شاهد عيان على صعود وهبوط أردوغان.. الليرة تلخص حكاية الديكتاتور من السلطنة للإفلاس

الثلاثاء، 14 أغسطس 2018 11:00 م
شاهد عيان على صعود وهبوط أردوغان.. الليرة تلخص حكاية الديكتاتور من السلطنة للإفلاس
الديكتاتور التركي رجب طيب أردوغان

قبل ست عشرة سنة فاز حزب العدالة والتنمية بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية، وشكّل الحكومة بقيادة عبد الله جول. وقتها كان أردوغان ممنوعا من ممارسة السياسة على خلفية سجنه في قضية انتهاك للدستور.
 
بعد شهور من الفوز انتهت مدة الحظر، فتولى أردوغان قيادة الحكومة بدلا من صديقه وذراعه اليُمنى "جول". بدأ الديكتاتور الصاعد مسيرته من الاقتصاد، ونتيجة ضعف الليرة وخسائرها الفادحة وميراث الأتراك السيئ معها، كان سهلا أن يُجري تحسينات على النظام المالي والمصرفي، بشكل يُشعر الأتراك بالتغير، وحدث الأمر بالفعل لتكون الليرة بداية صعود الديكتاتور، الذي لم يكن يعلم أنها هي نفسها ستخسف به الأرض.
 
الأزمة الاقتصادية التي كانت قائمة في 2002 على خلفية الاضطراب السياسي الناتج عن 4 انقلابات على مدى خمسة عقود، بين 1960 و1997، شهدت ارتفاعا في التضخم والفقر والبطالة وهروب رؤوس الأموال. وقتها وصل حزب العدالة والتنمية إلى الحياة السياسية، وباستغلال الحزب وأردوغان للخطاب الديني نجحا في قيادة الحكومة، ونتيجة للهدوء السياسى النسبى آنذاك، سجل الاقتصاد التركى فقاعة كبرى، ركب أردوغان موجتها من خلال إصلاحات اقتصادية وانفتاح على الأسواق الروسية وبلدان الجوار التركى، وعمل على جذب استثمارات ضخمة وحقق الاقتصاد معدل نمو سنوى 7% .
 
وخلال 12 عامًا منذ وصوله رئيسًا للوزراء حتى أصبح رئيسًا للجمهورية في عام 2014 حاول أردوغان أن يستغل الفقاعة الاقتصادية لإبراز نجمه في البلاد على أنه الرجل الاقتصادي الناجح الذي سينقل البلاد إلى مراحل متطورة، مستغلًا تضاعف الاقتصاد التركى 4 مرات تقريباً، مستنداً فى ذلك لقفزة اقتصادية كبيرة بحسب تقارير للبنك الدولى، ولكن رغم مساعدة برنامجه الاقتصادي في تحسين صورته السياسية،  بدأت ترتسم ملامح الديكتاتور الذى يرغب فى الاستحواذ على دفة الحكم والانفراد بالسلطة حتى وقع الاقتصاد وانهار نتيجة ذلك.
 
وبالنظر إلى هذه السنوات تحول الاقتصاد التركى على يد أردوغان من اقتصاد ينافس الاقتصاد العالمية إلى اقتصاد هش مأزوم وليرة فقدت خمس قيمتها تنتظر الأسوأ، حيث  فقدت الليرة التركية أكثر من 40 % من قيمتها مقابل الدولار هذا العام، وهبطت إلى مستوى قياسي جديد الجمعة الماضية، حيث انخفضت بنحو 18 % في أكبر خسارة يومية لها منذ 2001، ليجري تداول العملة بأكثر من 7 ليرات للدولار و8 ليرات لليورو حتى أمس.
 
 
منظمة الأمن والتعاون فى أوروبا OECD أشارت إلى أن ديون الشركات التركية وصلت إلى 500 مليار دولار، متجاوزة مجمل الديون التركية 600 مليار دولار بينما قدرت الاحتياطات التركية بأقل من 100 مليار دولار، الأمر الذي حذر على إثره صندوق النقد الدولى من خطورة ذلك على الوضع الاقتصادي التركي، فى ظل تخوفات المستثمرين وعزوف بعضهم عن شراء السندات الحكومية بسبب عدم استقرار العملة المحلية وهروب رؤوس الأموال الأجنبية والتركية من هذا البلد.
 
وبالرجوع إلى الأسباب التى أدت إلى هبوط العملة والتدهور التاريخى والتدريجى للاقتصاد التركى، ستكون الاضطرابات السياسية التى شهدتها تركيا خلال  السنوات الأخيرة هى أبرز تلك الأسباب، لاسيما مع تفاقم مشاكل تركيا بسبب السياسات التي انتهجها أردوغان فى إدارة البلاد، فبخلاف استنزاف موارد الدولة في دعم الجماعات الإرهابية، يوفر أردوغان مليارات الدولار من خزينة الدولة لدعم عملياته العسكرية في سوريا والعراق ودول أخرى.
 
كما جاء تحويل النظام من برلماني إلى رئاسي ليكون القشة التي قمست ظهر أردوغان، فمرارًا وتكرارًا حذر الخبراء من تأثير خطوة الانتقال إلى نظام يمتلك فيه الرئيس كافة الصلاحيات على الاقتصاد التركي والعملة ليكونا كبش فداء لتحركات أردوغان السلطوية، كما جاءت العقوبات الأمريكية على النظام التركى المرتبة الثانية ليكون من ضمن أسباب الانهيار الاقتصادى الذى تعيشه أنقرة، بسبب تعنت أردوغان فى تسليم القس الأمريكى آندرو برانسون ووضع تحت الإقامة الجبرية بعد سجنه لمدة 21 شهرا بتهمة دعم جماعة فتح الله جولن.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق