يوسف أيوب يكتب عن إفطار الأسرة المصرية وتجديد العقد الذى يربط المصريين ببلدهم
الثلاثاء، 05 يونيو 2018 11:00 م
تحت مظلة " إفطار الأسرة المصرية " واستمرارا لتقليد رئاسى وضع قواعده الرئيس عبد الفتاح السيسى، أجتمع اليوم أسر شهداء القوات المسلحة والشرطة والقضاء، وأعضاء حكومة الدكتور شريف إسماعيل المستقيلة، وممثلين لمختلف فئات المجتمع المصرى، بدعوة من الرئيس السيسى، الذى يؤكد دوماً بالأفعال حرصه على إعادة إحياء العادات والتقاليد المصريين لتقوية روابط الصلة بين مختلف طوائف الشعب المصرى، فكانت فكرة "الأسرة المصرية" التي ضمت على موائد إفطارها على مدار السنوات الأربع الماضية تنوع فكرى وثقافى قلما تجد له مثيل.
هذا التنوع ليس فقط فى قائمة المدعويين، والتى تضم الكثيرين من شتى المحافظات، لكن أيضاً يمكن أن تشهده وتلمسه من خلال توزيع الحضور على طاولات الطعام، بجانب الوزير يجلس الإعلامى والرياضى والصحفى، ووالد شهيد أو والدة شهيد، ويدور بينهم حوار تلقائى لا ترتيب له ولم يسبقه تنسيق، بل جاء بشكل عفوى، ليعطى للأسرة المصرية صبغة أصيلة.
فى حفل هذا العام الذى عقد اليوم بفندق الماسة، جاء الحضور وهم ينتظرون ماذا سيقول الرئيس السيسى بعد ثلاثة أيام من أداءه اليمين الدستورية لفترة رئاسية ثانية، نعم الرئيس ألقى بياناً أمام مجلس النواب السبت الماضى، لكن فى إفطار الأسرة المصرية الحضور لديهم تعود على أن يستمعوا الرئيس وهو يتحدث من القلب، وبدون كلمات مكتوبة، بل يتحدث بعفوية شديدة، مجيباً على كل ما يدور فى الصدور من تساؤلات، وهو ما يدركه الرئيس جيداً الذى يفضل مثل هذه اللقاءات، لانها تشهد حواراً مباشراً ولقاءات مباشرة بين الرئيس والمصريين، مثلها مثل مؤتمرات الشباب التى كسرت الكثير من الحواجز.
حضر الرئيس إفطار الأسرة المصرية وهو يدرك جيداً ما يدور فى عقول الحاضرين، بل والمتابعين للإفطار، لذلك تحدث فى كلمة قد تبدو قصيرة لكنها مليئة بالتفاصيل والردود أيضاً، وخلالها أيضاً بشر الرئيس المصريين بمستقبل بلدهم، حينما قال لهم أنه خلال العامين المقبلين ستشهد مصر نهضة ستجعلها في مكان مختلف عما هي فيه الآن، وزاد الرئيس فى البشرة بقوله إن المرحلة المقبلة عقب عيد الفطر، ستشهد المزيد من إطلاق المشروعات الكبرى، قائلا:" هتشوفوا بعد العيد حجم الإنجازات التى سيتم افتتاحها".
ما أستوقفنى فى كلمة الرئيس مطالبته للجميع بعدم إقحام أسمه فى أى شئ، وقوله أن الأمر وصل إلى ترديد أقوال بأن الرئيس تدخل لمنع إذاعة مسلسل، وهو ما رد عليه الرئيس بقوله "أنا لا أتدخل فى حجب أى مسلسل"، مضيفاً "كل حاجة هيقولك جهات عليا.. إحنا هنرجع تانى نقول جهات عليا؟.. إحنا فى دولة ومؤسسات"، مشدداً على أن مصر دولة لها مؤسسات تعمل فى كل الملفات، وتابع:"وبلاش تحطوا اسمى بالشكل دا عشان ليها دلالة مش كويسة".
ما قاله الرئيس فى هذا الشأن هو حسم لأمور كان البعض يرددها ربما عن جهل أو عمد، لمحاولة خلق صورة سلبية عن الرئيس ومؤسسات الرئاسة، وهى حرب نفسية ندركها جميعاً، وقد أحسن الرئيس حينما تحدث عنها بصراحة شديدة، وحديثه هنا يؤكد أمر فى غاية الأهمية أن الرئيس متابع لكل ما يقال ويتردد حتى ولو من قبيل الشائعات، وهو ما يزيد من ثقة المصريين فيه وفى إدارته للبلد، لأنه يدير عن علم وإدراك.
كلمة الرئيس حملت بالتأكيد الكثير من الرسائل الهامة، خاصة حينما أشار إلى احترامه للمواطن المصرى لتحمله إجراءات الإصلاح الاقتصادى الصعبة، وقوله أن هذا الشكر مستحق لكل المصريين، وأنه خلال السنوات الأربع الماضية كانت هناك أيام صعبة كثيرة، لكن استطعنا بفضل الله أن نعبر أزمات كثيرة، كانت كلها صعبة وخطيرة على أمن مصر واستقرارها، فالرئيس يدرك أن إجراءات الإصلاح الاقتصادي كانت صعبة وقاسية جداً، لكن كما قال كان هناك عقد بين المصريين ومصر حتى من قبل أنتخابه رئيساً لمصر، فخلال الحملة الإنتخابية الأولى تحدث الرئيس بوضوح أن مصر بحاجة لقرارات إصلاحية جرئية وقوية، لأنه بدونها ستنهار مصر، وهو لن يقبل أن يكتب التاريخ عنه أن مصر انهارت فى عهده، فأختار الرجل الطريق الصعب، رغم إدراكه الجيد أن هذا الأمر ربما سيؤثر سلباً على شعبيته، لكن ماذا ستفيد الشعبية إذا كانت مقابل انهيار الدولة.
هذا العقد الذى تحدث عنه الرئيس هو الذى يحكم علاقة المصريين ببلدهم، كما أنه السند الذى يستند له الرئيس فى كل قرارات الإصلاح الاقتصادى، رغم تبعاته الصعبة، لكن ما يعيننا على تحملها أنها لم تكن أبداً قرارات عفوية، وأنما خضعت لدراسات مستفيضة ومدروسة بشكل جيدا، ولم تلجأ لها الدولة الا حينما عرفت يقينا أنه لا بديل عنها، لإصلاح هذا العوار الذى عاشته الدولة المصرية طيلة الأربعين عاماً الماضية.
هذا العقد مبنى على الوعى الجمعى للمصريين بأهمية هذه الخطوات التى تقوم بها الدولة، لإصلاح كل المرافق، وربما يأتى هنا الحديث عن بناء الإنسان المصرى الذى تحدث عنه الرئيس أمام مجلس النواب، وكرره اليوم فى إفطار الأسرة المصرية، فهذه عملية شديدة التعقيد لأنها تتطلب إصلاح تعليمى وصحى، وهذا كله لن يتحقق الا بإصلاح المنظومة الاقتصادية لتوفير الأموال التى نحتاجها لتطبيق نظام تعليمى جيد ونظام صحى يليق بأدمية المصريين، وفوق ذلك إصلاح الجهاز الإداري للدولة دون أن يلحق بأى من موظفى الدولة ضرر.
انتهى إفطار الأسرة المصرية لكن العقد الذى يربط المصريين ببلدهم لازال مستمر، كما أن وعى المصريين بالمخاطر يزداد يوماً وراء الأخر، وفى نفس الوقت يدركون أن أى تأخير فى الإصلاح ستكون له عواقب خطيرة، وربما تكون نتيجته هو استقرار مصر وأمنها.