائها.
ثمن الحماية
إلا أن الثمن الذى ينبغى أن تدفعه قطر لتركيا جراء حمايتها، ربما مازالت به أقساط، حان الوقت لسدادها، بعد انهيار الاقتصاد التركى، بعد العقوبات الأمريكية الأخيرة، وهو الأمر الذى من شأنه فرض مزيد من الضغوط على قطر واقتصادها فى المرحلة المقبلة، فى ضوء معاناة الإمارة الخليجية جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية بسبب المقاطعة العربية.
يبدو أن معاناة "الحمدين" الاقتصادية لا تشكل اولوية كبيرة للديكتاتور "العثمانى" فى المرحلة الراهنة، حيث أن هناك محاولات غير رسمية لابتزاز الإمارة الخليجية، ربما بدت واضحة فى أحاديث إعلامية تركية دارت حول تعديد أفضال أردوغان على تميم منذ بداية أزمته مع جيرانه العرب، والتى حان الوقت لسدادها الآن.