الإرهاب والجريمة المنظمة.. علاقة «الحب الحرام» بين المتطرفين وتجار المخدرات
الإثنين، 23 يوليو 2018 05:00 م
كان مشهد الأكوام من علب السجائر التى تحرق فى العلن، أحد أهم المشاهد التى ميزت توسع «داعش» فى السيطرة على المناطق فى سوريا والعراق خلال عام 2014، هؤلاء المتطرفون الذين حرموا المدخنين من متعتهم «الحرام»- بحسب وجهة النظر الداعشية- فى الناحية الأخرى اشتركوا طوال الوقت فى تجارة أخرى سرية هى أكثر خطورة، ألا وهى تجارة المخدرات، لينضم بذلك إلى قائمة التنظيمات المتطرفة التى اتخذت من تجارة المخدرات سبيلا لتمويلها، مثل «بوكو حرام، وطالبان، وحزب الله».
«داعش» المخدرات المصدر الثانى للأموال
ففى تقرير استخباراتى نشرته جريدة الشرق الأوسط السعودية عام 2017، أكدت فيه قيادات الاستخبارات العراقية قيام داعش بزراعة «القنب الهندى» وهو النبات الذى يستخرج منه مخدرات، الماريجوانا والحشيش، وأن مناطق مثل "البوركيبة، والشاخات، واللطيفية، والعويسات، وغيرها من الأماكن فى العراق استخدمت فى زراعة نبتة القنب الهندى وترويجها خارج مناطق سيطرة نفوذ التنظيم فى الفترة بين 2014 وحتى 2015، استنادا إلى فتوى تجيز بيع «السموم للكفار»، وهى فتوى شائعة استخدمها المقاتلون من طالبان والقاعدة فى أفغانستان.
وتوقعت الاستخبارات العراقية فى تقريرها، أن المخدرات هى ثانى أقوى مصدر لتمويل داعش فى فترة ذروتها، بعد حقول النفط التى سيطرت عليها فى سوريا والعراق، وأن هذه التجارة اتخذت طريقها إلى أوربا عبر التهريب من خلال الحدود التركية، التى ظلت داعش مسيطرة عليها حتى اوائل عام 2017.
الدواعش أنفسهم استخدموا مخدر «الكبتاجون» المعروف بكونه مادة كيمائية منشطة، شبيهة بـ«الترامادول» والذى يجعل مقاتليه يقضون أوقاتا طويلة دون نوم، وكذلك لا يشعرون بالألم، بل واستطاعت داعش فى الفترة التى سيطرت بها على مناطق واسعة من سوريا والعراق إلى فتح خطوط انتاج لهذا المخدر وتصديره للخارج، عبر التهريب من خلال لبنان وتركيا، وخلال عامى 2015 تم ضبط 10 ملايين حبة من الكابتيجون قادمة من سوريا عبر لبنان إلى السعودية، ومثلها تقريبا ذاهبة إلى السودان، وشاحنتين أخريتين فى المحيط الهادى والبحر المتوسط ذاهبتين إلى وجهات غير معروفة.
كما استطاعت السلطات الإيطالية فى الفترة من 2013 وحتى 2015 ضبط كميات ضخمة من الحشيش تقدر بحوالى 280 طنا من الحشيش، تم ضبطها فى البحر المتوسط، وتوصلت جهات التحقيق أن هذه المخدرات خرجت من مناطق «درنة، وسرت» فى ليبيا والتى سيطر عليها تنظيم داعش المتطرف، وذلك بحسب جريدة نيويورك تايمز.
حزب الله وتجار «الكوكايين» فى أمريكا اللاتينية.. شراكة لا تنتهى
«حزب الله يهيمن على شبكات عالمية لجمع الأموال لشراء الأسلحة، ولا يجب أن يخالجنا أى شك فى أن (التنظيم) هو منظمة إجراية عابرة للحدود»، بهذه الكلمات يصف ماثيو ليفيت مدير برنامج مكافحة الإرهاب فى معهد واشنطن الحزب اللبنانى، مستندا إلى إلى التقرير المشترك الذى شاركت فيه كل من «المخابرات الأمريكية، إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، وزارة الخزانة الأمريكية» عام 2014 وامتد ليشمل اشتراك سلطات فرنسية وإيطالية وبلجيكية، وعلى أراضى 7 دول، كشف فيه عن قيام الحزب بالاتجار بالمخدرات وغسل الأموال وشراء الأسلحة لاستخدامها فى شراء الأسلحة المستخدمة فى سوريا.
وبناء على هذه التحقيقات ألقى القبض على عدد من اللبنانيين المقيمين فى أوربا، من بينهم «رجل الأعمال» محمد نور الدين، وحمدى زهر الدين، وكشف عن صلتهم بالحزب اللبنانى، فى اكتوبر 2015 بتهمة غسيل أموال المخدرات، وشراء الكوكايين والأسلحة للاتجار بهم، وتمكنت السلطات فى عدد كبير من دول العالم بفضل هذا التقرير من تفكيك شبكة إجرامية للحزب تتاجر فى المخدرات وتتخذ طريقها من "كولومبيا وحتى عمق اوربا" للاتجار بالكوكايين.
«بوكو حرام».. تؤمن طريق المخدرات من «كولومبيا والمكسيك» وحتى أوربا وآسيا
تنشط حركة «بوكو حرام»، فى 5 دول تقريبا فى منطقة غرب إفريقيا على رأسها ولايات شمال نيجيريا وخاصة ولاية مايدوغورى، وقد بايعت الحركة تنظيم «داعش» فى مارس 2015، ووفقا للأمم المتحدة فإن هناك خط لتجارة المخدرات يخرج رأسا من امريكا اللاتينية إلى غرب إفريقيا عبر المحيط الأطلنطى، ليأخذ طريقه فى الصحراء الكبرى وينتهى به الأمر فى أوربا، أو جنوب آسيا.
وفى يناير من هذا العام نشرت صحيفة «كورييرى ديلا سيرا» اكبر الصحف الإيطالية تحقيقا حول دور الجماعات الإرهابية جنوب الصحراء فى تصدير مخدر «الترامادول» إلى أوربا عبر ميناء جيويا تاورو، وبحسب التحقيق فإن المنظمة الإرهابية نجحت فى إنشاء شبكة تهريب عبر منطقة الساحل عبر الصحراء الكبرى، خاصة بعد ثورات الربيع العربى وانهيار نظام القذافى فى ليبيا.
ووفقا لتقرير صادر عن لجنة غرب إفريقيا لمكافحة المخدرات، والتابعة للاتحاد الإفريقى، فإن حجم تجارة المخدرات فى المنطقة التى تسيطر عليها بوكو حرام يبلغ حوالى 1.25 مليار دولار، مشيرا إلى أن هذه التجارة تطورت لدرجة تعدت مجرد استخدام السفن التقليدية فى عملية نقلها، وصولا إلى استخدام طائرات قديمة من أمريكا اللاتينية إلى مناطق نفوذ بوكو حرام، ويتم تهريبها فى الصحارى عبر نفوذ جماعات إرهابية أخرى مثل حركة أنصار الدين والتى تسيطر على شمال مالى، والتوحيد والجهاد والمتواجدة فى المنطقة الصحراوية جنوب الجزائر.