لماذا يعتبر الرئيس «تجديد الخطاب الدينى» أحد مراحل إعادة بناء الإنسان المصرى؟
الإثنين، 06 أغسطس 2018 11:00 ص
أطلق الرئيس السيسي، قبل ثلاث سنوات، دعوة جريئة لتجديد الخطاب الدينى، حيث قال فى كلمة له فى إحدى المناسبات الدينية: «إننا بحاجة إلى ثورة وتجديد فى الخطاب الدينى، وأن يكون الخطاب متناغماً مع العصر الحالى»، مشيرا إلى أن المشكلة ليست فى أساس الدين المبنى على القرآن الكريم والسنة النبوية، ولكن المشكلة تكمن فى الفكر الذى مال إلى التطرف والعدوانية التى أنتجت الإرهاب.
دعوة الرئيس السيسى جاءت بناء على حاجات اجتماعية ونفسية وسياسية وعلمية من منطلق انتشار عنف جماعات تزعم أنها إسلامية، ولكنها فى الأساس متطرفة وتكفيرية تستغل الدين وتوظفه لتحقيق مصالحها السياسية والدنيوية، كما تستغل بعض المفاهيم المغلوطة عن الإسلام فى نشر أفكارها وتجنيد عناصرها بمختلف البلدان، ومن ثم تمارس الإرهاب والعنف تحت ستار التدين وبزعم تطبيق الشريعة الإسلامية.
تجدد الحديث مرة أخرى حول قضية تجديد الخطاب الدينى، عندما قال الرئيس السيسي، في كلمته خلال جلسة «استراتيجية بناء الإنسان المصرى» بفعاليات المؤتمر الوطنى السادس للشباب الذى عقد مؤخرا بجامعة القاهرة، إن تشدد الخطاب الدينى تسبب فى زيادة نسب الإلحاد بين الشباب، وأن إصلاح هذا الخطاب وتعديله وتجديده بات ضرورة مجتمعية ملحة، من أجل الحفاظ على هوية الإنسان المصرى.
وعن حتمية تجديد الخطاب الدينى، قال الرئيس السيسى خلال المؤتمر: «لما تيجى تتكلم عن تجديد الخطاب الدينى، أنتم خايفين لنضَيَع الدين، هو اللى إحنا فيه دا، فيه أكثر منه ضياع للدين»، مضيفا: «إن فهم الدين خلال السنوات الأخيرة اعتمد على أن الحرب هى الأصل والاستثناء هو السلام.. لما يكون الفكر لأمة ما خلال المائة سنة الأخيرة مبنى على أن الحرب فقط هى الأصل والاستثناء هو السلام، مشيرا إلى حالة التشتت التى غلبت الشباب وأغوتهم إلى الإلحاد والكفر، واستغلتهم الجماعات الإرهابية فى خوض معاركها ومحاربة الدولة والمواطنين على حد سواء.
ما قاله الرئيس السيسى فى قضية الخطاب الدينى فى أكثر من موقف ومكان، يؤكد أننا بحاجة ملحة جدا لتعديل الخطاب الدينى بما يتماشى مع مستجدات العصر، ومواجهة العنف والتطرف بالعقل والمنطق، نظرا لأهمية وخطورة الخطاب الدينى فى تشكيل عقول الناس وتحريكها، ولا يعنى ذلك أبدا تغيير النصوص والأصول العقائدية كما يروج البعض، وإنما يعنى تجديد التفسير بما يوائم المستجدات العلمية فى عصرنا من خلال التعمق فى فهم الظواهر الدينية انطلاقاً من أن الاجتهاد لا يتجاوز النص.
إلحاح الرئيس على ضرورة تجديد الخطاب الدينى يؤكد أننا نواجه خطرا داهما، وذلك يتضح للجميع من خلال بعض المشايخ غير الرسميين من مدعى السلفية وغيرهم ممن غزو المساجد والزوايا فى ظل غياب الرقابة المؤسسية، والخطب التى تدعو لكراهية الآخر أو تكفيره، أو اتهامه بالهرطقة والزندقة، والتى تبيح العنف والإرهاب وإراقة الدماء أيضا، إلى جانب الخطب التى تروج للخرافات والخزعبلات ومعاداة العلم وإعمال العقل والمطق، والتى تطلب جميعها وقفة حقيقية من المجتمع المصرى، من أجل تعديل المسار وتغيير اللهجة والأسلوب، وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام الحنيف.
يأتى ذلك بعد انتشار ظواهر تشير إلى جمود الفكر والخطاب الدينى الإسلامى خلال الـ50 عاما الأخيرة عن ملاحقة التغيير السريع فى العالم أجمع، وخاصة داخل المجتمعات والدول الإسلامية، إلى جانب انتشار أعمال وطرق توظيف الدين سياسيا ودعائيا لصالح الجماعات الإرهابية المتطرفة، والتى تركز فى الأساس على الشكل دون الفهم أو الاستيعاب، لتقود العالم نحو الضلال والكفر التى تراه هى طرق النور والهداية والتقرب إلى الله على عكس الحقيقة تمام، حيث إن الإسلام الحقيقي هو الدين الذى يدعو لحماية أمن واستقرار الناس فى أى مكان وزمان، والذى تتضمن شرائعه وأحكام كفالة الحرية والكرامة القائمة على العدل والمساواة.
يعرف المجتمع الدولى أن الشعب المصرى يميل بفطرته للتعايش السلمى والتسامح ونبذ العنف والتطرف والبعد عن الطائفية والمذهبية منذ القدم، ورغم نجاح الخطاب الدينى المتطرف ودعاة الجهل والتكفير فى اختطاف قلة قليلة من أبناء الشعب، إلا أن الفئة العظمى من شعب مصر مازالت وستظل على النهج الصحيح، ولكن ذلك يحتاج أيضا تطوير وتعديل الخطاب الدينى، لبث الوعى بين فئات الشعب وعدم تركهم غنيمة للجماعات الإرهابية بفكرها المتطرف، وعلى المؤسسات الدينية ضرورة إدراك ضخامة المسئولية وأهمية تلك القضية.
اقرأ أيضا:
بعد توجيهات الرئيس.. كيف تخطط الحكومة لتطوير منظومة إعادة تدوير المخلفات؟
تنفيذا لتوجيهات الرئيس.. كيف تخطط وزارة الصحة للقضاء على فيروس سي؟
علاج الشعب أولا.. لماذا بكى الرئيس فى جلسة «الصحة» بمؤتمر الشباب؟