من ينقذ أطفال التوحد؟.. آلاف يصارعون بين معاناة من نوع خاص وغياب للرعاية والوعي
الأربعاء، 20 يونيو 2018 10:00 م
فى الأيام الأخيرة من رمضان، بدأ سكان مدينة الملك عبد الله في حي عتاقبة بمحافظة السويس سماع أصوات صرخات أطفال صادرة من داخل إحدى الوحدات السكنية بالمدينة، صراخ الأطفال أمر معتاد، لكن هذه الصرخات تواصلت لأيام دون انقطاع.
توصل الأهالي بعد بحث لمصدر الصوت، وحدة سكنية مهجورة، أبلغوا الشرطة التى اقتحمت الشقة التى يصدر منها الصراخ، لتكون المفاجأة المؤلمة، طفلان توأمان مجردان تماما من ملابسهما، محبوسان فى إحدى غرف المنزل، بلا طعام أو شراب تلطخ فضلاتهما الجدران والأرض، وتفوح من الغرفة ائحة كريهة، مازن ومروان طفلان فى الخامسة من عمرهما مصابان بالتوحد، قرر الأب الذى يخوض مشكلات أسرية مع زوجته التخلص منهما بهذه الطريقة.
طفلا التوحد بالسويس بعد العثور عليهما
التوحد هو مجموعة من الإضطرابات لدى الأطفال، تصيبهم بضعف فى التفاعل الاجتماعى والتواصل مع الآخرين، وبتكرار أفعالهم بشكل مقيد ومتكرر، يعانى الأطفال الذين يصابون به بنقص القدرة على التمييز الاجتماعى بين الأمور الصحيحة والخاطئة اجتماعيا، فى أحيان كثيرة يبدو كمن لا يسمع محدثه، أو ينكمش على نفسه، وربما لا يستجيب لمناداة اسمه، كما ينقصه إدراك ومشاعر الآخرين، وهو ما يجعله فى النهاية طفلا متمحورا حول ذاته، ويعيقه عن التواصل مع من حوله سواء كان هؤلاء أهله أو أصدقائه، ما يجعله طفلا منعزلا، وأحيانا مهتما بنوعية من الألعاب الغريبة مثل تحريك اليدين بطريقة نمطية
يحتاج الطفل المصاب بالتوحد إلى رعاية من نوع خاص، فى ظل غرابة سلوكه، وعدم قدرة الأهل على التواصل الجيد معه، كما يحتاج تفهما خاصا من الأسرة، وبرنامج غذائي مخصص للابتعاد عن بعض الأغذية التى تؤثر على سلوكياته، وفى بعض الحالات المصابة بدرجة عالية من التوحد، يحتاج الطفل لإدماجه فى "حضانة" خاصة بالاطفال المتوحدين، وهى كل الأمور التى غابت عن طفلا السويس "مازن ومروان" وأسرتهما.
الدكتورة علياء النجار مديرة المركز السويدى التخصصى لذوى الاحتياجات الخاصة، قالت فى تصريحات خاصة إن هناك مشكلة كبيرة تواجه الأطفال المصابين بالتوحد وهو عدم وجود الوعى الكافى بطبيعة هذا المرض، بل إن العديدين من الأهالى يعتقدون أن المسألة هى مجرد "عناد" من الطفل أو مشاكسة، لكنهم لا يدركون ان ابنهم مريض ويجب عليهم العناية به بشكل خاص.
وأكدت النجار فى تصريحاتها، أن العالم كله لم يتعرف على "التوحد" منذ زمن طويل، فبداية من ثمانينات القرن الماضى بدأ المرض يصبح ملحوظا، وهناك خلاف علمى كبير حول اسباب ظهوره، واليوم أصبح لدينا فى العالم طفل واحد من كل 84 طفلا مصابين بالتوحد، ولا يوجد احصائيات دقيقة عن عدد المصابين به فى مصر، خاصة فى ظل وجود عدد من الأسر لا تستطيع تشخيص مرض نجلها.
وأضافت النجار أنه حتى اليوم ينقصنا وجود جهات حكومية تساعد فى مسألة رفع الوعى بهذه المشكلة وهو ما قد ينتج عنه أخيرا مشهد "أطفال السويس"، مطالبة الإعلام بضرورة العمل على رفع الوعى بمسألة التوحد، مشيرة إلى أن العالم اتخذ خطوات واسعة فى هذه المسألة، كما أن هناك مؤسسات حكومية تعمل على استقبال هؤلاء المرضى والمساعدة فى تأهيلهم للمجتمع