مجرمون ولكن أبطال..محمود أمين سليمان.. المجرم المثقف صديق المشاهير وبطل «اللص والكلاب»
الإثنين، 14 مايو 2018 05:00 م
لم يكن محمود أمين سليمان سفاح غايته الثأر فقط من زوجته التى خانته عقب دخوله السجن مع محاميه، فهو فى الواقع شخصية مركبة على طريقة اللص الظريف أرسين لوبين فقد نسجت حوله العديد من الحكايات وقيل أنه كان يسرق ليمنح الفقراء ما يسرقه فضلا عن وصفه بالمجرم المثقف فرغم مغامراته ىالسطو على فيلات وشقق الأثرياء كان قد وثق صلته بالعديد من مشاهير عصره مثل المطرب الراحل عبدالحليم حافظ والشاعر كامل الشناوى والكاتب الصحفى مصطفى أمين فقدد اعتاد سليمان السهر مع كوكبة من النجوم فى فندق هيلتون النيل فه من وجهة نظرهم صاحب دار نشر وومثقف والمفارقة أن دار النشر كان قد جعلها ستارا ليخفى خلفها أعملال اللصوصية والإجرام .كما أن الكاتب الراحل سعد الدين وهبه أكد فى مقال له أن السفاح قبل أن تذيع شهرته انتحل اسم «محمود أمين العالم» مستغلا التشابه بين اسمه واسم المفكر الراحل.
ترجع أصول سليمان إلى الصعيد وبالتحديد محافظة قنا لكنه عاش وهو طفل فى لبنان مع والده وعندما بلغ سن السابعة ارتكب أول جريمة في حياته بسرقة خيارة وعندما ضربته والدته على هذه الفعل تعرضت للتوبيخ من والده فتمادى الصغير فى جرائمه الطفولية بأن طفق يدخن السجاير ويهرب من مدرسته ليدخل السينما ورق عدة منازل مجاورة لهم وترك الدراسة نهائيا ثم انضم إلى تشكيل عصابى والقت الشرطة القبض عليه ولكن كثرة جرائمه جعلت البوليس اللبنانى يقرر ترحيله إلى القاهرة.
في القاهرة تعددت جرائم السفاح وتزوج من سيدة تدعى نوال عبد الرءوف وكان يستعين بالمحامى بدر الدين أيوب لتخليصه مع البلاغات والقضايا ضده وبدأ يشك فى وجود علاقة بين زوجته والمحامى ، واجهة زوجته وانهال عليها ضربا لتعترف بخيانتها لكنها أنكرت ودافعت عن شرفها.
بعد السحور فى 15 مارس 1960 ذهب إلى منزله ، وفتح بيده شراعة الباب ، وأطلق عدة رصاصات داخل المنزل ليصيب شقيقة زوجته ويهرب ، ثم تعددت محاولته لقتل الزوجة والمحامى والمهندس فقتل آبرياء وأصاب آخرين.
استوحى الروائى الراحل نجيب محفوظ رائعته اللص والكلاب من وحى قصة السفاح محمود أمين سليمان ، وهى الرواية التى قدمتها السينما بفيلم حمل ذات الأسم وقام بلعب دور البطولة الفنان الراحل شكرى سرحان حيث مثل دور اللص المثق «سعيد مهران » الذى ضلله صحفى كبير وهو رؤوف علوان والذى لعب دوره الفنان كمال الشناوى وتلاعبت به وخانته زوجته فصب جام غضبه على الجميع وطاشت رصاصاته تقتل الأبرياء.
نشرت جريدة الأخبار فى صفحتها الأولى بيان من حكمدار القاهرة يتوعد فيه كل من يساعد السفاح أو يأوية ويعرض مكافأة ألف جنية لمن يساعد فى القبض عليه وذلك فى 6 إبريل 1960.
تعددت مغامرات السفاح فقد نجح فى الهروب من كمين فى القصر العينى ، وأفلت من مخبر فى مصر القديمة – وفق المحاضر الرسمية- وخلال محاولته الهرب من القاهرة إلى الصعيد استوقف أحد سيارات النقل وحاول إقناع السائق بأن يصحبه معه من البدرشين إلى الواسطى ، تسرب الشك إلى نفس السائق واستغل اقترابه من كمين مرورى وتظاهر أنه سيعطى الضابط رخصة القيادة وأخبر عسكرى أن السفاح معه فى السيارة ، لكن الأخير استطاع الهرب بالسيارة بعد أن أطلق النار على عسكرى وقتله.
وجدت الشرطة السيارة التى هرب بها السفاح بعد 19 ساعة وفيها ملابسه السفاح و شمتها الكلاب وقادت قوات الشرطة إلى مغارة بحلوان إختبأ فيها محمود سليمان.
صاح السفاح فى وجه القوات التى حاصرته وبلغ عددها 10 ألاف شخص نصفهم شرطة والنصف الآخر من الأهالى مشترطا لتسليم نفسه أن يسلموا له زوجته ليقتلها ثم يموت.ن وسقط السفاح قتيلا فى نهاية المطاف وبعد معركة بينه وبين الشرطة إمتدت 5 ساعات .
يقول الكاتب والسيناريست الراحل محفوظ عبدالرحمن فى مقال له بعنوان «حافظ نجيب... هذا المغامر المجهول» :«أحد الذين قرأوا ما كتبته في الاسبوع الماضي ضحك كثيرا – - يقصد عندما سرد قصة حافظ نجيب- وقال انني مبالغ, قلت له: اذا تحدثنا عن مغامر مثل ارسين لوبين له افعال مدهشة, فلابد ان تكون هناك مبالغات فهذه طبيعة الاشياء. ولقد كنت متابعا لاحداث من سمي في زمنه بالسفاح, وكان اسمه محمود امين سليمان وقيل انه ادعى في فترة من الفترات انه محمود امين العالم الناقد والمفكر الكبير, وهناك ما يجعلنا نصدق هذا فلقد كان محمود أمين «السفاح» , ناشرا قبل ان يصبح سفاحا, ولا ادري العلاقة بين المهنتين؟! وكان مكتبه في بناية شهيرة في وسط القاهرة تسمى «عمارة ستراند» ولا ادري من اين اتى هذا الاسم؟ وغالب الظن انها بنيت مكان سينما ستراند, وكانت ــ أو مازالت ـ عمارة تجارية كئيبة, وكان لمجلة «الشهر» التي عملت فيها فترة مكتب في هذه البناية، فأصبحت جارا لجيران محمود امين سليمان يحكون لي عنه وعن اخباره, وتشاء الصدفة ان يكون ذلك مع بدء مغامرات محمود امين سليمان وكيف انه سطا على هذا القصر فتصرف كأي جنتلمان. وكيف انه اقتحم هذا المكان رغم الحراسة المشددة عليه. وكيف انه هرب من قصر العيني رغم حصاره. كيف ان الشرطة وصلت إلى مقره فعلا. فأخذت بعض ملابسه ووضعتها امام انوف الكلاب البوليسية, لكي تتابعه حيث هو, لكنه افشل هذا العمل قبل ان يبدأ, ذلك انه اغرق ملابسه قبل الهرب بالعطور مما ضلل الكلاب. ولان رئيس تحرير مجلة «الشهر» وصاحبها كان سعدالدين وهبة، وكان آنئذ قريب عهد بعمله في الشرطة, فكان على اتصال بالداخلية لمعرفة اخباره, وكلما عرفنا انه محاصر اصابنا الانزعاج الشديد, وكلما عرفنا انه هرب من الحصار, احسسنا بالراحة, ولقد ادهشتني هذه الاحاسيس, وربما كانت لاننا كنا نرى في محمود أمين سليمان البطل الذي يحتج باسمنا, ولم يفسد هذه الصورة ابدا, فلم يعتد على ضعيف, ولم يستغل اية فرصة, ولم يسرق اكثر من حاجته, واحيانا أكثر من حقه, وكان أذكى من مطارديه, وأكثر جرأة. ويوم طاردت الشرطة محمود أمين سليمان إلى مغارات الصحراء, ثم قتلته بالرصاص, بكينا جميعا».