«سفير» بدرجة نصاب
السبت، 12 مايو 2018 11:29 ص
لا أدرى كيف لم تتحرك الدولة حتى الآن، لوقف مهزلة الشهادات العلمية والألقاب "المضروبة" التي انتشرت بشكل واسع، من خلال أكاديميات ومنظمات وجمعيات تعمل في العلن، تمنح تلك الشهادات والألقاب دون وجه حق، لشخصيات تافهة ومغمورة، في مقابل أموال.
فبعد يناير 2011، فوجئ المجتمع المصري بآلاف من أنصاف المتعلمين، ومعدومي الثقافة، وشخصيات تافهة ـ ما أنزل الله بها من سلطان ـ يعرفون أنفسهم بـ " الدكتور، والسفير، والمستشار، والمحكم الدولي" وغير ذلك من الألقاب، ويشيرون على مواقع التوصل الاجتماعى صورا لاحتفالات علنية أقامتها أكاديميات وجمعيات ومنظمات مجهوله، للاحتفال بمنحهم تلك الشهادات والألقاب، دون أدنى تحرك من وزارات التعليم العالي، أو التضامن، أو الداخلية، أو الخارجية، أو أي من النقابات المهنية، للاعتراض على هذا الأمر، أو وقف تلك المهزلة، وكأننا نعيش في "سوق الثلاثاء" الذي تحول فيه كل الباعة إلى "مَعلمين" وليست دولة يحكمها دستور وقانون ورئيس وحكومة.
وما يدعو إلى السخرية، أن الأمر تحول في ظل صمت الدولة إلى "سبوبة مربحة" وتحول اللقب الذي يفنى الشخص سنوات من عمرة من أجل الحصول عليه، عن علم وجدارة، سواء من خلال رسالة علمية في الجامعة، أو العمل في وزارة الخارجية، أو كـ عضو هيئة قضائية لسنوات، يمكن أن يحصل عليها شخص تافه ومعدوم الثقافة، في لحظات، في مقابل مبلغ لا يتعدى الـ 500 جنيها، من خلال مراكز و أكاديميات مجهولة، تحمل أسماء عالمية مزيفة، تعمل تحت "بير السلم" وتظهر إعلاناتها "علنا" في عدد من الفضائيات والصحف ومواقع التواصل الإجتماعى، وتدعى بـ "بجاحه" اعتماد شهاداتها من جامعة الدول العربية، والأمم المتحدة، دون أدنى تحرك من الدولة.
للأسف، إن تلك الموجه من الألقاب والشهادات المزيفة، ساعد الإعلام على انتشارها بشكل كبير، خاصة بعد ثورة 25 يناير 2011، بعد ابتكار القاب ومسميات جديدة، أطلقاها معدوا ومقدموا البرامج في الفضائيات، على ضيوف اغلبهم دون حيثية، وذيلوا أسمائهم بألقاب مثل "الدكتور، والمستشار، والخبير، والناشط، والفقيه" وغيرها من الألقاب.
وتحول الأمر وكأن، كل من نزل إلى ميدان التحرير أثناء ثورة يناير قد حصل على شهادة بـ "الثورية" والحق في التنظير وتقرير مصير الدولة، وأن كل من انضم إلى جمعية مشبوهة، أصبح مخولا بحقوق الإنسان في مصر، وكل من عمل في مهنة وتعرف على معد أو مذيع، أصبح يحمل شهادة بأنه "خبير" ويحمل صلاحيات توجيه الرأي العام.
أؤكد أن هناك اشمئزاز من الرأي العام تجاه كل هذه الكيانات والوجوه الغير مؤهلة شكلا أو مضمونا، وانه قد الأوان أن تتحرك الدولة بكل أجهزتها للقضاء على تلك الآفه، بعد أن تعد الأمر إلى استخدام العشرات من تلك الشخصيات التافهة، تلك الشهادات والالقاب في عمليات نصب على المواطنين.
لقد الأمر يحتم ضرورة إغلاق تلك الأوكار، التي لا دور ولا مردود لها على المجتمع، سواء النصب والتربح، ومنح ما لا تملك لمن لا يستحق، مع وضع كل هؤلاء "التوافه" في أحجامهم الحقيقية، من خلال تحرك جدى من مجلس النواب لإصدار تشريع يجرم عمل تلك الكيانات دون ترخيص، ويفرض عقاب رادع يمنع الجمعيات والمنظمات من منح مثل هذه الألقاب، ويجرم انتحال الأشخاص لصفات و ألقاب لا حق لهم فيها.
أؤكد أن الأمر تعدى كل الحدود، وبشكل أصاب المجتمع بالغثيان، بعد أن تصدر العشرات من هؤلاء النصابين والمحتالين للمشهد، وباتوا يخرجون يوميا علينا كخبراء وفقهاء، لتوجيه الرأي العام، على الرغم من سطحيتهم، ومعلوماتهم الضحلة، ومؤهلاتهم المضروبة، في غيبة من كل أجهزة الدولة.