بعد حريق مستشفى الحسين.. كيف يحول الإهمال منشآت ومؤسسات الدولة إلى رماد؟ (صور)
الأربعاء، 11 يوليو 2018 08:00 ص
تشهد مصر موجة كبيرة من الحرائق خلال الفترة الحالية، والتى من شأنها أن تخلف خسائر بملايين الجنيهات، إلى جانب الخسائر فى أرواح المواطنين، ما يجعلنا نتوقف أمام عدد هذه الحرائق خلال فترة قصيرة جدا، وأهم الأسباب التى أدت لاندلاع تلك الحرائق، وكيف تتمكن الأجهزة المعنية من السيطرة عليه، بالإضافة لدور الدولة فى مواجهة أسباب اندلاع الحرائق خاصة فى المنشآت والمؤسسات الحيوية والمصانع الكبرى، والأبنية العتيقة.
منذ أيام قليلة، اندلع حريق هائل داخل مبنى مستشفى الحسين الجامعى، وامتدت النيران إلى أربعة طوابق متتالية بالمستشفى، حيث بدأت ألسنة اللهب من قسم الرمد بالطابق الرابع بالمستشفى، ما أثار حالة من الرعب والهياج بين أطقم العمل المختلفة من أطباء وتمريض وفنيين، إلى جانب الرعب الذى شب فى نفوس المرضى داخل أروقة وغرف المستشفى.
وفى سبيل السيطرة على النيران ومنع خطر امتداد الحريق إلى باقى المنشأة التى تعد من أهم المؤسسات الطبية فى مصر، دفعت الإدارة العامة للحماية المدنية بالقاهرة، بعدد 12 سيارة إطفاء و4 خزانات مياه كبيرة، و2 سلم هيدروليكى، حيث تمكنت من إخماد مصدر النيران، بالتزامن مع أعمال إخلاء المرضى من الأماكن التى طالها الحريق، ثم بدأت فى عمليات التبريد، حتى لا تتجدد النيران وتنتشر إلى أماكن أخرى.
تسبب حريق مستشفى الحسين الجامعى فى وفاة أحد المرضى وإصابة 11 آخرين بحالات اختناق شديدة جراء الأدخنة الكثيفة التى تصاعدت بسبب شدة النيران، حيث دفعت وزارة الصحة بعدد كبير من سيارات الإسعاف إلى موقع الحادث، لنقل المصابين إلى مستشفى سيد جلال «باب الشعرية»، لتلقى الإسعافات اللازمة، كما تم نقل باقى المرضى المتضررين، لتلقى العلاج.
فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، تابع تطورات الحريق بمستشفى الحسين الجامعى التابعة لجامعة الأزهر، من خلال القيادات الموجودة بمقر المستشفى، للاطمئنان على المرضى، كما وجه بفتح تحقيق عاجل لمعرفة أسباب الحريق ومحاسبة المسئولين حسب نتيجة التحقيقات، فيما وصل إلى مقر المستشفى فريقا من المعمل الجنائى، للمعاينة والوقوف على أسباب الحريق وملابساته، حيث رجحت المعاينة أن يكون ماس كهربائى السبب فى اندلاع النيران.
وحول أسباب الحريق، تلقى وزير القوى العاملة محمد سعفان، تقريرا من الإدارة المركزية للسلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، بأسباب ونتائج معاينة حريق مستشفى الحسين الجامعى، يكشف عن 15 مخالفة للسلامة والصحة المهنية من ضمنها عدم تأمين المنشأة ضد مخاطر الحريق، لعدم تنفيذ اشتراطات الحماية المدنية، وعدم وجود خطة للطوارئ وإدارة الأزمات داخل مبنى المستشفى.
فيما أكد الدكتور محمد المحرصاوى، رئيس جامعة الأزهر، أنه تم تشكيل لجنة فنية من كلية الهندسة بجامعة الأزهر، للوقوف على صلاحية مبنى المستشفى المحترق، وأن الجامعة فى انتظار التقرير النهائى للنيابة حول أسباب اندلاع النيران، مشيرا إلى أنه سيتم اتخاذ إجراءات رادعة حال ثبوت أى تقصير من أى مسئول، وأن لا تستر نهائيا على فاسد أو مهمل.
لم يكن حريق مستشفى الحسين الجامعى الوحيد خلال الفترة الحالية، إلا أن هناك عدد كبير من الحرائق اندلع منذ بداية فصل الصيف، ما يجعلنا نبحث وراء الأسباب لمحاولة تلافيها مستقبلا من أجل الحفاظ على الأرواح والممتلكات، حيث تعددت حرائق الشقق السكنية والمصانع وغيرها من المنشآت الهامة والحيوية والأثرية، وكان آخرها حريق مبنى عتيق بشارع كلوت بك فى وسط القاهرة اليوم.
الإدارة العامة للحماية المدنية بوزارة الداخلية، تناشد الشركات والمؤسسات والمسئولين عن المبانى الحيوية دائما، بضرورة التأكد من وجود اشتراطات الحماية المدنية، ووجود الأمن الصناعى اللازم، للتصدى لمثل هذه الحرائق خاصة خلال فصل الصيف وأثار ارتفاع درجة الحرارة على الأجهزة والمعدات ما يعزز من فرص اندلاع النيران.
فيما يؤكد الخبراء أن منظومة الأمن والسلامة فى مصر سيئة جدا، حيث إنه ضمن كل 10 منشآت لا يوجد إلا واحدة فقط بداخلها منظومة سلامة وأمن، وأنه لا توجد صيانة لنظم الأمن والسلامة، ولا متابعة أو رقابة حقيقية على المسؤولين عن إدارة المنشآت، ما يسمح بالإهمال حتى فى أساسيات وأدوات التعامل مع الحرائق مثل طلمبات الحريق ورشاشات المياه وأجهزة الإنذار.
يأتى ذلك كله رغم أن قانون العمل المصرى رقم 12 لسنة 2003، يتضمن بندا للسلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، وفى هذا البند مادتين عن الوقاية من الحرائق فى المنشآت وكيفية التعامل معها، حيث تنص المادة الأولى من القانون على أنه «تلتزم المنشأة وفروعها باتخاذ الاحتياطات والاشتراطات اللازمة للوقاية من مخاطر الحريق طبقا لما تحدده الجهة المختصة بوزارة الداخلية وحسب طبيعة النشاط الذى تزاوله المنشأة والخواص الفيزيائية».
ويحدد عمل لجنة الكوارث فى أى منشأة المادة الثانية من بند السلامة والصحة المهنية بقانون العمل، وتنص على أنه «تلتزم المنشأة وفروعها بإجراء تقييم وتحليل للمخاطر والكوارث الصناعية والطبيعية المتوقعة وإعداد خطة طوارئ لحماية المنشأة والعمال بها عند وقوع الكارثة، على أن يتم اختيار فاعلية هذه الخطة وإجراء بيانات عملية عليها للتأكد من كفاءتها وتدريب العمال لمواجهة متطلباتها».
كم أن إهمال أعمال التفتيش الدورى على توافر اشتراطات الحماية المدنية والأمن الصناعى سواء فى المؤسسات المملوكة للدولة أو المنشآت الصناعية وغيرها قد يؤدى إلى التساهل من جانب المسئولين عن منظومة الأمن والسلامة داخل تلك المنشآت، ومن ثم تحدث الكوارث التى أصبحنا غير قادرين على حماية أنفسنا من أخطارها، كما أن انعدام الضمير عند توفير منظومة الأمن والسلامة داخل تلك المنشآت وعدم الاهتمام بصيانتها بشكل دورى يؤدى إلى مثل هذه الكوارث.
اقرأ أيضا:
بعد دفع 2.5 مليون جنيه فدية.. قصة عودة «طفل الشروق» المختطف لأحضان أسرته
ممشى أهل مصر.. كيف تخطط الحكومة لإعادة المظهر الحضارى والجمالي للنيل؟
حتى لا ننسى جرائم الإخوان.. ذكرى استهداف الكتيبة 103 صاعقة واستشهاد المنسى ورفاقه