لو غاوي وشوشه..هل هناك فرق بين «الإشاعة» و«الشائعة»؟
الأربعاء، 18 يوليو 2018 04:00 م
شائعات تخرج يوما بعد يوم من هنا ومن هناك من جبهات تطلق على نفسها «المعارضة» تارة وأخرى تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وذلك بغرض بث وإشاعة الفوضى فى المجتمع المصرى فى محاولة لإستغلال بعض الأحداث التي تشهدها مصر لترويج تلك الشائعات ضدها عبر الحسابات الرسمية، وكذلك عبر وسائل إعلامهم ومواقعهم الإلكترونية التي تبث من الخارج.
بالأمس القريب، تصدرت وسائل التواصل الإجتماعى «فيس بوك» و«تويتر» و«اليوتيوب» عدد من الشائعات التى شغلت الرأى العام المصرى مثل «إلغاء دعاوى صحة التوقيع، وبيع البلد للأجنبى المقيم بوديعة، وضع مادة في رغيف الخبز بهدف خفض عملية الانجاب، ووجود بيض صيني بلاستيكي بالأسواق وأن الحكومة سمحت باستيراده».
«صوت الأمة» رصدت الفرق بين «الإشاعة» و«الشائعة» من حيث الماهية وأنواع الإشاعة وعوامل وأسباب الإنتشار والمراحل .
الفرق بين الإشاعة والشائعة
«الإشاعة» فى اللغة هى اشتقاق من الفعل «أشاع»، بينما «الشائعة» لغة فهي اشتقاق من الفعل «شاع» الشيء يشيع شيوعاً وشياعاً ومشاعاً ظهر وانتشر، ويقال: شاع بالشيء : أى أذاعه.
بينما «الإشاعة» اصطلاحا فتعددت تعريفاتها، ومن هذه التعريفات: «الأفكار أو المعلومات التي يتناقلها ويتبادلها الناس، دون أن تكون مستندة إلى مصادر أو مصدر موثوق به يشهد بصحتها، أو هي الترويج لخبر مختلق لا أساس له من الواقع، أو يحتوي جزءاً ضئيلاً من الحقيقة، وهى أيضاَ كل قضية أو عبارة، يجري تداولها شفهياً، وتكون قابلة للتصديق، وذلك دون أن تكون هناك معايير أكيدة لصدقها، كما تُعد أيضاَ كلام هام أو أفكار عامة، انتشرت بسرعة، واعتقد فيها، وليس لها أي وجود أصلي»-بحسب خبراء-.
و«الإشاعة» أيضاَ يراها البعض عبارة عن ضغط اجتماعي مجهول المصدر، يحيطه الإبهام والغموض، وتحظى من قطاعات عريضة بالاهتمام، ويتداولها الناس لا بهدف نقل المعلومات، وإنما بهدف التحريض والإثارة وبلبلة الأفكار، وكذا معلومة لا يتم التحقق من صحتها ولا من مصدرها، وتنشر عن طريق النقل الشفهي».
الشائعة
والشائعة: هي خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع وتُتداول بين العامة ظناً منهم على صحتها، ودائماً ما تكون هذه الأخبار شيقة ومثيرة لفضول المجتمع والباحثين وتفتقر هذه الشائعات عادةً إلى المصدر الموثوق الذي يحمل أدلة على صحة الأخبار.
هذا التعدد فى التعريفات يرجع إلى أن كل تعريف يركز على خصائص أو خصيصة معينة لـ«الإشاعة»، دون غيرها من الخصائص، وبالجمع بين هذه التعريفات يمكن تعريف «الإشاعة» بأنها : «خبر مجهول المصدر غير مؤكد الصحة يتم تداوله شفاهة عادة قابل للتصديق، وقابل للإنتشار، وأن الشائعة تنتشر بشكل تلقائى، ودون أن يدرى ناقل الخبر كذب هذا الخبر، بينما «الإشاعة» تنتشر بشكل قصدى أى بفعل فاعل «على الأقل فى مراحلها الاولى»، ويعى هذا الفاعل كذب الخبر.
اقرأ أيضاَ: «حرب الشائعات».. الفرق بين الشائعة والبلاغ الكاذب ومتى تصل العقوبة للإعدام؟
أنواع الاشاعة:
1-الإشاعة الزاحفة «البطيئة» : وهي إشاعة تروج ببطء، وهمسا وبطريقة سرية، وهذا التكتم يجعل المتلقي يجعله يعتقد بصدقها.
2-الإشاعة السريعة «الطائرة»: وهى إشاعة سريعة الإنتشار، وسريعة الاختفاء أيضا.
3-الإشاعة الراجعة: وهي إشاعة تروج ثم تختفي، ثم تعود وتظهر من جديد إذا تهيئات لها الظروف، أو في الأوقات التي يريدها مطلق الإشاعة.
4-الإشاعة الاتهامية «الهجومية»: وهى إشاعة يطلقها شخص بهدف الحط من مكانة منافس له.
5-الإشاعة الاستطلاعية: ومحاولة لاستطلاع ردة فعل الشارع، لذلك يطلقها منشئوها للتعرف ماذا يكون رد فعل الشارع لو تم اتخاذ قرار ما .
6-إشاعـة الإسقاط: وهي الاشاعة التي يسقط من خلالها مطلقها صفاته الذميمة على شخص أخر، واغلب الإشاعات المتعلقة بالشرف هي من هذا النوع، وقد أشارت بعض النصوص إلى إلي هذا النوع من الإشاعات وصفات مطلقها.
كما في قوله تعالى «وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ. هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ .مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ.عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ» «القلم: 10-13» ورد فى تفسيرابن كثير «…قَالَ اِبْن عَبَّاس الْمَهِين الْكَاذِب… وَقَوْله تَعَالَى «هَمَّاز» قَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة يَعْنِي الِاغْتِيَاب «مَشَّاء بِنَمِيمٍ» يَعْنِي الَّذِي يَمْشِي بَيْن النَّاس وَيُحَرِّش بَيْنهمْ…«مناع» أَيْ يَمْنَع مَا عَلَيْهِ وَمَا لَدَيْهِ مِنْ الْخَيْر «مُعْتَدٍ» فِي تَنَاوُل مَا أَحَلَّ اللَّه لَهُ يَتَجَاوَز فِيهَا الْحَدّ الْمَشْرُوع «أَثِيم» أَيْ يَتَنَاوَل الْمُحَرَّمَات… أَمَّا الْعُتُلّ فَهُوَ الْفَظّ الْغَلِيظ…َ وَالْأَقْوَال فِي هَذَا كَثِيرَة وَتَرْجِع إِلَى مَا قُلْنَاهُ وَهُوَ أَنَّ الزَّنِيم هُوَ الْمَشْهُور بِالشَّرِّ الَّذِي يُعْرَف بِهِ مِنْ بَيْن النَّاس وَغَالِبًا يَكُون دَعِيًّا وَلَهُ زِنًا…».
7-إشاعـة التبرير: وهى الإشاعة التي يهدف مطلقها إلى تبرير سلوك الغير أخلاقى تجاه شخص أو جماعة معينه.
8-إشاعـة التوقع: وهي الاشاعة التي تنتشر عندما تكون الجماهير مهيأة لتقبل أخبار معينة أو أحداث خاصة، مهدت لها أحداث سابقة .
9-شائعة الخوف: وهى الشائعة التى دافعها الخوف من وقوع حدث مأساوى معين فى المستقبل.
10-شائعة الأمل: وهى الشائعة التى دافعها الأمل فى وقوع حدث سار فى المستقبل كإشاعات النصر في زمن الحرب .
11-شائعة الكراهية: وهى الشائعة التى دافعها كراهية شخص أو جماعة معينه.
اقرأ أيضا: تستهدف عقول الشباب وقلب الوطن.. كيف تستخدم «الشائعات» فى حروب الجيل الرابع؟
عوامل انتشار الإشاعة:
أولا: الشك العام يقول مونتغمري بلجيون «يتوقف سريان الإشاعة على الشك والغموض في الخبر أو الحدث، فحينما تعرف الحقيقة لا يبقى مجال الإشاعة»، فالإشاعة التي هي محاولة لتبادل العلم بالواقع ومشكلاته في ظل نظام اعلامى يحاول الحيلولة دون هذه المعرفة، لذا يعتبر بعض الباحثين أن الإشاعة هي مجرد «بديل» يعوض غياب الحقيقة الرسمية، فالإشاعة تنتشر، عندما تتوقف المؤسسات – التي من المفروض أن تقدم الخبر المضبوط – عن مهامها الحقيقية.
ثانيا: إشراك المتلقي في التفكير في النتائج مما يفتح أمامه فضاء من التخيلات لا تخضع إلا للرغبات والأهواء.
ثالثا: القلق الشخصي.
رابعا: سرعة تلقي الإشاعة أو سذاجة المتلقي أو عقلية القطيع.
خامسا: الترقب والتوقع، وعدم الاستقرار وعدم الثقة.
سادسا: وجود أجواء التوتر النفسي التي تخيم على المجتمع.
سابعا: سوء الوضع الاجتماعي والاقتصادي.
ثامنا: الفراغ الناتج من تفشي ظاهرة البطالة الظاهرة والمقنعة، ومن أشكال الاخيرة البطالة المقنعة بأوراق البيروقراطية، ممثله في وجود موظفين لا يعملون شيئا إلا البقاء في مكاتبهم لتبرير قبضهم لمرتباتهم، وتعطيل الموظفين العاملين المنتجين فعلا.
تاسعا: شيوع أنماط التفكير الخرافي القائم على قبول الأفكارالجزئية دون التحقق من صدقها أو كذبها بأدلة تجريبية والاسطورى القائم على قبولا لأفكارالكلية دون التحقق من صدقها أو كذبها بأدلة منطقية.
عاشرا: شيوع ظاهرة الحرمان الادراكى، ومضمونها تداول الناس فى المجتمعات المغلقة لمجموعة محدودة من المعارف، وممارسة عادات نمطية متكرره، غارقين فى بركة راكده من الحياة المملة غير المتصلة بمجريات الحياة خارجها ( د.عصمت سيف الدولة، مذكرات قريه، دار الهلال ، 1995 ، ص174 -175)، وهنا يصبح اطلاق الاشاعات وتلقيها محاولة لايجاد جديد.
مراحل انتشار الإشاعــة:
أولا: مرحلة الإدراك الانتقائي: إي إدراك الحدث أو الخبر من جانب شخص أو عدة أشخاص، ويرجع اهتمام هؤلاء بالحدث أو الخبر لمغزاه الاجتماعي في نفوسهم.
ثانيا: مرحلة التنقيح بالهدف والإضافة: وذلك حتى تتلاءم العناصر المكونة للإشاعة مع بعضها البعض من جهة، ومن ثقافة المجتمع من جهة أخرى.
ثالثا: مرحلة الاستيعاب النهائي والانتشار: وذلك بعد أن تكون مستصاغة، سهلة الاستيعاب، متوافقة مع المعتقدات والأفكار والقيم السائدة في المجتمع.
اقرأ أيضا: مركز المعلومات حائط صد ضد شائعات مواقع التواصل.. ماذا عن الأرز والبيض البلاستيك؟
شرطين أساسيين لانتشار الإشاعة
ويخضع انتشار الإشاعة لشرطين أساسيين هما: أهمية موضوع الاشاعة وغموضه، كما أن هناك تناسب طردي بين ازدياد فرصة انتشار الإشاعة وكل من العوامل التالية:
أ-الإنسجام بين شكل الإشاعة وصياغتها.
ب-استعداد الوسط الاجتماعي لتقبلها.
ج-كون محتوى الجد الذي تحتويه الإشاعة مختصراً .
ذ-كونها تعبر عن رمز اجتماعي أو نفسي برغبة أو برهبة أعضاء الجماعة.
موقف الدين من الإشاعة
اعتبر الإسلام الإشاعة والشائعة ظواهر سالبه، و نهى عن إطلاقهما أو تلقيهما بنصوص قطعيه، ووضع جملة من الضوابط الاخلاقية والقانونية التي تحد من تفشيهما في المجتمع:
قال تعالى «إن الذين يُحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون» «النور:19» يقول الإمام الفخر الرازي في تفسير هذه الآية «ومعنى الإشاعة الانتشار، يقال في هذا العقار سهم إشاع، إذا كان في الجميع ولم يكن منفصلاً، وشاع الحديث إذا ظهر في العامة···».
وقال تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ» «الحجرات:6»… و قال تعالى «إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم،لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا ان نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم، يعظكم الله ان تعودوا لمثله أبدا ان كنتم مؤمنين» «النور:15-17».
وقال تعالى «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» « النور :4»
لكن رغم ذلك فقد شاعت هذه الظواهر السالبة كمحصلة لعوامل ذاتية وموضوعية متفاعلة منها: أن هذه المجتمعات قد أنزلقت إلى الجماعية القبلية -كمحصلة لتخلف نموها الاجتماعي، وشيوع كثير من أنماط التفكير والسلوك البدعى التى تتناقض مع الإسلام كعلاقة انتماء ديني حضاري للشخصيه المسلمه، وكذلك شيوع نمطى التفكير شبه الخرافى شبه الإسطورى -المتضمنان فى نمط التفكير والسلوك البدعى.
دوافع وأهداف الإشاعة
دوافع وأهداف الإشاعة: تعددت دوافع واهداف الاشاعات، فهناك اشاعات ذات دوافع شخصية عديدة أهمها الحسد، والحسد فى علم النفس مؤشر لاضطراب فى الشخصية، وهو محصلة تحكم العديد من الانفعالات السلبية كالغضب والخوف والكراهية وعدم المقدرة على المواجهة والضعف والشعور بالعجز وعدم الثقة بالنفس على القوى العقلية والنفسية.
وظاهرة الحسد وإن كانت لها جذور في النفس البشرية إلا أنها ليست غريزة، بل هى ظاهرة نفسيه ترجع الى عوامل تربوية، اجتماعيهة، ثقافية متفاعله كالحرمان والنقص والطرد الإجتماعي، فهى محاولة سلبية لتعويض مركب نقض مادى أو إجتماعى أو تعليمى أو ثقافى.
اقرأ أيضا: «كفاية شائعات وترويج للفتن».. كيف انتصرت الدولة في معركة قانون الصحافة والإعلام؟
ويتفاوت الافراد فى مقدرتهم على الضبط الذاتى لإنفعال الحسد، فقد يبقى عند البعض على مستوى الانفعال الذاتى دون أن يتحول إلى فعل، وقد يتحول عند آخرين إلى فعل رافض للمجتمع، وقد يأخذ هذا الفعل الرافض للمجتمع شكل سلبى قد يصل الى أن يكون حالة مرضية يجب علاجها من رفض صاحبها الاستجابة الى واقعه الاجتماعى، وقد يأخذ شكل ايجابى قد يتجسد فى مواقف مضاده لقيم المجتمع فتثير استنكاره واستهجانه.
وقد يصل الى أن يكون حالة اجرامية لا يتردد القضاء فى الحكم بحبس صاحبها أو اعدامه عندما يصل رفضه للمجتمع إلى حد تحدى حركته أو وجوده، وهناك إشاعات ذات أهداف سياسيه كالإشاعات الهجومية أو الاتهاميه التي تطلقها قوة سياسية معينه ضد قوة سياسية أخرى، وكالإشاعات الإنصرافية، والتي تطلقها الحكومات بهدف صرف أنظار الناس عن قرارات و أحداث معينه، تفترض أنها قد تلقى معارضه منهم، غير أنها في التحليل النهائي تأت بنتيجة معاكسه، إذ هي بذلك تساهم في إيجاد بيئة مواتيه للإشاعات، ومنها الإشاعات المضادة لهذه الحكومات، وهناك إشاعات ذات أهداف اقتصادية كالتأثير على أسعار مواد السوق لتحقيق مزيد من الأرباح، وهناك اشاعات ذات اهداف عسكرية، فالإشاعة من أخطر أساليب الحرب النفسية، وقد تستخدم بهدف رفع الروح المعنويه للجيش «الدعاية البيضاء» ، أو اضعاف الروح المعنوية للعدو «الدعاية السوداء».