بعد مقتل عشرات السياسيين.. كيف أصبحت الانتخابات المكسيكية الأكثر دموية بالعالم؟
السبت، 30 يونيو 2018 09:00 ص
المكسيك جمهورية دستورية فيدرالية فى أمريكا الشمالية، حيث يحدها من الشمال الولايات المتحدة الأمريكية، ومن الجنوب والغرب المحيط الهادئ، ومن الجنوب الشرقى جواتيمالا وبليز والبحر الكاريبى، ومن الشرق خليج المكسيك، تبلغ مساحتها نحو 2 مليون كيلو متر مربع، ويقدر عدد سكانها بأكثر من 112 مليون نسمة، وتضم 31 ولاية ومقاطعة فدرالية واحدة هى العاصمة «مكسيكو سيتى».
الحرب المكسيكية الأمريكية قادت إلى الثورة المكسيكية فى عام 1910، وبلغت ذروتها مع صدور دستور 1917 وظهور النظام السياسى الحالى فى البلاد، واتسمت الانتخابات الرئاسية فى يوليو 2000 بأنها المرة الأولى التى يفوز بها حزب معارض من الحزب الثورى المؤسسى، إلا أن اللافت للانتابه هو مناخ العنف السياسى الذى يضرب المكسيك قبل الانتخابات الرئاسية، حيث تعيش البلاد خلال الفترة الحالية أكثر الحملات الانتخابية دموية فى التاريخ تزامنا مع الانتخابات المقررة فى أول يوليو المقبل.
موجة قوية من العنف تضرب المكسيك الآن، حيث شهدت الحملة الانتخابية فى المكسيك مقتل 133 سياسيا ومرشحا منذ انطلاق السباق الرئاسى فى سبتمبر الماضى، فيما يستبعد الخبراء السياسيون انتهاء العنف بعد انتخاب الرئيس المكسيكى الجديد، فمنذ بداية الحملة اغتيل بين 124 و130 سياسيا بينهم 47 مرشحا، وبات العنف فى البلاد ظاهرة يومية.
قد يكون المتسبب الرئيسى فى معظم جرائم قتل السياسيين هم عصابات المخدرات وفقا لصحيفة «إيه بى سى» الإسبانية، حيث تسعى تلك العصابات للسيطرة على الحياة السياسية بالمكسيك، خاصة على المستوى المحلى، إلا أن الصحيفة ترى أن الحزب الثورى المؤسسى هو المتسبب الحقيقى فى تلك الجرائم للفوز فى الانتخابات الرئاسية، رغم سقوط 44 عضوا بالحزب قتلى بسبب الحرب السياسية المستمرة بين الأحزاب، حيث شهدت المكسيك 29168 حالة قتل فى عام 2017 أغلبها ضد سياسين.
وفى هذا السياق تقول الصحيفة الإسبانية، إن ائتلاف PAN سجل 43 قتيلا، منهم 18 مرشحا للانتخابات المحلية، وقتل رؤساء بلديات سابقين وأعضاء مجالس، وانسحب أكثر من ألف مرشح من الأعراق المحلية قبل الانتخابات التى ستجرى أيضا فى الأول من يوليو المقبل، خشية أن يتم إطلاق النيران عليهم ويلقون مصير رفاقهم، حيث يبدوا أن رئاسة إنريكيه بينيا نييتو للبلاد هى الأكثر دموية.
وفى حادث غريب، تم اعتقال جميع أفراد الشرطة المحلية بمدينة أوكامبو المكسيكية، للاشتباه فى تورطهم بقتل مرشح لمنصب عمدة المدينة، وبحسب شبكة «بى بى سى» البريطانية، فقد قتل فرناندو خواريز برصاص مجهولين، ليكون ثالث سياسى يقتل فى ولاية ميتشواكان الغربية خلال أسبوع، حيث اعتقلت الشرطة الفيدرالية 27 فردا من الشرطة المحلية وسكرتير الأمن العام المحلى.
فيما اغتيل مرشحا آخر للانتخابات البلدية مع 4 آخرين بالرصاص، وكانوا فى طريقهم إلى أحد المقرات الانتخابية، بينما أصيب 2 آخرين، وقالت وزارة العدل فى ولاية واهاكا، إن المرشح للانتخابات البلدية «ايميغديو لوبيز افيندانو» كان ينتمى لمجموعة من السكان الأصليين.
كما قُتلت مرشحة لعضوية مجلس بلدى فى جنوب المكسيك، حيث اغتيلت «باميلا تيران» المرشحة عن الحزب الثورى المؤسساتى الحاكم فى جوتشيتان بولاية واخاكا، مع المصورة «ماريا دل سول كروز» وشخص آخر أثناء خروجهم من أحد المطاعم، ويبدو أندريس مانويل لوبيز أوبرادور من حزب «مورينا» اليسارى الذى يترشح للمرة الثالثة للرئاسة، والمرشح الأوفر حظا للفوز وسط أجواء من تفشى الفساد والجريمة وضعف الاقتصاد.
وبنفس الطريقة الدموية، قتل مرشح آخر لمنصب العمدة أمس الخميس، فى ثانى عملية اغتيال خلال 24 ساعة حيث أكدت وكالة أنباء كوادراتين، مقتل فيرناندو أنجيليس خواريز المنتمي لحزب الثورة الديمقراطية اليساري في أوكامبو التي تبعد نحو 180 كيلومترا غرب العاصمة مكسيكو سيتى، بالرصاص داخل منزله على يد 3 أشخاص فروا هاربين.
يشار إلى أن الحرب التى شنتها حكومة فيليبى كالديرون «2006-2012» عام 2006 ضد عصابات المخدرات أدت إلى تجزئة هذه الجماعات الإجرامية إلى خلايا أصغر حجماً وبعضها عنيف جدا، وأنهم عازمون على قتل السياسيين الذين لا يمكنهم السيطرة عليهم، فيما تعهد ممثلو الادعاء فى المكسيك بتعقب ومعاقبة المسئولين عن موجة العنف التى أدت إلى مقتل الكثيرون خلال فترة الانتخابات.
وقال المدعى العام بولاية بويبلا، فيكتور كارانكا، فى مؤتمر للمحامين الوطنيين: «إن المدعين يوجهون رسالة مشتركة إلى المجتمع المدنى مفادها أن مؤسسات القضاء ترفض العنف السياسى»، متابعا: «هدفنا هو المساهمة فى ثقة الجمهور بمؤسسات تطبيق القانون العام فى الأيام التى تسبق الانتخابات، والتى ستسهم فى حرية التصويت بصناديق الاقتراع»، كما طالب حزب الثورة الديمقراطية اليسارى، السلطات بحماية المرشحين، وسرعة ضبط ومعاقبة المسئولين عن جرائم قتل السياسيين.
وفى ظل هذه الموجة الكبيرة جدا من العنف السياسى، سيتوجه المكسيكيون الذين أنهكهم الفساد والعنف وانتشار الجريمة بشتى أنواعها، إلى صناديق الاقتراع، يوم الأحد المقبل، لانتخاب رئيسهم الجديد، وتجديد مقاعد مجلس النواب ومجلس الشيوخ، إلى جانب العديد من المناصب المحلية الأخرى.
اقرأ أيضا:
كيف يحكم «مارك» العالم بفضائه الأزرق؟.. «فيس بوك» يشارك في صناعة وتمويل الإرهاب
حتى لا ننسى جرائم الإخوان بعد 30 يونيو.. مخططات الجماعة لضرب الاقتصاد القومي
التقزم بين الأطفال يسجل 30%.. لماذا تضاءلت القامات وكيف نستعيد هيبة المصريين؟