إغلاق المساجد.. فرصتنا؟
الجمعة، 29 يونيو 2018 09:52 ص
قررت السلطات النمساوية مؤخراً، إغلاق سبعة مساجد فى النمسا، وطرد عدداً لا بأس به من الأئمة. كان ذلك فى إطار حملة موجهة، لمحاربة الإسلام السياسي، بعد أن أكدت تحقيقات هيئة الشؤون الدينية، تمويل تركيا لتلك المساجد و لهؤلاء الأئمة، وهو ما يخالف «قانون الإسلام» فى النمسا.
فلقد أقر البرلمان النمساوى «قانون الإسلام» فى فبراير 2015، وبموجب هذا القانون، يحظر التمويل الخارجى للمؤسسات الدينية داخل النمسا، كما يسمح للأطفال المترددة على المؤسسات الدينية، بالمشاركة فقط فى الشعائر الدينية. أما ما حدث فى إحدى مساجد فيينا، من تمثيل الأطفال لمعركة «جاليبولى»- التى وقعت خلال الحرب العالمية الأولى- وهم يرتدون ملابس الجنود الأتراك، و يجسدون الانتصار العثمانى فى تلك المعركة، فهو خرق صريح لهذا القانون.
وينص «قانون الإسلام» كذلك، على ضرورة حصول جميع الأئمة فى النمسا، على شهادات محلية.. ويبقى السؤال عن كيفية ضمان نشر الفكر الإسلامى الوسطى مطروحاً، ليس فقط فى النمسا وليس فى الدول الغربية فحسب و إنما داخل حدود بلادنا الإسلامية كذلك.
نحن نحارب الإرهاب كل يوم فى سيناء، ويخسر هذا إبنه وذاك أخيه فداء للوطن، ولكن المواجهة العسكرية وحدها لا تكفى، فمحاربة العرض لا تقضى على المرض؛ فالعلة الحقيقية تكمن فى الأفكار التى تُبث فى عقول الشباب، تنخر فيها كالسوس، فلا تُبقى فيها سوى بذور الإرهاب.
ولقد وصف فضيلة المفتى، الدكتور شوقى علام، الحرب على الإرهاب، بأنها حرب مقدسة وأنا اتفق معه فى ذلك، ولكن الدور الأكبر ليس للجيش والشرطة فقط، فى رأيي. فالمؤسسات الدينية، وما لها من تأثير فى الخطاب الدينى الدور الأخطر، فى تلك الحرب. وإن إستلزم الأمر سن النسخة الخاصة بنا من «قانون الإسلام» حتى نُحكم السيطرة على أداء الأئمة فى المساجد المصرية، فلنفعل ذلك، وعلى وجه السرعة.
ولم لا يكون لنا دوراً فعالاًعلى الصعيد الخارجى كذلك؟! فلتضم سفاراتنا ضمن بعثاتها الدبلوماسية، ممثلين عن المؤسسات الدينية، مختارين بعناية، ولننسق مع الدول التى بها جاليات إسلامية جوهر الخطاب الدينى، ولنراجع المناهج الإسلامية التى تُدرس بها لضمان اعتدالها.ولم لا نتعاون و لقد اتفق الجميع على محاربة الإرهاب؟! وبدلاً من أن نترك تركيا تُمول المساجد، يمكن لمؤسساتنا الدينية العريقة أن تضحى لها المرجعية الدينية، وتلعب دوراً غير مسبوق، فى نشر الفكر الوسطى، واقتلاع التطرف من جذوره.
فالإسلام ليس دين إرهاب.. ويؤلمنى كثيراً أن يُظلم ديننا الحنيف إلى هذا الحد؛ فعلى العكس تماماً، فإن ديننا المتسامح يُحرم العمليات الإرهابية و يُجرمها، فيما يسمى فى الفقه الإسلامى بجريمة «الحرابة»، التى يُعتبر مرتكبيها محاربين لله ورسوله.فكيف يكون الإسلام دين إرهاب ؟ وهو الذى يؤكد على حرية العقيدة فى قوله تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) صدق الله العظيم.