مفاجأة..بطلان كافة القرارات الجزائية الصادرة من لجان التأديب بالمكتب الفني للنيابة الإدارية
السبت، 12 مايو 2018 03:00 م
سيل من الأحكام الصادرة من محاكم القضاء الإدارى على مستوى الجمهورية، ببطلان كافة القرارات الجزائية الصادرة من لجان التأديب بالمكتب الفنى للنيابة الإدارية.
حكمى بورسعيد ورأس البر
صدر حكم المحكمة التأديبية بمجلس الدولة برأس البر، لصالح المحامى عمرو عبد الرحمن وادى، وكذا حكم أخر ببورسعيد في الطعن رقم 77 لسنة 4، ببطلان قرار رئيس هيئة النيابة الإدارية رقم ٤٢٩ لسنة ٢٠١٥، بشأن تشكيل لجان التأديب والتظلمات وتحديد اختصاصاتها، وبطلان جميع القرارات التأديبية الصادرة بناء علي هذا القرار لإنعدام هذا القرار لصدوره من غير مختص واغتصابه سلطة التشريع.
وقالت المحكمة فى حيثياتها، أنه حال صدور القرار المطعون فيه من لجنة تأديب مشكلة بقرار منعدم، فإنه يكون بحكم اللزوم والضرورة منعدما، ويتعين من ثم القضاء بإلغائه؛ مع ما يترتب على ذلك من آثار.
حكم دمياط
وفي حكم مماثل صدر من المحكمة التأديبية بدمياط في الطعن رقم 89 لسنة 5؛ قالت المحكمة، إن القرار الطعين - قرار الجزاء - قرارا منعدما، ويعتبر عملا ماديا لا حصانة له، مما لا يتقيد الطعن عليه بميعاد معين ولا يشترط سبق التظلم منه أو اللجوء إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات.
وتابعت، أنه خلا كلاً منهما من ثمة نص ينظم عمل لجان التأديب والتظلمات المشار إليها صراحة أو ضمنا أو منح رئيس هيئة النيابة الإدارية الاختصاص بتنظيمها، فضلا عن خلو القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية، والمحاكمات التأديبية من أى نص بشأن ممارسة النيابة الإدارية لسلطة توقيع الجزاء التأديبى، الأمر الذى يتبين منه أن لجان التأديب، والتظلمات المشكلة بقرار رئيس هيئة النيابة الإدارية رقم 429 لسنة 2015 ليس لها أصل من الدستور أو القانون، ما يكون رئيس هيئة النيابة الإدارية، اغتصب اختصاص محجوز للسلطة التشريعية الأمر الذى ينحدر معه قرار تشكيل لجان التأديب المشار إليها إلى حد الانعدام، ويعتبر عملا ماديا لا يرتب أية آثار قانونية.
حكم سوهاج
فى حكم ثالث، قضت المحكمة التأديبية بسوهاج فى الطعن رقم 79 لسنة 3، بالغاء قرارت اللجان التأديبية الإدارية لاغتصابها سلطة التأديب ولصدوره من جهة لا اختصاص لها قانوناً بإصداره، مما شابه بعيب عدم الاختصاص الجسيم.
وأضافت المحكمة: القرار المطعون فيه صدر متعدياً حدود النص الدستوري وتجاوز قيوده، لأنه صدر دون الاستناد إلى التنظيم القانونى لسلطة النيابة الإدارية فى توقيع الجزاء التأديبى والذى جعله الدستور شرطا لإنقاذ هذه السلطة، بما يجعل القرار مشوبا بعدم المشروعية الدستورية، معيبا بعيب عدم الاختصاص الجسيم لاغتصابه سلطة تأديبية دون سند قانونى ودون مراعاة الأوضاع المقررة دستورياً، الأمر الذى يفقد القرار كيانه، ويجرده من صفاته ويزيل عنه مقوماته كتصرف قانونى، وينحدر به إلى درك الانعدام، ومن حيث أنه من المقرر أن القرار المنعدم لا يتحصن بفوات ميعاد الطعن عليه، ولا يتقيد الطعن عليه بالميعاد المقرر لرفع دعوى الإلغاء المنصوص عليه فى قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون بقانون رقم 47 لسنة 1972، كما لا يشترط التظلم من القرار المنعدم ولا اللجوء إلى لجنة التوفيق فى بعض المنازعات بشأنه قبل ولوج سبيل التقاضى، لأن تلك الشروط يجمعها أصل مشترك هو أنها من الشروط المطلوبة لقبول الدعوى شكلا .
من جانبه، قال عمرو عبد الرحمن وادى، صاحب حكم رأس البر، أن نص الدستور المصري بموجب المادة 197 منه علي أن النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة، و خولها سلطة التحقيق في المخالفات الإدارية و المالية، وكذا التى تحال إليها، على أن يتم الطعن فى قرارتها بتوقيع الجزاءات أمام المحكمة التأديبية المختصة بمجلس الدولة، كما منحها سلطة تحريك ومباشرة الدعاوى والطعون التأديبية أمام مجلس الدولة، وهذه السلطات ماهى إلا تأكيداً بل وترديداً لما سبق وأن تأكد للهيئة بموجب قانونها الصادر برقم 117 لسنة 1985، وتعديلاته وكذا ما ورد بقانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1987 المعدل، إلا أن المشرع الدستورى ولمزيد من تفعيل دور هيئة النيابة الإدارية فى ضبط أداء الجهاز الإدارى، و كذا تفعيل دورها الهام في حماية المال العام فقد استحدث لأول مرة اختصاصاً جديداً لها مفاده منح هيئة النيابة الإدارية السلطات المقررة لجهة الإدارة فى توقيع الجزاءات التأديبية، وذلك بالنسبة للمخالفات التى تحال إليها من الوحدات والجهات الإدارية.
وأضاف «وادى» فى تصريح لـ«صوت الأمة»، أنه ولعظم ما تقدم من سلطات ومدى تعلقه بحقوق و واجبات العاملين المدنيين بالجهاز الإدارى للدولة، فلم يترك المشرع الدستورى الأمر سدى للمشرع العادى، فيما يتعلق بتنظيمه، ووضع أطر إنشاء نظمها بموجب قانون، وإن لم يشأ أحالها إلى السلطة التنفيذية لتنظيمها بموجب اللوائح المقررة لها دستورياً، وإنما أحال إلى المشرع العادى وألزمه بتنظيم كل ما تقدم و تحديد كيفية قيام هيئة النيابة الإدارية بمباشرتها لهذه السلطات ومنها الاختصاص المستحدث المشار إلية، حيث نص على أن قيام هيئة النيابة الإدارية بكل ما تقدم وفقاً لما ينظمه القانون، ومن ثم لا يجوز للسلطة التشريعية أن تسلب من اختصاصها و تترك الأمر برمته إلى السلطة التنفيذية لتنظيم ما أحاله لها الدستور، وإلا كان ذلك تخلياً منها عن ممارسة اختصاصها الأصيل المقرر و فقاً للدستور ساقطة، بالتالى فى هوة المخالفة الدستورية، وقد جاء نص المادة 57 من القرار بقانون رقم 18 لسنة 2015، بشأن الخدمة المدنية المشار إلية حال تصدية لتنظيم النص الدستوري المذكور، مردداً فقط لما جاء بهذا النص الدستورى دون أن يضع الضوابط والأطر الرئيسية والكيفية التى عن طريقها تباشر هيئة النيابة الإدارية السلطات والاختصاصات التى منحها إياها النص الدستورى، وأخصها ذلك الاختصاص المستحدث رغم مساسه بحقوق وواجبات العاملين المدنيين بالدولة على النحو المبين سلفاً.
وأشار «وادى» إلى أنه لما كان ذلك و كان رئيس هيئة النيابة الإدارية قد أصدر بصفته الإدارية القرار الإداري رقم 429 لسنه 2015 م بشأن نظام العمل بلجان التأديب و التظلمات، القرار رقم 129 لسنه 2016 م بشأن نظام العمل بلجان التأديب والتظلمات متضمناً تنظيم مباشرة هيئة النيابة الإدارية لاختصاصاتها المستحدثة طبقاً لحكم المادة 197 من الدستور المذكور أنفاً، و من ثم يكون هذا القرار قد لحقة مخالفة جسيمة تمثلت في غصبه اختصاص محجوز بأمر الدستور للسلطة التشريعية، فحتي و إن تسلبت السلطة التشريعية من ممارسة الدور المنوط بها فهذا لا يخول رئيس النيابة الإدارية أو غيرة أن يحل محلها و ينتزع دورها المقرر دستورياً الأمر الذي يهوي بالقرار المذكور إلي درك الانعدام، و يغدو لذلك مجرد عمل مادي منعدم الأثر قانوناً و يبطل كل ما ترتب علية من آثار و من ثم فإن جميع القرارات الصادرة عن تلك اللجان التي أنشأها القرار المذكور تعد منعدمة بالتبعية بحسبان أن ما بني علي باطل فهو باطل.
كما أنه و علي فرض عدم تطلب تنظيم ما تقدم بموجب القانون و جواز تنظيمه بموجب اللائحة التنفيذية – و هو فرض جدلي غير صحيح قانوناً – فقد حدد الدستور بموجب المادة 170 منه من يملك إصدار اللوائح التنفيذية اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعطيل ، أو تعديل ، أو إعفاء من تنفيذها ، و هو رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه أو من يحدده القانون ذي الصلة خلافاً لما تقدم ، و تنفيذاً لهذا النص الدستوري فقد اختصت المادة الثالثة من مواد إصدار القرار بقانون رقم 18 لسنة 2015 م بشأن قانون الخدمة المدنية المشار إليها رئيس مجلس الوزراء في إصدار اللائحة التنفيذية للقانون المذكور ، و من ثم يغدو تصدي رئيس هيئة النيابة الإدارية و تنظيمه لهذا الشأن بموجب قرارة المذكور غصباً منة للاختصاص المقرر دستورياً و قانونياً لرئيس مجلس الوزراء في شأن قانون الخدمة المدنية المشار إلية.
وأوضح «وادى» إنه يمكن القول في فرض أخر – رغم عدم صحته – أنه إن جاز تنظيم الأمر المشار إلية بعيداً عن القانون المشار إلية و بعيداً عن رئيس مجلس الوزراء فالمختص بتنظيمه حينئذ هو وزير العدل و ليس رئيس هيئة النيابة الإدارية ، حيث أناطت المادة الخامسة من القانون رقم 12 لسنة 1989 م بتعديل بعض أحكام القرار بقانون رقم 117 لسنة 1985 م بإعادة تنظيم النيابة الإدارية و المحاكمات التأديبية المشار إليها بوزير العدل سلطة إصدار قرار باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية و المحاكمات التأديبية و اختصاص كل منها و مقرها ، و قد خلا قانون هيئة النيابة الإدارية و كذا قانون الخدمة المدنية المشار إلية و قد وردا ذكرهما في ديباجة قرار رئيس هيئة النيابة الإدارية المذكور مما يخول الأخير سلطة إصدار هذا القرار أو التصدي لتنظيم أي شأن يتعلق بممارسة هيئة النيابة الإدارية لاختصاصاتها المقررة لها دستورياً أو قانونياً ، من أي سند أو ظهير دستوري أو قانوني يخول لرئيس هيئة النيابة الإدارية إصدار القرار المشار إلية ، و مما يؤكد انعدامه كقرار مكتمل الأركان.
و حيث أن القرار الصادر من هيئة النيابة الإدارية منعدماً ، و من ثم لا يتقيد الطعن علية بالإجراءات أو المواعيد المقررة لدعوي الإلغاء المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 م و كذا لا يتقيد بوجوب سابقة التظلم منة و اللجوء إلي لجنة التوفيق في بعض المنازعات المختصة قبل إقامة الطعن ، بحسبان أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد أستقر علي أنه لما كان القرار المنعدم لا يتحصن بفوات مواعيد الطعن علية ، فإنه أيضاً لا يشترط التظلم منة قبل رفع الدعوي ، فالقرار المنعدم لا يعتبر قراراً إدارياً ، و أنه يتأبي علي الذوق القضائي السليم أن يعفي الطعن علي مثل هذا القرار من شرط الميعاد دون إعفائه من شرط سابق علية وهو التظلم ، فكلا الشرطين يجمعهما أصل مشترك هو أنها من الشروط المطلوبة لقبول الدعوي شكلاً.
( حكم محكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1594 لسنة 31 ق عليا – جلسة 23/11/1985م و حكمها في الطعن رقم 5870 لسنة 43 ق عليا جلسة 3/3/1985م )