العالم في مرمى نيران واشنطن وطهران.. الأزمة الإيرانية ترفع حرارة أوروبا وإسرائيل
الأربعاء، 08 أغسطس 2018 02:00 ص
الأمر ليس مجرد صراع محدود بين بلدين أحدهما يملك القدرة على سحق الآخر. للصورة وجه مغاير في ظل مخاطر النظام الإيراني وعلاقاته المشبوهة، وهذا ما يزيد حدة التوتر في أرجاء العالم.
مع بدء سريان العقوبات الأمريكية على إيران، لا تبدو الصورة الدولية هادئة ومستقرة، حالة القلق تتصاعد في أرجاء واسعة، سواء في أوروبا التي تربطها علاقات اقتصادية ومشروعات مشتركة مع طهران، أو في إسرائيل التي يقف مقاتلو الحرس الثوري وحلفاء الدولة الشيعية على بُعد كيلو مترات منها، وتطلها نيران مدفعياتهم وبطاريات صواريخهم.
اعتبارا من الساعات الأولى لصباح الثلاثاء، أعادت الولايات الأمريكية فرض عقوبات اقتصادية على إيران، بعد انتهاء فترة السماح الأولى من وقت انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي «خطة العمل الشاملة المشتركة» في مايو الماضي، وتشمل المرحلة الأولى عقوبات على عدة قطاعات مرتبطة بالتجارة والاستثمار والتبادل التجارى مع إيران، تستهدف المشتريات الإيرانية بالدولار وتجارة المعادن وغيرها من التعاملات والفحم والبرمجيات المرتبطة بالصناعة وقطاع السيارات فى الجمهورية الإسلامية.
إعادة فرض العقوبات الأمريكية على طهران، فسره مراقبون دوليون أن ذلك يرجع للتوصل لاتفاق نووى جديد فى نهاية المطاف وليس تغيير النظام الإيرانى بل تعديل سلوك طهران، مع زيادة مؤشرات التأثر الاقتصادي لإيران في ظل أزمتها القائمة.
وأعلن دونالد ترامب في وقت سابق عن استعداده لمقابلة الزعماء الإيرانيين فى أى وقت في مسعى للتوصل إلى اتفاق جديد، بعدما انسحب ترامب فى مايو الماضى من الاتفاق النووى المبرم بين إيران والقوى العالمية الكبرى عام 2015.
بحسب تقارير دولية، يستهدف ترامب منع وصول القيادة الإيرانية إلى الموارد، وتعتزم الولايات المتحدة معاودة فرض عقوبات فى نوفمبر، ربما تلحق أضرارا أكبر بالنفط الإيرانى، ولكن استراتيجية العقوبات الأمريكية بها العديد من مواطن الضعف، خاصة رفض أوروبا والصين الحد من التعاملات التجارية مع إيران.
وتوعد دونالد ترامب، الأشخاص أو الكيانات التى تتقاعس عن الحد من أنشطتها الاقتصادية مع إيران بعواقب وخيمة، حيث أكد على التزام الولايات المتحدة بإنفاذ جميع العقوبات والعمل عن كثب مع الدول التى لها تعاملات مع إيران لضمان الانصياع التام.
مايك بنس نائب الرئيس الأمريكى قال إن الإيرانيين لهم حق معارضة نظامهم الحاكم، وأن واشنطن إلى جانب الشعب الإيراني، قبل ساعات من دخول العقوبات الأمريكية المعاد فرضها على طهران حيز النفاذ، بتوقيت واشنطن. يقول عبر تويتر: «العنف من جانب النظام الإيرانى ضد شعبه غير مقبول، والإيرانيين لهم الحق فى معارضة نظام يقدم المليارات لدعم الطغاة والإرهابيين بالخارج، بينما شعبه فى حاجة ماسة للوظائف والفرصة والحرية».
في سياق متصل، يقول جون بولتون، مستشار الأمن القومى الأمريكى، إنه إذا أرادت إيران تفادى معاودة فرض العقوبات الأمريكية عليها فينبغى أن تقبل عرض ترامب للتفاوض، مؤكدًا على أن القيادات الإيرانية يستطيعون قبول عرض الرئيس للتفاوض معهم والتخلى عن برامجهم للصواريخ الباليستية والأسلحة النووية بشكل كامل يمكن التحقق منه فعليا وليس بموجب الشروط المجحفة للاتفاق النووى الإيرانى والتى لم تكن مرضية. يضيف: إذا كانت إيران جادة بالفعل فسيأتون إلى الطاولة وسنعرف إن كانوا (جادين) أم لا.
يتابع: في حال نفذت إيران تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز، سيكون أكبر خطأ، لكني أظنها تهديدات «جوفاء».
وتشمل العقوبات - حسب بيان سابق للبيت الأبيض: شراء الأوراق المالية الأمريكية أو الاستحواذ عليها من جانب الحكومة الإيرانية، وتجارة إيران فى الذهب والمعادن النفيسة الأخرى، الجرافيت والألومنيوم والفحم والبرمجيات المُستخدمة فى العمليات الصناعية، والتحويلات ذات الصلة بالريال الإيراني، والأنشطة المتصلة بإصدار إيران للديون السيادية، وقطاع السيارات الإيرانى.
وفي 5 نوفمبر، يتم فرض عقوبات مكملة بعد فترة السماح الثانية، اعتبارا من 5 نوفمبر المقبل، تتضمن: قطاعات مشغلى الموانئ الإيرانية والطاقة والشحن وتصنيع السفن، والتحويلات المالية المتصلة بالنفط الإيرانى، والتحويلات من جانب المؤسسات المالية الأجنبية مع البنك المركزى الإيرانى.
وجاء الرد الإيراني على تطورات الأوضاع، في كلمة للرئيس حسن روحاني، قال فيها إن طهران قد تجرى محادثات مع الولايات المتحدة، إذا أثبتت واشنطن أنها جديرة بالثقة بعد أن انسحبت من الاتفاق النووى وأعادت فرض العقوبات على الجمهورية، مضيفًا: نفضل دائما الدبلوماسية والمحادثات، لكن المحادثات تتطلب الأمانة، والولايات المتحدة تعيد فرض العقوبات على طهران وتنسحب من الاتفاق النووى (الموقع فى 2015) ثم تريد إجراء محادثات معنا.
وتابع في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي لإيران: «أمريكا ستندم على فرض العقوبات، داعيا الشعب الإيرانى للوحدة فى مواجهة المصاعب الاقتصادية».
وقبل يوم من تطبيق العقوبات الأمريكية، عبر الاتحاد الأوروبى عن قلقه بشأن الخطوة الأمريكية الجديدة.
وأصدر وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا بيانا مشترك، أعربوا فيه عن أسفهم بشدة لمعاودة الولايات المتحدة فرض العقوبات.
ويسعى الاتحاد الأوروبى للتخفيف من تداعيات العقوبات الأمريكية، عبر ما يعرف بـ«قانون المنع»، وأكد هايكو ماس وزير الخارجية الألمانية، إنه بتحديث قانون جرى سنة عام 1996 ويمنع أى شركة أوروبية من التقيد بالعقوبات الأمريكية ولا يعترف بأي أحكام قضائية تضع تلك العقوبات موضع التنفيذ فسيتمكن الاتحاد الأوروبى من حماية شركاته.