بعد زيادة معدلات «العنوسة» فى مصر.. كيف تواجه الدولة أزمة ارتفاع سن الزواج؟
الخميس، 05 يوليو 2018 09:00 م
«العنوسة» مصطلح يطلق على الفتيات والشباب البالغين الذين لم يتزوجوا، وهو تعبير عامي يستخدم لوصف من تعدوا سن الزواج المتعارف عليه، ويعتقد البعض أن هذا المصطلح يطلق على النساء دون الرجال، وهذا غير صحيح، حيث إنه خاص بكلا الجنسين، وتنتشر ظاهرة العنوسة فى مصر بدرجة كبيرة، لعدة أسباب أبرزها البطالبة وغلاء المهور والإسكان، وارتفاع تكاليف الزواج بسبب العادات والتقاليد المتبعة والمغالاة فى متطلبات تلك المرحلة الهامة من حياة الشباب.
وبحسب البيانات والإحصاءات المتداولة، فقد سجلت معدلات العنوسة مستويات قياسية عربياً، حيث جاءت لبنان فى صدارة الدول العربية والخليجية بأعلى معدل فى العنوسة بنسبة 85% برغم أن فتياتها الأجمل عربيا، بينما سجلت البحرين أقل معدل فى العنوسة بنسبة 25%، فيما بلغت معدلات العنوسة باليمن 30%، وسجلت نحو 40% فى المغرب ومصر، و42% بكل من الأردن والسعودية، و50% بالجزائر، و62% فى تونس، بينما بلغت معدلات العنوسة فى سوريا والعراق نحو 70%، و75% بدولة الإمارات.
وفى إحصائية جديدة تتحدث عن نسبة «العنوسة» بمصر، أكد الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن سن الزواج المتعارف عليه بكل دولة هو المحدد الأول للمصابين بـ«العنوسة»، حيث يبلغ فى مصر نحو 30 عاما، مشيرا إلى أن الإناث اللاتى لم يتزوجن فى الفئة العمرية «35 عاما» فأكثر بلغن نحو (472) ألف أنثى بنسبة 3.3% من إجمالى عدد الإناث فى تلك الفئة العمرية خلال عام 2017، مقابل 687 ألف حالة ذكور بنسبة 4.5% من إجمالى أعداد الذكور فى تلك الفئة العمرية.
وفى هذا السياق، تشير المعلومات إلى أن ارتفاع معدلات العنوسة بمصر تسبب فى ظهور بعض الظواهر غير المقبولة اجتماعيا ودينيا، مثل «الزواج السرى، والعرفى» بين الشباب، إلى جانب ارتفاع معلات جرائم الآداب العامة وممارسة الدعارة بمقابل مادى، بالإضافة إلى الإصابة بأمراض نفسية متعددة، وبالنسبة للرجال فقد دفعت البعض منهم للإقبال على إدمان المخدرات، أو الإقدام على الانتحار.
وبحسب بيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء حول ظاهرة «العنوسة فى مصر»، وصلت هذه النسبة بين الذكور فى الحضر إلى 6.8% مقابل 2.4% بالريف خلال 2017، وقد يرجع ذلك للوضع الاقتصادى الذى يتضمن غلاء المسكن، سواء كانت مستأجرة أم مملوكة، وتكاليف الزواج من «مهر، وتجهيزات المنزل، وغيرها»، بينما بلغت نسبة «العنوسة» فى الإناث 4.2% بالحضر، مقابل 2.6% بالريف، ويرجع ذلك إلى ارتفاع مستوى التعليم بالنسبة للإناث بالحضر عنه بالريف، حيث تؤجل الكثير من الإناث فكرة الزواج، لحين الانتهاء من الدراسة.
وأكد الجهاز أنه طبقاً للحالة التعليمية، فقد سجلت الإناث الحاصلات على مؤهل جامعى فأكثر ولم يتزوجن أعلى نسبة للعنوسة فوق (35 عاما)، حيث بلغت النسبة بينهن (5.8%)، تلاها من تعرف القراءة والكتابة بنسبة (4.1%)، ثم الحاصلات على شهادة متوسطة وفوق المتوسطة بنسبة (3.2%)، وفى المقابل جاءت النسبة الأقل بين الحاصلات على شهادة أقل من المتوسطة بنسبة (2.4%)، وذلك للإناث فوق (35 عاما).
وحول أسباب تفشى الظاهرة بهذه النسب الكارثية، أكد جهاز الإحصاء أن أهم أسباب انتشارها يرجع لغلاء المهور، وارتفاع تكاليف الزواج، وغلاء المعيشة، وصعوبة توفير السكن المناسب للزواج، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع معدل تعليم الإناث فى الحضر، بالإضافة إلى الانشغال بالعمل أو الوظيفة من قبل الفتاة، وعدم الرضا بمن يتقدم إليها للزواج، كما أن ضعف الأجور التى يتقاضاها الشباب قد تقف حائلا أمام تحقيق أحلامهم بالزواج وتكوين أسرة.
وفى سبيل التصدى لتلك الظاهرة السلبية، تقدم عدد من نواب البرلمان، بمشروع قانون لإنشاء صندوق لتمويل زواج الشباب، حيث يوجد بمصر أكثر من 10 ملايين شاب وفتاة يعانون من العنوسة، حيث يستهدف القانون مواجهة ظاهرة التحرش وجرائم الاغتصاب وارتفاع معدلات الطلاق التى انتشرت جراء ارتفاع معدلات العنوسة، وذلك من خلال منح الشباب المقبلين على الزواج قرض حسن قيمته 60 ألف جنيه بدون فوائد وبآلية سداد على 12 عاما، على أن لا يقل عمر طالب القرض عن 19 عاما، وأن يكون زواج الشاب لأول مرة، ويستثنى من ذلك من توفيت زوجته الوحيدة، ومن طلق زوجته الوحيدة قبل الدخول بها أو فرق بينهما.
وتجدر الإشارة إلى أهمية إيجاد حلول جذرية لتلك المشكلة الخطيرة التى تؤثر سلبا على الفرد والمجتمع على حد سواء، حيث يجب على جميع فئات المجتمع ومؤسسات العمل الأهلى والاجتماعى، إعادة النظر حول الآثار السلبية التى تنتج عن تفاقم تلك الأزمة وتفشى الظاهرة، باعتبار الزواج ضرورة لضمان أمن واستقرار المجتمع، ومن ثم تحقيق التنمية المستدامة، من خلال حل أزمة السكن، وتوفير فرص العمل، وتنمية مهارات وقدرات الشباب، إلى جانب المشروعات الخيرية التى تسهم فى زواج الشباب.
لا يمكن للدولة أن تتصدى لظاهرة العنوسة وحدها، ولكن يجب أن تتكاتف معها باقى مؤسسات المجتمع المدنى، وعلى وسائل الإعلام بكافة أشكالها دورا كبيرا فى محاربة تلك الظاهرة المؤثرة بالسلب على الفرد والمجتمع، من خلال نشر المبادرات الإيجابية التى يقدمها الأفراد أو المجموعات فى هذا الشأن، إلى جانب توعية المجتمع بخطورة الظاهرة وضرورة عدم المغالاة فى المهور والمتطلبات الخاصة بالزواج، والتى من شأنها أن تكرث للأزمة ومن ثم تدمر نسيج المجتمع، بالإضافة أيضا لدورها التثقيفى لنبذ العادات والتقاليد التى تتحكم فى مقومات وشروط الزواج بين طبقات المجتمع المختلفة، ودورها فى توضيح ونشر الآثار السلبية التى تلحق بالمجتمع جراء تفاقم الأزمة.
اقرأ أيضا:
الطريق إلى اليابان.. هل تعيد «المدارس اليابانية» مشروع محمد علي للتعليم في مصر؟
أكبر طالب ثانوي في مصر.. «المليجى» يتفوق على الزمن ويهزم مقولة "النقش على الماء"
لمنع تهريب المواد البترولية للسوق السوداء.. كيف تتصدى الدولة لـ«مافيا الوقود»؟