«قرنية المتوفى» في أعين الخبراء.. القانون يواجه فتاوى الدين
الخميس، 02 أغسطس 2018 09:00 ص
لم تعلم أسباب التوتر الذي أصاب قلبها والقلق المنساب إلى عقلها لحظة مشاهدة «غرفة الغسل» الراقد داخلها زوجها مظلمة، وما الذي جعلها تشعر بأن شرا ما يحاك لجثمان لاحول له ولاقوة، فبدأت في تنحية حزنها جانبا لطمئنة صدرها من القلق والمشاهد المتداخلة التي شوشت رؤيتها وهي لاتعلم مايدور داخل تلك الغرفة المظلمة.
زوجة أحد المتوفين بمستشفى القصر العيني التعليمي، والمشهور مؤخرا بحادث «قرنية العين»، جال بخاطرها أن شرا آلم بزوجها وهو راقد منتظرا نقله إلى مثواه الأخير بعد انتهاء عمره في دنيا الفناء، وبعد محاولات كان الرفض هو عقبتها الأهم تمكنت من الدخول إلى تلك الغرفة ليتضح معالم المشهد المظلم كاشفا عن اختفاء قرينة عين زوجها على يد «ملائكة الرحمة»، ولم تتوقع أن تشوب نهايته تلك المأساة، وبدأت في الدخول بحالة من الهياج العصبي أفقدتها القدرة على ضبط نفسها لتكشف لنا الغطاء عن واحدة من اعظم خفايا عالم الطب داخل المستشفيات الحكومية.
جثمان بعين مخيط، وخرطوم مياه يتدلى فوقه.. ودماء سائلة على الأرض في انتظار تقطير النقطة الأخيرة منها، كان هذا أول مارأته أعين زوجة «مسلوب القرنية» داخل «مغسلة الموتى» بالقصر العيني، ووسط مطالبات أهله بمحاسبة المسئولين عن ارتكاب تلك الواقعة تتفتح الأذهان على مادة قانونية تصطدم بالواقع ورأي الدين، والعرف بين أهالي الأموات، تلك المادة التي فتحت بابا من الجدل الواسع بين جهات عدة، وتخلق حالة من الهلع والفوضى بين أهالي مرضى المستشفيات الحكومية.
حالة الجدل الواسعة التي سببتها تلك الواقعة جعلت الكثيرين ممن يهتمون بمتابعتها يفتسون بين دفاتر القوانين المنظمة لعملية التبرع بالأعضاء عن المادى التي تنص على قانونية الحصول على قرنية المتوفي دون الرجوع لأهله لاستخدامها في علاج المرضى كما صرح الدكتور فتحي خضير، عميد كلية طب قصر العيني، بحسب القانون حيث نص الكتاب الدوري للنائب العام في سبتمبر 2008، لتعديلات القانون رقم 103 لسنة 1962 بشأن إعادة تنظيم عمل بنوك قرنيات العيوم الصادرة بالقانون رقم 79 لسنة 2003 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الصحة رقم 234 لسنة 2003، والتي تنص على: «لأقاسم الطب وجراحة العيون بكليات الطب في الجامعات المصرية إنشاء بنوك لحفظ قرنيات العيون للإفادة منها في ترقيع القرنية، وأوجب أن تتوافر في هذه البنوك الشروط المنصوص عليها في المادة (3) من اللائحة التنفيذية للقرار بقانون المشار إليه»، على أن يكون استئصال قرنيات العيون في المستشفيات المرخص لها في إنشاء بنوك قرنيات العيون، وفي المستشفيات الأخرى التي يحددها وزير الصحة، وتتم هذه العمليات بمعرفة الأطباء المرخص لهم في ذلك.
وتحصل تلك البنوك قرنيات العيون من قرنيات عيون الأشخاص الذين يوافقون موافقة كتابية على نقلها بعد وفاتهم بغير مقابل، و قتلى الحوادث الذين تأمر النيابة العامة بإجراء الصفة التشريحية لهم، وقرنيات عيون الموتى بالمستشفيات والمعاهد المرخص لها في إنشاء بنوك قرنيات العيون والتي يجمع ثلاثة من الأطباء رؤساء الأقسام المعنية على نقلها وفقا للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية للقرار بقانون إعادة تنظيم بنوك قرنيات العيون المشار إليه، على ألا يشترط موافقة أحد -المتوفي أو ورثته أو ذويه- قبل الحصول على قرنيات العيون في حالتي قتلى الحوادث الذين تأمر النيابة العامة بتشريحهم، أو بالمستشفيات والمعاهد المرخص لها في إنشاء بنوك قرنيات العيون.
استخدام المصطلحات الدالة على الوصف الصحيح، يعتبر هو المخرج الوحيد لتلك الأزمة، حيث أوضح الدكتور عبد الحميد أباظة، رئيس لجنة إعداد قانون زراعة الأعضاء البشرية رقم 5 لسنة 2010، أن أخذ الطبقة السطحية لقرنية لايعد مخالفا للقانون حيث أنها تندرج تحت وصف الأنسجة وليست عضو، وبالتالي لاتندرج تحت قانون زراعة الأعضاء البشرية، لافتا إلى أن لتلك العملية لها قواعد وشروط قائمة بذاتها بخلاف مايتعلق بزراعة الأعضاء.
وقال إن في زراعة الأعضاء يتم إحداث تغييرات في شكل وتكوين جثمان المتوفي، وبالتالي لابد من الحصول على موافقة كتابية من أهله، بخلاف زراعة القرنية والتي تعتبر نسيجا شفافا لايؤثر على شكل الجثمان، منوها أن إبلاغ أهل المتوفي يكون من باب العرف الأخلاقي فقط.
وعلى النقيض التام، أكد الدكتور علي محروس، رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر بوزارة الصحة والسكان، أن تلك المعملية تعد مخالفة قانونية صريحة، ولايجوز الحصول على قرنية المرضى دون وصية أو أذن كتابي من أسرة المتوفي، على سبيل التبرع بين الأقارب المصريين، مشيرا إلى جواز التبرع لغير الأقارب إذا كان المريض فى حاجة عاجلة لذلك، بشرط موافقة اللجنة الخاصة التى تُشكل لهذا الغرض بقرار من وزير الصحة وفقًا للضوابط والإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.