250 حالة يوميا.. لماذا وجه السيسي بدراسة وتحليل أسباب ارتفاع معدلات الطلاق؟
الثلاثاء، 31 يوليو 2018 11:00 م
تصنف مصر ضمن أكثر 5 دول فى العالم ارتفاعا فى معدلات الطلاق، حيث تحتل المركز الثالث عالميا بعد الأردن والكويت، وبلغ معدل الطلاق بمصر حالتين لكل ألف شخص، بينما بلغ فى دولة الأردن التى احتلت المركز الأول 2.6 حالة لكل ألف شخص، وبلغ المعدل فى دولة الكويت 2.2 حالة لكل ألف شخص تقريبا.
احتلت أزمة ارتفاع معدلات الطلاق فى مصر جزءا رئيسيا من المؤتمر الوطنى السادس للشباب، الذى انعقد مؤخرا بجامعة القاهرة، حيث قال الرئيس عبد الفتاح السيسي فى كلمته بشأن بناء الإنسان المصرى، إن المجتمع به الكثير من القضايا الخطيرة، منها وصول نسب الطلاق إلى 44%، وهذا يعني أن 100 حالة زواج يحدث فيها تقريبًا 50% طلاق، مضيفا: «إذا كان في 9 مليون طفل دون أب وأم بشكل مباشر، يوجد 15 مليون طفل بدون أب وأم بشكل غير مباشر، عن طريق انفصال خفي دون طلاق».
الرئيس: «اتهاجمت بسبب تشريع توثيق الطلاق»
وتابع الرئيس السيسي: «حينما تحدثت عن ضرورة عمل تشريع لتوثيق الطلاق هُوجمت، أنا مش زعلان، لكن محدش قال إن التشريع على الأقل مع التطور اللي حصل في المجتمع على مدار ما يزيد عن 1000 عام، ميحقش ليا إن أحمي المجتمع، وهل ده مجتمع في استواء ولا إحنا رايحين للعدمية"، مضيفا: "بقول الكلام ده لكل رجل دين والبرلمان وكل الشعب، عملية بناء الإنسان المصري عملية مجتمعية وليست عملية حكومية».
لم تكن تلك المرة الأولى الذى يتحدث فيها الرئيس السيسي، عن أزمة ارتفاع معدلات فى مصر وخطره على المجتمع، حيث وجه من قبل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، حول ضرورة وجود قانون ينظم الطلاق، بدلا من الطلاق الشفوي الذى يعد أحد أهم أسباب الأزمة، وبدأ الأزهر فى دراسة الأمر، كما استجاب لنداء الرئيس عدد من أعضاء مجلس النواب، وقدم بعضهم مشاريع قوانين للتحكم فى الطلاق الشفوي.
كما سبق ذلك مقترح الشيخ خالد الجندي الداعية الإسلامي، حيث طالب أيضا الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، بأن يتبنى طلبا يقدمه لمجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء، لإصدار قرار بعدم الاعتراف بـ«الطلاق الشفهي»، وإلغائه، وألا يُعتدّ به إلا بعد إتمام الطلاق على يد مأذون شرعي.
السيسي يدعو لدراسة أسباب الطلاق
الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، أكدت خلال المؤتمر الوطنى السادس للشباب، أيضا أن نسبة الطلاق ارتفعت فى المجتمع المصرى لدرجة مقلقة خلال السنوات الأخيرة، بالمقارنة بالمعدلات العالمية، وأن الرئيس السيسى، وجه بدراسة وتحليل أسباب ارتفاع نسبة الطلاق بالمجتمع، وأن الوزارة أجرت بالفعل حصرا ببرامج إعداد الأزواج، وبرنامج الاستشارات الأسرية، فى مجموعة من الدول التى تشبه مصر فى الثقافة وحجم المجتمع وطبيعته.
وأضافت الوزيرة: تم تكليف مركز البحوث الاجتماعية والجنائية إلى جانب بعض منظمات المجتمع المدنى، وبعض الخبراء فى علم النفس والاجتماع، لوضع الإطار لهذا البرنامج، وأن ذلك قارب على الانتهاء، موضحة: «نقارن البرنامج ببرامج أخرى موجودة فى ماليزيا ودول أخرى، بحيث يبدأ العمل بشكل تجريبى، ويكون هناك مكون للحضر والريف»، بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة، مؤكدة: «بدأ يتكون لدينا منهج وموضوع ونفكر فى تطبيقه بشكل اختيارى، ثم قد يتحول لـ"شكل" يطلب مع عقد الزواج إذا أثبت جدواه».
الإحصاء: 29% ارتفاعا فى معدلات الطلاق خلال ديسمبر 2017
الرئيس تحدث عن كارثة حقيقية تهدد جميع فئات المجتمع المصرى، حيث شهدت معدلات الطلاق فى ديسمبر 2017 ارتفاعاً بلغت نسبته 29.5%، بينما تراجع معدل الزواج بنسبة 44.8% خلال نفس الشهر، وبحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، إن عقود الزواج فى ديسمبر 2017 بلغت 63.1 ألف تعاقد، مقابل 114.3 ألف تعاقد فى ديسمبر 2016، بانخفاض 44.8%، فيما بلغ عدد إشهادات الطلاق 18 ألف إشهاداً، مقابل 13.9 ألف إشهاد خلال ديسمبر 2016، بارتفاع بلغت نسبته 29.5%.
مصر الأولى عالميا في معدلات الطلاق
مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء، أصدر أيضا فى وقت سابق، تقريرا ضم إحصاء مثيرا حول «الطلاق»، يؤكد أنها الأعلى عالميا، وحسب الإحصاءات والبيانات الرسمية التى تم حصرها بداية العام الجارى، فإن حالة طلاق واحدة تحدث كل 3 أو 4 دقائق تقريبا، ومجمل حالات الطلاق على مستوى اليوم الواحد تتعدى الـ250 حالة، والغريب أن بينها حالات كثيرة تحدث بعد الزواج بعدة ساعات، بينما تسمر أخرى لـ3 سنوات فأكثر، فيما وصلت حالات «الخلع» أو الطلاق للضرر خلال 2015 إلى أكثر من ربع مليون حالة؛ مسجلةً زيادة تقدر بـ89 ألف حالة عن عام 2014.
الأمم المتحدة أيضا رصدت إحصاءات تؤد أن نسب الطلاق ارتفعت فى مصر من 7 % إلى 40% خلال نصف القرن الماضى، مشيرا إلى وصول عدد المطلقات إلى 4 ملايين سيدة، بينما تؤكد الإحصاءات الرسمية أن المحاكم تداولت نحو 14 مليون قضية طلاق خلال عام 2015 يمثل أطرافها 28 مليون شخص، أى نحو ربع تعداد سكان الدولة، ما ييشير لخطورة الظاهرة على أمن الدولة والمجتمع.
أكثر أسباب الطلاق شيوعا فى مصر
تتعدد أسباب الطلاق وتختلف فى مضمونها وسياقها وطريقتها حسب كل حالة، ولكن هناك عدة أسباب رصدتها تقارير وإحصاءات حول أسباب الخلع والطلاق، منها الخلافات الأسرية والعائلية، والاختلاف فى العادات والتقاليد أو التكوينات الشخصية المفاجئة، إلى جانب عوامل التطور التكنولوجى السريع جدا فى المجتمع والذى من أهم آثارها السلبية أن يقتصر التواصل بين أفراد المجتمع عليها، حيث تركت تلك التطورات آثارها السلبية الكارثية على البيت المصرى، وفتشت عن العلاقات فخلفت العديد من المشكلات الزوجية، وكان للها دورا كبيرا جدا فى كشف الخيانات بين الأزواج، ما سارع من وتيرة طلب الطلاق أو رفع قضية خلع، فتتدمر الأسرة.
بالتأكيد لا تمثل التكنولوجيا السبب الوحيد لتزايد حالات الطلاق بمصر، فالدراسات تؤكد أن التفكير فى الطلاق يكون موجودا لدى الزوجين أو أحدهما، وإن كان لدى الزوج بنسبة أكبر، حيث تسعى الزوجة للحفاظ على بقاء الأسرة، ولكن هناك أسباب أخرى مثل الزواج السريع الذى يقف خلف سرعة الطلاق خلال السنة الأولى من الزواج، والتى تعد أصعب السنوات فى علاقة الزوجين، إلى جانب عدم الإنجاب وهو أحد الأسباب المباشرة للطلاق، حيث تنظر الأسر المصرية والعربية إلى أن الإنجاب أحد مرتكزات البناء الأسرى.
9 ملايين طفل مشوه نفسيا بسبب الطلاق
أخر الإحصائيات الصادرة عن الجهات الرسمية تشير إلى أن تفكك الأسرة ينتج نحو 9 ملايين طفل مصابون بأمراض نفسية، بعد أن وقعوا فى دوامة «العنف الأسرى» الذى اقتحم حياة أبائهم وأمهاتهم، ثم يدفعون ثمن تلك التصرفات المريضة طوال حياتهم، وتستبدل البراءة بالعنف الذى قد يولد الانفجار فيما بعد، فالأرقام تؤكد أن نسبة البلاغات الخاصة بالعنف من أطفال ضد آباء وأمهات منفصلين انقسمت إلى العنف البدنى بـ68% مقابل 22% للعنف النفسى، و10% للعنف الجنسى.
مركز البحوث الجنائية والاجتماعية أكد أيضا، أن 80% من الأطفال يتعرضون للإساءة من أحد أو كلا الوالدين فى حالات الانفصال، منهم 26% أصغر من 4 سنوات و27% أعمارهم ما بين 8 – 12 عاما، و23% أعمارهم من 13 – 18 عاما، مشيرا إلى أن 52% من ضحايا العنف بعد الطلاق إناث، وأن 49% من الضحايا ذكور، ما يؤكد أننا أمام مشكلة كبيرة تتطلب تكاتف جميع مؤسسات الدولة.
فى النهاية، فإن اهتمام القيادة السياسية بتلك الأزمة يؤكد حدتها وخطورتها وضرورة التوقف أمامها وإيجاد الحلول الفورية، لإنقاذ المجتمع من شبح الخراب والدمار، حيث كان المتعارف عليه فى الماضى أن يتم الطلاق لأسباب وجيهة وحقيقية، كالخيانة الزوجية، أو إدمان المخدرات، والعنف الزوجى الشديد، أما الآن أصبح الطلاق يحدث يوميا لأتفه الأسباب، ما ينذر بكارثة إن لم ننتبه.
اقرأ أيضا:
190 ألف حالة خلال 2017.. لماذا تحتل مصر المركز الثالث عالميا في معدلات الطلاق؟
بعد حديث الرئيس السيسي.. كيف حاربت دار الإفتاء انتشار الطلاق في مصر؟
بعد 20 يوما من تكليفات الرئيس.. كشف حساب لوزيرة الصحة بملف قوائم انتظار المرضى
الرئيس يتابع علاج المصريين.. هذا ما قدمته وزارة الصحة لإنهاء قوائم انتظار المرضى