من هدي النبي محمد في العشر الأواخر.. غزوات وانتصارات وعبادة
الجمعة، 08 يونيو 2018 11:00 م
حال النبي وأصحابه تجلى في المعركة الكبرى الفاصلة بين الحق والباطل تلك المعركة التي خرجت قريش بخيلائها ورجلها تريد مداهمة المدينة وتريد قتل النبي والقضاء على الدعوة، حتى إن أبا سفيان أرسل إلى أبي جهل أن أبقى ولا تخرج من مكة أنت وأهلها فإن عيركم قد نجت، وإن قافلة تجاراتكم قد سلمت وستصل إليكم مكة في حدود كذا، لكن أبي جهل أقسم أن لا يعود حتى يرد بدرا ويقيم بها وينحر الجازور ويشرب الخمور وتغني لهم المغنيات وتسمع العرب بقدومهم، فيهابونهم إلى يوم القيامة ولذلك يقول الله للنبي ( ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة)، وفقا لما قاله الدكتور عبد الفتاح عبد الغني العواري عميد كلية أصول الدين بالقاهرة جامعة الأزهر.
غزوة بدر
وقعت معركة بدر التي أكره المسلمون عليها وهذا أمر سجله القرآن الكريم فلو قرأنا أول سورة الأنفال ( كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون)( يجادلونك في الحق بعد ماتبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون)(وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين . ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون)
هنا ما أكثر عدد المشركين الذين وصلوا بدرا وما أقل عدد المؤمنين التابعين لأصحاب محمد تقريبا ثلاثمائة يواجهون أكثر من ألف ، والعدد والعتاد والعدة مع المشركين يزيد عشرات الأضعاف عما في أيدي المسلمين، فما كان للنبي والمواجهة قد حسم أمرها وتحقق مصيرها ولا رجوع إما أن يبقى المسلمون وإما أن ينتهوا وتنتهي الدعوة إلا ان رفع أكف الضراعة إلى الله وطلب النصرة من الله بعد أن أخذ بالأسباب واستشار أصحابه وورد مورده ، وغير موطن إقامته مع جيشه نزولا عند رؤية جندي له ، وهذا يعلمنا الشورى،أن الجندي يجوز له أن يعدل عن خطته إن رأى الصواب في رأي ومشورة جندي من جنوده، هذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ونام النبي بعدها قرير العين ورأي ما رأى وتنزلت الآيات ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين. وماجعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) إلى آخر الآيات التي بينت أن الملائكة أنزلت ونزلت وقاتلت مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وتحقق الأمر بالنصر، وحقق الله ما تمناه أبو جهل عليه لعنة الله لكن على عكس ما تمنى، يقول بعض كتاب السير فبدل ان يشربوا كؤوس الخمر، شربوا كؤوس المنايا وبدل ان تغني لهم المغنيات ناحت عليهم النائحات وصدق الله وعده ونصرالله عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده.
وهكذا حقق الله النصر للمسلمين وكانت غزوة بدر هي المعركة الفاصلة الموقعة الكبرى التي فصلت بين الحق والباطل وغيرت مجرى التاريخ وشاءت إرادة الله أن تكون جميع إنتصارات المسلمين في حطين وعين جالوت وغيرها من المعارك الفاصلة بين أهل الحق وأهل الباطل أن تكون في رمضان
هدي النبي في العشر الأواخر من رمضان
الدكتور عبد الفتاح عبد الغني العواري عميد كلية أصول الدين بالقاهرة جامعة الأزهر أوضح أن للنبي هدي آخر في الـ10 الأواخر من رمضان، كما أتى في الحديث إخبارا عن السيدة عائشة رضي الله عنها (كان إذا دخل العشر الأواخر من رمضان شد مأزره وأيقظ أهله وهذا كناية عن الجد والا جتهاد وترك النوم وأيقظ اهله يعني لم يقم لحاله بل كان حريصا على تحقيق الخير و المنفعة و المصلحة بالطاعة لله مع أهله أي مع زوجاته كنفسه، لأن المرء منا مسؤول عن أولاده وزوجه كمسؤليته عن نفسه، والله رب العالمين حذرنا أن نهمل أولادنا وزوجاتنا (يا أيها الذين ءامنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة).
شد مأزره وأيقظ أهله أي اجتهد في العبادة وضاعف الطاعة لأنه يعلم اقتراب موسم انتهاء الحصاد ، اقتراب انتهاء سوق الطاعة فكان يضاعف العمل خشية أن يفوته شيء يعوضه في نهاية المطاف، وهكذا يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ما فاتنا من أول رمضان يمكننا ان ندركه في أواخر رمضان ويكفي الأمة شرفا ويكفيها فخرا ويكفيها قدرا ان الله تبارك وتعالى جعل في الـ10 الأواخر من رمضان ليلة هي في العبادة هي في الطاعة هي في التوفيق خير من ألف شهر وهي ليلة القدر التي أشار الله إليها في قوله (إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ماليلة القدر) أي ما أعلمك يا محمد ما شأن ليلة القدر( ليلة القدر خير من ألف شهر.تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر) فالملائكة تنزل وجبريل معهم، ونسأل الله أن يرزقنا ليلة القدر وأن يوفقنا لإدراكها وأن يلهمنا ما علمته إيانا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حينما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم (أرأيت يا رسول الله لو أدركت ليلة القدر ماذا أقول ؟ قال لها قولي ياعائشة : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفوا عني) وما أجمل العفو إنها كلمة واسعة المدلول فمن حقق الله له هذا الدعاء( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني) حقق الله له خير الدنيا والآخرة لماذا؟ لأنه السلامة في البدن، السلامة في الولد، السلامة في الدين ، السلامة في الوطن، السلامة في الصحة، السلامة في المال، السلامة في المنصب، السلامة في الأسرة كل هذا عفو ومن تحقق له العفو رضي الله عنه ومن رضي الله عنه كان من أهل جنات النعيم.