فرصة قد لاتتكرر
الأحد، 05 أغسطس 2018 05:05 م
هناك اعتقاد عند الكثيرين من متابعي الشأن المصري في الداخل والخارج، ان مصر امامها فرصة عظيمة للانطلاق بسرعة لتحقيق نهضة شاملة، اقتصادية واجتماعية، وتطوير كامل لمنظومتي التعليم والصحة.
هناك ايضا تفاؤل غير مسبوق بأن مرحلة مصر الحالية قَد اتيحت مرتين سابقتين في تاريخ مصر الحديث والمعاصر، الاولي في عهد محمد علي مع بداية القرن التاسع عشر ، والثانية في عصر جمال عبد الناصر في منتصف القرن العشرين.
هذه الفرصة للنهوض بالتعليم والصحة قد لاتتكرر اذا لم يتم استغلالها لاحداث نقله نوعيه غير مسبوقه في المجالات التالية:
اولا: التعليم قبل الجامعي
ثانيا: التعليم الطبي
ثالثا: تدريب الاطباء والدراسات العليا
رابعا: التأمين الصحي الشامل
خامسا: التكامل بين مقدمي الخدمة الصحية
اولا: تطوير التعليم قبل الجامعي والتعليم الفني
الخطة الطموحة لتطوير التعليم قبل الجامعي ونقله من عصر الكتاتيب والحفظ والتلقين والامتحانات النمطية التي يحصل فيها الطلاب علي ١٠٠٪ ، الي عصر الكمبيوتر والانترنت والامتحانات الموضوعية التي تقيس مستويات الفهم والتطبيق والتحليل والنقد، يمثل تحدي حقيقي للحكومة المصرية وفرصة قد لاتتكرر.
ثانيا: التعليم العالي وخاصة التعليم الطبي
لاول مرة منذ انشاء مدرسة الطب الاولي في مصر في جامعة القاهرة، يتم تغيير نظام التعليم في كل كليات الطب الي نظام الفصل الدراسي والحزم الدراسية بالساعات او النقاط المعتمدة، وتقليل مدة الدراسة الي خمس سنوات وزيادة التدريب الالزامي (الامتياز) الي سنتين يتبعه امتحان قومي موحد للحصول علي رخصة مزاولة المهنة.
هذا النظام ايضا يمثل تحدي لكليات الطب وفرصة قد لاتتكرر.
ثالثا: تدريب الاطباء والدراسات العليا
لاول مرة ايضا يتم وضع تصور جديد للتدريب الطبي للاطباء تحت مسمي البورد المصري ، وانشاء هيئة مستقلة لتدريب الاطباء تابعة لمجلس الوزراء. البورد نظام تدريب اكلينيكي لمدة خمس سنوات، وشهادة البورد شهادة اكلينكية مثل البورد الامريكي والزمالة الانجليزية ، وينتهي بذلك دور الماجستير والدكتوراه وحصرهما علي الاكاديميين فقط. هذا النظام ايضا يمثل فرصة قد لاتتكرر.
رابعا: التأمين الصحي الشامل
لاول مرة ايضا تبدأ مصر في تنفيذ التأمين الصحي الشامل في محافظات القناة. هذا البرنامج يتطلب انشاء مراكز ووحدات للرعاية الصحية الاولية وطب الاسرة ونظام محكم لتحويل الحالات المرضية الي المستويات الاعلي الثنائية والثلاثية حسب طبيعة المرض. هذا البرنامج الطموح ايضا يعتبر فرصة قد لا تتكرر.
خامسا: اندماج مقدمي الخدمات الصحية في كيان واحد
التكامل بين مستشفيات وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية التابعة لوزارة التعليم العالي وكل مستشفيات القطاع الخاص، وتشكيل هيكل اداري ومالي واحد يتبع مجلس اعلي للصحة، هو تحدي اخر وفرصة قد لاتتكرر.
وبالرغم من توفر النوايا الطيبة والرغبة الصادقة من القيادة السياسية ، متمثلة في السيد الرئيس والحكومة، ومن توفر الكوادر البشرية القادرة علي احداث نهضة شاملة في قطاعي التعليم والصحة، الا ان التحديات عظيمة واهمها توفير الدعم المالي الكافي لتنفيذ هذه الخطة الطموحة.
واذا كان الدستور المصري قد خصص نسبة ١٠٪ من الدخل القومي للتعليم والصحة (١٪ للبحث العلمي، ٢٪ للتعليم العالي، ٣٪ للصحة، ٤٪ للتعليم قبل الجامعي ) فان هذه الخطة الطموحة قد تتطلب تخصيص ثلاثة اضعاف (٣٠-٤٠٪) من الدخل القومي ولمدة عشر سنوات علي الاقل، لتحقيق نقلة نوعية في مجالي التعليم والصحه ، فهل نحن مستعدون لذلك؟
هذا هو التحدي، وهذه هي الفرصة التي يجب الا تفوتنا.