- جهاز القاهرة الجديدة: غرق الشوارع بسبب كثرة مياه الأمطار التى تفوق القدرة الاستيعابية لشبكات الصرف
48 ساعة كاملة كانت كفيلة بكشف عورة الحكومة، بعد أن انهالت الأمطار على مدار يومين كاملين على كل المحافظات، ولم تجد مياه الأمطار تصريفا لها عبر شبكات الصرف الصحى المتهالكة، فقررت البقاء فى الشوارع، وهو ما تسبب فى غرق مدن بأكملها، الأمر الذى كشف مدى الضعف الذى ضرب شبكة الصرف الصحى فى مصر، وفضح مسئولى عدد من الوزارات والمحافظات التى شهدت غرق تلك المدن، وهو ما دفع المسئولين إلى محاولة البحث عن مخرج لهم بتبادل الاتهامات فيما بينهم، لتغرق الحقيقة فى برك من المياه، وسط دوامة من الاتهامات المتبادلة، علاوة على الفساد الذى كشفته سقوط الأمطار من قيام مهندسى بعض المدن ممن ينتمون للجماعة المحظورة باستيراد مواسير غير مطابقة للمواصفات كانت أحد أسباب الكارثة، وهو ما ستفصل فيه المحكمة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ليلة صافية لا تفرق شيئا عن سواها من ليالى مصر الهادئة، إلا أن السماء قررت أن يشهد طقس مصر الشهير باعتداله دائما، تقلب الفصول الأربعة فى بضعة ساعات، فبعد أن كان الجو معتدلا صباحا مائلا للحرارة ظهرا، أصبح ممطرا وعاصفا فى مساء نفس اليوم.
«25 إبريل 2018».. هى الليلة التى كشفت «عورة» منظومة الصرف الصحى والبنية التحتية، بعد أن تحولت قطرات الأمطار البسيطة التى بدأت فى مساء هذا اليوم إلى سيول أغرقت كافة محافظات مصر، ولم تتمكن منظومة الصرف الصحى، من التصدى لها.
الغريب فى الأمر هو ما حدث فى منطقة التجمع الخامس والتى تحولت إلى منطقة بحيرات بسبب السيول الجارفة التى أغرقت المنطقة، خاصة وأنها تعد من أحدث المدن القاهرية، والتى من المفترض أن تكون قادرة على مواجهة العديد من الكوارث الطبيعية نظرا لحداثتها، وفى هذا الصدد وجهت الرقابة الإدارية أصابع الاتهام إلى رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة، ورئيس شركة الصرف الصحى للقاهرة الكبرى، واللجنة المسئولة عن استلام وتسلم محطات الصرف الصحى لجهاز مدينة القاهرة الجديدة، ومدير عام التأمين وسلامة الطرق والمكلف بالإشراف على الطريق الدائرى التابع للهيئة العامة للطرق والكبارى.
من جانبه علق المهندس مصطفى فهمى، رئيس جهاز القاهرة الجديدة، على الاتهامات الموجة له، قائلا: «سبب غرق شوارع المدينة هو كثرة مياه الأمطار التى تفوق القدرة الاستيعابية لشبكات الصرف»، لافتًا إلى أن المدينة جرى تخطيطها بشكل منظم، ولكن لا توجد بها شبكات صرف لمياه الأمطار مشيرًا إلى أن مياه الأمطار الغزيرة أكبر من القدرة الاستيعابية لشبكات الصرف، مشيرا إلى أنه جرت السيطرة على 70% من مياه الأمطار، فى الساعات الأولى، بينما تواجد ما يقرب من 30% فقط فى الشوارع.
وأضاف قائلا، تمت الاستعانة بأكثر من 37 سيارة لشفط المياه، وكانت هذه السيارات تجوب المناطق الأكثر خطورة واحتياجًا ثم الأقل خطرا، كما جرى التخلص من المياه فى شبكات الصرف الصحى للمدينة، منوهًا إلى أن ما حدث فى القاهرة الجديدة سيجعلنا نعيد دراسة موقف المدينة ككل من حيث احتياجها لشبكات المياه والصرف الصحى، وحال احتياجنا لخطة تطوير سيجرى عرضها على وزير الإسكان للموافقة عليها وتنفيذها فى أسرع وقت.
كان المهندس منصور بدوى، رئيس مجلس إدارة شركة صرف صحى القاهرة، قد حذر سابقا من عدم قدرة شبكة الصرف الصحى فى مصر على التصدى للأمطار الخفيفة، مشيرا إلى أن هذه الشبكات تتحمل «75%» زيادة قدرة فوق طاقتها.
وأكد «بدوى» فى تصريحات صحفية، أن منظومة الصرف الصحى بالمدينة تم تصميمها وتنفيذها بشكل خاطئ قبل 20 عاما، وهو ما يجعلها فى حاجة إلى إعادة تصميم، كما أن طرق المدينة لا توجد بها بالوعات كافية، كما تحتاج الشبكات الموجودة إلى تنظيف وصيانة يوميا حتى لا تتعرض للإغلاق بفعل الإهمال وهو ما يعرضها للانسداد، إضافة إلى أن منطقة الامتداد وتوسعات المدينة الكبيرة دون مرافق كافية، حيث لم يتم إنشاء محطات صرف جديدة أو توسعة المحطات القائمة التى تحتاج لازدواج خطوط الطرد.
ولفت رئيس مجلس إدارة شركة صرف صحى القاهرة، إلى أنه تقدم بمذكرات رسمية بخطورة المشكلة والحلول المطلوبة لها منذ عام 2016 لكافة الجهات المسئولة، ومنها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، إلا أن الجميع تجاهل الأمر، كما أنه كان هناك استعجال من مسئولى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لاستلام مشروعات المياه والصرف الصحى بالمدن الجديدة، قائلا: «ورغم أننى طالبت بأن نستمر فى إدارة المنظومة وصيانتها لكنهم رفضوا»، كاشفا أن هيئة المجتمعات العمرانية هى المسئولة عن قطاع المياه والصرف الصحى بالمدن الجديدة منذ أول فبراير 2018.
وأشار إلى أن الحلول التى أرفقها فى مذكراته الرسمية تضمنت إقامة توسعات للمحطات القائمة وإنشاء منظومة مرافق جديدة لتوسعات المدينة ومناطق الامتداد التى تتم بشكل غير منظم، لافتا إلى أن القاهرة الجديدة كانت فى الأساس تجمعا واحدا وحاليا أصبحت ثلاث تجمعات وهو ما يتطلب إنشاء 12 محطة صرف جديدة بتكلفة تصل إلى 12 مليار جنيه.
كانت الفترة الأخيرة قد شهدت تصريحات متداولة ومنسوبة لمصادر داخل شركات المياه تؤكد أن هيئة المجتمعات العمرانية والمشرفة على كل المدن الجديدة، طالبت بتجديد شبكات المياه والصرف الصحى نتيجة زيادة عمليات النمو بها، لكن دون جدوى، محذرة من أن تصميم شبكات الصرف فى القاهرة الجديدة منذ نشأتها لم يكن على المستوى المطلوبٍ، وأن شبكة الصرف فى مدينة القاهرة الجديدة و6 أكتوبر والشيخ زايد فى حاجة إلى إعادة تطوير وتأهيل.
وأضاف المصادر: «فى القاهرة الجديدة يوجد ما يقرب من 20 محطة رفع، إلا أن عمليات النمو والتوسعات فى المدينة، جعلتها فى حاجة إلى ما يقرب من 20 محطة رفع أخرى»، منوهًا إلى أن تصميم محطات الرفع فى القاهرة الجديدة بها خطأ كبير ولا بد أن يتم تداركه فى الفترة المقبلة.